صاحب فكرة تقاضى أبطال الجيش نصف رواتبهم لمدة 20 عام
مضي عام على رحيل قائد عظيم وحكيم وأمين، أدار دفة الوطن بحكمة واقتدار وحفظ أمن مصر وسلامة شعبها واراضيها، وهو المشير حسين طنطاوي، والذي كان أحد القادة المشاركين في حرب اكتوبر المجيدة، وتولي رئاسة مصر بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك في 11 فبراير 2011.
ولد المشير محمد حسين طنطاوي، يوم 31 أكتوبر عام 1935م في حي عابدين بالقاهرة، لأسرة نوبية من أسوان، حصل على بكالوريوس في العلوم العسكرية من الكلية الحربية عام 1956، كما درس في كلية القيادة والأركان عام 1971م ، وفي كلية الحرب العليا عام 1982.
كان المشير طنطاوى البطل الذى خاص أربعة حروب دفاعًا عن تراب مصر ورفعًا لرايتها، والقائد المحب لوطنه، صاحب فكرة تقاضي أبطال الجيش المصري نصف رواتبهم لمدة 20 عامًا، لتحقيق قدرة اقتصادية للقوات المسلحة تمكنها من تنفيذ مهامها وحماية وطنها.
وفي عام 1987 تولى طنطاوي، منصب قائد الجيش الثانى الميداني، ثم قائد قوات الحرس الجمهورى عام 1988، حتى أصبح قائداً عاماً للقوات المسلحة ووزيراً للدفاع عام 1991 برتبة فريق، وعقب شهر واحد أصدر "مبارك" قرارًا بترقيته إلى رتبة فريق أول، كما صدر قراراً جمهورياً بنهاية عام 1993 بترقيته إلى رتبة المشير ووزيرا للدفاع والإنتاج الحربى.
وفي معركة العزة والكرامة في أكتوبر 1973، دخل المشير طنطاوى فى مواجهة مباشرة مع القوات الإسرائيلية وتحديدا مع أرييل شارون، كان ذلك يوم الثاني عشر من أكتوبر، حيث تم الدفع بإحدى الوحدات التى كان يقودها المشير طنطاوي لتأمين الجانب الأيمن للفرقة لمسافة 3 كيلومترات، وكانت الفرقة قد تم إخراجها منها، وتمكنت الوحدة بقيادة "طنطاوي" من السيطرة على نقطة حصينة على الطرف الشمالي الشرقي من البحيرات المرة، واضطر جنود هذه النقطة من الإسرائيليين، للهرب منها تحت جنح الظلام.
بطولات كثيرة، وانتصارات أكثر وأكثر ، بطلها المشير محمد حسين طنطاوي، ففي الخامس عشر من أكتوبر 1973، كان "المقدم طنطاوي" قائدا للكتيبة 16 مشاة التى أحبطت عملية "الغزالة المطورة" الإسرائيلية، حيث تصدت لمجموعة "شارون" ضمن فرقتي مشاة ومدرعات مصريتين فى الضفة الشرقية، فى منطقة مزرعة الجلاء المعروفة باسم "المزرعة الصينية" حيث كبدت الكتيبة الإسرائيليين خسائر فادحة.
المشير يروي بطولاته
روى العميد أركان حرب حسين طنطاوي، قائد الكتيبة 16 مشاة فى حرب أكتوبر بطولات كتيبته، وقد تجلى ذكاء وتخطيط "طنطاوي"، عندما هاجمته مدرعات العدو.، ووقتها لم يكشف البطل أوراقه، وتحلى بالصبر، وحبس نيران مدفعيته لحين معرفة وتقدير قوة العدو وقدراته، على أرض المعركة، وفى التوقيت المناسب قرر الضرب، وانطلقت نيران الأسلحة وقذائف المدفعية،وانطلق أبطال كتيبته على مدرعات ومجنزرات العدو، حتى قضوا عليها نهائيا، وفشل هجوم العدو فى الوصول للقناة، وأخذ يبحث عن مكان آخر بعيداً عن رجال الفرقة 16 مشاة التى كان يقودها العميد عبدرب النبى حافظ والكتيبة 16 مشاة التى كان يقودها " طنطاوي".
هكذا روى البطل المشير طنطاوي، جزءا من ملحمة انتصارات وبطولات القوات المسلحة على الجبهة حتى استطاعوا تحقيق النصر واسترداد سيناء الحبيبة بعد أن دنسها الاحتلال، واختتم حديثه عن حكايات أبطال أفراد الكتيبة بقوله: "كل همي أن أنا مرجعش ولا فرد من الأفراد اللى جم الموقع حي، تلك هى معركة من المعارك التى خاضتها الكتيبة منذ العبور حتى إيقاف إطلاق النار، يكفينا فخرًا أن الكتيبة لم تتكلف فى العبور إلا شهيدا واحدا وهو "عادل بصاروف".
ومن أقواله عن حرب الاستنزاف:" كانت فترة زاهرة فى تاريخ القوات المسلحة المصرية، حيث كان الجيش يقاتل ويستعد ويعيد بناء القوات فى نفس الوقت، فقد أعطت الحرب الجنود والضباط الثقة بالنفس، كما منحت الشعب الثقة فى الجيش".
واعترف ضباط الاحتلال الإسرائيلي بالهزيمة في تلك المعركة، وفقد فرقتا "شارون وآدن" اللتان قامتا ب إحداث الثغرة أكثر من 500 جندي، بالإضافة إلى قتل ضباط الصفين الأول والثانى من قادة الألوية والسرايا، قائلين:" إن شراسة معارك الثغرة لم تحدث فى تاريخ الحروب بعد تلاحم المدرعات المصرية والإسرائيلية، وحرق المئات من العربات المدرعة والمجنزرات".
تحمل المسئولية في أصعب الأوقات
المشير يتحمل المسؤولية في وقت عصيب، لم تتوقف عند حدود خوض المعارك وحمل السلاح فى وجه أعداء الوطن من الخارج فقط، وإنما كان منقذا ومحافظا على مصر ومقدرات شعبها بحكمته وكفاءته وقدرته ، وتولى زمام الأمور في أصعب فترة في تاريخ مصر ، وأنقذ السفينة من الغرق، بعد أن تنحى الرئيس السابق محمد حسني مبارك عقب ثورة 25 يناير، وتم تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.
وبعد تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوى مسئولية السلطة فى مصر، نجح فى وقت قصير أن يحافظ على هيبة ومكانة القوات المسلحة المصرية فى أنظار العالم، وتمتع بثقة الجميع فى الداخل والخارج، وتحمل أعباء ومسئوليات عهد جديد على مصر والمنطقة بأسرها، ونجح فى كل الاختبارات التى تعرض لها بنجاح منقطع النظير، رغم كل محاولات الاستفزاز التى تعرض لها وتعرضت لها القوات المسلحة فى تلك الفترة العصيبة إلا أنه كان حائط الصد عن الشعب المصري في كل وقت وفي أي مكان.
وبموجب البيان الخامس الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، أصبح المشير "محمد حسين طنطاوى" الحاكم الفعلي لمصر عقب ثورة 25 يناير وممثلاً للجمهورية فى الداخل والخارج.
رحلة البطولات والانتصارات
شغل طنطاوي، مناصب قيادية عديدة فى القوات المسلحة، حيث كان رئيسًا لهيئة العمليات وفرقة المشاة، وحصل بعد حرب أكتوبر المجيدة على نوط الشجاعة العسكري ثم عمل عام 1975، ملحقاً عسكرياً لمصر فى باكستان وبعدها فى أفغانستان.
وحصل خلال مشواره العسكري العديد من الأوسمة والأنواط والميداليات منها وسام التحرير، ونوط الجلاء العسكري، ونوط النصر، ونوط الشجاعة العسكري، ونوط التدريب، ونوط الخدمة الممتازة، ووسام الجمهورية التونسية، ووسام تحرير الكويت، ونوط المعركة، وميدالية تحرير الكويت، بالإضافة إلى ميدالية يوم الجيش.
وتوفى المشير بعد صراع مع المرض لمدة 3 شهور، يوم 21 سبتمبر 2021.
اترك تعليق