هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

إلي كل عبده مشتاق وكل زايط في الزيطة.. هذه حقيقة مسرحية الشعراوي!
دكتور سيد علي إسماعيل
دكتور سيد علي إسماعيل

ما كُتب وأُثير ونُشر وأُذيع وقُيل في خمسة أيام - فقط - حول مسرحية "الشعراوي" لم يحدث في تاريخ المسرح المصري كله.. ولا حتي عام 1926 عندما قرر يوسف وهبي تجسيد شخصية النبي محمد "صلي الله عليه وسلم"، في عمل تمثيلي!! وأيضاً لم يحدث عندما مُنع عرض مسرحية "ثأر الله" في الستينيات، خصوصاً وأن كل من أدلي برأيه ضد تنفيذ العرض.. لم يقرأ نص المسرحية!! إذن لماذا تعارض مسرحية لم تقرأها ولم تشاهدها؟ هنا تظهر ثلاث حقائق خفية!!.


الحقيقة الأولي: استغلال الفرصة من قبل "عبده مشتاق"!! فمدير المسرح القومي "إيهاب فهمي".. فنان ناجح حتي الآن، وخطة سير مسرحه تسير بخطوات ثابتة ومن نجاح إلي نجاح. لذلك يرفض أي نص لا يتفق مع سياسة مسرحه، وهذا الرفض أوغر صدور البعض - من فصيلة "عبده مشتاق" - فاستغلوا "الزيطة" فدخلوا فيها مطالبين بعزله، لعلهم يقفزون مكانه!! أما "خالد جلال" فنجاحه يُشعل حقد الخاملين يوماً بعد يوم، لا سيما نجاحه في جميع مناصبه!! وسياسته الجديدة - التي أعلن عنها - بأن كل مسرح من مسارح الدولة، يجب أن يُقدم ما يناسب اسمه وغرضه وخطته الفنية التي بُني علي أساسها!! وهذه السياسة تعني الوقوف ضد نوعين من الناس: الأول من فصيلة "عبده مشتاق" ممن يستكثرون مناصب خالد ويطمعون فيها! والفصيل الآخر أصحاب "السبوبات" ممن كانوا يطمعون في عرض الكوميديات علي المسرح القومي. وعرض التراجيديات على مسرح الطليعة، وعرض الاستعراضات علي مسرح الغد.. إلخ هذه التناقضات الفنية والمنهجية!.

الحقيقة الثانية: الهجوم علي رجال الأزهر بوصفهم ضد المسرح!! وهذه مقولة يرددها أصحاب الثقافة السطحية. لذلك وجب عليّ أن أبيّن لهم حقيقة مهمة، وهي أن "المسرح باللغة العربية" عرفته مصر عن طريق "شيوخ الأزهر"، وسأضرب مثلاً بالشيخ الأزهري "رفاعة الطهطاوي" كونه صاحب أول موضوع مسرحي متكامل منشور باللغة العربية في عالمنا العربي كله عام 1833، عندما ترجم كتاب "ديوان قلائد المفاخر في غريب عوائد الأوائل والأواخر" للمؤلف الفرنسي "ديبنج"، شارحاً فيه معني المسرح. ونشر فيه أيضاً ملخصاً لتاريخ المسرح العالمي! ولم يكتفِ الشيخ الأزهري بذلك بل نشر كتابه "الديوان النفيس بإيوان باريس" - المشهور باسم تخليص الإبريز إلي تلخيص باريز - وضمّنه تفاصيل مشاهداته الشخصية للمسرح الفرنسي. الموجودة في الكتاب تحت عنوان: "متنزهات مدينة باريس". وأيضاً لم يكتف الشيخ الأزهري الطهطاوي بذلك. بل كان أول من نشر باللغة العربية ترجمة نص مسرحي كامل من اللغة الفرنسية إلي اللغة العربية ونشره في مصر عام 1868. ليكون أول نص مسرحي منشور باللغة العربية في تاريخ مصر بأكملها وفي تاريخ المسرح العربي كله. وهو نص مسرحية "هيلانة الجميلة"!!.

الحقيقة الثالثة: تتمثل في نص مسرحية "الشعراوي" الذي لم يقرأه أحد من المعارضين لتقديمه، ولم يطلب أحد منهم قراءته أو معرفة ما فيه!! لأنهم يريدون فقط"الزيطة" لأغراض شخصية!! لذلك كان لي السبق في قراءة النص ومعرفة ما يحتويه.. وسأفحم به كل "عبده مشتاق" وكل "زايط في الزيطة"!!.

يبدأ النص بأغنية تدور فكرتها حول: "يعيش الإنسان أيامه في الحياة. ثم يموت ويصبح ذكري.. هكذا كان الشيخ الشعراوي .. مات ولكن ذكراه باقية في وجدان المصريين بوصفه رمزاً للدولة المصرية الحديثة"! والمشهد الأول يبدأ والشيخ راقد علي سرير المرض في ساعاته الأخيرة، وحوله أربعة أشخاص في جو روحاني، يمثلون الشيخ في أعماره المختلفة، وهو في سن العاشرة والعشرين والأربعين والستين، ويستمر الحوار بينهم طوال المسرحية! والحوار يصور الشيخ في خشيته من الموت قبل أن يُكمل كتابة خواطره. ويتذكر دراسته في الأزهر، وتواضعه عندما كان يمسح حمامات الجامع، وكيف وصل باجتهاده العلمي لأن يخطب أمام كل الأمم علي جبل عرفات! ثم نسمع أغنية مطلعها "هي حياة متقسمة.. وإحنا ولاد تسعة.. والعمر بين فرح وشقي".

من أفكار الشعراوي ومواقفه المكتوبة في النص: تدريب الصغار علي الصيام بالتدريج وليس بالاجبار! ومقابلته التاريخية لأمير الشعراء أحمد شوقي. الذي رحّب به قائلاً: "أهلاً بشباب الأزهر الجميل، وحامل راية الإسلام"، وتفاصيل مناقشتهما! وموقفه المنطقي من نقل مقام سيدنا إبراهيم في الحرم المكي!! وعندما لجأت إليه الفنانة شادية تشتكي من عدم قدرتها على الغناء وتريد التوقف، قال لها: "أنا شايف مفيش مشكلة لما تغني معاني جميلة.. وأعملي اللي قلبك عاوزه ودلك عليه"! وعندما قررت اعتزال الغناء قال لها الموسيقار محمد عبد الوهاب: "ما أنتي سألتي مولانا الشعراوي وأفتي أن الغناء حلال"!.

أوضح النص أن الشعراوي كان مرحاً. فكان يدخل " قافية" مع أحفاده. وحواره مع ماسح الأحذية وإقناعه بأهمية عمله وأنه يقدم خدمة عظيمه لزبائنه! وعندما جاءه أحدهم يطلب مالاً لأن النبي قال له - في المنام - اذهب للشعراوي سيعطيك مائة جنيه!! فأعطاه الشيخ أربعمائة وهو مبتسم.. وهنا نسمع أغنية مطلعها: "وإن يوم أتاك مكروب.. لو كان غريب عابر.. في الضلمة تمسك إيدي .. وتطيب الخاطر"، وفي النص أيضاً شواهد موثقة على مواقف للشيخ بخصوص حقوق المرأة، ومنها قوله: إن من حق المرأة تولي القضاء والفتوي شريطة عدم الحكم والإفتاء بالعواطف والأهواء، وإشادته بالمرأة بوصفها دكتورة ومدرسة وأستاذة جامعية، ودورها في تقدم التكنولوجيا وعلم الفضاء.. إلخ، هذا بالإضافة إلي موقفه من بائع الحشيش وكيف أقنعه بضرر هذا المخدر على الأسرة المصرية الفقيرة. وكيف دخل الشعراوي التليفزيون من خلال برنامج "نور على نور" مع أحمد فراج، وأثر ظهوره على مشاهديه، وموقفه من الحكيم وكتابه "حديث مع الله"، واعتراف الشيخ بأنه تلقي العلاج علي يد أطباء يهود ومسيحيين ومسلمين.. إلخ، وفي نهاية النص توجد ملاحظة، مفادها: أن العرض سيتخلله بعض مشاهد من مقاطع الشيخ التليفزيونية التي تُظهره إنساناً عالماً مرحاً خلوقاً بشوشاً، هذا هو النص المسرحي لمسرحية "الشعراوي"!! ما رأي "عبده مشتاق" و"أصحاب السبوبات"، و"الزايطين مع الزيطة"؟!!.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق