هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

وزير الأوقاف.. لدعاة الجزائر: لا مساس بالثوابت الدينية

افتتح د.محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الدورة العلمية المتخصصة لأئمة ووكلاء وزارة الشئون الدينية والأوقاف بدولة الجزائر الشقيقة بالقاعة الرئيسية الكبري بمركز التدريب الرئيسي بمسجد النور بالعباسية امس. بحضور فضيلة د.شوقي علام مفتي الجمهورية. والشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية.


رحب د. جمعة في كلمته بأئمة ووكلاء وزارة الشئون الدينية والأوقاف بدولة الجزائر الشقيقة في بلدهم الثاني مصر. مؤكدًا أن هذا اللقاء أشبه بلقاء تعريفي سيكون بعده عدة لقاءات موسعة علي مدار الدورة. وستكون هناك محاضرة علمية متخصصة مشتركة بين الأئمة الواعظات المصريين. وأشقائهم من دولة الجزائر الشقيقة مع فضيلة المفتي في لقاء مفتوح بعنوان: "الفتوي في زمن متغير" للإجابة علي جميع الأسئلة سواء في المجال الشرعي أم المجال الإداري في شأن الوقف. مؤكدًا أن الهدف من هذه الدورات هو تبادل الخبرات.

أشار إلي أن معظم الإشكالات جاءت من عدم التفرقة بوضوح بين الثوابت والمتغيرات. مؤكدًا أن الثوابت لا مساس بها لا عقديًّا ولا تعبديًّا.

فإنزال الثابت منزلة المتغير هدم للثوابت وهدم للدين. وإنزال المتغير منزلة الثابت عين الجمود والتخلف. وأنه يجب الوقوف علي ذلك ببصيرة وأناة وتمييز دقيق. فالنص المقدس ثابت. والشروح والحواشي والآراء التي كتبت أو قيلت حول النص اجتهادات تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص والمستفتين. وما كان راجحًا في عصر وفق ما اقتضته المصلحة في ذلك العصر قد يكون مرجوحًا في عصر آخر إذا تغيرت ظروف هذا العصر وتغير وجه المصلحة فيه. والمُفْتَي به في عصر معين. وفي بيئة معينة. وفي ظل ظروف معينة. قد يصبح غيره أولي منه في الإفتاء به إذا تغيّر العصر. أو تغيّرت البيئة. أو تغيّرت الظروف. ما دام ذلك كله في ضوء الدليل الشرعي المعتبر. والمقاصد العامة للشريعة » وكان صادرًا عن من هو أهل للاجتهاد والنظر.

أضاف إذا كانت العبادات في جملتها تدخل في نطاق الثابت فهي علاقة تتصل بخاصة العبد فيما بينه وبين الله- عز وجل-. فإن الشريعة الإسلامية ومرونتها قد فتحت أبواب المرونة والسعة واسعة أمام معالجة المتغيرات فيما يتصل بمعاملات الناس بعضهم مع بعض بيعًا وشراءً. وإقامة مجتمع. ونظام حكم. بما يحقق المصلحة الشرعية المعتبرة. ولا يتجاوز الثوابت. شريطة أن يقوم بعملية الاجتهاد والتجديد أهل النظر من العلماء المتخصصين المستنيرين غير المنعزلين عن واقعهم.

كما أنهم اعتبروا بالعادة والعرف إلي حد كبير في معالجة المتغيرات والمستجدات. يقول الإمام الشاطبي- رحمه الله-: "إن الأصل في العادات الالتفات إلي المعاني وبالاستقراء وجدنا الشارع قاصدًا لمصالح العباد والأحكام العادية تدور عليه حيثما دار فتري الشيء الواحد يُمنَع في حال لا تكون فيه مصلحة فإذا كان فيه مصلحة جاز".

أوضح أنه لا يجوز لأحد أن يضع يده علي قطعة من الأرض ويقول أحييتها فهي لي وبيني وبينكم حديث رسول الله- صلي الله عليه وسلم-. نقول له: إن النبي- صلي الله عليه وسلم- تصرف في ذلك بصفته حاكمًا. فلا يجوز لغير الحاكم إصدار مثل هذا القرار المتعلق بالحق العام. أو المال العام أو الملك العام. وإلا لصارت الأمور إلي الفوضي وفتح أبواب لا تسد من الفتن والاعتداء علي الملك العام. وربما الاحتراب والاقتتال بين الناس. إنما يجب أن يلتزم في ذلك بما تنظمه الدساتير والقوانين التي تنظم شئون البلاد والعباد.

أكد أن ما تصرف فيه النبي- صلي الله عليه وسلم- باعتباره قائدًا عسكريًّا قوله- صلي الله عليه وسلم: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةى فَلَهُ سَلَبُهُ". فلا يجوز لأحد الآن أن يفعل ذلك. فإذا قتل إرهابيًّا في مواجهة إرهابية فلا يجوز له أن يقول: أنا أولي بسلاحه أو سيارته وهاتفه وما كان معه من أموال. لأن تصرف النبي- صلي الله عليه وسلم- كان بصفته حاكمًا وقائدًا عسكريًّا. إنما يلتزم في ذلك بما تنظمه القوانين والدساتير العصرية ونظام الدولة وقواتها المسلحة.

أما ما تصرف فيه النبي- صلي الله عليه وسلم- باعتباره قاضيًا قوله- صلي الله عليه وسلم- في قضية الخلع حيث أتت امرأة ثابت بن قيس النبي- صلي الله عليه وسلم- فقالت: "يا رسول الله. ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين. ولكني أكره الكفر في الإسلام.

فقال رسول الله- صلي الله عليه وسلم- أتردين عليه حديقته. قالت: نعم. قال رسول الله- صلي الله عليه وسلم- أقبل الحديقة وطلقها تطليقة". فقد تصرف- صلي الله عليه وسلم- باعتباره نبيًّا وقاضيًا. وهو أيضًا من الأمور التي ينظمها القانون في عصرنا ويجب الالتزام فيها بما ينظمه القانون. وهو ما يعرف في الفقه الإسلامي بتطليق القاضي. وله ضوابطه الشرعية والقانونية.

أكد ضرورة فهم المقاصد. فمثلاً: هل العبرة في قضية السواك بعين أداة السواك؟ أو العبرة بنظافة الفم وطهارته وما يحقق ذلك سواء كان بالفرشاة. بالمعجون. بالغاسول؟ العبرة بالمقاصد والغايات. وكذلك قوله- صلي الله عليه وسلم-: "إذا أوي أحدكم إلي فراشه فَليَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إزَارِهِ فإنَّهُ لا يدري ما خلفه عليه". وقد علل بعض شراح الحديث التوجيه بالأخذ بطرف الثوب بأنه- صلي الله عليه وسلم- وجَّه بذلك حتي لا تصاب اليد بأذي من آلة حادة أو طرف خشبة مدببة. أو حية أو عقرب أو غيرهما من المؤذيات. أو عود صغير يؤذي النائم وهو لا يشعر. أو نحو ذلك لو عمد الإنسان إلي نظافة مكان نومه بيده. وهو ما يؤكد المعني الذي ذهبنا إليه. وبعضهم قال إنما عبر بطرف الثوب والمعني: ولو كان ذلك بطرف ثوبك.

فهذه الأمور من قبيل العادات وليست من قبيل العبادات. وقد ذكروا أن امرأةً فقيهةً عالمةً متمكنة نزلت علي قوم فرأت فيهم تشددًا وميلاً نحو الشكل علي حساب الجوهر. قالت من شيخكم؟ من عالمكم؟ من الذي يفتيكم؟ قالوا: فلان. قالت له يا هذا : كيف تأكل؟ قال: اسمِ الله. وآكل بيميني. وآكل مما يليني. كل هذا من آداب الإسلام. يا غلام: سَمِّ اللَّه. وكُلْ بِيَمِينكَ. وكُلْ مِمَّا يَلِيكَ. قال: وأصغر اللقمة. وأحسن المضغة أي لسهولة الهضم. كل هذه الآداب قالت: ما هكذا يكون الأكل. فاندهش الرجل! كيف يكون إذًا؟ وماذا تركت من الآداب؟ وماذا بقي؟ قالت: كل حلالاً وكل كيف شئت. فإذا أكلت حلالًا لا يضيرك إن نسيت بعض الآداب. أما إن أكلت حرامًا وبدئت بكل الأذكار والآداب » فكُلَّ جسد نَبَتَ مِنْ سُحْتي. فَالنَّارُ أَوْلَي بِهِ. قالت له وكيف تنام؟ قال: آوي إلي فراشي. فآخذ بطرف ثوبي. فأنظف منامي أي مكان النوم.

وأضطجع علي يميني. وأتلوا أذكاري. قالت: وما هكذا يكون النوم. فاندهش! وماذا إذًا؟ ما الذي أفعله بعد؟. قالت: نم نقي الصدر سليم الصدر ونم كيف شئت. فالعبرة ليست بالمظهر وحده إنما بالجوهر والغايات والمقاصد. أما إنزال الثابت منزلة المتغير هدم للثوابت وهم للدين. وإنزال المتغير منزلة الثابت عين الجمود والتخلف. أما الفقه الحقيقي فهو رخصة من ثقة. وهو التيسير بدليل. وهو السماحة بيعًا وشراء. وقضاء واقتضاء. وإيمانًا بحق التنوع والاختلاف. ولم يقل أحد من أهل العلم المعتبرين إن الفقه هو التشدد» ذلك لأن الله -عز وجل- يقول: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. ويقول سبحانه: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجي.

