هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

في ذكري ميلاده الـ 99

محمد حسنين هيكل.. اطلقوا عليه اسم "الجورنالجي".. وبداياته مع "بنات الليل"

عمل مراسل لجريدة الأيجيبشيان جازيت بالجمهورية عام 1942

تمر علينا هذه الأيام.. ذكرى ميلاد الراحل الأستاذ محمد حسنين هيكل الـ99، والذي كان يحتفظ في رأسه بخريطة كاملة للمنطقة العربية بكل تفاصيلها ويحتوي مكتبه علي وثائق لا يحتفظ بها غيره، وهو من أشهر الصحفيين والكتاب في تاريخ الصحافة المصرية والعربية فى القرن العشرين، حيث قضى 70 منها صحفيا وكاتبا ومُحللا وشاهدا على التاريخ، ورحل فى 17 فبراير 2016 عن عمر ناهز 93 عاما.


لم يكن مولده مختلفا عن مولد الملايين من البشر فقد كان شئ عادياً وقت مجئ هذا الطفل للحياة في الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1923، بحي الحسين بالقاهرة، صحيح ان والده تاجر الحبوب قد فرح بمولده، لكن فرحته كانت عادية تليق بمولود من الزوجة الثانية لرجل تعود اصوله الي ديروط بمحافظة اسيوط.
وكانت أحلام هيكل ككل أحلام الاطفال في سنه، ويحلم ان يصبح طبيباً، لكن ظروفه لم تسمح له بغير الدراسة في مدرسة التجارة المتوسطة، وهكذا لم ينل من أصبح ملء السمع والبصر (ولا يزال) تعليما جامعيا، وتلك نقطة في صالحه ولن تنقص من قدره.

بداياته

كان هيكل في التاسعة عشرة من عمره ووقتها ايضا كانت الحرب العالمية الثانية قد اشتعلت وكان من قدر مصر ان تخوض رغما عنها حربا لا ناقة لها فيها ولا جمل.
ودرس هيكل بعد تخرجه في مدرسة التجارة المتوسطة، في القسم الاوروبي بالجامعة الامريكية، حيث التقي للمرة الأولي سكوت واطسون الصحفي بجريدة الايجيبشيان جازيت أحدي المطبوعات الأجنبية لدار التحرير للطبع والنشر "الجمهورية" والذي ساعده في الالتحاق بالجريدة في الثامن من فبراير عام 1942, كصحفي تحت التمرين بقسم المحليات، حيث عهد إليه بأخبار الحوادث، وعمل أيضا كمراسل حربي للجريدة.

في ذلك الوقت كانت الايجيبشان جازيت هي المطبوعة الاجنبية الأولي في مصر، وكان من يكتبون فيها ملء السمع والبصر، منهم مثلا جورج أرويل ولورانس داريل ووايف كوري ابنة مير كوري مكتشفة اليورانيوم، أما رئيس تحريرها فكان كاتبا لا يقل قدرا عن هؤلاء هو هارولد إيرل.

