أكد الدكتور عطا عيد الخبير المصرفي ومدرس التمويل والاستثمار بجامعة الصالحية الجديدة أن هناك اختلافا بين العملات المشفرة والرقمية حيث يخلط الكثيرون بين مصطلحي العملات الرقمية والعملات المشفرة ويتعاملون معهما بمدلول واحد فأمر التفرقة واضح تماماً فالعملات الرقمية تطلق علي الأموال التي تستخدم عبر شبكة الإنترنت وليس لها وجود مادي.
وقال عطا عيد في تصريحات خاصة لـ"الجمهورية أونلاين" إن العملات المشفرة هي نوع من أنواع العملات الرقمية كما إن هناك العديد من الاختلافات الأساسية بينهما والتي يمكن تناولها في ضوء المقام المتاح وفقاً لأهم أوجه الاختلاف التالية.
أولا: تلك الأوجه يتعلق بجهة الإصدار فالعملات المشفرة هي أحد أوجه العملات الرقمية والتي برزت بقوة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة ومن أبرز نماذجها بيتكوين وكاردانو وهي غير خاضعة للإصدار من خلال جهة إصدار نقدي رسمية فهي لا تصدر بواسطة البنوك المركزية مثل غيرها من العملات .بل يتم الحصول عليها عبر آلية التعدين التي تعتمد علي حل معادلات محاسبية معقدة من قبل أجهزة كمبيوتر متطورة وعن طريقها يتم إنشاء وإدارة وحدات العملة المشفرة .حيث تضمن تلك الآلية التحقق من صحة البيانات والتحكم في سجلات المعاملات بإستخدام البلوك تشين.
وأشار إلى أن العملات الرقمية يتم إصدارها من جانب البنوك المركزية وتخضع لتنظيم تلك الدول وفقاً لسياستها النقدية واتساقا مع السياسة المالية وفي إطار التنظيم المركزي يكون للعملة الرقمية سجلا إلكترونيا يعكس الشكل الافتراضي للعملة الورقية للدولة علي غرار العملات الورقية التي تحمل رقما تسلسليا مميزا. كما يمكن قيام البنوك المركزية إصدارها بلا حدود وإنما وفقاً لمعطيات ومحددات الأداء الاقتصادي للدولة. بينما العملات المشفرة تصدر بحدود قصوي سابقة للإصدار.
أما ثاني تلك الأوجه يتمثل في درجة المخاطر المرتبطة لكلا منهما حيث ترتبط المشفرة بتقلبات سعرية حادة التذبذب ما بين الارتفاع والهبوط بمدي كبير خلال مدة زمنية قصيرة .حيث يعتمد علي السعر الذي يحدده العرض والطلب فقط دون أي إدارة أو دعم من البنوك المركزية وهو ما يعكس مستوي مخاطر مرتفع.
أما العملة الرقمية لا ترتبط بتلك المخاطر المرتفعة حيث يرتبط سعرها بالإداء الاقتصادي للدولة فضلاً عن دعم البنك المركزي لها في إدارتها الأمر الذي يوفر لها قبول عام كأداة للتسوية سواء لدين عام أو خاص وعلي وجه العموم الوفاء بإلتزام مالي محدد .بينما نجد عدم ترحيب يصل للحظر للمشفرة في كثير من الدول.
أما الوجه الأخير يتمثل في أغراض الاستخدام حيث تواجه المشفرة عدة إنتقادات تصل للإتهامات بشأن سهولة إستخدامها في أنشطة غير قانونية مثل تجارة المواد المخدرة وغسيل الأموال وإختراق العقوبات الدولية المفروضة والعديد من الأوجه الغير مشروعة .لا سيما في ظل عدم إصدارها من قبل أي سلطة إصدار نقدية مركزية .في حين أن الرقمية التي تخضع لتسلسل مميز ورقابة مركزية يمكن تتبع والتحكم في أوجه تداولها بما يتيح رصد وحظر أية معاملات غير مشروعة.
وأوضح د.عطا عيد إن هناك أسبابا لإنهيار تلك العملات المشفرة وهي أنها ليست من إصدار بنوك مركزية وليس لها دعم لإدارتها وتتعلق فقط بعرض ومشتري وايضا لا يوجد بها أي عوامل منضبطة ورقابية للسيطرة عليها للإهواء الشخصية والمخاطر فهي غير مصحوبة بقيود بالإضافة إلي أن هذه العملات لا تؤثر علي مصر ولا علي دول أخري .فأغلب المتعاملين في تلك العملات المشفرة هم أفراد تحملوا مخاطر عالية خارج نطاق الاقتصاد الرسمي مع العلم إنها نقود غير حقيقية وغير رقمية فأغلب من يلجأ إليها أصحاب المصادر الغير مشروعة.
أضاف إن العملات المشفرة لديها مخاطر عالية للغاية هذا المخاطر تكمن في التذبذب الشديد والتقلبات الحادة في أسعارها وذلك لأنها غير حقيقية وغير صادرة عن بنك مركزي فلذلك يصعب التحكم فيها فلا أحد يمكنه تجنب هذه المخاطر مع العلم بأنها لا تؤثر علي الاقتصاد المصري لأنها خارج دائرة الاقتصاد الرسمي .إلي جانب قيام البنك المركزي المصري بفرض عقوبات كالغرامة تصل إلي 01 مليون جنيه في حالة التعامل فيها أو في إدارتها أو شرائها أو بيعها أو عمل منصات لتداولها وهي عبارة عن نقاط تجميع عبر الإنترنت لإلتقاء البائعين والمشتريين .فهي لا تمثل أي خطورة إلا علي من يلجأ إليها.
نوه إلى إن البنك المركزي المصري عزز إتفاقه مع إرتفاع درجة التعامل في العملات المشفرة فضلاً عن ارتفاع نطاق ارتباطها بالعديد من الأوجه غير المشروعة حيث أعلن في بيان رسمي التحذير بشأن التعامل بجميع أنواع العملات الافتراضية المشفرة لما لها من مخاطر عالية فضلا عن إستخدامها في العديد من الجرائم المالية وذلك في ظل التأكيد من جانبه بعدم إصدارها عن طريق البنك المركزي المصري أو أي سلطة إصدار مركزية رسمية يمكن الرجوع إليها مما يهدد درجة إستقرارها فضلاً عن عدم توفير أي حماية لحقوق المتعاملين بها.
تجدر الإشارة إلي التأكيد علي أن قانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي رقم 491 لسنة 0202م قد حظر إصدار العملات المشفرة أو الأنشطة المتعلقة بها ويعاقب من يخالف ذلك بالحبس وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تتجاوز عشرة ملايين جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين الأمر الذي يتوجب معه مناشدة المتعاملين داخل السوق المصري بتوخي الحذر الشديد وعدم التعامل بأي شكل من الأشكال لتلك العملات المشفرة شديدة المخاطر.
اترك تعليق