فى ظل تنامى الصراعات والاطماع على المياه وكذلك التاثيرات السلبية للتغيرات المناخية، بجانب تزايد الاستهلاك واستنزاف الموارد التقليدية من مياه جوفية وأنهار وسيول، يفتقر 2.2 مليار انسان إلى الوصول إلى خدمات مياه الشرب المدارة بأمان بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية اليونيسف 2019.
أزمات المياه دفعت العالم الى تنويع مصادر العنصر الأساسى للحياة، من هنا كانت جهود الدولة المصرية لتعزيز امنها المائى من خلال توفير مصادر متعددة للمياه، بالتحلية والمعالجة والأهم التقنية الواعدة "جمع الماء من الهواء" بتعاقد الحكومة مع احدى الشركات اليابانية لانتاج جهاز التقاط الماء من الهواء حيث تشير التقديرات الى أن حجم المياه فى الغلاف الجوى ثلاثة اضعاف الاستهلاك العالمي السنوي.
أكد الخبراء أن تصنيع جهاز متطور محلياً للحصول على الماء من الغلاف الجوى يمثل نقلة مهمة توفر احتياجات المناطق المحرومة ومن ثم تحد من الهجرة الداخلية فالحياه بدون مصدر ثابت للمياه شبه مستحيلة.
تقنية استخلاص الماء من الهواء ليست بجديدة لكنها كانت الاكثر كلفة ومع التطوير والابحاث المستمرة انخفت تكلفتها، فزاد انتشارها، خاصة المناطق التى تعانى ارتفاع تكلفة وصول مياه التحلية لها بخلاف سعرها المرتفع.
بحسب توقعات الأمم المتحدة ستبلغ نسبة سكان العالم الذين يقطنون مناطق تعاني من صعوبات في التزود بالماء الصالح للشرب نحو 47% بحلول العام 2030 زاد الاهتمام بتقنية استخراج الماء من الهواء كإحدى الوسائل التي بدأت في الانتشار بعد تطوير تقنيات مختلفة لهذا الغرض خاصة في المناطق الجافة.
ماء الغلاف الجوى هو جزء من دورة حياة الأرض يساعد على تنظيم درجة حرارة الأرض، ويعد موردا قيما لتكملة إمدادات المياه المطلوبة حيث تشير التقديرات الى ان حجم المياه في الغلاف الجوي يبلغ حوالي 12.9 ألف كيلومتر مكعب، وهو أكثر من ثلاثة أضعاف الاستهلاك السنوي العالمي للماء الذى يقدر بحوالي 4000 كيلومتر مكعب
مياه الغلاف الجوى مصدر متجدد للمياه تتولد يوميا بناء على العوامل المناخية والمنطقة الجغرافية، بتبخر المياه من المسطحات المائية والتربة والنباتات، ويتكاثف البخار في شكل سحب ويعود إلى الأرض على شكل أمطار أو ثلوج أو استقطاب الماء من الهواء عبر اجهزة حديثة.
كمية بخار الماء فى المناخ شديد الرطوبة ، تصل إلى 100 مليون لتر فى الكيلومتر المكعب من الهواء بمتوسط 15 مليون لتر بينما المناخ الجفاف 5 ملايين لتر بحسب الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.
تصل انتاجية اكبر مولد للمياه إلى 6000 لتر من مياه الشرب يوميًا ، ويتفاوت حصاد تلك الاجهزة منها 800 لتر و200 لتر وبحد ادنى 20 لترا، يجب أن نلاحظ أن هذه الكميات تعتمد على عوامل مثل نسبة الرطوبة في الهواء ودرجة الحرارة وكفاءة التقنية المستخدم.
التقنية الجديدة ليست قاصرة على استخدامات الصحارى ومن الممكن استخدامها بالمدن لنقائها وامانها بنسبة 100 % فلا مزيد من الإضافات مثل الكلور و ملوثات المياه الجوفية مثل الرصاص ، وتعد جزءا من الثورة الخضراء.
من الممكن التدخل في عملية تبخير الماء على سطح الأرض وزيادته بعض الشيء من خلال بعض التقنيات والممارسات التي يمكن استخدامها لتحسين عملية تبخير الماء وزيادة كميتها عن طريق الري بواسطة الرش: يتم استخدام نظم الري بالرش لتوزيع الماء بشكل رذاذ دقيق، مما يزيد من تبخير الماء قبل وصوله إلى الأرض "المستخدم حاليا لتقليل فقد المياه".
