كشف المسئولون بصناعة الذهب عن زيادة احتياطي مصر من الذهب إلي 125 طناً بدلاً من 75 طناً بعد الاكتشافات الأخيرة.. مؤكدين أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من الاكتشافات. خاصة مع وجود 100 منجم جديد للمعدن الأصفر.
أكد خبراء الاقتصاد والذهب أن هذا التطور إيجابي جداً. ويعتبر قوة داعمة للبنك المركزي المصري. ويسهم في دعم الجنيه المصري في مواجهة الدولار. ما يؤدي إلي هبوط العملة الأمريكية خلال الأشهر المقبلة.
أرجع الخبراء السبب وراء زيادة احتياطي الذهب إلي شراء البنك المركزي إنتاج المناجم.. مضيفين أن هناك من 7 إلي 8 مناطق في مصر غنية بالذهب. منها المثلث الذهبي والسكري وحمش.
يري د.محمد حمدي عوض مدرس الاقتصاد بكلية التجارة جامعة القاهرة أن ارتفاع الاحتياطي المصري من الذهب. يعد خطوة إيجابية نحو تدعيم الاقتصاد المصري ويأتي ضمن حزمة الإجراءات الاقتصادية التي تتخذها الدولة لحماية الاقتصاد المصري من الأزمات التي تعرض لها العالم في السنوات القليلة الماضية مثل أزمة فيروس "كورونا" والحرب الروسية- الأوكرانية وما ترتب عليها من آثار اقتصادية كبيرة علي جميع اقتصاديات العالم. كما أنه يعد بمثابة دعم للاحتياطي النقدي لدي البنك المركزي المصري الذي يتكون من إجمالي الودائع والسندات من العملات الأجنبية. بالإضافة إلي ما يمتلكه البنك المركزي من ذهب.
أضاف محمد حمدي أن أهمية زيادة هذا الاحتياطي من الذهب تكمن في تعزيز قوة وصلابة الاقتصاد المصري من خلال زيادة حجم الاحتياطيات النقدية التي تُمكن الدولة المصرية من استيراد احتياجاتها من السلع المهمة والاستراتيجية وسداد الديون المستحقة عليها. لاسيماً في الأوقات الصعبة التي تمر بها البلاد حاليا. ويعتبر لجوء الدولة المصرية إلي زيادة الاحتياطات النقدية عن طريق زيادة الاحتياطي من الذهب قرار استراتيجي للأسباب التالية:
يري د.أحمد سمير أبوالفتوح الخبير الاقتصادي أن البنك المركزي المصري استطاع تعزيز رصيد احتياطاته الدولية بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة. التي جعلته يتمكن من زيادة مكونات الذهب ضمن الاحتياطي علي مدار الأشهر الأخيرة. للاستفادة من المميزات التي يمتلكها المعدن الأصفر كوسيلة مهمة للتحوط ضد تقلبات العملات. في الوقت الذي تعاني فيه العديد من دول العالم بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية. وقد ارتفع احتياطي الذهب منذ بداية عام 2022. حيث أصبح القيمة الإجمالية للذهب في المركزي تصل إلي نحو 7.314 مليار دولار ضمن احتياطياته الدولية. وقفزت مصر إلي المرتبة 33 عالميا والرابعة عربياً بعد السعودية. لبنان. الجزائر. بعد أن كانت في المرتبة 41 عالمياً والسادسة عربياً في تقرير مجلس الذهب بحيازة 80.9 طن تمثل 12.4%.
وقد تحول الذهب خلال الفترة الأخيرة الي سلعة "استثمار الأزمات". فبعد ان كان يستخدم تقليدياً لموازنة مدخرات الدول وبعض الأغراض الاستثمارية الأخري. أصبح إحدي القنوات الاستثمارية المهمة التي تلجأ إليها الصناديق الاستثمارية عندما تتعرض العملات الرئيسية أو أسعار السلع الرئيسية لهزات عنيفة. كتلك التي حدثت خلال الأشهر القليلة الماضية.
