أعضاء المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالمنيا يؤدون خطبة الجمعة بمساجد محافظة المنيا حيث أدى كل من فضيلة أ.د داود لطفي حافظ_ بمسجد التنعيم بملوي ، فضيلة الشيخ مؤمن أمين علي _ بالمسجد الكبير بنزلة البدرمان، فضيلة الشيخ معدن فتحي علي _ بمسجد ابراهيم الدسوقي_ قرية المطاهرة أبو قرقاص، فضيلة د. محمد عبدالمطلب _ المسجد الكبير بقرية أبوعزيز _ مركز مطاي، الشيخ نصر الدين _ بمسجد أبو ضيف بملوي:
وذلك بمتابعة وتنسيق اعلامي احمد نوح الأمين العام لفرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالمنيا وذلك بعنوان
[ القرآنُ الكريمُ كتابُ رحمةٍ للعالمين ]
#أولًا: القرآنُ الكريمُ نزلَ رحمةً للعالمين:
لقد أنزلَ اللهُ سبحانَه وتعالى القرآنَ الكريمَ رحمةً وهدايةً للعالمين، قَالَ تَعَالَى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}. [الإسراء: 82]. وقَالَ جلَّ شأنه: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (الدخان: 1- 6). ويقولُ جلّ وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (يونس: 57)، لذلك تكفلَ اللهُ بحفظهِ فقالَ تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9). وأرسل به رسوله رحمة للعالمين فقَالَ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}.[الأنبياء: 107].
ومما يدلُّ على أنّ القرآنَ الكريمَ كتابُ هدايةٍ ورحمةٍ وإعجازٍ بكلامِه وبلاغتِه هذانِ الموقفانِ:
الموقفُ الأولُ: مع ثلاثةٍ مِن زعماءِ قريشٍ، وكيف كانوا مغرمينَ بسماعِ القرآنِ وهم على شركِهِم وكفرهِم:
فقد ذكرَ محمدُ بنُ إسحاق، عن الزهرِي، في قصةِ أبي جهلٍ حين جاءَ يستمعُ قراءةَ النبيِّ ﷺ مِن الليلِ، هو وأبو سفيانَ صَخْرُ بنُ حَرْبٍ، والأخْنَسُ بنُ شِريْقٍ، ولا يشعرُ واحدٌ منهم بالآخرِ. فاستمعُوها إلى الصباحِ، فلمّا هَجَمَ الصبحُ تَفرَّقُوا، فجمعتهُم الطريقُ، فقالَ كلٌّ منهم للآخر:
ما جاءَ بك؟ فذكرَ له ما جاءَ له ثم تعاهدوا ألّا يعودُوا، لما يخافون مِن علمِ شبابِ قريشٍ بهم، لِئَلّا يفتتنُوا بمجيئِهم. فلمّا كانت الليلةُ الثانيةُ جاءَ كلٌّ منهم ظَنًّا أنّ صاحبيهِ لا يجيئان، لما تقدمَ مِن العهودِ، فلمَّا أجمعُوا جمعتهُم الطريقُ، فتلاومُوا، ثم تعاهدُوا ألّا يعودُوا. فلمّا كانت الليلةُ الثالثةُ جاؤوا أيضًا، فلمّا أصبحوا تعاهدوا ألّا يعودوا لمثلِهَا ثم تفرقوا، فلمّا أصبحَ الأخنسُ بنُ شَرِيقٍ أخذَ عصاهُ، ثم خرجَ حتى أتَى أبا سفيانَ بنَ حربِ في بيتِه، فقال: أخبرنِي يا أبا حَنْظَلةَ عن رأيكَ فيمَا سمعتَ مِن مُحمدٍ؟
قال: يا أبا ثعلبةَ، واللهِ لقد سمعتُ أشياءَ أعرفُهَا وأعرفُ ما يُرادُ بها، وسمعتُ أشياءَ ما عرفتُ معناهَا ولا ما يرادُ بها. قال الأخنسُ: وأنا والذي حلفتَ به. ثم خرجَ مِن عندِه حتى أتَى أبا جهلٍ، فدخلَ عليه في بيتِه فقالَ:
يا أبا الحكم، ما رأيُكَ فيما سمعتَ مِن مُحمدٍ؟ قال: ماذا سمعت؟ تنازعنَا نحن وبنو عبدِ منافٍ الشرفَ: أطعمُوا فأطعمنَا، وحملُوا فحملنَا، وأعطُوا فأعطينَا، حتى إذا تَجاثينَا على الرُّكَبِ، وكنا كَفَرَسي رِهَانٍ، قالوا: منّا نبيٌّ يأتيهِ الوحيُ مِن السماءِ! فمتى ندركُ هذه؟ واللهِ لا نؤمنُ به أبدًا ولا نصدقهُ، فخلَا الأخنسُ بأبي جهلٍ فقال:
يا أبا الحكم، أخبرنِي عن مُحمدٍ: أصادقٌ هو أم كاذبٌ؟ فإنّه ليسَ هاهنا مِن قريشٍ غيرِي وغيرُكَ يسمعُ كلامَنَا. فقالَ أبو جهلٍ: ويحكَ! واللهِ إنّ مُحمدًا لصادقٌ، وما كذبَ مُحمدٌ قط، ولكن إذا ذهبتْ بنو قُصيّ باللواءِ والسقايةِ والحجابِ والنبوةِ، فماذا يكونُ لسائرِ قريشٍ؟ فذلك قولهُ: { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ }(الأنعام: 33) . ( تفسير ابن كثير ).
