نعيش ظاهرة خطيرة ومفزعة تهدد المنظومة الطبية تتمثل في تزايد اعداد الأطباء المهاجرين إلى انجلترا بشكل كبير للغاية.
الاحصائيات والأرقام تكشف عن مدى خطورة الظاهرة حيث بلغ عدد الأطباء المستقيلين خلال ثلاثة أشهر فقط طبقاً لبيان نقابة الأطباء 934 طبيباً من يناير حتى مارس الماضى ليصبح عدد الأطباء المستقيلين منذ عام 2016 حوالى 17741 طبيباً بالإضافة إلى تقرير بريطانى صدر مؤخراً حيث كشف ارتفاع نسبة الأطباء المصريين على 200% منذ عام 2017 حتى 2021 وان هناك 1312 طبيباً هاجروا إلى بريطانيا العام الماضي.
"" التقت بالأطباء وأعضاء لجان الصحة بالبرلمان وطرحت عليهم هذه الأرقام المفزعة.. فماذا قالوا؟!!
قال رئيس لجنة الصحة بالبرلمان الدكتور اشرف حاتم، انه يجب وضع ضوابط من اجل الحد من هذه الهجرة بلا عودة موضحا ان الاطباء المصريين اعلى كفاءة من غيرهم من الدول الأخري.
وأشار الي ان تقرير بريطانى يعتبر أمر محزن حيث كشف ارتفاع نسبة الأطباء المصريين المهاجرين إلي بريطانيا بنسبة تزيد على 200% منذ عام 2017 حتى عام 2021.
وبيّن التقرير الصادر مؤخرا أن 435 طبيبا مصريا هاجروا إلي بريطانيا فى عام 2017، وارتفع العدد كل عام ليصل العام الماضى إلى 1312 طبيبا، وتأتى مصر بعد الأردن والسودان فى دول الشرق الأوسط بالنسبة لعدد الأطباء المهاجرين إلى بريطانيا، حسب ما ذكره التقرير.
قال أمين مسعود ان الأرقام التي ذكرها تقرير القوي العاملة البريطانى، تبدو متسقة مع سلسلة من الأرقام المعلنة حول استقالة الأطباء المصريين من وزارة الصحة بهدف الهجرة.
وتساءل محمد العماري وكيل اللجنة لابد من اخضاع بيان نقابة الاطباء للبحث والتحليل واتخاذ خطوات جاده لقد قالت نقابة الأطباء ان عدد الاطباء المستقيلين خلال ثلاثة اشهر فقط 934 طبيبا من يناير حتى مارس الماضى، ليصبح العدد الإجمالى للأطباء المستقيلين منذ عام 2016 حوالى 17741 طبيبا، بخلاف المنقطعين عن العمل ومن يحصلون على إجازات طويلة بهدف العمل فى الخارج.
وطبقا للدراسة التى أصدرتها وزارتا التعليم العالى والصحة في مارس 2019، يصل عدد المرخص لهم بمزاولة مهنة الطب حتى آخر عام 2018 -من دون الأطباء على المعاش- نحو 213 ألف طبيب فى حين لا يعمل منهم سوى 82 ألف طبيب بوزارة الصحة والمستشفيات الجامعية الحكومية والخاصة وجامعة الأزهر والمستشفيات الشرطية بنسبة 38% فقط من القوة الأساسية المرخص لها بمزاولة المهنة.
وقال الدكتور محمد الوحش وكيل اللجنة ان مجرد ان المعدل للاطباء يكون معدل الأطباء في مصر 8.6 أطباء لكل 10 آلاف مواطن، بينما المعدل العالمي 23 طبيبا لكل 10 آلاف مواطن، ويبلغ عدد خريجى كليات الطب نحو 9 آلاف طبيب سنويا، بينما يعمل 65% من الأطباء خارج البلاد، وفق تصريحات وزارة الصحة.
ويقول رئيس لجنة الصحة بمجلس الشيوخ الدكتور علي مهران، ان الوضع بمصر يعد مغايرا تماما، فبينما ينص الدستور المصرى على إنفاق 3% من إجمالى الناتج القومى على القطاع الصحى يتم تخصيص أقل من النسبة المقررة.
وفي ميزانية 2021 / 2022، بلغت قيمة مخصصات الإنفاق على قطاع الصحة حوالى 108.8 مليارات جنيه، في الوقت الذى وصل فيه إجمالى الناتج القومى 7.9 تريليونات جنيه، "الدولار =19.71 جنيها".
واضاف ان هذا التباين في مخصصات قطاعى الصحة بالبلدين يبرز معه التفاوت فى عدد السكان المقدم لهم الخدمة الطبية.. حيث يبلغ تعداد سكان بريطانيا نحو 67 مليون مواطن وفى مصر 104 ملايين مواطن.
قال عمرو حجاب وكيل صحة الشيوخ انه ورغم أن بلدانا غربية أخرى يرتفع بها المخصص المالى للصحة، غير أن بريطانيا تظل عامل جذب للطبيب المصري لعوامل عدة، أبرزها القرب الجغرافي لوطنهم مقارنة بدول أخرى مثل كندا والولايات المتحدة، حسب أطباء تحدثوا للجزيرة نت.
اضافة الي ذلك يدرس الطالب المصرى مناهج الطب باللغة الإنجليزية وهو ما يسهل عليه إجراءات الهجرة، مقارنة بدول أخرى مثل ألمانيا التى كانت تمثل الوجهة المفضلة لشباب الأطباء المصريين بغية استكمال الدراسة أو اقتناص فرصة للعمل، أما الآن فصارت بريطانيا قبلتهم الأولي.
أسباب الهجرة
وقالت رحاب الغول، ان سد العجز في الاطباء في بريطانيا لن يكون على حساب احتياجاتنا ومعروف ان بريطانيا تعانى من نقص كبير فى عدد الأطباء وهو ما يدفعها لاستقبال المهاجرين. وتشير أرقام المجلس الطبى العام إلي أن 7377 طبيبا يحملون مؤهلات انجليزية من بين 19977 طبيبا بدؤوا عملهم في بريطانيا عام 2021.
ويضاف الي ذلك فانه ومن بين أسباب ازدياد الهجرة إلى إنجلترا هو تخفيف لندن إجراءات القيود المفروضة على منح تأشيرة الدخول للكوادر الطبية بالتزامن مع معاناة العالم من جائحة "كوفيد-19".
وطالبت مي مازن بضرورة اعادة النظر في اجور الاطباء لان هناك أسباب عدة تدفع الأطباء المصريين للاستقالة، منها ما يخص المقابل المادي إلي جانب مناخ العمل، الذى يشتمل على النواحى الإجرائية والإدارية ومستوى جودة المستشفيات والتشريعات التى تحكم عملهم.
قالت الفت المزلاوي النائبة نائبة البرلمان، انه لابد ان تكون مصر بيئة جاذبة للاطباء خاصة واننا فى حاجه إلى توفير الاطباء اللازمين لتنفيذ التطورات الحديث فى الخدمات الطبية والتى يرعاه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى واقول ان الاطباء لا يجدون بعد رحلة تعلم مرهقة أى تقدير وظيفى أو مالى فى ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة، بل باتوا ضحايا لحوادث الاعتداءات فى المستشفيات الحكومية، ولذلك قرار السفر للخارج بات هو الأقرب للطبيب الجديد.
وقال وحيد قرقر، أن رحلة الطبيب تبدأ منذ تخرجه.. حيث من المفترض أن يحصل على درجات علمية ودورات تدريبية متواصلة بحيث يترقى فى مهمته وعلمه أن الطبيب الشاب لا يستطيع عيش الحد الأدنى من الحياة الكريمة إلا إذا عمل فى عدة جهات حكومية وخاصة، مما يجد معه صعوبة فى التوفيق بين جهات العمل ودراسته العليا وتدريبه.
وقال نادر مصطفي، أن الطبيب خلال ساعات عمله الشاقة يواجه العديد من الأخطار، مثل التعرض المباشر إلى العدوى وتحميله عبء نقص أى مستلزمات طبية، والحالة المتردية لمعظم أماكن إقامة الأطباء بالمستشفيات اضافة إلى تزايد حالات الاعتداء على الأطباء من قبل أهالى المرضى دون وجود قوانين رادعة لحمايتهم أثناء عملهم، لافتا إلى محاسبة الأطباء فى قضايا أخطاء المهنة بموجب قانون العقوبات بخلاف كل دول العالم التي توجد تشريعات خاصة للمحاسبة الطبية للتفريق بين المضاعفات المرضية والخطأ الطبى والإهمال الجسيم.
وقالت اميرة ابو شقه، أن هجرة الأطباء المصريين مستمرة لأسباب اقتصادية فى الدرجة الأولى، خاصة التفاوت الشديد فى المرتبات والأجور وخضوع الأطباء للتهديدات المستمرة فى المستشفيات.
واضافت: أن عدم ملاءمة ظروف العمل والمبيت وعدم توافر الأدوات، تدفع الأطباء المصريين كذلك إلى الاستقالة والهجرة، خاصة أن الغرب أعطى للمهن الطبية تسهيلات جيدة بعد ظهور جائحة كورونا، معبرا عن خشيته من ظهور عجز فى التخصصات الطبية بمصر فى وقت لاحق.
رعاية الطبيب
قال الدكتور محمود حمدي ابو الخير، ان من أسباب هجرة الأطباء عدم الاهتمام بهم ماليا وعلميا.
وقال ياسر عمر، انه رغم ان ألمانيا قد تتفوق على بريطانيا فى الأعداد وفق رصده، ولكن بسبب اعتناء الإنجليز بالإحصائيات فيبدو للمتابع أنهم الأكثر استقبالا للأطباء المصريين، خاصة بسبب الرواتب العالية فى ألمانيا التى تصل إلى 4 آلاف يورو بجانب تيسير السلطات الألمانية لفرص انضمام الأطباء لها بشكل يفوق بريطانيا.