استخدام التقنيات الحرارية بالاعتماد على الطاقة الشمسية لتسخين الماء وزيادة معدل التبخير. يمكن استخدام الألواح الشمسية أو أنظمة تجميع الحرارة لهذا الغرض.
تقنيات التبخير المباشر باستخدام أجهزة التبخير المباشر لتحويل الماء إلى بخار مباشرةً من خلال الحرارة والتهوية يمكن استخدامها في بعض التطبيقات الزراعية ومحطات إنتاج الطاقة مع مراعاة التوازن البيئي
يشير د. نادر نور الدين استاذ الموارد المائية جامعة القاهرة الى استخدام تقنية التقاط المياه من الهواء لمواجه تحديات إمدادات المياه العذبة، خاصة في المناطق النائية أو الصحراوية التي تعاني من نقص المصادر المائية.
اضاف ان جمع الماء من الهواء يتم عبر عدة طرق اولا تقنية حصاد الضباب تستخدم عادة في المناطق ذات ضبابية عالية وندرة في المياه، حيث يمكن استغلال هذا المورد المحدود للحصول على مصدر إضافي للمياه.
قال: تستخدم شبكات أو أجهزة خاصة تعمل على تجميع قطرات الماء من الضباب المتكاثف على سطحها. هذه الشبكات أو الأجهزة تكون مصنوعة من مواد مثل النسيج الخاص أو البولي إيثيلين، وتسمح بتكثيف بخار الماء في الهواء وتجميعه فى اناء اسفل الشبكة، عندما يمر الضباب من خلال هذه الشبكات أو الأجهزة، يتكاثف البخار على سطحها ويتحول إلى قطرات ماء صغيرة تنزلق عبر الشبكة أو الجهاز إلى نقاط التجميع واستخدامها كمصدر للمياه.
اشار الى أن تقنية حصاد الرطوبة النسبية الموجودة في الجو هي أحد الطرق الأخرى لجمع الماء من الهواء وتستند هذه التقنية على مبدأ تكثيف الرطوبة النسبية في الهواء وتحويلها إلى ماء.
لفت الى استخدام مواد مثل المواد الامتصاصية أو المادة الهلامية لجذب الرطوبة من الهواء عندما يتم تعريض هذه المواد للهواء الرطب، تمتص الرطوبة الموجودة في الجو وتتحول إلى قطرات.
اشار الى ان تقنية حصد الماء من الهواء اقل كلفة من مثيلتها تحلية مياه البحر مرتفعة التكلفة وصعوبة توصيلها للمناطق الصحراوية وكلفتها العالية فضلا عن كونها لا تمثل حلا مناسبا للمناطق البعيدة عن البحار والمحيطات.
لفت الى ان المناطق المجاورة للبحار المياه غير صالحة للشرب، ففى سيناء فى العريش مرسى مطروح والسلوم تصل الملوحة هناك الى 10 الاف جزء فى المليون فى الصيف تنخفض الى 5 الاف فى الشتاء وتصلح بها تقنية حصاد الضباب.
نوه الى ان الزراعات فى تلك المناطق قائمة على الشتاء ومع الصيف يبدأ موسم الجفاف وتنتهى الزراعة فى هذه المنطقىة لذلك تمد الدولة ترعة الحمام حتى تخترق تلك الصحراء الى العالمين مرحلة اولى حتى نستفيد بزراعة 2.2 مليون فدان.
قال د. احمد جلال عميد كلية الزراعة جامعة عين شمس ان الكوارث الطبيعية، وإخفاقات البنية التحتية للمياه، أدت إلى زيادة الاهتمام بتقنية التقاط الماء من الهواء كحلول طارئة وطويلة الأجل.
اضاف ان تقنية استخراج الماء من الهواء تعتبر وسيلة مبتكرة ومستدامة لتوفير المياه في المناطق التي تعاني من نقص المياه أو تعتمد بشكل كبير على المياه المتاحة. ومن المزايا الرئيسية لهذه التقنية هي قدرتها على استخلاص الماء من الهواء في أماكن ذات رطوبة منخفضة وبدون الحاجة إلى مصادر مائية تقليدية.
أضاف ان هناك وحدات على نطاق تجاري قادرة على انتاج 1000 إلى أكثر من 10000 لتر يوميًا.
أوضح أن معدلات إنتاج الماء تعتمد بشكل كبير على درجة حرارة الهواء وكمية بخار الماء "اي الرطوبة" في الهواء مشيرا الى ان التطورات التكنولوجية الحديثة ادت إلى تحسين نسبة الطاقة والمياه بشكل كبير مما زاد من جدوى استخدام هذه التقنية للمساعدة في زيادة موارد مياه الشرب مشيرا الى ان الانظمة القائمة على التبريد هي الأكثر شيوعًا.