الموقفُ الثانِي:
كبيرُ قريشٍ الوليدُ بنُ المغيرةِ، ترسلُهُ قريشٌ للرسولِ ليقنعَ أحدهُمَا الآخر، فرقَّ لما سمعَ مِن النبيِّ ﷺ” فعن عكرمةَ: أنّ الوليدَ بنَ المغيرةَ جاءَ إلى النبيِّ ﷺ فقرأَ عليه القرآنَ، فكأنَّهُ رقَّ له. فبلغَ ذلك أبا جهلٍ بنَ هشامٍ، فأتاهُ فقال: أيْ عم، إنّ قومَكَ يريدون أنْ يجمعوا لك مالًا. قال: لمَ؟ قال: يعطونكه، فإنّك أتيتَ مُحمدًا تَتَعَرضُ لما قبله. قال: قد علمتْ قريشٌ أنِّي أكثرهَا مالًا. قال: فقلْ فيه قولًا يعلمُ قومُكَ أنّك منكرٌ لما قال، وأنّك كارهٌ له. قال:
فماذا أقولُ فيه؟! فو اللهِ ما منكم رجلٌ أعلمُ بالأشعارِ منِّي، ولا أعلمُ برجزهِ ولا بقصيدهِ ولا بأشعارِ الجنِّ، واللهِ ما يشبهُ الذي يقولُه شيئًا مِن ذلك. واللهِ إنّ لقولِه الذي يقولُ لحلاوةٍ، وإنّه ليحطمَ ما تحتَه، وإنّه ليعلُو وما يعلَى. وقال: واللهِ لا يرضَى قومُك حتى تقولَ فيه. قال: فدعنِي حتى أفكرَ فيه. فلمّا فكّرَ قال: إنّ هذا سحرٌ يأثرهُ عن غيرِه. فنزلتْ: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} [قال قتادة: خرجَ مِن بطنِ أمهِ وحيدًا] حتى بلغَ: {تِسْعَةَ عَشَرَ} (تفسير الطبري).
#ثانيًا: واجبُنَا نحوَ القرآنِ الكريمِ:
إنّ واجبَنَا نحو القرآنِ الكريمٍ يتمثلُ في صورٍ عديدةٍ:
#منها: تعاهدُ القرآنِ واستذكارُه: خوفًا مِن ضياعِه ونسيانِه، وقد حثّ الرسولُ ﷺ على تعاهدِ القرآنِ الكريمِ. فقَالَ:” تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنْ الْإِبِلِ فِي عُقُلِهَا.” (مسلم)؛ وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:” إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ”(البخاري)؛ قال ابنُ عبدِ البرِّ في الاستذكار: “في هذا الحديثِ الحضُّ على درسِ القرآنِ وتعاهدِه والمواظبةِ على تلاوتِه والتحذيرِ مِن نسيانِه بعدَ حفظِه”.
#ومنها: تعلُّمُ القرآنِ وتعليمُه: الواجبُ على الجميعِ تعلمُ القرآنِ الكريمِ وتعليمُهُ، تلاوةً وأحكامًا وتجويدًا وتفسيرًا وإعجازًا، وهذا الأمرُ ليس صعبًا، فمعظمُ الناسِ قد يتعلمون الإنجليزيةَ أو الفرنسيةَ، فلماذا يصعبُ عليهم تعلمُ القرآنِ الذي نزلَ بلغتِهِم وحديثِهِم اليومِي؟! ولماذا يصيرُ كلامُ اللهِ صعبًا عليك!! وقد قال اللهُ عنه: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (القمر: 17)، فعليكَ أنْ تتعلمَ القرآنَ وتعلمَهُ لتكونَ أخيرَ الناسِ وأفضلَهُم، فعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:” خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ” (البخاري)،
ومنها: العملُ بالقرآنِ: وهذا هو أهمُّ واجباتِنَا نحو القرآنِ، أنْ نعملَ بكلِّ ما جاء في القرآنِ ونتخلقَ بأخلاقِه؛ اقتداءً بنبيِّنَا ﷺ الذي: “كان خلقُه القرآن”، (رواه مسلم )؛ قال الإمامُ الشاطبيُّ: “وإنّما كان خلقُه القرآنَ لأنّه حكَّمَ الوحيَ على نفسِه، حتى صارَ في علمِه وعملِه على وِفْقِه، فكان الوحيُ حاكمًا وافقًا قائلًا وكان هو عليه الصلاةُ والسلامُ مذعنًا ملبيًّا نداءَهُ، واقفًا عندَ حكمِه ”.(الاعتصام).
