تزوجت زينب رضي الله عنها بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم من أبي العاص بن الربيع في حياة أمها خديجة رضي الله عنها.
وأسلمت زينب قبل زوجها. وكانت تدعوه للإسلام فلم يستجب لها. ولم يؤثَر عنه عداء أو إيذاء للنبي صلي الله عليه وسلم أو لزينب رغم كفره.
وأرادت قريش من أبي العاص أن يطلق زينب رضي الله عنها ويزوجوه بمن شاء من بنات قريش إيذاءً لأبيها صلي الله عليه وسلم. ولكنَّ أبا العاص رفض ذلك لحبه الشديد لزينب.. وبقيت زينب مع زوجها أبي العاص علي هذه الحالة. إذْ لم يكن نزل حينئذ التفريق بين المسلمة وغير المسلم. والذي نزل بعد ذلك عند الحديبية. قال تعالي: لَا هُنَّ حِلّى لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ .
وهذه الآية هي التي حرمت المسلمات علي المشركين. وقد كان جائزاً في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة. ولهذا كان أبو العاص بن الربيع زوج ابنة النبي صلي الله عليه وسلم زينب رضي الله عنها. وقد كانت مسلمة وهو علي دين قومه.
لما علمت زينب رضي الله عنها بانتصار المسلمين في بدر. وأن زوجها والذي لا زال مشركاً أصبح أسيراً من الأسري لدي المسلمين.
راحت تبذل ما في وسعها لفكاك زوجها من الأسْر. فكان مما أرسلته لتفديه وتفك أسره به: قلادة لها كانت أهدتها لها أمها خديجة رضي الله عنها عند زواجها منه. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما بعث أهل مكة في فداء أُسَرائِهم بعثت زينب في فداء أبي العاصپبمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت عند خديجة أدخلتها بها علي أبي العاص. فلما رآها رسول الله صلي الله عليه وسلم رقَّ لها رِقَّةً شديدة وقال: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها! فقالوا: نعم".
أطلق رسول الله صلي الله عليه وسلم سراح أبي العاص من الأسْر. وأخذ عليه عهداً حين يرجع إلي مكة أن يسمح لزينب رضي الله عنها بالهجرة إلي المدينة المنورة. فوفَّي أبو العاص بذلك. وأخلي سبيل زينب رضي الله عنها. ورجعت إلي المدينة المنورة. وبقيت عند أبيها صلوات الله وسلامه عليه. ثم أُسِر أبو العاص مرة أخري وهو ذاهب إلي الشام للتجارة. وأقبل أبو العاص في الليل حتي دخل علي زينب. فاستجار بها فأجارته. وجاء في طلب ماله. فلما خرج صلي الله عليه وسلم إلي الصبح وكبَّر وكبَّر الناس معه. صرخت زينب من صفة النساء "مكان مظلل في المسجد للنساء": أيها الناس إني قد أجرتُ أبا العاص بن الربيع.
وبعث النبي صلي الله عليه وسلم إلي السرية الذين أصابوا ماله فقال: إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم. وقد أصبتم له مالا. فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له. فإنَّا نحب ذلك. وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم. فأنتم أحق به. قالوا: بل نرده. فردوه كله. ثم ذهب "أبو العاص" إلي مكة. فأدَّي إلي كل ذي مالي ماله. ثم قال: يا معشر قريش. هل بقي لأحد منكم عندي مال؟ قالوا: لا. فجزاك الله خيرا. فقد وجدناك وفيَّاً كريما. قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله. وأن محمداً عبده ورسوله. والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوف أن تظنوا أني إنما أردت أكل أموالكم. ثم قدِم علي رسول الله صلي الله عليه وسلم .
ولما أسلم أبو العاص بن الربيع ذهب إلي المدينة المنورة. فجمع النبي صلي الله عليه وسلم بينه وبين زينب رضي الله عنها. وكان ذلك في السنة السابعة للهجرة النبوية.
اترك تعليق