فكرة مبتكرة وخارج الصندوق تواكب الوضع الاقتصادي الراهن، أزاحت الحجر العثرة أمام تنفيذ الكثير والكثير من أفكار المشروعات الاستثمارية وتأسيس الشركات والمصانع، التي سينعكس إنتاجها بشكل إيجابي وملحوظ على ضع الاقتصاد القومي للدولة، تلك هي "الرخصة الذهبية" فاتحة الخير علي الاقتصاد المصري، التي وجه بتنفيذها رئيس الجمهورية ومنحها للمستثمرين لتبسيط إجراءات بدء تنفيذ المشروعات وتأسيس الشركات وبناء المصانع..
وذلك وفقا لنص المادة "20" من قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2017 والمادتين 42 و43 من لائحته التنفيذية، الذي أشار إلي أن "الرخصة الذهبية" هي موافقة واحدة على إقامة المشروع وتشغيله وإدارته بما في ذلك تراخيص البناء، وتخصيص العقارات اللازمة له، ويجوز منحها للشركات بقرار من مجلس الوزراء وتكون نافذة دون أي إجراء آخر.. وهو ما أشار إليه رئيس مجلس الوزراء د.مصطفي مدبولي.. حيث نوه إلي تفعيل الحصول على "الرخصة الذهبية"، وكيف أنه تم اعتماد 8 رخص ذهبية، وأكد أنه سيكون هناك بصورة أسبوعية عرض على مجلس الوزراء، سعياً للإسراع في إصدار التراخيص للمشروعات التي تتمتع بمنظومة الرخصة الذهبية لمواكبة عمليات التنمية المتسارعة التي تتحرك بها الدولة في مختلف القطاعات.
أشاد عدد من خبراء الاقتصاد وأساتذة التنمية الإدراية ورجال الأعمال والمستثمرين بمميزات الرخصة الذهبية وكيف ستنعكس آثارها الإيجابية علي وضع الاقتصاد المصري وتشجع على زيادة عدد المشروعات الاستثمارية.
في البداية أشار الدكتور سعد الدين خليل خبير التنمية الإدراية والإبداع المؤسسي إلي سلبية القوانين العتيقة التي عطلت فرص الاستثمار كثيراً في مصر، قائلاً: لدينا الكثير من القوانين العقيمة التي كان لابد من تعديلها، وأخيرا جاءت أفكار الرئيس عبدالفتاح السيسى كخطوة إبداعية وتقديم حلول ابتكارية خارج الصندوق، وبأسلوب جديد منها منح الرخصة الذهبية، والموافقة الواحدة على تشغيل المشروع أو تأسيس الشركة، التي توفر الكثير من الوقت والمجهود على المستثمر، الذي يعني بالنسبة لرجال الأعمال استثمار مزيد من المال لأنه سيستثمر هذا الوقت في عمل آخر مربح.
مواجهة الفساد
أضاف: ستقلل الرخصة الذهبية مخالفات الفساد المعهودة، وستزيد من الشفافية في التعامل، وهذا حال الدول والمنظمات المتقدمة، خاصة في ظل الأزمات.. حيث تتبتكر حلولاً خارج الصندوق، لذلك جاءت الرخصة الذهبية أوضح مثال على ذلك، خاصة أننا لحقت بنا حاليا الأزمة الاقتصادية العالمية، التي دفعت إلي التفكير بأسلوب جديد من أجل الإصلاح وزيادة فرص الاستثمار في البلد وإقبال من المستثمرين على إقامة المشروعات وتأسيس الشركات.. منوهاً إلي أهمية التعيمم في جميع الهيئات، ومنها وزارة التنمية المحلية لكي يطبق هذا النموذج في كل أعمالها، بدلاً من الإجراءات المعوقة.
أكد: ستأتي الرخصة الذهبية ثمارها بزيادة أعداد المستثمرين الذين كانوا يشتكون من المعوقات في إنهاء إجراءات تراخيص الشركات وستزيد من فرص العمل، وبالتالي الحد من نسبة البطالة.. ولكن تبقي المشكلة في الأجهزة العتيقة التي تحتاج إلي إصلاح حقيقي.
