هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

الطاقة النووية محرك رئيسي يدفع العالم نحو الازدهار

إن الطاقة النووية بالمقارنة مع المصادر الآخرى للطاقة النظيفة، قد تكون موضع بعض التشكيك في عيون الشخص غير المطلع، لكن حقيقة أن 32 دولة في العالم تمتلك مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة وأن نحو 10٪ من إجمالي الكهرباء المنتجة عالمياً تأتي من الطاقة النووية، قد تغير موقف 


الشخص المشكك. من المعروف أن المصادر التقليدية للطاقة المتمثلة في الوقود الأحفوري تستنفد فيما تزداد الحاجة للطاقة النووية مع التنامي المستمر لاستهلاك الكهرباء. والطاقة النووية هي مصدر منخفض الكربون لتوليد الكهرباء ويلعب دوراً هاماً في منع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتساعد على تجنب انبعاث أكثر من 470 مليون طن متري من الكربون سنوياً، وهو ما يعادل إزالة 100 مليون سيارة من الطرقات.
وقد علقت د. نورا حسن، دكتور فيزياء مفاعلات نووية، قسم هندسة محطات الطاقة النووية – كلية الهندسة الجامعة المصرية الروسية؛ أن العالم يشهد حاجة ماسة إلى قدرات توليدية إضافية لكي تحل محل المحطات القديمة العاملة بالوقود الأحفوري الملوثة للبيئة والتى سببت عدد من الاضرار واهمها التغير المناخى الذى أثر ولا يزال يؤثر على الانسان والحيوان والبيئة فى معظم أنحاء العالم - مثل التصحر ومشكلة ندرة المياه التى يعانى منها الكثير من الدول، بل وعدم اِمكانية الزراعة و توفير الأمن الغذائى - وبشكل خاص تلك المحطات التي تعمل بالفحم وتنبعث منها كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، وأيضاً ستعمل تلك القدرات الإضافية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء في العديد من الدول. في الوقت الحالي، هناك طلب قوي على مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة وعلى رأسها الطاقة النووية. 
وأضافت، في هذا المقال نجد عدد من الحقائق التى يجد أخذها فى الاعتبار لأهميتها، منها أن هناك حالياً ٣٢ دولة لديها قدرات توليد طاقة نووية، مع وجود أعلى معدلات للأمان في محطات الطاقة النووية وهو ما يعطي أفضل حماية وأمان للمناطق والبيئة المحيطة. 
ففي عام 2022، أعلنت المفوضية الأوروبية عن تصنيف الطاقة النووية ضمن مصادر الطاقة المستدامة الخضراء بسبب مساهمتها في مكافحة تغير المناخ، علماً أن بعض الدول المتقدمة قد اعترف بالفعل بدور الطاقة النووية قانونياً. على سبيل المثال، لقد أدرجت روسيا الطاقة النووية في "التصنيف الأخضر" الخاص بها في عام 2021، حيث نشرت شركة روساتوم الحكومية للطاقة النووية على موقعها الإلكتروني تحليلاً مفصلاً للمعايير الخاصة بالطاقة النووية الواردة في الوثيقة المعنونة بـ EU Taxonomy Complementary Delegated Act, CDA، المكملة لتصنيف الاتحاد الأوروبي للأنشطة المستدامة والمعتمدة في يوليو 2022. ونشرت الوثيقة بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP27) الذي بحث "التقنيات الخضراء وسيناريوهات التحول في مجال الطاقة". تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الحلول التكنولوجية التي تقدمها شركة روساتوم تستوفي معايير تصنيف الاتحاد الأوروبي الأخضر، بما في ذلك متطلبات أمان وموثوقية المحطات النووية.
في واقع الأمر، رفعت صناعة الطاقة النووية للأغراض المدنية بشكل ملحوظ من مستوى سلامتها من الناحيتين الهندسية والتشغيلية خلال السنوات الـ65 من تاريخها، حيث عملت بعض الحوادث النووية التي شهدها القطاع النووي العالمي وعددها قليل جداً، على تحفيز هذا التقدم. وبعد الحادث الذي وقع في محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية باليابان في مارس 2011، تمت مراجعة تدابير السلامة النووية بشكل جدي من أجل تعزيزها وتحديثها. يشير تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول السلامة النووية في عام 2022 إلى أن الدول التي تستخدم التقنيات النووية تمضي قدماً من أجل تعزيز السلامة النووية في العالم.
محطة الطاقة النووية عبارة عن منشأة تتكون من مجموعة من الأنظمة والأجهزة والمعدات والمرافق مصممة لإنتاج الكهرباء باستخدام اليورانيوم 235 وقوداً لها. تتميز المحطة النووية عن الأنواع الأخرى من محطات توليد الطاقة الكهربائية بكونها تضم مفاعلاً نووياً.
توضح المعلومات التالية المزيد عن عملية توليد الطاقة الكهربائية في المحطات النووية:
تحدث ثلاثة مراحل من التحولات التبادلية لأشكال الطاقة في محطات الطاقة النووية، حيث تتحول الطاقة النووية إلى الطاقة الحرارية أثناء التفاعلات النووية التسلسلية المسيطر عليها التي تحدث خلالها انشطار ذرات اليورانيوم 235 في قلب المفاعل إلى النيوترونات الحرارية. وتأتي الطاقة من طاقة الترابط الموجودة في وسط الذرة والتي تجعل مكونات الذرة متماسكة معاً. ومن أجل إطلاق الطاقة يجب تقسيم الذرة إلى جزيئات أصغر. وأثناء التفاعلات النووية التسلسلية لا تحتاج الجزيئات الصغيرة إلى نفس القدر من طاقة الترابط، لذا تنبعث الطاقة الفائضة في شكل الحرارة والإشعاع. توصف هذه المرحلة بمرحلة الانشطار النووي، وهو يحدث داخل وعاء المفاعل الذي يكون في شكل كبسولة فولاذية صلبة وفي داخلها قضبان الوقود النووي - أسطوانات معدنية مغلقة بإحكام تحتوي على اليورانيوم.
في المرحلة الثانية تتحول الطاقة الحرارية الناتجة عن انشطار الذرات إلى الطاقة الميكانيكية. ويتم تبريد الحرارة المنتجة في قلب المفاعل خلال المرحلة الأولى بواسطة مادة تبريد سائلة أو غازية تمر عبر هذه المنطقة. تُستخدم الطاقة الحرارية لتسخين الماء في مولد البخار حين تمر المياه عبر هيكل المفاعل ما يؤدي إلى تسخينها حتى قرابة 300 درجة مئوية نتيجة التفاعلات التسلسلية. من الضروري أن يبقى الماء على شكل سائل حتى تعمل المحطة، وهو أمر يتطلب أن ينتج جهاز الضغط ضغطاً يفوق الضغط الجوي على الأرض بواقع 155 مرة تقريباً، وذلك من أجل منع غليان وتبخر المياه. ثم يضخ الماء الساخن والمضغوط من وهيكل المفاعل إلى مولد البخار، ليتدفق عبر آلاف الأنابيب الحلقية الشكل بينما يسيل تيار آخر من المياه على الجزء الخارجي من الأنابيب. ويتعرض هذا التيار الثاني من المياه لضغط أقل بكثير من الأول، لذلك فإن الحرارة الصادرة من الأنابيب تغلي المياه وتحولها إلى البخار، ويمر هو بدوره عبر مجموعة من التوربينات ويعمل على تدويرها. هكذا تتحول الطاقة الحرارية الناجمة عن البخار إلى الطاقة الميكانيكية.
في المرحلة الثالثة تستخدم الطاقة الميكانيكية للبخار المنتجة في المرحلة الثانية لتوليد الطاقة الكهربائية، حيث يتم توجيه الطاقة الميكانيكية إلى توربين المولد حتى تتحول إلى الكهرباء وتُنقل إلى المستهلكين عبر الكابلات. تدور التوربينات بسرعة 3000 دورة في الدقيقة، والتوربينات متصلة مع المولد عبر العمود، والمولد بدوره يستخدم الحقول الكهرومغناطيسية لتحويل تلك الطاقة الميكانيكية إلى الطاقة الكهربائية.
وأخيراً، يقوم المحول الكهربائي بتحويل الطاقة الكهربائية إلى الجهد العالي الذي تحتاجه الشبكة. ثم تستخدم الشبكة الجهد العالي لنقل الكهرباء عبر خطوط النقل والتي توزع الكهرباء على المنازل والمؤسسات وشركات الكهرباء.
تتمتع صناعة الطاقة النووية بقدرات توليدية هائلة، فهي قابلة للاستخدام المكرر، كما أنها تقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتحفز التنمية الاقتصادية. خير مثال على ذلك هو محطة الطاقة النووية الجديدة Sizewell C في بريطانيا، حيث من المتوقع أن هذا المشروع الذي ينفذ بمشاركة أكثر من 3 آلاف مورد محلي، سيوفر 70 ألف فرصة عمل في أنحاء البلاد.
تشير الدراسات الأخيرة التي أجرتها جامعة أكسفورد إلى أن العالم سيحتاج إلى بناء 235 مفاعلاً نووياً جديداً خلال السنوات الثمانية القادمة من أجل تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050. والآن باتت دول عديدة تتجه نحو استخدام الطاقة النووية. وعلى سبيل المثال، قال رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول إن خطة بلاده الخاصة بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 يجب أن تشمل إنشاء المزيد من محطات الطاقة النووية. في حين تسعى السويد وفرنسا إلى توحيد جهودهما من أجل بناء محطات جديدة للطاقة النووية بغرض رفع إنتاج الكهرباء محلياً. وتستهدف استراتيجية المملكة العربية السعودية إنتاج ما يصل إلى 17 غيغاواط من الكهرباء في محطات الطاقة النووية بحلول عام 2040. 
بفضل الإرادة السياسية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد بدأت البلاد بتنفيذ مشروع إنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية بقدرة 4800 ميغاواط. وبعد مرور أكثر من خمس سنوات من توقيع الاتفاق بين مصر وروسيا حول إنشاء محطة الضبعة، يشهد المشروع تقدماً كبيراً، ويتوقع أن يدخل المفاعل الأول بالمحطة مرحلة التشغيل في عام 2028.
ستقدم محطة الضبعة للطاقة النووية في مصر بعد بدء تشغيلها مساهمة حاسمة في التطور الاجتماعي الاقتصادي والتكنولوجي في البلاد، وستمكن الصناعات والاقتصاد من التحول إلى مصادر الطاقة منخفضة الكربون.
وأخيرا عقبت د. نورا حسن؛ أن الطاقة النووية مهمة للعالم لسببين رئيسيين:
الأول: هو أنها طاقة نظيفة الى أبعد مدى، لا تسبب أى انبعاثات كربونية تسهم فى أى تغيير مناخى
والثانى: أنها طاقة مستدامة، بمعنى ان المتوسط التشغيلى للمحطة النووية يصل الى 60 عاماً بدون اِنقطاع، وهذا يجعلها مثالية للدول التى تبحث عن هذين الشرطين معاً لتوليد الطاقة الكافية لتغذية الصناعة والاستخدام المنزلى فى نفس الوقت.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق