الهيروغليفية كتابة وليست لغة

"الموسيقي هي فن الصوت ولهذا من الصعب أن نتعرف عليها من الصور والنقوش  فقط" هذه بعض من  كلمات عالم الآثار والمؤلف الموسيقي الدكتور وائل الشربيني  في الندوة التي نظمها صندوق التنمية الثقافية برئاسة الدكتور هاني ابو الحسن في سينما الهناجر بعنوان "موسيقي مصر القديمة.. جدلية الصوت والصمت بين النغمات والكلمات" للدكتور وائل الشربيني الذي يعد من المتخصصين القلائل على مستوي العالم الذي يجمع بين علم المصريات وعلوم الموسيقي من خلال الدراسات المتعمقة في العلمين وقدأجاب في الندوة على العديد من التساؤلات في هذا المجال من خلال الحوار مع الدكتورة رشا طموم الأستاذة بقسم النظريات والتأليف بكلية التربية الموسيقية ومقررة لجنة الموسيقي  والأوبرا والبالية في المجلس الأعلي للثقافة  والتي أدارت الندوة بمهارة وأستطاعت أن تخرج من جعبة هذا العالم بعض مما عنده عن الموسيقي في مصر القديمة.

في بداية أكد الدكتور وائل الشربيني أن الموسيقي هي فن الصوت ينتقل في الزمان ومدي صعوبة التوصل إلي الشكل الصوتي مع البعد الزمني هناك صمت في موروثات الحضارة وهناك صوت حالي "الماضي صامت والحاضر متكلم"، كما بدأ في التعريف بكلمة مصر القديمة والتي تعد حقبة زمنية سحيقة تختتم مع القرن السابع الميلادي وأكد ان هناك ابحاث كثيرة قام بها علماء الموسيقي والذين يجهلون اللغة المصرية واعتمدوا علي المنقوشات التي تم رسمها في اطار قواعد فن التصوير  وليست صور قوتوغرافية للعازفين او للآلات، كما ان بالدراسة اللغوية لبعض النقوش اتضح بعض الأخطاء وأورد مثال لصورة تبدو انها هناك من يعزف على الدف ولكن اتضح انه القمر وله رمز ديني كما أكد ان من حق المؤلف الموسيقي ان يبدع ويتخيل ولكن لايدعي ان هذه موسيقي القدماء لأنها لم تصل إلينا  وقال الحضارة المصرية لاتتميز بالثبات بل تغير بها الدين واللغة عدة مرات كما وضح بشكل مبسط أن هناك لغة مصرية واحدة ولكن بكتابات مختلفة  ومن الخظأ أن نقول لغة هيروعليفية لأن هذا نوع من الخطوط وبالنسبة لمصر قال هناك الكثير يكتب في الأثار هذا جيد ولكن يعتمد علي أبحات قديمة وهذا العلم نحتفل بـ 200 سنة علي ظهوره وقد تقدم وتغيرت الكثير من نظرياته حيث أنه علم متجدد وهناك فاصل بين العلم والمعلومات يجب أن ندركه لأن التجاوز يعني ظهور أشياء لا معني لها.. وأن هناك من يتسرع ويتخيل أوتار أو طريقة عزف من إحدي الصور التي تظهر زاوية معينة بعد فترة قد تظهر صورة أو رسمة أخري لزاوية مختلفة تعطي فكرة أخري.

أضاف: في صورة أو رسم سنجد أن الوضع التشريحي للعازفات علي آلة الهارب تجعل من المستحيل عليه العزف لذلك لابد أن نأخذ الأمور بحذر وندرك أن الوضع تصويري لتوصيل المعني لا أكثر لكنه لا يمكن إرشادنا لطرق العزف وأن الجانب التخيلي في هذا العلم كبير جدا لكن هناك الأساس الذي يبني عليه هذا الخيال.

أشار أن لدينا بالنسبة للحضارة المصرية القديمة صور وبعض الرسوم والكلمات المصاحبة لهذه الصور ويجب أن نربط بينهم. ولم تكن هذه الفنون تصويرية أي أنها لم تنقل الواقع بحذافيره بل كانت تترك الصورة التي تدل علي الثقافة. هناك من اهتم بشكل العازف وعدد الأوتار وبعض حركات أو شكل الأصابع. لكن تبقي هذه الرسوم تصويرية وقد لا تنقل الواقع حرفيا فقط تعطينا فكرة.

وأكد الشربيني: اننا نستدل منها علي الآت الموسيقية والفنانين وتعطينا صورة عن الواقع الموسيقي لكننا لا نستطيع أن نسمع هذه الصور الصامتة.. تميزت الندوة بعدد كبير من الصور والمشاهد من الأفلام التي وضح من خلالها ان الموسيقي بها ليست مصرية وإنما من خيال المؤلف طبقا لثقافته السمعية..وشرح كيف أن الموسيقار  العالي فيردي قدم في أوبرا عايدة موسيقي تعبر عن ثقافته ولكنه راعي فيها الأبحاث في علم الأثار عن الموسيقي.

أوضح أن هناك قواعد كانت تحكم عملية التصوير أو الرسم في الفن المصري القديم لكن لها حدود تقف عندها وهي الصوت لذلك لا يمكن إطلاق أية أحكام لما نراه.

ورغم ان الندوة للعامة إلا ان معظم الحضور كانوا من المتخصصين في مجالي الآثار والموسيقي منهم على سبيل المثال الدكتورة عزة مدين عضو لجنة موسيقي الأوبرا والباليه وأحد الأساتذة الذي تلقي الدكتورة وائل العلم على يديها في الكونسرفتوار والمخرج وليد عوني وأحمد درويش وكاتب السيناريو والموسيقارمنير الوسيمي والسبرانوتحية شمس الدين ونجمة فرقة أوبرا القاهرة والنجم الأوبرالي الدكتور مصطفي محمد  والتينور تامر توفيق والمايسترو الدكتور طارق مهران والمؤلف الموسيقي محمد عادل مصطفي والناقد الموسيقي محمد شميس  بالإضافة لمجموعة من المتخصصين في علم الآثار منهم الدكتور عمرو هواري وعدد كبير من نجوم هيئة الآثار المصرية والدكتور محمد عفيفي استاذ التاريخ وأيضا مجموعة كبيرة من الصحفيين والإعلاميين.

يذكر أن الدكتور وائل الشربيني، درس بقسم التأليف والقيادة بكونسرفتوار القاهرة وقد نال جائزة في التأليف الموسيقي وقد عزفت عدد من مؤلفاته بمصر وبلجيكا ولقد تخرج من كلية الآثار بجامعة القاهرة وحصل على الماجستير والدكتوراه في علم المصريات من جامعة لوفان ببلجيكا ليصبح أول مصري يحصل على الدكتوراة في هذا التخصص.