لفت الى ان استخدام نوع تكثيف تبريد الهواء المحيط بمجرد أن تصل درجة حرارة الهواء إلى نقطة الندى، يتكثف الماء في المجمع. تدفع المروحة الهواء المصفى فوق الملف ويحافظ على نقاء الماء ويقلل من المخاطر التي تشكلها الكائنات الدقيقة المحيطة.
اشار الى اعتماد معدل إنتاج الماء على درجة الحرارة المحيطة والرطوبة وحجم الهواء الذي يمر فوق الملف وقدرة الماكينة على تبريد الملف. تصبح أكثر فعالية مع زيادة الرطوبة النسبية ودرجة حرارة الهواء. كقاعدة عامة، لا تعمل مجموعات الخاصة بتكثيف التبريد بكفاءة عندما تنخفض درجة الحرارة المحيطة عن 18.3 درجة مئوية 65 درجة فهرنهايت أو تنخفض الرطوبة النسبية إلى أقل من 20٪.
لفت الى امكانية تحسين توليد المياه الصالحة للشرب في ظروف الرطوبة المنخفضة باستخدام مبرد تبخيري مزود بمياه قليلة الملوحة لزيادة الرطوبة كوسيلة لتوفير المياه في المناطق التي تعاني من نقص في المياه العذبة أو الخيار البيئي للتخفيف من الاعتماد على المياه الجوفية أو مصادر المياه التقليدية.
يشير د. عباس شراقى استاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الى ان انتاج جهاز استخلاص الماء من الهواء فى مصر سيقلل من التكلفة بشكل كبير ويعمل على انتشار التقنية الحديثة وتحقيق اكبر قدر من الاستفادة بها.
اضاف ان بعض الأجهزة الحديثة تغلبت على مشكلة الكهرباء بتشغيل الجهاز بوحدة شمسية او بطاقة الرياح وهذه هى الفائدة الرئيسية، خاصة ان الاحتياج الاكبر لهذه الاجهزة فى المناطق الصحراوية حيث قلة توفير الكهرباء او انعدامها.
اشار الى سباق الشركات على انتاج أجهزة صغيرة لتسهيل حملها ونقلها من مكان الى آخر، مشيرا الى امكانية زيادة الإنتاجية حال تطوير الجهاز لالتقاط كميات كبيرة من المياه واستخدامها بشكل جيد.
لفت الى تطور التقنية بشكل كبير والحديث مؤخرا عن جهاز ينتج 10 متر مكعب من المياه قيد التجربة وفى تلك الحالة سيتطور استخدام التقنية فى عمليات الزراعة والصناعة مشيرا الى انه مع الابحاث المستمرة سنصل الى تقليل التكلفة وانتشار الجهاز.
نوه الى امكانية استخدامه فى المدن المتوافر بها المياه حال القلق من مياه الصنبور حال توافر اشتراط تشغيله بحد ادنى تنخفض الرطوبة النسبية إلى أقل من 20 مشيرا الى ان مياه الهواء وهى مياه مماثلة للمياة المعدنية.
اشار الى ان تقنية استخراج الماء من الهواء تتميز بقدرتها على توفير مصدر مستدام ونقي للمياه، وتخطي حاجة التواجد في مصادر مائية طبيعية محدودة. كما يعد استخدام هذه التقنية أحد الحلول المبتكرة للتغلب على تحديات الندرة المائية في العالم
نوه الى امكانية حصاد الرطوبة المشبعة فى الهواء في المناطق الساحلية أو الجبلية ذات الرطوبة المرتفعة والحرارة المنخفضة، حيث تصل نسبة الرطوبة فى واحة سيوة السلوم مرسى علم الغردقة حلايب وشلاتين الفرافرة الداخلة الخارجة الجلف الكبير مرسى مطروح والاسكندرية حيث تصل الرطوبة النسبية الى 100% صيفا يوليه واغسطس وسبتمبر.
يشير د. ضياء القوصى خبير الموارد المائية ومستشار وزير الرى سابقا الى ان تقنية استقطاب الماء من الهواء ليست حديثة، مشيراً الى ان جمع الماء من الندى عن طريق تحويل الرطوبة الجوية إلى ماء سائل تم استخدامها خلال الحرب العالمية الثانية بواسطة عالم الفيزياء الألماني هيرمان روميل لكن ارتفاع تكاليفها قلل انتشارها ولكن انخفاض اعباء الطاقة والاقتصاد مؤخرا شجع على استخدامها.
