هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

مصر والسودان.. علاقات تاريخية وشراكة استراتيجية

السيسي والبرهان دشنا مرحلة جديدة من التعاون لصالح البلدين

التنسيق في كافة المجالات.. وكل الدعم لخيارات الشعب الشقيق في صياغة مستقبل بلدهم

مصر قبلة السودانيين للالتحاق بالمؤسسات التعليمية والسياحية والصحية

يجمع شعب وادي النيل في مصر والسودان تاريخ حافل من التضامن والمصالح المتبادلة.. تاريخ يعززه حاضر يشهد تأكيد القاهرة الدائم علي علاقات الأخوة والتكامل مع الخرطوم.


وتؤكد مصر دائما علاقات الأخوة والتضامن مع السودان. وأنها علاقات إستراتيجية بالغة الأهمية للبلدين علي كافة المستويات.

 ونظرا لوقوع السودان ضمن الدائرتين العربية والإفريقية للسياسة الخارجية المصرية. أولت مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013 أهمية بالغة لعلاقتها مع الخرطوم. ضمن إعادة تحديد وصياغة دوائر وتوجهات سياستها الخارجية بما يتلاءم مع المحددات والتحديات الجديدة التي رتبتها التحولات العالمية والإقليمية خلال العقد الماضي.

وحظي السودان بأولوية علي أجندة الرئيس عبدالفتاح السيسي الخارجية. ترجمت إلي كونه كان الوجهة الأولي لزيارته الخارجية عقب انتخابه رئيسا للجمهورية.

ومن مظاهر الاهتمام المصري بالبلد الشقيق. الزيارات الرئاسية المتبادلة علي فترات متقاربة. إذ أن أول زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسي. عقب انتخابه رئيسًا للجمهورية عام 2014. كانت إلي السودان ضمن جولة شملت ثلاث دول. وأيضًا بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية عام 2018. توجه إلي السودان في أول زيارة خارجية يقوم بها.

ومع تولي الرئيس السيسي منصبه منذ 2014. دشنت القاهرة مرحلة جديدة من علاقتها مع الخرطوم عنوانها "العلاقات الاستراتيجية الأخوية" عكستها حجم الزيارات المتبادلة بين الجانبين علي المستويات الرسمية والحكومية والشعبية. والتنسيق في كافة المجالات. والدفع نحو سرعة تنفيذ المشروعات التنموية المشتركة. والدعم لخيارات الشعب السوداني في صياغة مستقبل بلدهم.

ومع امتداد الفترة الانتقالية في السودان. أصبحت مصر قبلة السودانيين للالتحاق بالمؤسسات التعليمية الجامعية وللعلاج والسياحة. وفضلت نسبة كبيرة من مجموع الجالية السودانية "نحو أربعة ملايين شخص. بحسب إحصائية أخيرة". الاستقرار والإقامة الدائمة بمصر.

ولا يواجه التحرك والانتقال بين مصر والسودان حالياً مشكلة كبيرة. من خلال الجسر البري السوداني- المصري والمعابر الحدودية الأخري. وتسير علي هذه المعابر الشاحنات المصرية المحملة بالبضائع. والسودانية المحملة بالماشية والمحاصيل الزراعية وغيرها. فضلاً عن تسيير رحلات يومية لمواطني البلدين.

وسجل التبادل التجاري بين مصر السودان. ارتفاعا ملحوظا بنهاية عام 2021. وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وبلغ حجم التبادل التجاري نحو 1.2 مليار دولار بينما كانت 711.4 مليون دولار عام 2020 بنسبة ارتفاع بلغت 63.5%. ويقدر حجم الاستثمارات المصرية في السودان بنحو 10.1 مليارات دولار.

ومن أبرز مجالات التعاون بين مصر والسودان. الخط الكهربائي بين البلدين الذي بدأ في أبريل من عام 2020 بقدرة 80 ميجاوات.
وفي إطار تطور العلاقات بين البلدين. أعلنت مصر والسودان بقيادة الرئيسين عبدالفتاح السيسي وعبدالفتاح البرهان. في 16 فبراير من العام الجاري2023. الاتفاق علي تسهيل منح تأشيرات الدخول لمواطني الدولتين وتسهيل الإقامات وتصاريح العمل بينهم.