ذخيرة الأمة الإسلامية 

أكد فضيلة د. شوقي علام مفتي الجمهورية في كلمته أن العلماء هم ذخيرة الأمة الإسلامية. وهم مصابيح الهدي في ليالي الدجي.

وهم ملاذ الأمة الآمن الذي به تلوذ. وحصنها المنيع الذي به تحتمي. وهم الموقعون عن رب العالمين سبحانه. وورثة خاتم الأنبياء والمرسلين- صلي الله عليه وسلم-. وهذا تكليف كبير للعلماء ليأخذوا الأمر بحقه. فالأمة في حاجة ماسة إلي توجيهات وإرشادات العلماء.

ومن هنا أتت أهمية التكوين العلمي وتأهيل السادة العلماء لتجديد الخطاب الديني ومواكبة التطورات العصرية من الأفكار والأحداث والمتغيرات. ومجاوزة مرحلة التحصيل العلمي المكون للعقل العلمي إلي مرحلة إدراك الشأن العام والعلم بالزمان ومعرفة الضروري والمهم» من إدراك لثقافة العصر. والإلمام بهموم الناس وما يشغلهم حتي تكون الفتوي مواكبة ومحققة لمراد الله- عز وجل- وتجمع بين التأصيل الشرعي والتواصل المعرفي. مضيفًا أن الأحداث التي تمر بالأمة الإسلامية الآن وخاصة ما يتعلق بقضايا العنف والإرهاب وقضايا الإلحاد تحتاج إلي جهود السادة العلماء لدراسة الفلسفات المعاصرة دراسة معاصرة وافية. ووضع إجابات لكافة الإشكالات العصرية التي تشغل عقول أبنائنا. حفاظا عليهم من الإجابات غير المتخصصة لتحقيق التجديد الحقيقي للخطاب الديني والذي دائمًا ما يدعونا إليه  الرئيس عبد الفتاح السيسي.

مؤكدًا أن شرف ابتغاء العلم يستحق بذل كل غال ونفيس لتحقيق التكوين المعرفي والعلمي الذي يساعد علي مواكبة العصر ومواجهة التحديات وتجديد الخطاب الديني والذي هو واجب الوقت.

الواقع المتغير

وفي كلمته دعا الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية الله- عز وجل- في كلمته أن يحفظ كل أقطار الإسلام في العالم. مبينًا أن قضية الواقع المتغير وعلاقته بالإعلام الديني قضية غاية في الخطورة. فالدين قضيته قضية إعلام. فلا فائدة من دعوة بغير إعلام. ولا فائدة من رسالة بغير بلاغها للمرسل إليه. بل إن وصول الرسالة للمرسل إليه هي من أوجب واجبات الشرع التي حرص الإسلام علي إيضاحها. وحرص الإسلام علي حمايتها. وحرص القرآن علي بيانها قال تعالي: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَي اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وعند الوقوف عند قوله: وقال فهذا ينبه إلي أن القرآن لم يكتف بأن تكون صالحًا في نفسك فحسب» بل حوَّلك من صالح إلي مصلح. فلابد من الإعلام ولابد من الجهر لهذا اللواء الذي أنت تحت لوائه. قال تعالي: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ. فلابد أن تكون هناك رسالة تبلغها فإن فشلت في إبلاغها فقد فشلت في دعوتك. وهي أشرف رسالة. وقد أشاد القرآن الكريم بهذا الرجل الذي دعا إلي الله- عز وجل- حيًّا وميتًا قال تعالي: "قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ". فأنت داعية تتحدث عن الله سبحانه كما فعل الأنبياء -عليهم السلام- من قبل. قال تعالي: "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَي اللَّهِ عَلَي بَصِيرَةي أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي". فيجب أن تكون متبصرًا بالأحوال عندك وقد اصطفاك الله- عز وجل-. ويكفيك أن الله قدم العمل علي الكلام في الحديث عن الدعوة. مبينًا أن أهل الباطل يتقاتلون لأجل إعلامك بما يعملون في كل موقع. لماذا يناضل من أجل باطله؟ إنهم يعلمون أن الإبلاغ مهم جدًا. وهنا سؤال لماذا يتباطأ أهل الحق في الإعلام عن دعوتهم؟ يجب أن يعلن أهل الحق عن دعوتهم وإبلاغها للناس لإخراج الناس من ظلم الإنسان إلي عدل الرحمن. هذه رسالتكم التي يجب أن تشرق بها وجوهكم. وتبيض بها صفحاتكم. ولتعلموا أن الله أراد لكم الخير بأن اختاركم لحمل هذا الخير.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق