الذي زار المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية قبل عدة أشهر. ربما لو زاره الآن لظن أنه أخطأ في العنوان. فسبحان مغير الأحوال. فقد تحول هذا المكان إلي تحفة فنية تليق بمركز عريق ومهم يضم كنوزا مسرحية وفنية نادرة ولامثيل لها.
تعرض هذا المكان المهم للإهمال عدة سنوات. تعاقب عليه عدة رؤساء. بعضهم لم يمهله الوقت ليفعل شيئا. والبعض الآخر اصطدم بالعقبات المالية والإدارية. والبعض الثالث كبر دماغه وقال في نفسه "يومين وبنقضيهم".
الغريب في الأمر أن من قام بتطوير المركز وغير صورته تماما. يلملم أوراقه الآن حيث سيبلغ قريبا السن القانونية للتقاعد عن الوظيفة. ورجل. في مثل وضعه. هو الذي كان عليه أن يكبر دماغه فعلا .ويهتم بمستقبله بعد التقاعد عن الوظيفة.خاصة أن المركز يضم كنوزا فنية مهمة. وقد يتعرض بعضها للضياع أو التلف أثناء عملية التطوير.لكنه قبل التحدي بشجاعة وأنجز مشروعه الذي سيحسب له. وسيسجل باسمه.
علي مسئوليته الشخصية أصر الفنان ياسر صادق رئيس المركز أن ينجز مشروعه. وكان له ما أراد. ليصبح المركز شيئا آخر تماما. فمنذ الدخول من البوابة الرئيسية. يندهش الزائر لوجود حديقة متحفية في غاية الروعة. علي جوانبها صور لبعض رموز المسرح والفنون الشعبية. وبداخلها مجموعة من التماثيل للبعض الآخر. وأصبحت هذه الحديقة مكانا يتسع لعقد الندوات والأمسيات. بل ولتقديم العروض المسرحية والفنية. خاصة أن في الخطة إضافة كافتيريا. ليكون المكان ملتقي لكل المسرحيين والفنانين. واجهة المركز نفسها أعيد تجميلها وتزويدها بإضاءة تتناسب وعراقة المكان. ومايضمه من مقتنيات.
أما داخل المركز فيكفي أن تلقي نظرة علي القاعة الكبيرة التي كانت مخصصة للندوات والاجتماعات وتم تحويلها إلي متحف عالمي يضم العديد من المقتنيات الأصلية. منها علي سبيل المثال لا الحصر: مخطوطات بخط اليد لبديع خيري ومارون النقاش ومحمد التابعي وأبوالسعود الابياري. ومخطوطات ونوت موسيقية.وقبعات الراحل توفيق الحكيم. وعباءة وشال الراحل صلاح جاهين. وجلباب محمد رضا. وبعض من مقتنيات الفنانين زكي طليمات: مذكرات بخط اليد وسماعة اذن ومحفظة جلد وفتاحة خطابات ومقص. يوسف وهبي: ملابس مسرحيات الأخرس وكرسي الاعتراف وراسبوتين. نبيل الألفي: نوط فضة لجائزة الدولة وختم خاص به. سيد درويش: عود وصورة من قسيمة زواجه بجليلة وعصاه. عدلي كاسب: روب وشوارب وناي. داود حسني: عود وطربوش وعصا وأوبرا بخط اليد مرسومة بخط يده. زوزو نبيل: جواز سفر وساعة وبطاقة شخصية وقسيمة زواج واسطوانة بصوتها موقع عليها بخط يدها علي الغلاف وخواطر بخط يدها وساعة. سميحة أيوب: حقيبة يد ونظارة وقلم وملابس مسرحية الفتي مهران ومسرحية سكة السلامة. ومقتنيات أخري لكل من توفيق الدقن. عبد المنعم إبراهيم. محمد رضا. شكري سرحان. إبراهيم سعفان. سميرة عبدالعزيز. مشيرة إسماعيل. آمال رمزي. سمير العصفوري. السيد راضي. محمود الجندي. أحمد راتب. سيد زيان. أحمد عبدالحليم. سناء شافع. مجدي وهبة. محمد شوقي. طلعت زكريا. صلاح رشوان. حسن الديب. فهمي الخولي. محمود مسعود.
الجميل أن عددا من أبناء الفنانين عندما شاهدوا هذا الإنجاز سارعوا بإحضار مقتنيات ذويهم لوضعها داخل المتحف. ونظرا لقيمة هذه المقتنيات الفنية والتاريخية تم وضع نظام مراقبة شامل. وتأمين القاعة. فضلا عن تسجيل كل كبيرة وصغيرة في دفاتر خاصة حفاظا علي هذا التراث المهم. وقد علمت أن الدور العلوي سيتم تجهيزه كقاعات مشاهدة واستماع. حيث يمتلك المركز تسجيلات وشرائط نادرة لرموز المسرح المصري.
هذا المكان الذي تحول إلي بؤرة جمالية مضيئة ومركز إشعاع فني وثقافي في حي الزمالك. يستحق القائمون عليه. وعلي رأسهم الفنان ياسر صادق. الذي عمل فيه كأنه سيعيش أبدًا. يستحقون التحية والتقدير. ويستحق أن يقام له حفل افتتاح يليق به. وأدعو وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلاني إلي زيارته وتبني حفل افتتاح تدعي إليه كل وسائل الإعلام. وكل رموز المسرح المصري ممن لازالوا علي قيد الحياة. وكذلك أبناء الفنانين الراحلين. ليدرك الجميع أن تراث المسرح والفنون الشعبية المصرية في الحفظ والصون. وفي مكان يليق به.مكان يدعونا جميعا إلي الفخر بما نملكه من كنوز لايوجد لها مثيل في العالم.
اترك تعليق