وبرز الأمر جلياً خلال الفترة التي شهد فيها الدولار الأمريكي تأرجحاً واضحاً. ما دفع المستثمرين للتدافع لشراء كميات أكبر من الذهب. الأمر الذي أدي الي ارتفاع أسعار الذهب وهو عملة بلا جنسية ولغة الكل يفهمها. وتكمن أهمية الذهب في انه السلعة الوحيدة القادرة علي معايشة الازمات والصمود بقيمة قوية أو متزايدة في وقت الأزمات والحروب أكثر مما تستطيع أن تفعله الاسهم والسندات والعملات ايضا. فالكثير من العملات والشركات تنهار وتضعف قيمتها في حالة تزايد الخوف العالمي من مشكلة سياسية أو طبيعية وتعزيز حصة الذهب في تشكيلة الاحتياطيات المالية كإجراء احتياطي ضد مخاطر تقلب اسعار الصرف. وان الضغوط علي اسعار المعدن الاصفر يمكن ان تتزايد في ظل المصارف المركزية في الاقتصادات الكبري التي تعزز حصة الذهب في تشكيلة احتياطاتها المالية كإجراء احتياطي ضد مخاطر تقلب اسعار الصرف. بل واحتمال ان تكون القفزات التي سجلتها الاسعار نجمت عن عمليات شراء ضخمة وغير معلنة من قبل بعض هذه المصارف.
زيادة الاحتياطي يحل لنا مشاكل كثيرة.. بشروط!
يقول د.أسامة زرعي الخبير الاقتصادي ورئيس قسم الابحاث والتقارير لشركة جولد وخبير أسواق المعادن والذهب إن منطقة الشرق الأوسط كانت أكبر مشتري ناشط لشراء الذهب في عام 2022. ورصيد مصر كان 47 طناً وقطر 35 طناً والعراق 34 طناً والإمارات 25 طناً. وكانت سلطنة عمان آخر من قام بشراء الذهب في الشرق الأوسط 2 طن ومصر سجلت 1% من احتياطات الذهب عالمياً وقامت بشراء 47 طناً وبعدها 44 طناً خلال عام 2022 وسجل الاحتياطي 125.5 طن. كما أن مشتريات المواطنين المصريين من الذهب خلال العام الماضي 2.2 مليار دولار تقريبا. ونجد أن المجوهرات زادت بنسبة 8.7%. وهنا ارتفاع بقيمة 10% في عام 2021. خاصة مع الربع الأخير من نفس العام وزاد الطلب علي السبائك بنسبة 130%. ولكن لو نظرنا إلي الناحية الاقتصادية. يتم هنا تقيم سعر الذهب مرتبطاً بحركة الدولار. وإذا احتاجت الدولة لتوفير عملة صعبة. يمكن توفيرها من خلال بيع الذهب عالمياً. ومثال علي ذلك روسيا وأوكرانيا قامتا ببيع أكثر من 4 أطنان لمواجهة المصروفات.
أضاف: زيادة احتياطي الذهب ليس له علاقة بالدولار. ولكن هو جزء من الاحتياطات الموجودة في مصر. فمصر لديها احتياطات من الين أو الاسترليني أو اليورو. بالإضافة إلي العملات المختلفة.
لابد من العمل بمعدلات أكبر.. لدعم الأسواق المصرية
يقول د.شريف الطحان الخبير الاقتصادي ورئيس الاتحاد الدولي للتنمية المستدامة: بعد أن احتلت الدولة المصرية المركز الثالث عالمياً بين الدول الأكثر نمواً في زيادة الاحتياطي الاستراتيجي من الذهب- بحسب تصنيف مجلس الذهب العالمي- وقيام البنك المركزي المصري بشراء نحو 45 طناً من الذهب. ليصل الاحتياطي من الذهب في مصر إلي نحو أكثر من 125 طناً. أري أن الاتجاه نحو زيادة الاحتياطي الاستراتيجي من الذهب في هذا التوقيت في ظل الازمة الاقتصادية العالمية وتأثير الحرب الروسية- الأوكرانية يعتبر قوة داعمة للبنك المركزي المصري. ومن المؤكد أن يعود بالنفع علي نمو الاقتصاد المصري. لاسيما أن كل البنوك المركزية في العالم حاليا. خاصة الولايات المتحدة التي تمثل أعلي احتياطي عالمي من معدن الذهب تتجه نحو التحصن بزيادة الاحتياطي من الذهب في ظل الأزمات. كون الذهب يعتبر العملة الوحيدة المعتمدة عالمياً. وبعد أن سجلت قيمة الدولار ارتفاعات قياسية مقابل الجنيه المصري في الآونة الأخيرة. وبالتحديد منذ أن بدأ البنك المركزي المصري في شراء الذهب في الربع الأول من العام المنقضي لدعم العملة المحلية ومواجهة التقلبات الاقتصادية الراهنة.