تأشيرة واحدة
أشاد الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي بمميزات الرخصة الذهبية، قائلا: الرخصة الذهبية تخدم بشكل كبير المستثمرين والراغبين في إقامة المشروعات، لأنها ستخرجهم من أدابير الحكومة والبيروقراطية والروتين والفساد، وستمكنهم من الحصول على رخصة بدء مزاولة المشروع والنشاط مباشرة فور تقديم الأوراق المطلوبة وبموافقة واحدة وتأشيرة واحدة، وبذلك تجنبهم الروتين الحكومي..
مضيفا: وتمنع الرخصة الذهبية وقوع قدر كبير من الفساد، وهي قاعدة معلومة كلما تم التعامل مع عدد الموظفين كلما زادت احتمالية الفساد، موضحا أنه من أهم ما تمنحه الرخصة الذهبية للمستثمر توفير عنصر الوقت، قائلا: المعروف لدي رجل الأعمال أن Time is money أي أن توفير الوقت يعني مزيد من المال.. وتمني "عبده" أن تشمل الرخصة الذهبية جميع المستويات من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وصغار الشباب، وليس المستثمرين الكبار فقط كما يوجه الرئيس السيسى دائما بتشجيع الشباب المبتدء.. مشيراً إلي أن فكر القيادة السياسية يعلم جيداً قيود البيروقراطية، لذلك وجه بمنح الرخصة الذهبية للقضاء على ذلك، مطالبا بضرورة التوسع وإدخال قطاعات أكبر وتيسير المهام من أجل مزيد من المشروعات والاستثمارات في ظل الوضع الاقتصادي الحالي الذي تشهده مصر والعالم أجمع.
الشباك الواحد
من جانبه عرف الدكتور شريف الدمرداش الخبير الاقتصادي "الرخصة الذهبية" بأنها نفس فكرة "الشباك الواحد" التي كانت قد طرحت منذ سنوات في هيئة الاستثمار، ولكن بمسمي جديد بهدف حل مشاكل المستثمرين،
مؤكدا أن فاعلية هذين الأمرين والهدف منهما سيكون أجدي وأنفع ويأتي بثماره بتحقيق عامل آخر على قدر كبير من الأهمية، وهو تغير أداء العنصر البشري، لأن المشكلة الأساسية ليست لها علاقة بالأوراق أو بالسيستم، فالتسيسير أو التعويق ورائه دائما بيروقراطية مرضية وفساد مستشر، يربط بين تحقق الاستفادة والتعقيدات، حتي يأتي الحل المشروط بالرشاوي والتجاوزات والاستثناءات، لذلك جاءت فكرة الشباك الواحد والرخصة الذهبية لأجل التبسيط على المستثمر في جهات التعامل مع الراغبين في إقامة المشروعات والمستثمرين.
خطوات ناجحة
أكد سمير عارف رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان مساهمة منح "الرخصة الذهبية" في تذليل العقبات التي كانت تقف في وجه المستثمر في أولي خطوات تنفيذ مشروعه. قائلاً: الرخصة الذهبية أشار لها رئيس الجمهورية خلال المؤتمر الاقتصادي، وخلال معرض اتحاد الصناعات في لقاءه مع الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وأن تكون في مدة ثلاثة أشهر وتمنح للمستثمر فور تقدمه بأوراق مشروعه لبدء العمل، وبعدها تستكمل باقي الإجراءات، وهي بالفعل تقوم بقص كل المعوقات في الخطوات الأولي التي تقف في وجه بدء المشروع، وهذا ينم عن وعي وعلم حقيقي لدي الرئيس بوجود معوقات تعطل المشروعات الاستثمارية وتصرف المستثمريين ورجال الأعمال وأصحاب أفكار المشروعات عن التنفيذ لأفكار مشروعات وشركات ستؤثر بشكل إيجابي على حالة الاقتصاد المصري وتحقيق خطوات ناجحة، وبالفعل حدث وتشجع الكثير من المستثمرين وتقدموا لسحب استمارات الحصول على الرخصة الذهبية وبدءوا في اتخاذ الإجراءات للترخيص للشركاتهم والمصانع والعديد من المشروعات المتنوعة.
مميزات عظيمة
يري المستشار حمدي أبوالعنيين رئيس جمعية الغزل والنسيج بالقليوبية أن هناك مميزات عظيمة تتحقق للمستثمرين بمنحهم الرخصة الذهبية قائلاً: فاعلية الرخصة الذهبية تخدم قطاع معين فقط من المستثمريين وهم كبار المستثمرين وليس كل المستثمريين في المستويات المتوسطة والصغيرة. ولكنها فرصة عظيمة لكبار المستثمرين لكي يستفيدوا من مميزاتها وأهمها علاقاتهم المباشرة مع لجنة المتابعة في مكتب رئيس الجمهورية للاطمئنان علي إنهاء إجراءاتهم وتشجيعهم علي مزيد من الاستثمارات وإقامة المشروعات التي تسهم في تقدم الاقتصاد المصري. موضحا أن هذا ما كانت تعاني منه بالفعل القطاعات الصناعية. حيث البيروقراطية غير الطبيعية وقت استخراج الرخص والتشغيل.
يقول: ونطمح في تعميم الرخصة الذهبية على كل مستويات رءوس الأموال، لأنها محجمة في استثمارات معينة، ونحن لدينا الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة التي تصل حجم رأس مالها إلي 200 مليون جنيه والمتوسطة 50 مليوناً، والصغيرة تحت الـ 50 مليوناً، ومبلغ 50 مليوناً ليس بقليل، ونتمني منح الرخصة الذهبية لمثل تلك المشروعات الصغيرة لأن ميزتها عظيمة من حيث سرعة استخراجها ومتابعة إنهاء إجراءاتها من مكتب الرئيس السيسي مباشرة.
العمل الجاد
قال الدكتور شريف الطحان رئيس الاتحاد الدولي للتنمية المستدامة، دكتوراة إدارة الأعمال: "الرخصة الذهبية" تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، في ظل سعي الدولة المصرية أن تكون البوابة الأولي للاستثمار في السوق الافريقي، ودعم وتشجيع المستثمرين على ضخ أكبر قدر من استثماراتهم في مصر وتقديم شهادة تأكيد لمجتمع الأعمال الخارجي بأنها قوية وقادرة على استقطاب الاستثمارات التي تمتاز بقدر كبير من الجودة، وقامت الحكومة المصرية بمنح الرخصة الذهبية للمستثمرين، التي تعتبر من أهم المحفزات الاقتصادية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر ولتحسين الوضع الاقتصادي الصناعي تجنبا للانكماش الاقتصادي ومواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية في الوقت الراهن.
يري أن هذه الخطوة تأتي في الوقت الذي تسعي فيه الدولة المصرية علي استمرار العمل الجاد من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، خاصة الهدف الثامن العمل اللائق ونمو الاقتصاد والهدف التاسع من أهداف التنمية المستدامة الصناعة والابتكار والبنية التحتية، خاصة أن الدولة المصرية تمنح الرخصة الذهبية للشركات التي تستثمر في إقامة مشروعات استراتيجية أو قومية، بهدف التنمية الشاملة المستدامة للدولة وتشجيع القطاع الخاص للمشاركة مع الشركات الأجنبية في أنشطة المرافق العامة والبنية التحتية، لاستكمال مسيرة الدولة في تنمية المشروعات القومية التي تبنتها في الآونة الأخيرة.
من أهم مميزات منح "الرخصة الذهبية" أن تحصل الشركات على موافقة واحدة على إقامة المشروع وتشغيله وإدارته وتراخيص البناء وتخصيص المنشآت اللازمة له وتكون الموافقة مباشرة من الحكومة دون الحاجة لاتخاذ أي إجراء آخر، للتسهيل على المستثمرين وتشجيعهم دون أي عقبات، وذلك يعد بديلاً متميزاً عن فكرة الشباك الواحد.
يأتي تحفيز زيادة الاستثمار في القطاع الصناعي لمحاولة استقرار الاقتصاد المصري لبث الطمأنينة للمستثمرين الأجانب لضخ استثمارات جديدة، وأيضا ضمان عدم منافسة الحكومة للقطاع الخاص في مجالات الإنتاج وتيسير إجراءات فض المنازعات وسرعة البت فيها وسهولة إجراءات التخارج، كما توفر الأرض الصناعية بأسعار مناسبة، وأخيراً توفير النقد الأجنبي لاستيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج.
يرى أن اتخاذ هذه القرارات يكفى لمعالجة التحديات الراهنة على المدى قصير الأجل، ولابد من وجود مقترحات مستقبلية لتحفيز الإنتاج الصناعى على المدى الطويل لتشجيع إنشاء مشروعات لإحلال الواردات ومنح حوافز للمصانع لتعميق المكون المحلى، والقضاء على البيروقراطية تماما من خلال تسريع وتيرة التحول الرقمي وسرعة البدء فى تفعيل منح الرخصة الذهبية.
اترك تعليق