الميناء البري

وتم افتتاح ميناء قسطل البري بين البلدين. الذي ضم مكاتب إدراية لوصول والسفر لتسهيل حركة الأشخاص بالإضافة إلي مناطق خدمات جمركية ومخازن وحجر بيطري وساحات انتظار للسيارات والشاحنات. الأمر الذي ساهم في زيادة حجم التبادل التجاري بين القاهرة والخرطوم.

وكان منفذ أرقين الحدودي إضافة للعمل من ميناء أسوان النهري الذي تتبادل منه مصر التجارة مع ميناء حلفا السوداني. لتتكامل وسائل النقل للتجارة البينية بين مصر والسودان. وجميع دول إفريقيا بما يدعم اقتصاد البلدين.
وفي إطار تنفيذ وثيقة الشراكة الاستراتيجية. والتي تم التوقيع عليها بين البلدين في عام 2016 عمل البلدان علي اتخاذ كل الخطوات لتفعيل المشروعات الاستراتيجية الكبري بين البلدين. وهو إرث تاريخي وحضاري يجمع كلا الشعبين مع بعضهما البعض.

ونظرا لأن استقرار السودان وسلامته يعتبر مسألة تمس الأمن القومي المصري. فقد سعت القاهرة لتحقيق الاستقرار السياسي في الخرطوم. عندما استضافت العاصمة المصرية في بداية شهر فبراير العام الجاري 2023. ورشة الحوار السوداني/ السوداني. والتي عقدت تحت شعار "آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع".
وفي ختام الورشة. أعلنت مجموعة كبيرة من القوي السياسية والشخصيات السودانية تشكيل كتلة وطنية. وإعداد إعلان سياسي يكون بمثابة خارطة طريق لاستكمال المرحلة الانتقالية يتضمن تشكيل هيئة سياسية من كافة شرائح المجتمع السوداني تكلف باختيار رئيس الوزراء التوافقي. ومجلسي الوزراء والسيادة والبرلمان الانتقالي.

نقلة نوعية

وأجمع المشاركون في الورشة. علي أن مصر عبر استضافتها لهذا الاجتماع حققت نقلة نوعية في الساحة السودانية. لأنه قبل ذلك كانت هناك مجموعة من التكتلات ليس بينها اتفاق أو ائتلاف. لكن في القاهرة أصبحت هناك كتلة موحدة وباتفاق واحد في كل القضايا تمثل جزءاً كبيرا من الشعب السوداني. مؤكدين أن المبادرة المصرية وضعت القضية السودانية. في نهايتها وقربتها للحل.

وبحكم وحدة المصير. يوجد تنسيق دائم بين مسئولي البلدين في القضايا ذات الاهتمام المشترك. وفي مقدمتها قضية السد الإثيوبي. حيث تتفق القاهرة والخرطوم علي ضرورة إيجاد حل عادل لتلك القضية. وتشجيع الجانب الإثيوبي علي توقيع اتفاقية ملزمة لملء وتشغيل السد.

العلاقات التاريخية

ومرت العلاقات المصرية السودانية بمرحلتين رئيسيتين. مرحلة ما قبل انفصال السودان عن مصر حيث كانتا دولة واحدة. ومرحلة ما بعد الانفصال. فمنذ عام 1820 وحتي استقلال السودان في عام 1956. هناك تاريخ واحد بين البلدين .
والمتتبع لتاريخ مصر والسودان يجد أن البلدين عاشا تاريخاً مشتركاً منذ أقدم الأزمنة وحتي العصر الحالي. إلي الدرجة التي يتعذر معها الحديث عن تاريخ مستقل بمصر أو تاريخ مستقل بالسودان. وهذه الحقيقة التاريخية تؤكد أن التاريخ المشترك بين البلدين قد أوجد قدراً كبيراً من الامتزاج بين أفراد الشعب العربي في مصر والسودان

