الجهاز المناعي للإنسان كثيرا ما يتأثر عند الإفراط في تناول المضادات الحيوية. أو تناولها دون استشارة الطبيب. حيث ان المضادات الحيوية تقتل البكتيريا النافعة التي تسهم أيضا في تكوين المناعة لحماية الجسم من العدوي الفيروسية والفطرية المختلفة. وبالتالي يتعرض الأفراد. خاصة الاطفال لنوبات التعب والمرض باستمرار. وقد يؤدي هذا للوفاة مثلما حدث لطفلتي الاسكندرية الشقيقتين إيمان وسجدة.
حذر خبراء الصحة والطب من ظهور البكتيريا الخارقة التي تحدث نتيجة لقدرة البكتيريا الضارة علي مقاومة المضادات الحيوية. حينها تتمكن تلك البكتيريا من التطور لتصبح أكثر قوة وعدوي ولا يمكن للمضادات الحيوية تدميرها. كما أن المضادات الحيوية تحمل الكثير من المخاطر علي الصحة العامة وعلي صحة الأطفال بشكل خاص. لذا ينصح الأطباء باستخدامها بحذر لدي الاطفال ومن خلال وصف الطبيب لأنها تؤثر علي كل أعضاء الجسم. رغم أنها علاج حاسم للكثير من الأمراض والالتهابات. نظراً لقدرتها علي التداخل مع البكتيريا الموجودة في الجسم ثم قتلها. مثل الفيروسات والفطريات. إلا أن أضرارها تشكل خطراً علي صحة الطفل.
أكد الخبراء أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية. خاصة عندما لا تكون المضادات الحيوية هي العلاج الصحيح فإن ذلك يُسبب زيادة مقاومة المضادات الحيوية. ووفقاً لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها فإن نحو ثلث استخدامات المضادات الحيوية لعلاج البشر ليس ضرورياً أو مناسباً. كما أن المضادات الحيوية تعالج العَدوي الناتجة عن البكتيريا. ولكنها لا تعالج العدوي الناتجة عن الفيروسات "العَدوي الفيروسية". فعلي سبيل المثال المضاد الحيوي هو العلاج الصحيح لالتهاب الحلق العقدي الذي تسببه البكتيريا. ولكنه ليس العلاج الصحيح لمعظم التهابات الحلق. التي تسببها الفيروسات.
أوضحوا أن أنواع العَدوي الفيروسية الشائعة الأخري التي لا يساعد استخدام المضادات الحيوية في علاجها تشمل نزلات الزكام أو سيلان الأنف والانفلونزا والتهاب القصبات ومعظم أنواع السعال وبعض التهابات الأذن وبعض التهابات الجيوب الأنفية وانفلونزا المعدة ومرض فيروس كورونا 2019 "كوفيد 19" والسُّعال الديكي "الشاهوق".
أشاروا إلي أن تناول مضاد حيوي في حال وجود عَدوي فيروسية لن يشفي العَدوي ولن يحمي الآخرين من الإصابة بالمرضي ولن يساعدك في الشعور بالتحسن أنت أو طفلك وقد يُسبب آثاراً جانبية غير ضرورية وضارة
يُسبب زيادة مقاومة المضادات الحيوية.
شدد الخبراء علي عدم استخدام المضادات الحيوية للأطفال والكبار عن طريق الوصفات الشعبية. فإذا أخذت مضاداً حيوياً وأنت مصاب بعَدوي فيروسية. فإن المضاد الحيوي يهاجم البكتيريا الموجودة في جسمك. وهي بكتيريا مفيدة أو لا تسبب المرض. ومن ثم قد يُسبب هذا العلاج غير الصحيح زيادة خصائص مقاومة المضادات الحيوية في البكتيريا غير الضارة. التي يمكن أن تشارك تلك الخصائص مع البكتيريا الأخري. أو قد يخلق فرصة لأن تحل بكتيريا "ربما تكون ضارة" محل البكتيريا النافعة.
أكد د.أيمن سالم أستاذ ورئيس قسم الأمراض الصدرية بقصر العيني سابقا انه رغم أهمية المضادات الحيوية في القضاء علي البكتيريا المسببة للكثير من الأمراض والالتهابات. لقدرتها علي التداخل مع البكتيريا الموجودة في الجسم ثم قتلها. ما يجعلها علاجاً حاسماً للعديد من الأمراض الناتجة عن الكائنات الحية الدقيقة مثل الفيروسات والفطريات. إلا أن أضرار الإفراط في استخدامها سيؤدي إلي مشاكل صحية متعددة.
أضاف أن المضادات الحيوية سلاح ذو حدين وتشكل خطراً علي صحة طفلك تكمن مخاطر استخدام المضادات الحيوية للأطفال في أنها تؤدي إلي مضاعفات طبية خطيرة تلحق بجهازهم المناعي. رغم فعاليتها عند الإصابة بالعدوي البكتيرية بما في ذلك التهابات الأذن. والالتهاب الرئوي. والسعال الديكي. والتهاب الحلق والجيوب الأنفية. والتهابات المسالك البولية.
وطبقا لتقرير الأبحاث العالمية. فإن هناك بعض الأضرار التي تصيب طفلك عند الإفراط في تناوله المضادات الحيوية. التي تشمل القئ والإسهال. حيث يعاني نحو 25% من الأطفال بالإسهال أثناء تناولهم المضاد الحيوي. أو حتي بعد أسابيع قليلة بعد انتهائهم من تناوله والغثيان. ومن أبرز ردود الفعل التحسسية التي قد يتعرض لها الطفل إثر تناول المضادات الحيوية الطفح الجلدي والشعور بالحكة. أو ظهور كدمات حمراء متورمة. وذلك نتيجة لحساسية بعض الأطفال تجاه المضادات المستخدمة.
لفت سالم إلي أنه من بين المضاعفات أيضا الاصابة بالتهابات الخميرة. حيث تحدث عدوي الخميرة في مناطق مختلفة من الجسم. وتشمل الطفح الجلدي الفموي. أوالطفح الجلدي التناسلي. وأيضا آثاره السلبية علي أسنان الأطفال. لأنه قد ينتج عنه ما يعرف بظاهرة الأسنان الملونة التي تحدث نتيجة مشتقات المضادات الحيوية وتصيب طبقة مينا الاسنان. لذا ينصح بعدم تناول الأطفال دون سن الثامنة للمضادات الحيوية.
من أكثر مخاطر المضادات الحيوية الإصابة بالحمي لدي الأطفال. حيث ارتبطت بتناول العقاقير التي يتم تناولها عن طريق الوريد. بجانب ذلك تعمل تلك العقاقير علي قتل البكتيريا النافعة داخل جسم طفلك التي تتكاثر داخل الأمعاء ويتمثل دورها في مراقبة الفطريات الموجودة بشكل طبيعي بالجسم. لذا ينصح بعدم استخدام المضادات الحيوية للأطفال دون سن 6 أشهر.
أوضح أن المضادات الحيوية تؤثر علي الأعصاب المسئولة عن السمع والتوازن. ما يؤدي إلي طنين الإذن بجانب زيادة خطر تمزق الأوتار وتلف الأعصاب الدائم عند الأطفال. مؤكدا أن المضادات الحيوية هي أدوية تستعمل لعلاج الالتهابات الجرثومية. وتستخدم هذه المضادات لعلاج الكثير من الأمراض. منها التهاب المجاري التنفسية الجرثومي والانتان الرئوي والتهاب المسالك البولية.
بعض هذه المضادات الحيوية تعمل عن طريق قتل البكتيريا المسببة للعدوي وبعضها الآخر يمكنه وقف النمو الجرثومي أو وقف تكاثر الجراثيم فحسب. ما يتيح لمناعة الجسم الطبيعية الفرصة للقضاء عليها وتختلف فعالية المضادات الحيوية من نوع لآخر حسب تقسيم المضادات الحيوية وفقاً لأنواع البكتيريا التي تحاربها.
قال د.شريف عباس أستاذ جراحة مناظير الجهاز الهضمي أن الجهاز المناعي يعتبر أحد معجزات الطبيعة. ويمكن له في حال كان فعالاً أن يقي ويشفي من الكثير من الأمراض. وقد يصف الطبيب الأدوية لمساعدة الجهاز المناعي علي التغلب علي الجراثيم التي تفوقه قوة.
يمكن أن يتعطل الجهاز المناعي أو يضعف نتيجة للأمراض. أو سوء التغذية. أو بعض الأدوية. وفي حين يوجد جزء كبير من الجراثيم النافعة للجسم في الأمعاء الموجودة في الحالة الطبيعية وتعتبر جزءاً من الجهاز المناعي للجسم. يمكن أن تقتل المضادات الحيوية الجراثيم النافعة والضارة علي حد سواء. وهذا يتيح المجال للجراثيم الضارة بالتكاثر والنمو.
أضاف أن الجراثيم النافعة تتكاثر بعد التوقف عن أخذ المضادات الحيوية وتعيد ترميم الأمعاء المتضررة. ولسوء الحظ قد لا تتمكن دوماً من القيام بذلك. وتشير الدراسات إلي أن الأشخاص الذين يتناولون المضادات الحيوية بطريقة مفرطة هم أكثر تعرضاً للإصابة بأمراض الأمعاء الالتهابية مثل التهاب القولون التقرحي. وداء كرون. كما يتجاوز تأثير قتل المضادات الحيوية للجراثيم النافعة منها والضارة في الأمعاء الفعل الموضعي ليصل ذلك التأثير إلي الدماغ. ووجِد أن الأشخاص الذين يعالجون بالمضادات الحيوية معرضون للإصابة بالاكتئاب والقلق بنسبة أعلي من غيرهم.
أشار إلي ظهور سلالات من الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية. حيث تحاول الجراثيم مقاومة المضادات الحيوية وذلك بتغيير شكلها أو بنيتها. بحيث تتخلص من تأثير المضادات الحيوية عليها. ويمكن للاستعمال المفرط للمضادات الحيوية مثل استعمالها في حالات الأمراض الفيروسية أو إيقاف جرعة العلاج قبل الموعد المحدد أن يسهل للجراثيم الضعيفة المتبقية عملية التحول. وهذا يؤدي لظهور جراثيم مقاومة للمضادات الحيوية. وتعتبر الجراثيم المقاومة واحدة من أكبر تحديات الطب الحديث. حيث إنّ أشكالاً جديدة من الجراثيم بدأت بالظهور دون وجود مضادات حيوية مناسبة لها.
نوه د.شريف إلي أن هيئة الدواء المصرية حذرت من استخدام المضادات الحيوية دون وصفة طبية. مشيرة إلي أن الإفراط فيها قد يؤدي إلي نمو سلالات جديدة من البكتيريا في الجسم. لديها القدرة علي مقاومة فعاليتها. وأن علاج البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أصعب وأكثر تكلفة. وقد يكون من الصعب التصدي لها في بعض الحالات. التي قد تنتهي بالوفاة.
لفت إلي أن المضادات الحيوية ليس لها تأثير في علاج العدوي الفيروسية مثل نزلات البرد والانفلونزا. كما يعتقد البعض. مشيرة إلي أنها تهدد الأطفال بالإسهال حال تناولها دون معرفة الطبيب. لأنها تقضي علي البكتيريا النافعة في القناة الهضمية.
ناشد بضرورة عدم استخدام المضادات الحيوية دون وصفة طبية واستشارة الطبيب أو الصيدلي في طريقة الاستخدام السليمة. وأن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية أو استخدامها بشكل خاطئ يوفر الفرصة للبكتيريا لأن تعتاد علي تأثير هذه المضادات وتتكيف معها. وبهذا تتكون سلالات أكثر قوة. لديها القدرة علي مقاومة المضادات الحيوية. كما أن علاج العدوي التي تسببها سلالات البكتيريا المقاومة أصعب وأكثر تكلفة. وبعض الحالات لا يمكن علاجها وقد تنتهي بالوفاة.
ناشد المواطنين بعدم استخدام المضادات الحيوية بجرعة واحدة فقط التي تسمي "حقنة البرد" أو "مجموعة البرد" لأن مكونات هذه الحقنة من المضاد الحيوي والكرتوزون ومسكن للألم وهذا يمثل خطراً داهماً علي صحة الإنسان. كما أن المضاد الحيوي لا تستخدم في علاج نزلات البرد والانفلونزا والكرتوزون ضار للقلب ومسكن الألم ضار بالكبد والكلي.
قال د.شريف عبدالهادي أستاذ جراحة أمراض القلب يعتقد البعض أن الحقنة المعروفة شعبياً بـ "الخلطة السحرية" أو "حقنة البرد". وهي السبيل للشفاء من نزلات البرد والأنفلونزا. وهذا اعتقاد خاطئ ويضر بصحة الإنسان. حيث ان هذه الحقنة تتكون من مضاد حيوي. والكورتيزون. ومُسكِّن للألم. مشيرا إلي أن هذه الحقنة لا تعالج نزلات البرد ولا يوجد علاجاً مُحدداً لنزلات البرد. وإنّما يتم استخدام بعض الأدوية التي تساعد علي تخفيف هذه الأعراض. وتحت إشراف الطبيب.
لفت إلي أنَّ أخطر ما في هذا الأمر هو استخدام الكورتيزون. حيث إنه يسبب ضعفاً في المناعة ويؤثر بشكل مضر علي مرضي السكري. وارتفاع ضغط الدم. والمضّاد الحيوي بشكل عام أنّه لا يُعالج نزلات البرد بالأساس لأنّها عدوي فيروسية. بينما يُستخدم المضاد الحيوي لعلاج العدوي البكتيرية. كما أنَّ استخدام مسكن الآلام وخافض الحرارة يسبب مشاكل صحية لمرضي الكبد والقلب والسكري والربو. والإفراط في استخدامه يسبب قرحة في المعدة. واختلال في وظائف الكلي.
أوضح أن د.خالد عبدالغفار وزير الصحة ووفداً من منظمة الصحة العالمية بحثوا سبل التعاون ومناقشة آليات الحد من مقاومة مضادات الميكروبات. وتناولوا بحث سبل الحد من مخاطر مقاومة مضادات الميكروبات. وذلك من خلال الالتزام بتطبيق بروتوكولات وأساليب الوقاية والعلاج الفعال. وكذلك الاستخدام الرشيد للأدوية والمضادات الحيوية بالمستشفيات. لحماية المواطنين من تأثيرات مقاومة مضادات الميكروبات باعتبارها أحد أكبر المشكلات التي تهدد الصحة العامة.
كما أوصت منظمة الصحة العالمية بأهمية تشكيل لجنة من منظور "الصحة الواحدة" التي تضم الوزارات والهيئات المعنية المختلفة بهدف توحيد الجهود فيما يخص برامج حوكمة استخدام مضادات الميكروبات. وفقاً لاستراتيجية قومية تتماشي مع اللوائح الوطنية والتوصيات الصحية العالمية.
شدد د.شريف علي ضرورة زيادة حملات توعية المواطنين بمخاطر الإفراط في استخدام المضادات الحيوية دون وصف من الطبيب المختص. حيث يؤدي الإفراط في استعمال مضادات الميكروبات إلي تقليل قدرتها علي علاج الأمراض.
اترك تعليق