الشيخ سامح محمد سعد:

بالأزهر الشريف

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

روى كما فى صحيح الإمام مسلم من حديث تميم بن أوس الدارى (رضي الله عنه)أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة ،قلنا لمن يارسول الله ؟ قال:لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.

*هذا القبس النبوى الشريف يبين لنا بوضوح أن النصيحة هى عماد الدين وقوامه ، لأن الحبيب  المصطفى صلى الله عليه وسلم قرنها بالدين.

*وما دام التناصح بهذه المنزلة من الدين ، إذا فهى وصية من الرسول الأعظم والنبى الأكرم، فعن سيدنا حذيفة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ومن لم يمسى أو يصبح ناصحاً لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم فليس منهم.

*وعن أبي أمامة رضي الله عنه،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:قال الله تعالى فى الحديث القدسي: أحب ما تعبدنى به عبدى هو النصح لى.

*وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ، والنصح لكل مسلم.

*وقد جعلها أستاذ البشرية صلى الله عليه وسلم ،حقا من حقوق المسلم على المسلم، فقال:حق المسلم على المسلم ست، وذكر منهم..... وإذا استنصحك فانصح له.

* والنصيحة وبذلها: صفة من صفات أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام، ليأخذوا بأيدى أقوامهم إلى طاعة رب العالمين.

فهذا نبى الله نوح عليه السلام، يقول لقومه كما حكى القرآن الكريم:(أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله مالا تعلمون).

*وهذا نبي الله هود عليه السلام يقول لقومه: (أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين).

*وهذا نبي الله صالح عليه السلام ،يقول لقومه: (لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين).

*وهذا نبي الله شعيب عليه السلام، يقول لقومه :(لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف ءاسى على قوم كافرين).

س/ماهى النصيحة؟ ولمن تكون؟

ج/النصيحة: هى الدعاء إلى ما فيه الصلاح، والنهي عما فيه الفساد.

*وقد حددت السنة المطهرة فى هذا الحديث الشريف الذى نعيش تحت ظلاله لمن تكون النصيحة كالأتى:

1/ النصيحة لله عز وجل: تكون بالإيمان به ،ونفى الشرك عنه، وترك الإلحاد فى صفاته ، ووصفه بصفات الكمال والجلال كلها، وتنزيهه عن جميع النقائص ، والقيام بطاعته ، واجتناب نواهيه، والخضوع له ظاهراً وباطنا.

2/ النصيحة لكتابه سبحانه وتعالى: وتكون بالإيمان بأنه كلام الله عز وجل ، ولا يشبهه شئ من كلام الخلق ، ولا يقدر على مثله أحد من الخلق ،ثم تعظيمه وتلاوته حق التلاوة، والوقوف على أحكامه، وفهم معانيه، وتدبر آياته.

3/ النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم: تكون بتصديقه على الرسالة ،والإيمان بكل ما جاء به ، وطاعته فى أوامره ونواهيه ، ونصرته حيا ومنتقلا ،ومعاداة من عاداه، وموالاة من والاه ،والدفاع عنه وعن زوجاته وآل بيته الأطهار ، والأقتداء به فى أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم.

4/النصيحة لأئمة المسلمين: تكون بمعاونتهم على الحق ، وطاعتهم فيه ، وأمرهم به، وتنبيههم وتذكيرهم بلطف ورفق وإعلامهم بما غفلوا عنه.

5/ النصيحة لعامة المسلمين: تكون بأرشادهم إلى ما يصلحهم فى الدنيا والآخرة ، وكف الأذى عنهم ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص ، والذب عن أموالهم وأعراضهم فى جميع الأحوال.

*صفات الناصح:كالأتى:

1/أن تكون النصيحة خالصة لوجه الله تعالى: لا يدخلها رياء ولا سمعة.

2/أن يكون الناصح على دراية وعلم: لأن الناصح لو كان جاهلاً فلربما نصح بمنكر ، أو قد ينهى عن معروف.

3/أن يكون الناصح شفيقا رفيقا فى نصحه للناس.

4/ أن تكون النصيحة فى السر ليس فى الملأ أمام الخلق.

5/أن يتخلق الناصح بخلق الصبر ،لأن الناس يتفاوتون فى الإستجابة فمنهم من يستجيب فى الحال ومنهم من يستجيب بعد فترة معينة وهكذا.

6/ إختيار الأسلوب الأحسن والأفضل للنصيحة.

7/ أن يتخلق الناصح بحسن الخلق.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.