ويبلغ راتب الطبيب فى مصر على الدرجة الثالثة نحو 3120 جنيها، بينما يصل راتبه عند الدرجة الممتازة إلى 8400 جنيه.
وطالب النائب بتوفير كافة سبل الرعاية الاجتماعية والمادية للطبيب المصرى وان يتم اجراء اعادة نظر كاملة فى اجور الاطباء حتى يكون امامهم خيار عادل للعمل داخل مصر خاصة في الارياف وحذر من خطورة ظاهرة هجرة الأطباء، مطالبا بضرورة البحث عن سبل لمواجهتها حتى لا تتفاقم أكثر مما هي عليه الآن.
وأشار إلى ضرورة زيادة المخصصات المالية للصحة فى الموازنة الجديدة مقارنة بالعام الماضى، ومحاولات توفير التدريب المهنى الجيد للطبيب والحماية له خلال تأدية عمله.
وارتفعت قيمة مخصصات الإنفاق على القطاع الطبى للعام المالى المقبل إلي 128.1 مليار جنيه مقابل 108.8 مليارات جنيه مخصصة لعام 2021-2022 بزيادة نحو 19.3 مليار جنيه.
وقد حذرت نقابة الأطباء المصرية من استمرار عزوف الأطباء عن العمل بالقطاع الحكومى، فضلا عن تزايد سعيهم للهجرة بما يهدد المنظومة الحية في البلاد.
موجة غير مسبوقة
وتقدم المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ.، ومساعد رئيس حزب الوفد للتخطيط الاستراتيجي، بطلب مناقشة عامة للمستشار عبدالوهاب عبدالرازق، رئيس مجلس الشيوخ، بخصوص استيضاح سياسات الحكومة بشأن ظاهرة هجرة الأطباء من القطاع الطبى المصرى للعمل بدول الخارج، موجه إلى كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير الصحة والسكان.
وقال الجندى، شهدت مصر خلال الآونة الأخيرة وتحديداً السنوات الثلاث الماضية موجة غير مسبوقة من هجرة الكوادر الطبية والأطباء إلي الخارج، ذلك الأمر الذى يطلق تحذيرات متوالية، ومخاوف من تأثيرات هذه الموجات من الهجرة على المنظومة الصحية المصرية ومستوى الخدمات المقدمة للمرضى والتى تعانى فى الأساس نقصاً شديداً فى الجودة كماً وكيفاً، وهو الأمر الذى أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية الذى عُقد مؤخراً.
وكشف الجندى فى طلب المناقشة العامة، عدداً من الاحصائيات التى تثبت صحة هذه الظاهرة.. حيث أكدت ان هناك ما يقرب من 110 آلاف طبيب هاجروا خلال الثلاث سنوات الماضية، وهو ما يمثل نصف عدد الأطباء المقدرة أعدادهم بحوالى 215 ألف طبيب، موضحاً أن تلك الأرقام تشير إلى أن متوسط عدد الأطباء لكل مواطن فى تناقص.. حيث أصبح 10 أطباء لكل 10 آلاف مواطن فى مصر، بينما يبلغ المعدل العالمى 23 طبيبا لكل 10 آلاف مواطن.
وأردف: السبب فى هجرة الأطباء هو تدنى الرواتب والأجور، ومن ثم يبحث عن التقدير المادى والأدبى، وضعف الإمكانات والمستلزمات الطبية داخل المستشفيات الحكومية، على الرغم من زيادة الموازنات المخصصة للقطاع الطبى والتطوير الملموس فى القطاع، فضلاً عن البحث عن فرص أفضل للبحث العلمى، وعدم وجود حماية قانونية للأطباء أثناء ممارسة عملهم حيث يتعرض العديد منهم لبعض الاعتداءات اللفظية بل وأحياناً الجسدى داخل المستشفيات من قبل أهالى المرضى وذويهم.
تدريب متميز
وتقدم عضو مجلس الشيوخ، في الطلب المقدم منه، بعدد من الاقتراحات أبرزها التوسع فى إنشاء كليات الطب، ويمكن إنشاء فروع للكليات لكى تتمكن من استيعاب أعداد أكبر من المقبولين، فضلاً عن أن يكون الانضمام إلى التخصصات المختلفة بكليات الطب وفقاً لشروط، ولا يترك الأمر لرغبة الطالب، لمعالجة العجز فى أقسام بعينها.
كما اقترح المهندس حازم الجندى، توفير فرص تدريب مميزة ومتطورة للأطباء المصريين بعد التخرج، كما تتحمل وزارة الصحة تكليف الأبحاث العلمية والدراسات العليا للأطباء، ويمكن أن يتم ذلك بمشاركة القطاع الخاص، بجانب تغليظ عقوبة الاعتداء على الأطباء والمنشأت الطبية، وتوفير بيئة عمل مناسبة وتحسين ظروف وساعات العمل الخاصة بالأطباء والعمل على تحسين الأوضاع المادية لهم.
اترك تعليق