اضاف: تعتمد تقنية استقطاب الماء من الندى على استخدام مواد استقطابية تجذب جزيئات الرطوبة في الهواء وتساعد في تكثيفها وتحويلها إلى قطرات ماء، وعادة ما تكون هذه المواد مسامية وذات خصائص كيميائية خاصة تساعد في تجميع الرطوبة وتجميدها في شكل ماء سائل.
اشار الى ان تقنية استخراج الماء من الهواء لتلبية احتياجات البشر في المناطق ذات الجفاف الشديد أو حيث يكون الوصول إلى المياه المأخوذة من مصادر تقليدية صعبًا و تستخدم عادة مبدأ التكثيف المباشر لاستخلاص الرطوبة من الهواء وتحويلها إلى ماء صالح للشرب.
اوضح انه يتم تعليق مادة الاستقطاب في أماكن ذات رطوبة عالية مثل المناطق الساحلية يتكثف البخار المائي على سطح المادة الاستقطابية "شبكة" ويتكون الندى يتم جمع الندى ثم تحويله إلى ماء قابل للاستخدام.
لفت الى أن تقنية استقطاب الماء من الندى تعتبر وسيلة فعالة للحصول على مصدر مياه محلي ومتجدد في المناطق ذات الرطوبة العالية حيث تم استخدام هذه التقنية خلال الحرب العالمية الثانية لتوفير المياه للجنود في المناطق الصحراوية أو النائية.
اشار الى ان اجهزة استدراج الماء من الهواء صغيرة الحجم لا تشغل مساحة كبيرة وتعمل على مدار اليوم لاكفاء احتياجات الناس وتيسير سرعة نقلها وتحركها من مكان الى مكان.
تطرق الى استخدام تقنيات متقدمة لتحسين كفاءة هذه العملية، مثل استخدام مواد امتصاصية لزيادة كمية الماء المستخرجة وتقليل استهلاك الطاقة. بعض التقنيات تستخدم أشعة الشمس أو مصادر حرارية أخرى لتسريع عملية التكثيف مشيرا الى ان تجدد المياه في الغلاف الجوي عملية طبيعية تحدث بشكل مستمر
لفت الى اهمية السعي لتحسين استدامة استخدام المياه وتعزيز إدارة الموارد المائية بشكل عام، بما في ذلك المحافظة على المياه العذبة وتحسين كفاءة استخدامها في القطاعات المختلفة
اشار الى ان تلك التقنية يطبق عليها اقتصاديات الفرصة البديلة هى اعداد مياه الهواء كاقتصاد موفر لمناطق صحراوية للتحلية التى تصل تكلفتها الى 30 جنيها وتقنية الهواء اوفر منه.
يعتبر جهاز كوسوي لالتقاط المياه والمقرر تصنيعه بمصر تقنية واعدة، ولديه القدرة على توفير كمية كبيرة من المياه للبلاد حيث ان مصر دولة ذات مناخ حار وجاف ، وجهاز كوسوي لالتقاط المياه مناسب تمامًا لهذا النوع من المناخ.
ويشير الموقع الرسمى للشركة الى ان الجهاز يمكنه انتاج ما يصل الى 800 لتر يوميا فى المناطق القاحلة وشبه القاحلة وتختلف الانتاجية طبقا للمناخ والرطوبة يمكن للجهاز إنتاج ما يصل إلى 1 لتر من الماء يوميًا لكل متر مربع من مساحة السطح ، مما يساعد على الحياة فى المناطق معدومة مصادر المياه.
من اهم مميزاته انه موفر للطاقة بشكل كبير، ويمكن أن يعمل على مجموعة متنوعة من مصادر الطاقة ، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة البطارية.
أداة قيمة للأشخاص الذين يعيشون في مناطق محدودة الوصول إلى المياه النظيفة. يمكن استخدامه أيضًا لتكملة إمدادات المياه الحالية ، ويمكن أن يساعد في تقليل كمية المياه التي يتم إهدارها.
الرطوبة: كلما زادت رطوبة الهواء، زاد بخار الماء الموجود في الهواء، وكلما زادت كمية المياه التي يمكن أن ينتجها جهاز
درجة الحرارة: كلما كان الهواء أكثر دفئًا، زاد بخار الماء الذي يمكن أن يحتفظ به، وكلما زاد الماء الذي يمكن أن ينتجه الجهاز.
حجم مولد المياه: كلما زاد حجم مولد المياه، زادت كمية المياه التي يمكن أن تنتجها.
اترك تعليق