#ومنها: تعظيمُ وتوقيرُ القرآنِ: فقد عظّمَ اللهُ القرآنَ ووصفَهُ بأنّه عظيمٌ، فقالَ تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْـمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} (الحجر: 87 )؛ والتعظيمُ يشملُ الجانبَ العقدٍي والجانبَ العملِي، فمِن تعظيمِه: استحضارُ أنّ المتكلمَ به هو جبارُ السمواتِ والأرضِ جلَّ جلاله، فمَن استخفَّ بكلامِه فقد استخفَّ به سبحانه فكفر. ومِن تعظيمِه: اعتقادُ كمالِه وتمامِه وأنّه لا نقصَ فيه ولا اختلافَ ولا اضطرابَ، كما قالَ تعالى:{ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}(البقرة: ٢ )
ومنها: الدفاعُ عن القرآنِ الكريمِ: فنحن نرى ونسمعُ بينَ الفينةِ والأخرى مَن يشككُ في القرآنِ، أو يطعنُ في بعضِ آياتِه؛ أو يحمّلُها ما لا تحتملُ مِن أفكارٍ ومعتقداتٍ وأباطيل؛ ولقد سخرَ اللهُ عزّ وجلّ رجالًا في هذه الأمةِ في كلِّ مكانٍ وزمانٍ للدفاعِ عن كتابِه مِن تحريفِ الغالين وانتحالِ المبطلين؛ وهذا ما أخبرَ به الصادقُ المصدوقُ ﷺ ؛ فَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ؛ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلين» (البيهقي).
#ثالثًا: يومُ عاشوراء، فضائلُ وأسرارٌ:
فلا يفوتُنَا في هذا المقامِ أنْ نذكرَ بهذه الذكرى التي تمرُّ علينَا اليوم ألَا وهي ذكرى عاشوراء، هذا هو اليومُ الذي نجّى اللهُ فيه موسى ومَن معهُ مِن بنِي إسرائيلَ مِن الغرقِ، وأهلكَ فرعونَ وجنودَهُ غرقًا.
وهنا إشارةٌ لطيفةٌ لها أهميتُهَا ودلالتُهَا الإيمانيةُ بينَ معيةِ اللهِ للنبيِّ مُحمدٍ ﷺ وصاحبِه في الهجرةِ التي نعيشُ ذكراهَا في هذه الأيامِ، وبينَ معيةِ اللهِ لموسَى وقومِه، كما جاءتْ في القرآنِ الكريمِ مِن خلالِ يومِ عاشوراء.
قال اللهُ في النبيِّ مّحمدٍ ﷺ وصاحبِه :{ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } [التوبة: 40] ؛ وقال في موسى عليه السلامّ وقومِه عندَ مطاردةِ فرعونَ له: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ؛ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}. ( الشعراء: 61 ؛ 62 ).
ويستحبُّ صيامُ التاسعِ مع العاشرِ مخالفةً لليهودِ؛ لمَا وردَ في الحديثِ عن ابنِ عباسٍ -رضي اللهُ عنهما- قال:” لمّا صامَ رسولُ الله يومَ عاشوراء، وأمرَ بصيامِه، قالوا: يا رسولَ الله، إنّه يومُ تعظِّمُه اليهودُ والنّصارى، فقال: إذا كانَ العامُ المقبلُ إنْ شاءَ اللهُ صمنَا اليومَ التاسعَ، قال: فلم يأتِ العامُ المقبلُ حتّى تُوفّيَ رسولُ اللهِ ﷺ “.( مسلم).
فعلينَا أنْ نقتديَ ونهتديَ بنبيِّنَا ﷺ وأنْ نحي هذا اليومَ بالصومِ والعبادةِ؛ فإنّه يكفرُ ذنوبَ سنةٍ كاملةٍ.
نسألُ #اللهَ أنْ يرحمَنَا #بالقرآنِ وأنْ يجعلنَا مِن أهلِ القرآنِ في الدنيا والآخرةِ، وأنْ يحفظَ مصرنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ .
اترك تعليق