هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

"أبو القنبلة الذرية" فى فيلم درامى.. لماذا الآن ..؟؟

أمريكا تستغل هوليوود.. في الترويج والدعاية لأهدافها السياسية ..!!
"أوبنهايمر" يجسد الرعب.. من مخاطر وأهوال "هرمجدون النووية"!!
قرع طبول أمريكي تحت الأرض ..احتفالًا بحرق عشرات الآلاف في هيروشيما..!!

عندما صاح ترومان:
"أيها العالِم .. لا تبك كالطفل مرة أخري"..!!

"أوبنهايمر"، فيلم السيرة الذاتية للفيزيائي "أبو القنبلة الذرية الأمريكية"، جيه، روبرت أوبنهايمر "1904-1967" للمخرج والمنتج السينمائي الشهير، كريستوفر نولان، وقد تم تسويقه والدعاية له، بشكل كبير، خلال الأسابيع التي سبقت افتتاحه بدور العرض الأمريكية يوم 21 يوليو الماضي، قام بإضافة المؤثرات الخاصة له مخرج أفلام باتمان الثلاثة ذائعة الصيت.


النجاح المستمر في شباك التذاكر لأوبنهايمر يشير إلي أن المشاهدين ينجذبون إلي ما هو أكثر من مجرد المشاهد السينمائية، الفيلم مذهل بصريًا. تم تصويره بكاميرات IMAX لتجسيد تجربة غامرة، لكن "أوبنهايمر" فيلم مثير جدًا للقلق حول الأسلحة النووية والحرب النووية. والمقصود منه إحداث هزة، أو رجفة لدي المشاهدين وقد نجح في ذلك.

وكما يقول الكاتبان جيه، كوبر وديفيد والش، في تحليل لهما على موقع كونفرسيشن. فقد استغل نولان المخاوف والرعب العميقين من مخاطر وأهوال "هرمجدون النووية"أو نهاية العالم النووية، وهي مخاوف ربما لم تكن أكبر من أي وقت مضي منذ أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، العصر الذي أنتج أفلامًا مثل هيروشيما، ومون آمور "1959"، وأون ذا بيتش " 1959"، والدكتور Strangelove "1964" وFail Safe "1964".

پويبدو أن إدارة بايدن وحلفاءها في الناتو مستمرون في استغلال هوليوود لترويج الدعاية السياسية والإصرار علي أنهم لن "يرتدعوا" من خطر نشوب صراع نووي، بينما تناقش الصحف والبرامج التلفزيونية الأمريكية احتمالية ذلك علنًا. وربما ليس من قبيل المصادفة أن يتم إنتاج هذا الفيلم وعرضه في هذا التوقيت بالذات، حيث تدور حرب غير مباشرة في أوكرانيا بين الغرب وروسيا..!!

إن اكتساب أوبنهايمر لجمهور عريض يشير إلي شعور مختلف في عموم السكان، شعور بالرعب الشديد من احتمال استخدام القنابل الذرية. يمكن للمرء أنتقاد فيلم نولان من جوانب عديدة. ولكن لا يمكن لأي مراقب موضوعي أن يجادل بأنه لا يشجع ويعمق هذا الرعب، يجب الإشادة بالتزام الممثلين المتميزين، ومنهم سيليان ميرفي، ومات ديمون، وروبرت داوني جونيور، وإميلي بلانت، وفلورنس بوغ، وكينيث براناغ، وغاري أولدمان، ورامي مالك وآخرين، بمشروع من الواضح أنه مناهض للحرب.

يعكس التسلسل الافتتاحي للفيلم لمحة عن المفارقات العلمية النظرية التي يصارع معها الفيزيائي الشاب أوبنهايمر "ميرفي"، قطرات المطر المتساقطة على بركة، تنشر فيها تموجات خفيفة، أضواء تومض عبر السماء المظلمة، كرة نارية ضخمة تتخللها نجوم متلألئة صغيرة، ربما الشمس، وربما الانفجارات الذرية القادمة، هذه الصور تتكرر طوال الفيلم، وفي كل مرة تردد أصداء تحول جديد في حياة أوبنهايمر.