قضايا بنات الليل

مع قضايا بنات الليل بدأ ظهور نجم هيكل، ففيما كان هيكل يطرق ابواب مهنة الصحافة صحفيا صغيرا ب "الايجيبشيان جازيت" مهمته جمع أخبار الجريمة، أصدر عبدالحميد حقي وزير الشئون الاجتماعية وقتها قراراً يقضي بإلغاء البغاء الرسمي، وسبب هذا القرار كان اصابة عدد من جنود الحلفاء بالأمراض التي انتقلت إليهم من فتيات الليل، فكان أن اتفق الانجليز وحكومة الوفد علي اصدار القرار الذي أثار الجنود كما أثار فتيات الليل, كان الجميل يعرفون رأي الجنود الذين لم تكن تعنيهم الأمراض، وقد جاءوا الي الحرب أي الي الموت، لكن أحدا لم يكن يعرف رأي فتيات الليل، وتلك كانت مهمة الصحفي الصغير محمد حسنين هيكل.
كان تكليف الجريدة له هو ان يلتقي بفتيات الليل ويحصل من كل منهم علي صورة يضعها علي استمارة الاستفتاء التي وضعتها الجريدة وطبعت منها 500 نسخة، كان علي هيكل ان يملأ خمسها، وهو ما نجح فيه بجدارة.
وهي القصة التي حكاها هيكل بنفسه في العدد رقم 546 من مجلة أخر ساعة، فكتب ما نصه: "كنت اقضي فترة التمرين في "ايجيبشان جازيت"، وذات يوم جاءني سكرتير تحرير الجريدة وقال لي: إن الحكومة تفكر في الغاء البغاء الرسمي وان الجرائد كلها تكتب في هذا الموضوع دون ان تحاول واحدة منهم ان تأخذ راي اصحاب الشأن الأول، وهم البغايا انفسهن.. وطلب مني يومها أن أقوم بسؤال مائة بغي عن رأيهن في الموضوع، قائلا: انه سيكون دليلا علي مقدرتي الصحفية اذا تمكنت من استفتاء مائة بغي.. وكانت مهمة شاقة.. ولكن المسألة كانت مسألة امتحان.
وذهبت إلي الحي الذي تستطيع ان تشتري فيه كل شئ، ودخلت اول بيت وأنا أفكر في الصيغة التي ألقي فيها السؤال، ولكن يبدو انني لم أوفق في اختيار الصيغة لأنني خرجت من البيت الأول مشيعا بسباب وصل إلي أجدادي حتي عهد الملك مينا، وحاولت.. وحاولت.. ولكن علي غير فائدة، وأخيرا أدركت عقم المحاولة، وبدأت أفكر بهدوء وأحسست أن ثقتي في نفسي بدأت تفارقني، والتفت فإذا مقهي قريب مني فذهبت اليه لاستريح وافكر، وفي اثناء جلوسي لاحظت وجود سيدة متقدمة في السن كان جميع من في المقهي ينادونها ب "المعلمة" باحترام قل أن يكون له مثيل, ووثبت في ذهني فكرة، فتقدمت من السيدة وشرحت لها كل مهمتي، وأثبت لها ان مستقبلي كله يتوقف علي معاونتها لي، وفكرت السيدة قليلا ثم قالت لي: اقعد, وقعدت.
بعد لحظات نادت بعض النساء, وعقد الجميع مؤتمرا لبحث المسألة، وجلست انتظر النتيجة،  وفجأة صاحت أحداهن: نادوا عباس, ومرت فترة ثم حضر شاب سمع المسألة ثم تقدم مني قائلا: "معاك كارنيه" ولم يكن معي كارنيه ولا خلافه، ولم يقتنع عباس، ولكن المعلمة اقتنعت قائلة: "ده باين عليه ابن ناس" وهززت راسي مؤكدا انني "ابن ناس" جدا فبدأت ترسل في طلب النساء من المنازل حتي أتاحت لي الفرصة أن اسأل مائة امرأة وأنا جالس في مكاني اشرب القهوة علي حساب المعلمة.
وبعد نجاح هيكل في المهمة الصعبة التي وكلت إليه، وكانت النقلة الأهم في حياته حين وقع عليه الاختيار ليذهب الي العلمين التي شهدت اشرس معارك الحرب العالمية الثانية ليصف بقلمه وقائع تلك المعارك.

تألقه الصحفي 
وبعدها دعته السيدة فاطمة اليوسف صاحبة مجلة روز اليوسف الي مائدتها ثم مجلتها ليصبح هيكل عام 1944 صحفيا في مجلة روز اليوسف والانتقال للعمل في مجلة أخر ساعة مع الاستاذ محمد التابعي.
وشهدت هذه الفترة بداية تألقه الصحفي بسلسلة تحقيقات عن خط الصعيد ووباء الكوليرا ليحصل علي جائزة الملك الراحل فاروق باعتبارها أرفع الجوائز الصحفية بمصر أنذاك.
عني هيكل ايضا بالسياسة الخارجية، حيث شملت تغطياته حرب فلسطين وانقلابات سوريا وثورة محمد مصدق في ايران والنزاع في تركيا، وهو لا يزال يرتبط بعلاقات قوية مع معظم قادة العالم وكبار سياسييه.

وأصبح هيكل بعد ذلك مراسلاً متجولاً بأخبار اليوم وتنقل وراء الأحداث من الشرق الأوسط إلى البلقان وأفريقيا والشرق الأقصى حتى كوريا، ثم استقر فى مصر عام 1951م حيث تولى منصب رئيس تحرير "آخر ساعة" ومدير تحرير "أخبار اليوم" واتصل عن قرب بمجريات السياسة المصرية.

اعتذر هيكل فى المرة الأولى عن مجلس إدارة ورئاسة تحرير الأهرام وذلك فى عام وفى عام 1956م، إلا أنه قبل فى المرة الثانية وظل رئيساً لتحرير الأهرام لمدة 17 عاما، كما بدأ عام 1957م فى كتابة عموده الأسبوعى بالأهرام تحت عنوان "بصراحة" والذى انتظم فى كتابته حتى عام 1994م.

وإلى جانب العمل الصحفى شارك هيكل فى الحياة السياسية، حيث تم تعيينه وزيراً للإعلام فى عام 1970، ثم أضيفت إليه وزارة الخارجية لفترة أسبوعين فى غياب وزيرها الأصلى السيد محمود رياض.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق