هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

حوار مع هاملت للمخرج العالمي دومنيك شامبين

حوار مع هاملت هو عنوان الكتاب الجديد الذي أصدره مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي. للمخرج الكندي العالمي دومنيك شامبين، أحد المكرمين في المهرجان، بثلاث لغات، العربية والإنجليزية والفرنسية.


الكتاب عبارة عن شهادة مطولة كتبها دومنيك للمهرجان، ويتناول فيها أجزاء من سيرته الذاتية، وحلمه بزيارة مصر التي يأتيها لأول مرة في حياته، وقدم للكتاب الدكتور محمد عبدالرحمن الشافعي.

ومن أجواء الكتاب يقول دومنيك شامبين:
عندما يحين وقت الجوائز والتكريمات، أشعر دائمًا ببعض الحذر من الغرور، كما لو أنني شعرت - بمجرد الإطراء- أن هناك خطأ في شخصي، وكما لو أن هذه الفرصة للتألق في دائرة الضوء والبهجة بمثابة فخ يذكرني بمدي ضآلة ما أنجزته.

وكما لو أنه بعد كل هذا الوقت الذي أمضيته في الحلم، وبعد كل هذه الجهود والمحاولات لإعطاء الحياة بعض الأوهام، فإن حصادي مما تعرفت عليه هو القليل الذي أصبحت عليه.

فياتري من هو هذا الرجل الذي يتم تكريمه اليوم، في قلب إحدي أقدم مدن العالم.. حيث كان يحلم أن يجد نفسه في صيف العشرينيات من عمره؟.

من هناك؟ هكذا قال شكسبير

يا الله! أرغب في الرد ببراعة على الشرف الذي تمنحوه لي، محاولًا الإجابة عن هذا السؤال قليلاً من خلال أن اعترف لكم بأصدق طريقة عن المعني الرائع الذي اتخذته حياتي، منذ أن كنت صغيراً، يوم ذلك الصيف عندما وعدت والدي المهندس المعماري أننا سنذهب سويًا للتفكير في لغز الأهرامات! لقد مات أبي منذ ربع قرن، دون أن يعرف نجاح ابنه، واعتقد أنه كان سيفخر به، لكن ها أنا ذا.

وأشكركم على هذا التقدير الذي تمنحوه لي.

من هناك؟ من أنا؟
ولدت في مدينة صناعية صغيرة، لا يعني اسمها شيئًا بالنسبة لكم، بالقرب من نهر يتدفق عبر عروقي منذ الصغر، كما أفترض أن نهر النيل كان يتدفق عبر قلوبكم  منذ آلاف السنين.

أتذكر أن المياه كانت بكل الأحوال هادئة لكنها قوية، مياه هادئة وقوية في نفس الوقت.. حيث أعيشها منذ الطفولة، فقد أبحرت، وصيدت، وجدفت فيها، وما زلت في صباح الصيف، أستحم، وقلبي ينبض، وأتعجب من الرحلة، والنسور الصلعاء التي تحلق فوق رأسي، وتتعلم كيف تداعب السماء، وتتعرف هناك على التيارات الدافئة التي ستحملها قريبًا وهي تمارس الصعود.

في كل مرة أدخل فيها النهر أشعر بقدر من النعمة، إنها لحظة مصالحة مع الكون، لحظة تمنحنا شعوراً بالانسجام مع العالم.

بينما أكتب هذه السطور، أجد نفسي أحلم بمياه النيل والفوضي الرائعة الموصوفة في الكتب التي كتبت عن الحياة في القاهرة.

والتفكير في هذه الرحلة التي لن يقوم بها والدي أبدًا، ولا يسعني إلا التفكير في رحلة خاصة به، أبي، جدي الذي ولد في عالم صاف.. حيث كان يمكنك فيه أن تشرب الماء من الجدول.

ولا يسعني إلا أن أخبركم عن قلقي اليوم، مع العلم أنه في غضون جيلين قبلنا تلوثت المياه التي نشربها، والهواء الذي نتنفسه، والأرض التي نتغذي عليها، والآن تلوث الجو الذي يحكم السماء والعالم الذي نعيش فيه بأسره، مثل وفاة لا رجعة فيها.

إن التحدي الذي يمكن أن يطرح على المسرح وعلى من يصنعه يكمن في الرد علي ما يحدث لعالمنا وليكن الرد من خلال الليلة التي دخلنا بها المجال.

أعتز بهذه المياه من نهر سانت لورانس.. حيث إننا بلا شك نعتز بمياه نهر النيل هنا منذ آلاف السنين، وكل الحياة الخصبة التي استطاعت أن تولدها في هذا البلد القديم قدم الحضارة حيث نعرف أن الرجال والنساء قادرون على إنجاب أعظم العجائب، تشهد على ذلك الانهيارات الغامضة التي نعاينها مع قليل من الحكمة وكثير من الفكاهة.. حيث ينتهي بنا المطاف لنري أنفسنا على قيد الحياة.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق