لأن الكوكب لا يمتلك القدرة الكافية لتحييد كل كميات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن احتراق الغازات الدفيئة. كان لزاما علينا التوصل إلي البصمة الكربونية لقياس انبعاثات الفرد ونصيبه من غازات الاحتباس الحراري. وبالتالي إيجاد طرق لتقليلها في معركتنا ضد التغير المناخي.
يؤكد السفير مصطفي الشربيني سفير ميثاق المناخ الأوروبي. أن البصمة الكربونية تعني كمية الكربون المنبعثة من نشاط أو منظمة. وتعد البصمة الكربونية أيضًا مكونا مهما للبصمة البيئية.
أضاف أن غازات الاحتباس الحراري التي تأتي من إنتاج واستخدام ونهاية عمر منتج أو خدمة. تنتج غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز والفلوروكربون. التي تحبس الحرارة في الغلاف الجوي.
أوضح سفير ميثاق المناخ الأوروبي. لـ"الجمهورية أون لاين"، أن الجمع بين كل هذه الانبعاثات يؤكد أكثر من أي وقت مضي علي قيمة مقياس شامل مثل البصمة البيئية التي تأخذ في الاعتبار جميع المطالب المتنافسة علي المحيط الحيوي. بما في ذلك انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وقدرة الغابات والمحيطات علي امتصاص الكربون.
نوه إلي أنه إذا لم تكن هناك قدرة حيوية كافية لامتصاص تراكم انبعاثات الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري في الغلاف الجوي بل يزيد الاحتباس الحراري. ما يهدد الحياة علي الكرة الأرضية.
وقال "الشربيني" إن تغير المناخ يوحد جميع التهديدات البيئية التي نواجهها اليوم. من إزالة الغابات. والرعي الجائر. وانهيار مصائد الأسماك. وانعدام الأمن الغذائي. والانقراض السريع للكائنات الحية. وهي مشكلة واحدة. يجب معالجة جميع أعراضها.
لفت إلي أن الانتقال إلي الطاقة المتجددة هو أحد أقوي الطرق لتقليل البصمة البيئية. ولا يزال أمام العديد من البلدان طريق طويل لتقطعه في هذا الاتجاه.
أشار إلي توقيع 197 دولة علي مواصلة الجهود للحد من تزايد درجة حرارة الأرض عن 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل الصناعة. ووضع حد لاستخدام الوقود الأحفوري قبل عام 2050 بوقت طويل.
قال ريك سبينراد. مدير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. إن كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي حاليا. هي الأعلي خلال 4 ملايين سنة علي الأقل. مع وصول تركيز الغاز إلي نحو 421 جزءًا في المليون. إذ تواصل محطات الطاقة والمركبات والمزارع حول العالم ضخ كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
أضاف. عبر الموقع الرسمي للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. أن إجمالي الانبعاثات بلغ 36.3 مليار طن في عام 2021. وهو أعلي مستوي في التاريخ.
أوضح أن تؤدي التعهدات المقدمة من كل دولة حتي الآن ستؤدي إلي ارتفاع في درجة الحرارة يتراوح بين 3 و 7 درجات مئوية. بما يتجاوز حد درجتين. الذي أقرته الاتفاقية. وهو ما يعني أن تلك التعهدات غير كافية. وتتطلب الاتفاقية النهائية من الدول العودة كل خمس سنوات بأهداف جديدة لخفض الانبعاثات.
يشير بيتر تانس. العالم البارز في مختبر الرصد العالمي التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. إلي أنه رغم انخفاض مستويات ثاني أكسيد الكربون نوعا ما في عام 2020. خلال التباطؤ الاقتصادي الناجم عن جائحة فيروس كورونا. إلا أن هذا الانخفاض لم يستمر طويلا. وعادت نسبة انبعاث ثاني أكسيد الكربون للزيادة مرة أخري بنفس الوتيرة التي كانت عليها في السنوات الماضية.
تمثل البصمة الكربونية 60 % من إجمالي البصمة البيئية للبشرية ومكونها الأسرع نموا. زادت البصمة الكربونية للبشرية بمقدار 11 ضعفا منذ عام 1961. ويعد الحد من البصمة الكربونية أمل البشرية.
قياس البصمة الكربونية في مساحة الأرض لا يعني أن عزل الكربون هو الحل الوحيد لمعضلة الاحتباس الحراري. بل يوضح فقط مقدار القدرة الحيوية اللازمة لرعاية نفايات الكربون غير المعالجة وتجنب تراكم الكربون في الغلاف الجوي. لمواجهة تحدي تغير المناخ بطريقة آمنة.
وخلال عام 2014. كان المتوسط السنوي العالمي للبصمة الكربونية للشخص الواحد نحو 5 أطنان مكافئ ثنائي أكسيد الكربون. ويعد متوسط البصمة الكربونية للفرد الامريكي أعلي المعدلات عالميًا. حيث يصل متوسط البصمة الكربونية إلي 16 طنًا.
وللحصول علي أفضل فرصة لتجنب ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار درجتين ونصف. يجب أن ينخفض متوسط البصمة الكربونية العالمية سنويًا إلي أقل من 2 طن بحلول عام 2050.
قياس انبعاثات الغازات الدفيئة ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز وغيرها التي يتم إطلاقها في الغلاف الجوي بسبب نشاط ما. وتحتسب بالطن عادة. ويتم التعبير عن أطنان انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كمقدار مساحة الأرض المنتجة المطلوبة لعزل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومقدار القدرة الحيوية اللازمة لتحييد الانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري.
يوضح قياس انبعاثات الإنسان تنافس انبعاثات الكربون مع المتطلبات البشرية الأخري علي كوكبنا. مثل الغذاء والألياف والأخشاب والأراضي للمساكن والطرق.
وتتكون انبعاثات إنتاج الغذاء من ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز والميثان. بشكل أساسي عن الممارسات الزراعية. وتحتوي منتجات اللحوم علي بصمات كربونية أكبر لكل سعر حراري من الحبوب أو المنتجات النباتية بسبب التحويل غير الفعال للنبات إلي طاقة حيوانية. وبسبب الميثان المنطلق من إدارة السماد والتخمير المعوي في المجترات.
في المقابل. يقلل النظام الغذائي النباتي بشكل كبير من البصمة الكربونية للفرد. ولكن التحول إلي لحوم أقل كثافة في الكربون يمكن أن يكون له تأثير كبير أيضًا. علي سبيل المثال. انبعاثات غازات الدفيئة من لحوم البقر لكل كيلوجرام أكبر 7.2 مرة من تلك الخاصة بالدجاج.
يشير تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية. إلي أنه لا يزال نحو 2.6 مليار شخص يطهون طعامهم بحرق الوقود الصلب مثل الحطب والمخلفات الزراعية والفحم العضوي والفحم العادي والروث والكيروسين. باستعمال نيران مكشوفة ومواقد مسرّبة للدخان. معظمهم من الفقراء ويعيشون في بلدان منخفضة الدخل وأخري متوسطة الدخل.
أضاف التقرير أن تلوّث الهواء داخل المنزل حصد أرواح 3,2 مليون نسخة تقريباً في عام 2020. منهم أكثر من 237 ألف طفل دون سن الخامسة. مشيرا إلي أن التعرض للهواء الملوّث داخل المنزل يسبب الإصابة بأمراض. منها السكتة الدماغية ومرض القلب الإقفاري والانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة خاصة النساء والأطفال المسؤولون عادة عن أعمال منزلية جراء استعمال الوقود والتكنولوجيات الملوّثة في المنازل.
تتوقع وكالة الطاقة الدولية. أن خفض 40% من انبعاثات الكربون من الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050. سيكون نتاج سياسات لا تتعلق مطلقا بالأشخاص أو الأفراد مثل توليد المزيد من الكهرباء من الطاقة المتجددة أو استخدام تقنيات خضراء في التصنيع.
وقالت الوكالة إن خفض انبعاثات الكربون بمعدل 4%د% فقط يتوقع أن يأتي من تدابير فردية مثل تقليل السفر بالطيران أو تقليل استخدام السيارات. مشيرة إلي أن نسبة 55% المتبقية ستأتي جراء مزيج من إجراءات حكومية فردية لحماية البيئة مثل تقديم إعانات حكومية تمكن الأفراد من شراء سيارات كهربائية أو تركيب مضخات حرارية لتقليل الانبعاثات الناتجة عن التدفئة أو التبريد داخل المنازل.
وذكرت دراسة قام بها باحثون من جامعة إلينوي الأمريكية أن إنتاج الغذاء العالمي يتسبب في أكثر من ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
اترك تعليق