وتتسم العلاقات بين البلدين بالطابع الاخوي حيث تحرص القيادة السياسية المصرية علي التعاون الدائم مع السودان والتنسيق في كافة المجالات. والدفع نحو سرعة تنفيذ المشروعات التنموية المشتركة. وهي تعتبر أمن السودان جزءاً لا يتجزأ من أمن مصر. ويؤكد ذلك ابرام العديد من الاتفاقيات التي تجمع بين البلدين كاتفاقية الدفاع المشترك. وتبادل الخبرات العسكرية في مجالات تأمين الحدود ومكافحة الإرهاب. إضافة إلي سعي مصر لعبور السودان المرحلة الانتقالية والوصول لمرحلة الاستقرار. ومساندة مصر لإرادة وخيارات الشعب السوداني في صياغة مستقبل بلاده.

وهناك التعاون الاقتصادي بين مصر والسودان والذي دعمته مصر بمشروعات الربط الكهربائي وتطوير المعابر البرية لتسهيل حركة التجارة والنقل. وتأهيل الموانئ البحرية والنهرية. والسكك الحديدية. ما ساهم في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين. واتجاه رجال الأعمال المصريين والشركات المصرية للاستثمار في السودان. مشيرا إلي تطور العلاقات المصرية السودانية إلي الشراكة الاستراتيجية والتنسيق المشترك في مواجهة المخاطر والتحديات.

 وما يؤكد قوة ومتانة العلاقات المصرية السودانية تقديم مصر الدعم للسودان في أزمات جائحة كورونا والفيضانات والخبز. كما أن السودان وقفت بجانب مصر في حرب 67. وأعلنت قطع علاقاتها بكل من يساعد إسرائيل. ووفرت السودان المأوي للطائرات المصرية. والمكان الآمن لطلبة الكلية الحربية المصرية خلال هذه الفترة. حيث نقلت من القاهرة لمنطقة الخزان قرب الخرطوم.

وتجري دراسات الجدوي الخاصة ب مشروع أرقين علي المنطقة الحدودية بين البلدين. بهدف استصلاح وزراعة مليوني فدان. وأكد أن الإنتاج الحيواني سيكون له نصيب كبير من التعاون المشترك وأن خمسة مستثمرين مصريين يدرسون إقامة مشروع لتربية الأبقار بمنطقة الجزيرة بالسودان.

وتعود العلاقات الدبلوماسية المصرية السودنية إلي النصف الأول من القرن التاسع عشر حيث اهتمت مصر بوحدة اراضي السودان وعمل محمد علي علي لم الممالك والقبائل الموجودة في جنوب مصر فيما عرف بعدها باسم دولة السودان. وكان فتح السودان عام 1820. ثالث الحروب التي خاضت مصر غمارها في عهد محمد علي لتأليف وحدتها السياسية. واستمرت الحروب حتي 1874 بعد اكتمال تكوين السودان الحديث. وكانت مصر تؤكد دائما علي وحدة اراضي السودان وعدم التدخل في شئونه الداخلية.  

وفي 21 مايو 2021 أعلن الجيش السوداني وصول مجموعة من الجنود المصريين إلي أراضيه. ضمن الاستعداد لانطلاق مناورات "حماة النيل". وقد سبقتها نسور النيل 1 و2 وتهدف جميعها الي تبادل الخبرات العسكرية وتعزيز التعاون وتوحيد اساليب العمل للتصدي للتهديدات المتوقعة للبلدين".

وقد حرصت مصر علي مواصلة سياساتها الرامية الي تعزيز علاقات التكامل مع السودان في كافة المجالات ولا سيما المجال الاقتصادي والذي تزايدت أهميته في ظل الأزمة المالية العالمية وأزمة الغذاء العالمي ويتمثل ذلك الحرص في توقيع عدد من مواثيق التكامل الاقتصادي بين البلدين.

وقد شهدت العلاقات السودانية المصرية تقدماً خلال السنوات القليلة الماضية في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية وتزايد تدفق رجال الأعمال بين البلدين الأمر الذي نتجت عنه زيادة التبادل التجاري و ضاعف عدد الشركات المصرية في السودان والعكس.

 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق