أيام قليلة تفصلنا عن عيد الأم. عيد ست الحبايب. كل عام وكل أم بخير. وفي غمرة انشغالنا بتكريم أمهاتنا يجب ألا ننسي الأم الأخري التي يعتبر دورها حيويا ومهما جدا في حياة الصغار وهي الجدة. فالجدة أم أخري للصغار ولكن بطعم آخر ومتعة أخري. فهي الملاذ للصغار إذا قسا عليهم الأباء والأمهات. وهي الحماية من بطش الأمهات والأباء. وعندها يجد الصغار الحنية والعطف والتدليل الذي قد يصل لدرجة فقد السيطرة علي تصرفاتهم وعدم القدرة علي عقابهم.
لأن المثل القديم يقول أعز الولد ولد الولد . ودور الجدة في حياة الصغار مهم جداً وذكرياتهم معها لاتنسي مهما طال الزمن.
د. شيماء عراقي استشاري الإرشاد الأسري وتعديل السلوك تقول: للجدة دور كبير وحيوي في حياه أبنائها واحفادها خاصة مع ابنتها المرأة العامله تحديدا فهي ترعي الأحفاد رعاية كاملة عند غياب الأم لأن بداخلها دفء وحنان وحماية لا يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها بالمربيات أو بالحضانات التي يتم الاستعانة بها في تربية النشء الجديد كبديل عن دور الجدة خاصة اذا كانت الأم تفضل تربية الابناء علي طريقتها الحديثة دون تدخل من الأجداد.
البديل العاطفي
أكدت أن النشء الحالي يفتقد كثيرا لدور الجدة. خاصة منهم البنات اللائي يعشقن التقرب من الجدة فيما يخص التفاصيل اليوميه. لكن أغلب الأسر خاصة الحديثة منها تريد الاستقلال بذاتها بعيدا عن دور الجدة في تربيه الحفيد لذلك نجد الصغار يفتقدون للكثير من المبادئ والقيم التي يتم غرسها في قلوبهم بحب وعناية شديدة من الجدة فقديما كان للجدة دور كبير وواضح في حياه احفادها وكانت تتولي امور الاحفاد بشكل كبير لانها تكون متفرغة لهم وتغرس في نفوسهم الحنان والحب التي افتقدته بعد زواج الأبناء ولذلك تستطيع أن تغمر احفادها بالجانب العاطفي والنفسي وملء اي فراغ عاطفي إذا حدث قصور من الأب أو الأم في تربية الأطفال بسبب الانشغال بالحياة اليومية السريعة خاصة اذا كان الزوجان مشغولين طوال اليوم فهما يذهبان الي اقرب شخص لديهما وهم الأجداد الذين يكونون البديل العاطفي والنفسي للطفل في التربية وتعويض الجزء المفقود العاطفي والنفسي بالاضافه الي أن الصغار يكتسبون خبرة كبيرة منهم في بناء شخصيتهم ويكتسبون خبرات تقدم لهم علي طبق من ذهب من الجدات.
التربية الحديثة
اضافت: إذا قمنا بتقليص دور الجدة واستبدلناه بطرق تربية عصرية فنحن نخسر مع الوقت دورها القوي والمؤثر في حياه أبنائنا وبناتنا وتربية النشء الجديد علي الأصول والقيم والهوية الاجتماعية. لأن الجدة لها تأثير بالغ في ترسيخ المبادئ والقيم وغرس الحب والاحتواء والدفء العائلي الذي يشب عليه الطفل ويتعود عليه منذ صغره ويكون بداخله ذكريات جميلة يستدعيها عندما يصبح شابا ويمكن أن يستفيد منها في حياته المستقبلية وفي علاقاته ويكتسب أيضا الحكمة في ادارة الأمور.