يضع نولان على الفور النظريات الثورية لشباب أوبنهايمر في عصرهم، وهي فترة من التجارب المبتكرة في الفن والأدب والموسيقي، وكذلك العلوم، هناك ثلاثة خيوط متشابكة بشكل أساسي في الفيلم: حياة أوبنهايمر ومسيرته المهنية أواخر الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات من القرن الماضي، ودوره في تطوير القنبلة الذرية بمختبرات لوس ألاموس، في نيو مكسيكو بين عامي 1943 و1945» جلسة استماع لجنة الطاقة الذرية "AEC" لعام 1954 التي تسحب من أوبنهايمر التصريح الأمني الذي يحمله. منهية حياته المهنية مع الحكومة الأمريكية» وسقوط لويس شتراوس "داوني جونيور" عام 1958. عدو أوبنهايمر.

پيستند فيلم نولان إلي السيرة الذاتية الحائزة علي جائزة بوليتزر لعام 2005. بروميثيوس الأمريكي: انتصار ومأساة جيه، روبرت أوبنهايمرAmerican Prometheus: The Triumph and Tragedy of J. Robert Oppenheimer للمخرج كاي بيرد ومارتن شيروين، يُنسب الفضل إلي بيرد وشيرون كمؤلفي سيناريو الفيلم.

مشروع مانهاتن

في عام 1942، بينما كان أوبنهايمر أستاذًا في مجال ميكانيكا الكم الناشئ بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، له وجهات نظر واتصالات يسارية، تم تجنيده من قبل الجنرال ليزلي جروفز "دامون" لتنظيم منشأة عسكرية سرية للغاية لتطوير القنبلة الذرية المعروفة باسم مشروع مانهاتن.

مع اقتناعه بأن النازيين يتقدمون 18 شهرًا علي الولايات المتحدة وبريطانيا في تطوير سلاح الدمار الشامل. قام أوبنهايمر وجروفز بتجميع فريق دولي من كبار العلماء والمهندسين لبناء ما أصبح مدينة تضم الآلاف في "وسط اللامكان" بنيو مكسيكو، وهنا ظهر أوبنهايمر كـ"أبو القنبلة الذرية".

يصبح أوبنهايمر قائدًا واثقًا ومحترمًا للغاية ومنظمًا للمشروع. وهو مقتنع مع جميع زملائه تقريبًا بأن القنبلة ستُستخدم ضد ألمانيا لإنهاء الحرب في أوروبا. ومع ذلك، مع التقدم السوفيتي ضد برلين وانتحار هتلر في نهاية أبريل 1945، استسلمت ألمانيا. نذر أوبنهايمر نفسه بالكامل لتطوير القنبلة. وأصبح مدافعًا متحمسًا لإسقاطها على اليابان، كان يفضل استهداف مدينة كبيرة، لأكبر عدد من الضحايا، على أمل عبثي وهو أن تنهي قنبلة واحدة كل الحروب إلي الأبد.


تحت ضغط مستمر لتسريع تطوير القنبلة. حدد أوبنهايمر ورفاقه يوم 16 يوليو 1945 موعدًا للاختبار الأول، الذي يحمل الاسم الرمزي "ترينيتي"، جزئيًا حتي يتمكن الرئيس هاري ترومان من تهديد الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين في مؤتمر بوتسدام المقرر أن يبدأ في اليوم التالي.

كان التمثيل الدرامي لاختبار ترينيتي بديلاً باهتًا لتصوير القصف الفعلي لهيروشيما وناجازاكي وعواقبه، ومع ذلك، فهو مشهد تقشعر له الأبدان.

المؤثرات الموسيقية المخيفة للمؤلف الموسيقي السويدي الشاب لودفيج جورانسون، تفضي إلي لحظة شديدة التوتر من الصمت المطبق مع وصول وميض الانفجار الهائل قبل الصوت، يصبح ذلك مادة للكوابيس، كتب مؤلفا بروميثيوس الأمريكي، "بعد ترينيتي، أصبحت هذه الأداة سلاحًا، وقام الجيش بالسيطرة علي هذا السلاح،" وهنا يبدأ مزاج أوبنهايمر بالتغير.