أضاف د.شريف الطحان أن الدولة المصرية نجحت في زيادة الاحتياطي من الذهب في الوقت الحالي. وان تعزيز صناعة الذهب في مصر. خاصة بعد اكتشاف منجم "إيقات" بالصحراء الشرقية والإعلان عن أول سبيكة ذهب تخرج من منجم "إيقات". يفسح المجال للدولة المصرية نحو آفاق جديدة وحلول مفعمة بالأمل بهدف التنوع والتحوط في مكونات الاحتياطي النقدي لمواجهة تذبذب سعر صرف الدولار. ولزيادة الإنتاج من المعدن النفيس واستغلال الموارد الطبيعية من مناجم الذهب التي تحصي 100 منجم. وفتح مجالات للاستثمار الأجنبي في مجالات التنقيب والتصنيع عن طريق طرح مناقصات عالمية للتنقيب عن الذهب وزيادة حصيلة الإنتاج من منجم السكري الذي يعد والاكتشافات الجديدة والتوسع في الصحراء الشرقية لمصر وخلق بيئة عمل جديدة ومن ثم إتاحة فرص عمل كبيرة للشباب ودمج القطاع الخاص في عمليات التصنيع وزيادة الإنتاج ونمو الاقتصاد والتوجه نحو اقتصاد الذهب وتحقيق أهداف التنمية المستدامة عن طريق الاستخدام الامثل للموارد الطبيعية.
لابد من إقامة مصانع وشركات.. لتوفير فرص عمل للشباب
يقول جون لوكا الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة شركة جولد ايرا للسبائك الذهبية إن مصر أصبحت الثالث عالمياً من حيث زيادة الاحتياطي الاستراتيجي من الذهب. حيث ان الدولة المصرية نجحت في زيادة احتياطي الذهب من 75 طناً إلي 125 طناً بزيادة 45 طناً.. مؤكداً أنه تطور جيد جداً ويعتبر قوة داعمة للبنك المركزي ويعود بالنفع علي الاقتصاد المصري. وتأثير ارتفاع الاحتياطي من الذهب علي الاقتصاد المصري يعزز نمو احتياطي مصر من الذهب وتوجه استراتيجي من شأنه دعم العملة المحلية مقابل التقلبات الاقتصادية الراهنة. كذلك فإن نمو احتياطي الذهب حائط الصد للاقتصاد المصري الذي تسعي القيادة السياسية إلي التحوط به. للخروج من الازمة الاقتصادية الحالية والعمل علي خفض الأسعار.
أضاف لوكا أن الحرب الروسية- الأوكرانية تسببت في مشكلات كثيرة في الاقتصاد العالمي. وربما تسببت في حدوث صراع عمولات في الاقتصاد العالمي. وهذا حدث بالفعل بين العملة الروسية "الروبل" التي تقدمت أمام الدولار. بعدما كانت متراجعة بشدة عقب بداية الحرب. وبالتالي فإن الذهب هو الملاذ الآمن في تلك المرحلة.
أوضح أن الاحتياطي النقدي المصري متنوع بالفعل بين الذهب والعملات التي تقدر من خلالها وحدات السحب في صندوق النقد الدولي مثل الدولار واليورو وغيرها. لكن نسبة التنوع تختلف من مرحلة إلي أخري حسب الظرف الاقتصادي. وأتصور أن الظرف العالمي المتعلق بالحرب الأوكرانية هو الذي دفع البنك المركزي إلي زيادة نسبة الذهب في الاحتياطي.. ورأي أن وجود الذهب في الاحتياطي يمثل ضمانة لقدرة مصر المرنة علي سداد التزاماتها بكل العملات. وتحويل الذهب إلي أي عملة يمكن أن يتم بصورة لحظية. ولا توجد دولة في العالم يمكن أن تعترض حتي إن أرادت مصر تحويل السداد من الدولار إلي الذهب. والبنك المركزي المصري لديه خطة لرفع الاحتياطي الاستراتيجي من الذهب ليتخطي حاجز 200 طن. في إطار مساع لتوفير مشتقات أخري بخلاف الدولار. وبينها الذهب.
يقول يوسف الراجحي المدير العام السابق لشركة "سنتامين إيجيبت" والعضو المنتدب لشركة السكري لمناجم الذهب إن الذهب هو الاستثمار الآمن.. فكل ما يكون عندك احتياطي كبير. فهذا يعطي لاقتصادك الأمان أكثر من احتياطي العملات. لأنه قديماً كانت العملات مرتبطة بالذهب. يعني للأسف أن يكون لها غطاء ذهبياً. ولكن الآن وبعد أن قام نيكسون عام 1971 بتغيير النظام وأصبحت العملات ليس لها غطاء ذهبياً وغير مرتبطة بالذهب. فأصبحت العملات عبارة عن ورق ليس لة قيمة. ولكن الذهب قيمته تزداد لأن الذهب المنتج علي مستوي العالم أقل من الذهب المطلوب.
اترك تعليق