قال تعالي في سورة مريم في قصة يحيي - عليه السلام - "وَسَلَامى عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً" "الآية 15" . أما في قصة عيسي - عليها السلام - فقال تعالي: "وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوت ُوَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً" "الآية 33".
"السلام" معرفة و"سلام" نكرة» والنكرة عادة تدل علي الشمول والعموم. بينما تدل المعرفة علي الاختصاص. فكلمة "سلام" أعمّ من "السلام" ولذلك تحية أهل الجنة هي "سلام" وهي كلها جاءت بالتنكير وتدل علي السلام العام الشامل "سلام عليكم" "تحيتهم يوم يلقونه سلام" وتحية أهل الجنة سلام وتحية الله تعالي لعباده سلام "سلام علي موسي وهارون" ولم يحيِّ الله تعالي عباده المرسلين بالتعريف أبداً وجاء كله بالتنكير سواء في الجنة أو لعباده وتحية سيدنا يحيي -عليه السلام - هي من الله تعالي» لذا جاءت بالتنكير "سلام عليه" أما تحية عيسي -عليه السلام - فهي من نفسه فجاءت بالمعرفة "والسلام عليّ". وهناك أمر آخر هو أن تحية الله تعالي أعمّ وأشمل وعيسي - عليه السلام - لم يحيِّ نفسه بالتنكير تأدباً أمام الله تعالي فحيّا نفسه بالسلام المعرّف.
"فعل" و"عمل"
الفعلان "فعل" و"عمل" مع أنهما شديدا التقارب. إلا أن القرآن يستخدم كلاًّ في موضعه استخدامًا عجيبًا ويستعملهما استعمالًا بديعًا.
فـ"عمل" في القرآن تأتي لما يمتد زمانه. كما أنها لم تُسند إلي الله - تعالي - أو إلي اسم من أسمائه» وذلك لأنها تحتاج إلي تفكُّر وتعمل. ومقارنة بين الفعل والترك. وتقلب النظر في الصورة. واختيار ما يهدي إليه النظر فيها. وسبحانه وتعالي لا يخفي عليه شيء. ولا يلتبس عليه أمر من الأمور.
ومن ذلك علي سبيل المثال لا الحصر: قوله - تعالي-: "مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَي إِلَّا مِثْلَهَا" "غافر: 40". وقوله - سبحانه-: "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسي مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْري مُحْضَرًا" "آل عمران: 30". وقوله - عز وجل-: "وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا" "الكهف: 49".
أما مادة "فَعَل". فإنها تكون لما يقع دفعة واحدة. ولا يحتاج إلي إعمال فكر» ولهذا أسندت إلي الله - عز وجل - في كثير من استعمالاتها في القرآن. خذ مثلًا قوله - تعالي-: "وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ" "إبراهيم: 45". "وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ" "البقرة: 253". "قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ" "آل عمران: 40".
اترك تعليق