يقام حفل كبير يتم فيه قرع الطبول، بشكل مزعج، على عمق مئات الأقدام تحت سطح الأرض في لوس ألاموس احتفالًا بحرق عشرات الآلاف من الأشخاص في هيروشيما يوم 6 أغسطس 1945.

لكن سرعان ما يتغير مزاج المشهد، في لفتة فنية أخري، قرر نولان، حسب تقديره، تمثيل رعب القصف، في الفيلم، من خلال مَشَاهد الجلد المتساقط من الأجساد، والجثث المتفحمة، وعشرات الآلاف من القتلي في اليابان، ويتحول الاحتفال في لوس ألاموس إلي كتلة من النساء والرجال الذين تتلوي أجسادهم بسبب البكاء والقيء.

في غضون أسبوع من قصف ناجازاكي، يسلم أوبنهايمر رسالة إلي وزير الحرب هنري ستيمسون يعرب فيها عن رغبته في حظر الأسلحة النووية، في أكتوبر 1945، جرت مواجهة معروفة بين أوبنهايمر والرئيس الأمريكي آنذاك، هاري ترومان "جاري أولدمان" في المكتب البيضاوي، سعيًا لإقناع الرئيس بضرورة وقف سباق التسلح إلي الأبد، يقول أوبنهايمر: "أشعر أن يدي ملطخة بالدماء"، لكن ترومان طرده، قائلاً: "أيها العالِم لا أريد أن أراك طفلًا باكيًا مرة أخري أبدًا".

يعتبر أوبنهايمر الآن أكثر العلماء شهرة وإحترامًا في أمريكا، لكن الحرب الباردة بدأت بالفعل بنهاية الحرب العالمية الثانية، وانتهي التحالف في زمن الحرب مع الاتحاد السوفيتي، وكذلك انتهي العفو المؤقت للعلماء والفنانين الذين يتعاطفون مع الستالينيين السابقين أو الدائمين. لكن فجأة أصبح ماضي أوبنهايمر السياسي وكذلك ماضي زملائه وعلاقاتهم موضع تدقيق متجدد، إن العفو يتعارض مع العناصر الأكثر يمينية في النخبة الحاكمة الأمريكية، أولئك الذين يضغطون من أجل "التراجع" ومعاداة الاتحاد السوفيتي والصين، بما في ذلك الاستخدام الوقائي للأسلحة النووية.

العار السياسي

إن مشاهد جلسة الاستماع المغلقة لعام 1954، والتي أسفرت عن سحب التصريح الأمني لأوبنهايمر والعار السياسي في نظر الرأي العام البرجوازي الأمريكي، تثير القلق في حد ذاتها، يصور نولان مستجوبي الحكومة على أنهم ديماجوجيون سلطويون وغير مبدئيين، إن العملية برمتها تقوض التقديم الرسمي لأمريكا في الخمسينيات على أنها "زعيمة العالم الحر"، على العكس من ذلك، تُصوَّر الدولة الأمريكية على أنها موبوءة بالفاشيين أو من سيصبحون فاشيين.

يقوم المدعون الحكوميون الثلاثة باستجواب أوبنهايمر وزوجته وزملائه، سواء من الأصدقاء والأعداء، في مطاردة مكارثية تفيض بالقهر والاضطهاد، والتنمر، والترهيب، كان لدي مكتب التحقيقات الفيدرالي ملف عن أوبنهايمر منذ عام 1938، يتنصت علي هاتفه ومحادثاته، ويتابعه هو ورفاقه في الاجتماعات والمناسبات الاجتماعية، عندما يطلب محاميه "ماكون بلير" الوصول إلي السجلات، يتم رفضه.

يستحق نولان الثناء علي تعامله مع العديد من القضايا التاريخية المهمة الواردة في حياة روبرت أوبنهايمر بإخلاص وإلحاح، علاوة على ذلك، يتم التعامل مع مشاهد الحياة الفكرية اليسارية في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي بأمانة وتفصيل دون أي إشارة إلي معاداة الشيوعية.

رغم أن أوبنهايمر كان يحمل آراء يسارية في أواخر الثلاثينيات، فقد أصبح شخصية مهمة في جهاز المخابرات العسكرية الأمريكية، هلل "اليسار" في أمريكا بشكل عام، بما في ذلك الحزب الشيوعي، لإحراق هيروشيما وناجازاكي، لكن أوبنهايمر استطاع أن ينتقل بسلاسة إلي حد ما من الجبهة الشعبية المؤيدة لروزفلت إلي المشاركة المباشرة في آلة الحرب.

بحلول أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، رغم أن أوبنهايمر، وفقًا لبروميثيوس الأمريكي، "لم يدافع عن استخدام الأسلحة الذرية في كوريا"، فقد جادل "بأن هناك" حاجة واضحة "لأسلحة نووية تكتيكية صغيرة يمكن استخدامها في ساحة المعركة. ... ".

وكما يقول كوبر ووالش. في تحليلهما، بينما ذهب الملايين إلي القتال بدافع الرغبة في هزيمة هتلر والفاشية، ظلت الحرب العالمية الثانية، في جوهرها الاجتماعي والاقتصادي، صراعًا بين كتل القوي العظمي لتقسيم العالم وإعادة تقسيمه، الرأسمالية الأمريكية، بقوتها الصناعية الكبيرة واحتياطياتها، "يمكن أن تحمل تجارب روزفلت الإصلاحية في الثلاثينيات، لكن ذلك لم يجعل أهداف الحرب للنخبة الحاكمة الأمريكية -أو خططها لعالم ما بعد الحرب -أقل ضراوة أو إجرامية".

تجلي ذلك جزئياً من خلال الطريقة الوحشية الدموية التي شنت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها الحرب، في القصف المروع لدرسدن بألمانيا وطوكيو ومدن يابانية أخري في عام 1945، مما أدي إلي مقتل مئات الآلاف من المدنيين، وكذلك بالطبع القصف الذري لهيروشيما وناجازاكي.

كانت استجابة أوبنهايمر العاطفية والفكرية لعمله في مشروع مانهاتن تقض مضاجعه بشكل متزايد بعد الحرب، لكنه لم يعتذر أو يعرب عن أسفه أبدًا، كان إلقاء القنبلة الذرية علي اليابان جريمة حرب شارك فيها بشكل كامل. كانت يداه ملطختين بالدماء.

جادل المؤرخ جابرييل جاكسون بأن "استخدام القنبلة الذرية أظهر أن رئيسًا تنفيذيًا طبيعيًا جدًا ومنتخبًا ديمقراطيًا من الناحية النفسية يمكن أن يستخدم السلاح تمامًا كما كان يستخدمه الدكتاتور النازي، بهذه الطريقة، فإن الولايات المتحدة -بالنسبة لأي شخص مهتم بالتمييز الأخلاقي في الأنواع المختلفة من الحكومات -طمس الفرق بين الفاشية والديمقراطية.

قال كريستوفر نولان إن العلماء الذين يعملون اليوم على الذكاء الاصطناعي يمرون حاليًا "بلحظة أوبنهايمر"، لكن جميع سكان الكوكب يعيشون منذ أكثر من 75 عامًا في ظل إرث أوبنهايمر.

يعود الفيلم إلي لقاء متكرر وغامض بين ألبرت أينشتاين وأوبنهايمر في جامعة برينستون بعد الحرب، عندما تم الكشف عن المحادثة في نهاية المطاف، يشير أوبنهايمر إلي استشارته لأينشتاين حول خوف مبكر بين مجموعته من العلماء، من أن التفاعل المتسلسل، بمجرد إطلاقه، قد ينتشر بشكل لا يمكن السيطرة عليه عبر الغلاف الجوي.

يستحق نولان وأوبنهايمر التقدير لفضح أهوال الأسلحة النووية والتهديد الذي تمثله للإنسانية.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق