حصل الفنان والباحث تامر القاضى على درجة الدكتوراه من أكاديمية الفنون، المعهد العالي للفنون المسرحية، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بالطباعة على نفقة الأكاديمية، وذلك عن رسالته المهمة "تقنيات الأداء التمثيلى في عروض المسرح الشعرى بمصر"وتكونت لجنة المناقشة من: الدكتور عوض الغباري مناقشا من الخارج ومقررا، والدكتور ايمن الشيوى مناقشا من الداخل، والدكتور علاء قوقة مشرفا ومناقشا.
وقد لاحظ الباحث على بعض كُتاب المسرح الشعرى اهتمامهم باللغة الشعرية أكثر من الحوار والحبكة والصراع المسرحي، فكأن انتقاء المفردات وحسن تجاور الجمل وتلاؤم أجزائها يحل محل بنية المسرحية الشعرية، مما يؤدى إلي هيمنة الشعر الغنائى والقصائد الغنائية، وهو ما يُقيَّد الحوار ويُبطل مفعول الصراع الداخلي، مما يُمثل عِبئًا على أداء الممثل عند قيامه بأداء هذه النوعية من العروض، لاسيما وأن الشخصية المنوط به تجسيدها تخضع لنظمى معين لابد أن يرتبط فيه بالوزن الشعرى وموسيقى الشعر، ورغم ذلك على الممثل أن يتفادى الوقوع فى الغنائية والأداء الموقع والرتابة الناتجه عنهما، متوسلًا ببعض التقنيات الأدائية المناسبة.
- كما لاحظ الباحث من خلال مشاهداته لبعض العروض المسرحية الشعرية، ومن خلال عمله فى الحقل المسرحى كممثل، أن بعض الممثلين في العروض المسرحية الشعرية من النادر أن يتخلصوا من العيوب التى عادةً تشوب أداءهم عندما يتعرضون لمثل هذه العروض، كالتنغيم والأداء الموقع وما يترتب عليهما من رتابة ولحنية فى الأداء، منساقين وراء موسيقى الشعر وبحوره وأوزانه، غافلين عن الشِق الأساسى فى عملية التمثيل وهو تجسيد الشخصية بتلقائية تضمن أداء الممثل للمشاعر والأحاسيس التى تتطلبها الشخصية بشكل سليم وتؤكد على المعنى الدرامى للنص المسرحى الشعرى، لذا إرتأى الباحث أن يقوم بالتعرض لهذه المشكلة الجوهرية فى فن الممثل لكى يرصد العيوب والمميزات التى ميزت أو عابت أداء بعض الممثلين للوقوف على أهم التقنيات الأدائية التى يجب أن يتسم بها الممثل عند تعرضه للمسرح الشعرى محاولًا الوصول إلى بعض النتائج التى تهم الممثل فى هذا المضمار.
بعد أن تناول الباحث تقنيات الأداء التمثيلي فى المسرح الشعرى بمصر عبر تحليل نماذج من العروض عينة البحث، توصل إلى مجموعة من النتائج نذكر بعضها فيما يأتي:
- يتمثل جوهر الأداء التمثيلى الشعرى في ألا ينساق الممثل وراء موسيقي الشعر. وألا يغفل الاهتمام بتجسيد أبعاد الشخصية الدرامية التي يمثلها، وإبراز ملامحها وسماتها المميزة، وبلورة مشاعرها. والإمساك بالعاطفة الحاكمة للدور. إذ يجب عليه أن يُغَلِّب التعبير العاطفي على موسيقي الشعر.
- لا تختلف تقنيات الأداء التمثيلي في المسرح الشعري عن المسرح النثري، فالممثل في كلا النوعين يوظف كل أداواته الداخلية والخارجية في عملية التمثيل. إلا أن المسرح الشعري يتطلب من الممثل بذل مجهود أكبر عن المسرح النثري للتخلص من التوقيع والأداء المنغم والسقوط في فخ الإرنان ورتابة الأداء.
- يلتزم الممثل في عروض المسرح الشعري العمودي والمسرح الشعري الحر بالتقنيات الأدائية نفسها. التي يتوسل بها في كلا النوعين.
- يبذل الممثل في عروض المسرح الشعري العمودي جهدًا مضاعفًا عنه في عروض المسرح الشعري الحر للخروج عبر أدائه التمثيلي من فخ التنغيم ورتابة الإيقاع.
- تتطلب عروض المسرح الشعري "الفصيح" الخاصة من الممثلين، الذين يمتلكون ناصية اللغة. ويتمتعون برهافة الحس لتذوق موسيقي الشعر وألوان بديعه. فليس كل ممثل قابل للتصدي لهذا النوع من المسرح.
- الشعر الحر هو الأنسب للدراما ومن ثم الأداء التمثيلي منه للشعر العمودي.
- ليس كل بروز لموسيقي الشعر في أداء الممثل يُعد تنغيمًا أو توقيعًا مَعيبًا، ففي بعض اللحظات يكون لبروز إرنان القوافي أثره الموسيقي الممتع على النفس وخاصة في اللحظات الكوميدية، والرومانسية.
- من الضروري على الممثل في المسرح الشعري العمودي والحر أن يراعي الوقف علي ما يحتمه المعني، دون التقيد بالوقف على كل شطر أو بيت كما في الشعر العمودي. ودون التقيد بالوقف علي نهاية السطر الشعري كما في الشعر الحر. مما يسهم في التغلب علي الانسياق وراء التنغيم ورتابة الإيقاع.
- على الممثل في المسرح الشعرى أن يوظف النبر الصوتي بوصفه وسيلة لإبراز مناط القول فى بعض السطور والأبيات الشعرية وتأكيده، لتجنب الوقوع فى التنغيم الصوتى، وأن يراعي حسن توظيف التلوين الصوتى على مدى العرض المسرحى للتخلص من رتابة الأداء. والتأكيد على معانى الشعر ومقاصده.
- من ركائز الأداء فى المسرح الشعري أن يستنبط الممثل التنوع الإيقاعى للنص الشعرى، وإخضاع إيقاعه الداخلي بما يسهم فى بلورة إيقاع معاني الأبيات والسطور الشعرية ودلالاتها.
- يَحْسُنُ للممثل فى المسرح الشعري أن يلجأ إلي توظيف التعبير الجسدي والإيمائي والأداء الحركي والصوتي اللازم لبيان المعاني، وتفسير الصور البلاغية، وتجسيد الدلالات الرمزية. وتفجير بعض اللحظات الكوميدية وغيرها في العرض المسرحي الشعري، دون اللجوء إلي بعض الحيل الأدائية الشائعة، كالارتجال اللفظي - سواء بالفصحي أم بالعامية - المقحم على النص المسرحي الشعري من قِبَل الممثل، مما يُسهم في الحفاظ على بنية اللغة الشعرية ورصانتها.
اترك تعليق