قالت إن الجدة هي الأيدي الأمينة علي الأحفاد لأنها تتحمل أعباء الطفل بالكامل بكل احتياجاته ومتطلباته وكل ما يخصه فهي تكون مشغولة طول الوقت باحفادها وتصنع لهم البهجة والسعادة حيث أكدت بعض الدراسات الخاصة بالطفل وجود علاقه ترابط قوية بين الذكاء الوجداني للطفل وعلاقته بالجدات. فهن يسهمن في تشكيل وجدانهم وتنمية ذكائهم فهناك علاقة انسانية قوية مهمة بين الجدة والحفيد تقوم علي فكرة التنشئة الاجتماعية التي تجعل من الطفل شخصاً اجتماعياً ويتمتع بسلوكيات ايجابية دائما تبحث عنها الأسر.
مدرسة مهمة
د.سيد عفيفي أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة يقول إن الجدة هي الوسيط التربوي بين أبنائها وبين الاحفاد في عملية التفاعل الاجتماعي في حياة الاحفاد فلا بديل عنها فبعض الآباء والامهات يريدون أن يربوا الأبناء علي نمط معين وبطريقة حديثة خاصة اذا كانت لديهم رؤية أخري في طريقة التربية ويمكن أن يتم التوافق بين الأب والأم مع الجدة في ادارة شؤون الاطفال والتوافق في عملية التربية والتدخل في بعض القرارات والاستشارات الخاصة بالطفل. فالجدة بالنسبة للاحفاد ثروة كبيرة لأنها ليست مجرد حنان وعاطفه فقط لكنها مدرسة تفاعلية بالنسبة للطفل واداة علم النفس الاجتماعي في معالجة كل المشكلات السلوكية والفراغ العاطفي التي تكون بداخل الطفل في حالة غياب الام أو الاب وتخلق طفلاً ذا شخصية قيادية تستطيع أن تعبر عن نفسها لأن الطفل يكتسب ويتعلم طوال الوقت والجدة تقوم بتعليمه القيم والمبادئ عن طريق التقليد والمحاكاة التي تكسبه مهارات جديدة تترسخ في ذهنه.
أضاف: لا يجب أن نلجأ الي عزل الجدة بعيدا عن تربية الأحفاد لأن ذلك خطأ كبير ولكن يمكن التوافق معها وتخصيص اوقات للطفل للتواصل البناء بين الجدة والحفيد ويجب أن يكون لدي الأمهات وعي بأهمية هذه الصلة العميقه ودورها في الحياة ولا يجب أن يكون منعزلا أو بعيدا عن المحيط الاجتماعي الأسري. فوجود الجدة مؤثر وواضح فهي العوض والبديل والوسيط التربوي بين الأبناء والأحفاد خاصة في اتخاذ أي قرار مصيري بالنسبة لهم لأن رأيها يكون ممزوجاً بالحكمة ويتقبله الأحفاد بشكل كبير فهي الملجأ والأمان والاحتواء والتربية الإيجابية والبديل الافضل والأمثل علي عكس الحضانات أو المربيات فالجدة تعد الاسعافات الاولية للطفل النفسي والوجداني والعاطفي والتربوي في حالة وقوع الأم في مشكله مع الطفل.
المنقذ للأحفاد
د. فتحي قناوي استاذ علم الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية يقول إن التربيه السليمه للأحفاد تأتي كأحد ثمار مجهود الجدة الصالحة والمفيدة التي تكون المنقذ فهناك مقوله أعز الولد ولد الولد . حيث أن الجدة طوق النجاة للاحفاد فبعد أن اتمت رسالتها في تربية الأبناء تشعر بمتعة وفرحة كبيرة عندما تتعامل مع الأحفاد.
أضاف: إذا كانت الأم عاملة فتقوم الجدة باستقبال احفادها عندما تتركهم الأم فهذه الفرحة تدخل في قلبها السرور والفرح وتقوم بترسيخ المبادئ بداخله فالجدة والجد يغرسون داخل الحفيد المباديء الدينية ويعلمانه الصلاة وقراءة القرآن الكريم وكل ما يقصر فيه الأم أو الأب. فالأم تترك الاحفاد في أيدي أمينة لأن الجدة سوف تعلم الابناء وتربيهم بنفس تربية الأم. فما تم غرسه في الأم تغرسه الجدة في الاحفاد لأنها تتعامل معهم بحنية وطيبة وعاطفة جياشة وافتقادها للأم تعوضه مع الاحفاد وتنقل لهم الحب والفرحة وتجعل من الطفل سوياً واجتماعياً. فالاجداد يقومون بترسيخ القيم والمبادئ التي حثنا عليها الرسول صلي الله عليه وسلم في برنا بالأجداد ورد الجميل لهم.
تنمية الأبناء
وتقول د. وسام منير خبيرة الإرشادات النفسية والتربوية : في الحياة الأسرية يعتبر الأجداد مصدراً لجميع المشاعر الإيجابية لأحفادهم. يظهر هذا بشكل خاص من خلال حب الجدة لحفيدتها وحفيدها. يتمثل الدور الرئيسي للجدة في تطوير العلاقات الشخصية مع أحفادها. فهي تعتبر أعظم كاتمة أسرار للأطفال. وتصبح أيضًا مصدرًا للدعم والتفاهم. في كثير من الأحيان يكون أحفادها هم من يشتكون من والديهم أو يطلبون المساعدة في حل المشكلات. وتظهر ضخامة الدعم المقدم إلي الجيل الأصغر مدي عظمة حب الجدة لحفيدتها وحفيدها.
اضافت: يرتبط الجد والأبناء بعلاقة يكون فيها الجد والجدة بمثابة دليل الحياة ومصدر كل المعرفة والخبرة. لهذا السبب غالبًا ما يقضي الجد والأطفال وقتًا طويلاً في مناقشات حية. يشارك خلالها الجد مع أحفاده الحكمة التي اكتسبها علي مر السنين. وغالبًا ما يكون دور الجد هو تقديم المشورة بشأن العديد من قضايا الحياة اليومية. مثل الدراسة أو العمل أو التمويل. كل هذه القضايا مهمة جدًا في الحياة. ويجب التأكيد علي أن الأطفال الذين يمكنهم استشارة أجدادهم محظوظون بشكل لا يصدق. فلا يوجد شيء أكبر من عائلة متوافقة يلعب فيها كل من الوالدين والأجداد دورًا مهمًا في حياة الأطفال. العائلة هي العمود الفقري المعنوي. فضلاً عن الدعم والقاعدة الآمنة التي يمكن للأطفال اللجوء إليها في جميع الأمور. لإن دور الجدة والجد في تربية الأحفاد لا يقدر بثمن.
أراء قديمة
وتقول رضوي غريب خبيرة علم النفس السلوكي : بمناسبة عيد الأم يجب ألا ننسي دور الجدات في حياتنا. فهذه العلاقة تعود بالنفع علي الطرفين. الجدة والحفيد أو الحفيدة. وذلك من الناحية النفسية. فمن منا لم يتعلم من جدته الحياء والقيم؟. ومن لم يتدلل منها؟ فالبعض يري أن الجدات لهن آراء قديمة لا تواكب العصر. ولكنني اقول لهم إن آراء الجدات أصبحت لها دور مهم في تقويم الأحفاد وغرس القيم والمبادئ النبيلة في نفوسهم في ظل انتشار السلوكيات الخاطئة.
اضافت أن التعلق بالجدات له أثر نفسي مهم في حياة الأحفاد. فالجدة تعطي المشاعر والحنان بسخاء أكثر مما أعطته لأبنائها. وأحيانا تفقد الجدة والجد السيطرة علي الاحفاد بسبب كثرة تدليلهم. كما أن الأجداد لايمنعهم عن تربية الأحفاد مرضهم أو عدم قدرتهم علي أداء المهام الصعبة التي كانوا يؤدونها أثناء تربية الابناء. ومع ذلك هم يصرون علي القيام بدورهم المهم في مساعدة الأبناء علي تربية الأحفاد.
أشارت إلي أن الجدات تحاولن تفادي الأخطاء التي وقعن فيها عند تربية الأبناء لذلك يجب أن يعلم الأب والأم أن دور الجدة لايقل اهمية عن دورهم في حياة الصغار. ويجب أن يعلم الوالدان أنهما هما المتحكمان في التربية ولكن لاغني عن دور الجد والجدة في غرس القيم والأخلاقيات في نفوس الصغار وإكسابهم خبرات تفيدهم مستقبلاً.
اترك تعليق