بقلم - وفاء أنور
راح قلبي يهيم في بساتين حبك يطلق لجناحيه العنان مغردًا فوق أشجارك كعصفور صغير فتنته أنوار حسنك ، ترددت أنغامه بين طرقات دربك ثم سبحت بعد ذلك فسكنت أعماق بحرك ، عاد صوت لحنه يتكرر فيتبعه صداه عابرًا كل حدود أرضك ،
فالمشهد المرتبك في الخارج شوش أفكارنا وكاد بحكمتنا أن يذهب ، أخبار عدة تتخبط يختلط الفهم علينا كثيرًا ، فيكاد العقل يزول من تأثيرها أو يتغيب ، أغلبنا راح يتخيل أشياءً ومن غده يتهيب ، الأمن القابع بداخلنا يصغر أحيانًا كأنه يتبخر أو يتبدد ، نجلس نتابع أخبارًا تنبئنا بأن العالم قد أصبح على شفا الانهيار ، الصراع المحتدم في كل مكان يتزايد ومن حوله الجميع يترقب ، تسارع عالمنا نحو المجهول بجهله حتى ساد ضجيج أسلحته كل يوم في ازدياد يعلو ويتمدد ، ساد الصراخ من معارك ظلمه كل مكان حتى كاد أن يصبح صوته الأوحد .
ونحن هنا فوق أرضك يابلادي نغزل الأمان مستلقين ببرائتنا في داخل صدرك ، صنعتِ لنا جميعًا رداءً يضمنا ، رداء بحجم أرضك يحمينا من كل شر يمكن أن يمر بالقرب منك ، تحمليننا بين حنايا فؤادك إن لمحت خطرًا يعبث من بعيد في أرض غيرك ، منحتنا من صفاء سمائك لونًا وصبغة قمنا بعد أن وهبتنا إياه بتلوين أيامنا به فطلاؤك نابع من نور قدسك ، تجمعنا فرحين بمحبتنا مترنمين بعذب لحنك ، كم سرنا بين ظلال نخيلك على شط نيلك ، نتغنى بمواويلك التي تتحدث باسمك ، كم حكينا عن بطولاتك وكفاحك في ملحمة استرداد أرضك . دمت لنا ودام اعتزازك بأبنائك وتاريخك العظيم الذي سطرته فأذهل العالم حين شاهدك في كل مرة تتعبدين داخل محرابك كأميرة تزداد حسنًا وأنت تغتسلين من نور قدسك ، دام صوتك يتردد في كل عيد حين تنادين فنلبي على الفور أمرك فبدون التفافنا حولك لن نشعر ببهجة عيد فكيف يكون العيد عيدًا إن فقدنا رضاكِ وحبك .
على أرضك ولد الكليم ، عاش المسيح وأمه ، صان الصديق الأمين خزائنك التي وصفها الله بأنها خزائن الأرض جميعًا ، جاءك الإسلام يعدو ليكتمل نوره في كنفك ، فكنت بذلك مهدًا لكل رسالات ربك ، احتضنتِ أجساد الجميع في رحمة ليرقدوا بسلام داخل أرضك " شهداء وقديسين ، أولياء وصالحين " دمتِ بهم وبطهرهم مرفوعة الهامة ، محروسة ومحفوظة بعين ربك ، دمت مضربًا للأمثال في الشجاعة باقية بإقدام جندك ، دامت رايتك في العلياء شامخة ، دمت لشعبك الذي هام بك يوم أن عشق تراب أرضك .
جمعتنا في هذا العام مناسبات وأعياد تذكرنا إن نسينا أننا كلنا أبنائك وحدك ، فما عهدتك يابلادي تفرقين بيننا فكم فاض على الجميع خيرك ، تخافين علينا ونحن هنا لنطمئنك بأننا قد وجدنا في اختلافنا جمالًا حقيقيًا يعكس بوحدتنا الوطنية حسنك وطيب أصلك ، فعندما تتعدد أشكال الزهور وألوانها تزداد بهاءً وذلك هو الرصيد الذي سيضاف دومًا إلى رصيد حسنك .
اترك تعليق