جريمة بشعة شهدتها إحدى قرى محافظة الأقصر، بعدما تجرد عاطل من كافة المشاعر الإنسانية، وأقدم على خنق جارته بعد سرقة مصوغاتها الذهبية، ولم يكتف بفعلته النكراء بل إن قسوة قلبه جعلته يتخلص من الجثة بإلقائها وسط زراعات القصب في منطقة مجاورة على الحدود ما بين محافظتي قنا والأقصر لتأكلها الذئاب، بعدما خيل له شيطانه أنه سيفلت من العقاب وأن فعلته ستمر مرور الكرام.
تفاصيل الواقعة كشفها بلاغ لمركز شرطة نقادة بمحافظة قنا من أحد أهالي عزبة طايع بدائرة المركز، يفيد العثور على جثة فتاة ملقاة وسط زراعات القصب أثناء قيامه برى الأرض.
انتقلت على الفور أجهزة الأمن، وكشفت معاينة ضباط وحدة مباحث مركز نقادة أن الجثة لفتاة متحللة ووجهها عبارة عن هيكل عظمي ما يشير إلى مرور عدة أيام على ارتكاب الجريمة.
تم إخطار النيابة العامة التي انتقلت إلى موقع البلاغ لمناظرة الجثة، وأمرت بنقلها إلى مشرحة مستشفى نقادة المركزي وانتداب الطبيب الشرعي لبيان سبب الوفاة بعدما أشارت التحريات الأولية إلى وجود شبهة جنائية في الواقعة .
بدأت أجهزة الأمن في فحص بلاغات التغيب بدائرة مركز نقادة، ونشر المواصفات على كافة مراكز الشرطة بنطاق المحافظة، كما تم إخطار مديرية أمن الأقصر بالواقعة لفحص بيانات التغيب هناك خاصة أنه تم العثور على الجثة بقرية عزبة طايع التي تقع على الحدود ما بين محافظتي قنا والأقصر .
وبدأت مباحث نقادة في تكثيف التحريات لكشف لغز الجريمة المحيرة، من أجل كشف هوية الجثة التي غيرت ملامح وجهها الأيام التي مرت عليها وهى مسجاة وسط الزراعات.
أكد تقرير الطب الشرعي وجود شبهة جنائية في الواقعة ووجود آثار حنق بالرقبة، وفى تلك الأثناء كانت مباحث نقادة بدأت بالإمساك بأولى خيوط فك اللغز، بعدما تبين اختفاء طفلة من قرية " نجع البركة " التابعة لمحافظة الأقصر والمتاخمة لقرية عزبة طايع التابعة لمركز نقادة بمحافظة قنا.
توصلت التحريات إلى أن الجثة لفتاة تدعى "آيات.ع" 20 سنة ومقيمة بقرية نجع البركة التابعة لمحافظة الأقصر، ودلت التحريات الأولية إلى أن الطفلة كانت في طريقها إلى زيارة والدتها بمحافظة أسوان والتي كانت تقيم مع أسرتها لوجود خلافات بينها وبين زوجه - والد الطفلة - المجنى عليها.
استدعت النيابة العامة والد الطفلة وأقاربها وجيرانها للاستماع إلى أقوالهم وقد تعرف الأب على الطفلة من ملابسها، بينما لم يتهم أحد بارتكاب الواقعة معللًا ذلك بعدم وجود أي خلافات بينه وبين آخرين.
مضى أكثر من 15 يومًا على ارتكاب الجريمة، بينما الجثة لا تزال بمشرحة مستشفى نقادة المركزي تحت تصرف النيابة العامة، في الوقت الذى تكثف أجهزة الأمن جهودها للتوصل إلى مرتكب الواقعة، وقد بدأت في توسيع دائرة الاشتباه ووضع الاحتمال الأول أن يكون الدافع وراء الجريمة هو سرقة المجنى عليها بعدما أفاد والدها أنها كانت ترتدى مصوغات ذهبية بعد خروجها من المنزل.
توسيع دائرة الاشتباه كان بداية النهاية لكشف لغز الواقعة التي حيرت كل أهالي نجع البركة بمحافظة الأقصر وقري مركز نقادة الذى عثر بداخله على الجثة، خاصة أن الطفلة كان تتمتع بسيرة طيبة وأخلاق حسنة ولا توجد أي شكوك حول أخلاقها، وهو ما أكدته تحريات المباحث، ليصبح دافع السرقة كلمة السر لفك اللغز.
ضبطت أجهزة الأمن عددًا من العناصر المشتبه فيها والمسجلين خطر سرقات، وبعد ساعات طويلة من استجوابهم .. تلاحظ لرئيس مباحث نقادة وجود تخبط في أقوال المدعو " علاء عبود عبدالحميد " 35 سنة والمقيم بنجع البركة، وبعد مراوغات عديدة لم يفلح في الاستمرار بالمراوغة لينهار ويعترف بارتكاب الواقعة.
المتهم أدلى باعترافات تفصيلية أمام رئيس مباحث نقادة وأقر بقيامه باستدراج الطفلة بعد أن تناسى صلة القرابة والجيرة التي تربطه بالفتاة وقرر أن يصبح تلميذًا للشيطان الذى لم يترك أذنيه، وما إن وصل إلى الزراعات بقرية عزبة طايع بقرية صوص التابعة لمركز نقادة والمجاورة لقرية نجع البركة، هناك حاول كتم انفاس الفتاة إلا أنها قاومته، وأمام تلك المقاومة نزع عنها غطاء الرأس " الإيشارب " وقام بخنقها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، وقام بالاستيلاء على مصوغاتها الذهبية وتليفونها المحمول، وألقى بالجثة وسط زراعات القصب لتأكلها الذئاب والكلاب الضالة ولا تبقى لها أثر حتى لا تنكشف جريمته النكراء، وفيما بعد تخلص من الهاتف المحمول عن طريق القاءه في الترعة المجاورة بقرية " صوص " أثناء عودته من مسرح الجريمة حتى لا يكون دليلًا عليه ولا يكون خيطًا سهلًا لكشف الجريمة، إلا أن جهود رجال مباحث نقادة أفسدت مخططه الإجرامي وكشفت تفاصيل الجريمة، بل إنها استعانت برجال المسطحات المائية ونجحت في استخراج الهاتف المحمول رغم مرور أكثر من 15 يومًا على القاءه داخل الترعة.
عقب قيام المتهم بتمثيل الجريمة، صرحت نيابة مركز نقادة بدفن الجثة، وباشرت النيابة العامة تحقيقاتها في الواقعة، وأمر محمد الصحصاح رئيس النيابة بنيابة قنا الكلية بإشراف المستشار طارق بكر المحامي العام لنيابات قنا الكلية، بإحالة المتهم لمحكمة جنايات قنا محبوسًا لقيامة بتاريخ 5 / 6 / 2022 بدائرة مركز نقادة بمحافظة قنا بقتل المجنى عليها "آيات.ع.م" عمدًا مع سبق الإصرار وذلك بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وما إن ظفر بها حتى أوثق عنقها بغطاء رأسها فزهت روحها قاصدًا من ذلك قتلها فحدثت إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى وهى انه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرق الهاتف المحمول والمبلغ المالي المبينين وصفًا وقيمة بالتحقيقات والمملوكين للمجنى عليها وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها بموضوع الاتهام الأول وتمكن بتلك الوسيلة القسرية من الإكراه من الاستيلاء على المسروقات.
وبعد مداولة القضية أصدرت المحكمة حكمها في القضية التي حملت رقم ١٥٧٦ لسنة ٢٠٢٢ كلى قنا حضوريًا بمعاقبة المتهم " علاء عبود عبدالحميد " بالسجن المؤبد وإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحق المدني مبلغ وقدره عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت ومبلغ ٢٠٠ جنيه أتعاب المحاماة لقيامه بقتل المجني عليها.
أصدر الحكم المستشار أحمد حسن غلاب رئيس المحكمة بعضوية المستشارين تامر الأمير الطاهر وياسر عرفة الرئيسين بالمحكمة وبحضور يسين رمضان رئيس النيابة وبأمانة سر أحمد جمال مبارك مدير الإدارة الجنائية بمحكمة استئناف قنا ومحمد عبدالوهاب ومحمد صلاح العدوى مدير تنفيذ الأحكام الجنائية بنيابة قنا الكلية.
اترك تعليق