وسط توقعات قوية برفع سعر الفائدة تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى بنهاية مارس الجارى لتحديد معدلات الفائدة الجديدة على الايداعات والقروض.
ويأتى الاجتماع الذى يعد الثانى للبنك المركزى خلال 2022 فى ظل تطورات اقتصادية تعزز من احتمالات رفع الفائدة فى مقدمتها الارتفاع الكبير فى معدل التضخم السنوى الذى سجل لإجمالى الجمهورية 32.9% لشهر فبراير 2023، مقابل 10% لذات الشهر من العام السابق وفقا لما أعلنه جهاز التعبئة والإحصاء فضلا عن معدل التضخم الأساسى الذى يعلنه البنك المركزى والذى سجل هو الآخر مستوى قياسى تجاوز الـ 40% وذلك لأول مرة منذ نحو 6 سنوات.
وقال المركزى فى بيانه عن التضخم قبل أيام أن الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين سجل معدلاً شهرياً بلغ 8.1% فى فبراير 2023 مقابل معدل شهرى بلغ 1.2% فى ذات الشهر من العام السابق، ومقابل معدل شهرى بلغ 6.3% فى يناير الماضى فيما سجل المعدل السنوى 40.1% فى فبراير مقابل 31% فى يناير الماضى ومن المتوقع صعود جديد فى التضخم على خلفية الزيادات المتتالية فى الأسعار إلى جانب زيادة أسعار الوقود خسائر الجنيه المصرى أمام الدولار الذى اقترب من سقف الـ 31 جنيها.
سيولة جديدة
ومع اقتراب رد سيولة تبلغ نحو 750 مليار جنيه إلى المودعين المكتتبين فى شهادة الـ 18% بعد انتهاء مدتها خلال ايام يبقى من الضرورة العمل على سحب هذه السيولة من السوق قبل ان تتجه إلى اوعية استثمارية بعيدة عن الجنيه وهذا ما يعزز التوقعات الخاصة برفع الفائدة وطرح شهادات جديدة بسعر فائدة مرتفع عن المعدلات السائدة.
الفيدرالى والرفع المنتظر
على الصعيد الخارجى ياتى ايضا الاجتماع فى أعقاب اجتماع وشيك الفيدرالى الأمريكى خلال الأيام القليلة القادمة والذى من المتوقع ان يواصل خلاله سياسته التشددية تجاه السوق ويرفع أسعار الفائدة بنسبة تتراوح بين ربع ونصف في المائة وهو ما يؤثر بشكل مباشر على الاستثمارات الاجنبية فى ادوات الدين الدول الناشئة ومن بينها مصر ويهدد بخروجها بحثا الربح وهو ما قد يدفع المركزى لزيادة الفائدة للحفاظ علي هذه الأموال وجذب المزيد منها في ظل احتياجات متزايدة للعملة الأجنبية.
تقييد السيولة
يرى هانى جنينة الخبير الاقتصادى والمحاضر بالجامعة الامريكية انه من الطبيعى ان تتجه سياسات البنك المركزى إلى تقييد السيولة وحيث أن الاحتياطى الإلزامى الذى تحتفظ به البنوك لدى المركزى تم رفعه بشكل مبالغ فيه ليصل إلى 18% وهو الاعلي تاريخيا فالوسيلة المتاحة أمام المركزى الان هى رفع سعر الفائدة خاصة وان هناك مستهدفات كمية مع صندوق النقد الدولى فيما يخص نمو السيولة بالجنيه المصرى وفيما يخص معدل التضخم والذى يجب الا يتجاوز 15% بنهاية يونيو القادم مستبعدا الوصول إلى هذا المعدل فى هذا التوقيت خاصة مع عدم اتخاذ اجراءات حازمة لتخفيض التضخم.
وخاصة أن النمو فى السيولة وهو العامل المؤثر فى التضخم تنمو فى نهاية المطاف بمعدلات كبيرة وآخر معدل نمو لها فى ديسمبر الماضى كان 21% فيما أن المستهدف خلال فترة البرنامج مع صندوق النقد الدولى ان تتراوح نسبة النمو السنوى بين 14 و15%
دعم الجنيه
بحسب جنينة فان زيادة السيولة المحلية ترتفع بزيادة القروض وتتباطأ بتحجيم القروض عن طريق رفع سعر الفائدة مؤكدا ان المشكلة واضحة والعلاج واضح ايضا ومتفق عليه مع صندوق النقد فنحن فى حاجة لرفع الفائدة خاصة مع توجه الناس مع ارتفاع التضخم إلى الاستثمار فى الذهب والدولار مع تراجع الثقة فى الحفاظ على قيمة الجنيه المصرى وأشار جنينة إلى ان دعم الجنيه هدف رئيسى للبنك المركزى لمنع الدولرة أو الاتجاه للاستثمار فى الملاذات الآمنة وهذا يستدعى أن يكون العائد ايجابى على الجنيه المصرى وهذا غير متحقق حاليا مع التراجع الكبير فى سعر الفائدة الحقيقى و هو الفارق بين سعر الفائدة فى البنوك ومعدل التضخم الحالى.
يري جنينه انه فى ظل هذه المعطيات فان رفع سعر الفائدة و بمعدل كبير هو أقرب سيناريو أمام المركزى متوقعا أن تصل نسبة زيادة الفائدة إلى 3% وهو ليس معدل كبير من وجهة نظره.
شهادات جديدة
يتوقع الخبير المصرفى هانى ابو الفتوح ان يقوم المركزى برفع سعر الفائدة بنسبة تتراوح بين 2 و3% معللا توقعه بارتفاع التضخم بمعدلات كبيرة واستحقاق شهادات الـ 18% مشيرا إلى ان رفع سعر الفائدة يدعم الجنيه ويحد من الاتجاه للدولرة، ويتوقع ابو الفتوح ان تقوم البنوك العامة بطرح شهادات جديدة بسعر فائدة مرتفع لجذب نحو 750 مليار جنيه من السيولة سوف تعود للسوق بدأ من 22 مارس الجارى وحتى مايو المقبل وهى مدة الاكتتاب فى شهادات الـ 18%.
تقييم السياسات
كان البنك المركزى قد خالف توقعات زيادة الفائدة خلال اجتماعه الأخير ليقرر تثبيت سعر الفائدة مشيرا إلى أن الزيادات التراكمية التى أقرها فى أسعار الفائدة على مدار العام الماضى "تستغرق وقتا للتأثير على معدلات التضخم".
وأضاف البنك فى بيانه أن قراره بالإبقاء على أسعار الفائدة يهدف إلى "تقييم أثر سياسة التقييد الاستباقية وفقا لتوافر البيانات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة"، مشيرا إلى أن مسار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة.
قال أن سياسته الاستباقية الخاصة برفع الفائدة، تهدف إلى السيطرة على الضغوط التضخمية، وخفض توقعات التضخم إلى المستوى المستهدف البالغ 7 بالمئة "بزيادة أو نقصان 2 بالمئة" وذلك فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024.
وأكدت لجنة السياسة النقدية على أن "تقييد الأوضاع النقدية يعد شرطا أساسيا لتحقيق معدلات التضخم المستهدفة وهدف استقرار الأسعار على المدى المتوسط".
اترك تعليق