تعتبر تحويلات المصريين بالخارج من أهم مصادر العملة الصعبة للاقتصاد المصري وتعد ثاني أكبر مصدر بعد الصادرات كما أن تعزيز هذه التحويلات والعمل علي زيادتها يقلل من اتجاه الدولة للقروض.
بلغت تحويلات المصريين بالخارج وفقاً لآخر بيانات البنك المركزي 31.9 مليار جنيه في العام المالي "2021 - 2022" هذا المبلغ الكبير جعلنا نقول لماذا لا نعمل علي زيادة هذا الرقم من خلال مجموعة حوافز وتسهيلات للمصريين بالخارج حتي يمكننا الاستغناء في المستقبل عن القروض.
طالب الخبراء باستغلال المصريين بالخارج وعددهم الكبير الذي يصل إلي 14 مليون مواطن في زيادة الحصيلة الدولارية من خلال عدة مزايا وحوافز مثل منح امتيازات جمركية للمصريين بالخارج واعفاء سيارة لكل مصري بالخارج من الجمارك مقابل وديعة دولارية لمدة 3 سنوات بدون فوائد وتخفيض التعريفة الجمركية علي الأجهزة الكهربائية الشخصية إلي النصف مقابل دفع قيمة الجمارك بالدولار.
كما طالب الخبراء بتوفير فرص استثمارية وأراض بالمشروعات بالمدن الجديدة للمصريين بالخارج وتكو ن بالدولار كل ذلك يساهم في زيادة مخزون النقد الأجنبي من ناحية وتعزيز الاقتصاد الوطني من ناحية اخري.
يقول الدكتور مجدي مليجي عبدالحكيم أستاذ المحاسبة بكلية التجارة جامعة بنها إن تعد تحويلات المصريين بالخارج تعد من المصادر الأساسية لدعم النقد الأجنبي في مصر. كما أنها من أكثر المصادر أماناً واستقراراً حيث تمثل ثاني أكبر مصدر للنقد الأجنبي بعد التصدير. لذلك فإن تعزيز هذه التحويلات قد يقلل من اتجاه الدولة للقروض الخارجية.
أضاف أن تحولات المصريين العاملين بالخارج سجلت أعلي مستوي لها وفقاً للبيانات الرسمية للبنك المركزي المصري في العام المالي 2021/2022م حيث بلغت 31.9 مليار دولار بنسبة نمو سنوي 1.6%. مقارنة بنحو31.4 مليار دولار خلال السنة المالية 2020/2021م. وقد جاءت معظم هذه التحويلات في المرتبة الأولي من الدول العربية بنسبة 68.3 يلها التحويلات من الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 17.9%. ثم دول الاتحاد الأوروبي في المرتبة الثالثة بنسبة 10.1.
أوضح أنه وباستقراء تحليلات الخبراء. يمكن تحديد أهم الحوافز والسياسات التي تؤدي إلي زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتي من أهمها: زيادة الثقة في الاقتصاد المصري وقد زادت هذه الثقة مؤخراً من خلال تجاوز الاقتصاد المصري للعديد من الأزمات التي تمر بها دول العالم المختلفة.
وأيضاً تفعيل دور السفارات المصرية خاصة بالدول العربية. لتذليل العقبات التي تواجه أبناء الجالية المصرية. وتسهيل كافة الإجراءات لهم والاستماع إلي مشاكلهم.
وتسهيل إجراءات تجديد الاعارات والإجازات للمصريين العاملين بالخارج في كافة القطاعات. وإلغاء قرار المدة الإلزامية قبل السفر في الجامعات المصرية. والتصريح لمرافق الزوجة بالسماح له بالعمل لأنه متطلب أساسي للسفر في بعض الدول.
طالب د.مليجي زيادة الفائدة علي الشهادات الدولارية "شهادة بلادي" التي تصدرها البنوك المصرية حيث إن أعلي فائدة حالياً لها 2.20%. وتسهيل إجراءات فتح الحساب الدولاري. وإلغاء المصاريف السنوية المرتبطة به. وربطه بعائد مناسب مع تقديم المزيد من التسهيلات والمزايا للمصريين بالخارج عند شراء الشقق والأراضي في المدن الجديدة وسداد قيمتها بالدولار.
يقول الدكتور أحمد مطاوع الاستاذ بتجارة المنصورة ان العاملين بالخارج بمثلون أهم دعائم القوة الشاملة للدولة المصرية. وفي ظل سعي الدولة المصرية لتعظيم مصادر الدخل من العملات الأجنبية كان حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي والحكومات المتعاقبة علي تبني العديد من الاستراتيجيات المحفزة لأنشطة اقتصادية تستهدف تنمية الموارد من العملات الأجنبية. ولكن تبقي تحويلات المصريين بالخارج كمصدر للعملات الأجنبية أمراً يتطلب المزيد من الاهتمام من جانب الدولة.
أضاف أنه يحسب تصريح البنك المركز المصري الأخير ان تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال السنة المالية 2021/2022 سجلت ارتفاعاً بمعدل 1.6% لتبلغ نحو 31.9 مليار دولار. مقارنة بنحو 31.4 مليار دولار خلال السنة المالية 2020/2021 وفي تصوري أن هذا الرقم المطلق مضلل. حيث أن مقارنة هذا الرقم بعدد المصريين بالخارج الذي يتراوح بين 10 و14 مليون مواطن مصري وفقاً لتصريح وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج يوضح أن متوسط التحويلات الرسمية السنوية للمواطن المصري بالخارج 2800 دولار. والتساؤل أين تذهب باقي التحويلات. الاجابة ببساطة أن أغلب دخول تلك الفئة يتم تداولها خارج القنوات غير الرسمية.
أوضح أن هذا الجزء المتداول بشكل غير رسمي من الضخامة التي تجعلنا ندهب إلي القول بأن ادماج تلك التحويلات غير الرسمية في المنظومة الرسمية قد يغني الدولة عن العديد من القروض الخارجية.
أوصي د.مطاوع بوضع استراتيجية شاملة لجذب تلك التحويلات من خلال اتاحة منتج مصرفي جديد تحت مسمي شهادات الادخار الدولارية للعاملين بالخارج فقط. بمعدل عائد مرتفع. ووضع آليات لتحصيل جميع الرسوم الخاصة بخدمات العاملين بالخارج بالدولار مع منح تخفيض علي تلك الرسوم مقابل التحصيل بالدولار. والتوسع في طرح عقارات سكنية وتجارية وأراض سكنية وزراعية في مشروعات الاستصلاح للعاملين بالخارج بالعملات الأجنبية بأقساط طويلة الأجل بدون فوائد.
قال الدكتور ماجد الباز الأستاذ المساعد بتجارة قناة السويس إن معظم دول العالم حالياً تمر بأزمة تمويل خاصة فيما يتعلق بتوفير العملة الصعبة- الدولار- لتلبية ثمن الفاتورة الاستيرادية لها مع تباطؤ عجلة الاقتصاد علي المستوي الدولي، ومن هذا الدافع اتجهت العديد من الدول الي الأفكار غير المعتادة أو المسماه خارج الصندوق والتي تعتمد علي مبدأ Win to Win وهو المكسب لجميع الأطراف في مقابل تسهيلات وامتيازات.
أكد د.الباز علي أهمية بحث الدولة المصرية عن مصادر تمويل "خارج الصندوق"، وذلك من خلال الاعتماد علي أبنائها بالخارج والذين يعتبرون ثروة قومية غير مستغلة بالشكل المثالي في الوقت الحالي ورغم أن تحويلات المصريين بالخارج خاصة دول الخليج قاربت علي 32 مليار دولار سنوياً وهو المصدر الأكبر للعملة الصعبة داخل الاقتصاد المصري.
أضاف أن هذا الرقم يمكن مضاعفته ثلاث مرات علي الأقل أي تصل الزيادة إلي 100 مليار دولار من خلال زيادة التسهيلات والامتيازات الجمركية الممنوحة لهم. فعلي سبيل المثال يمكن منح العاملين بالخارج امتياز الاعفاء من الجمارك علي سيارة من الدولة التي يعمل بها بشرط إيداع مبلغ معين بالدولار كوديعة بدون فوائد لمدة ثلاث سنوات. بالإضافة إلي تخفيض التعريفة الجمركية علي الأجهزة الكهربائية ذات الاستخدام الشخصي إلي النصف مقابل دفع قيمة الجمارك بالدولار وإيداع النصف الآخر المخفض كوديعة بدون فوائد لمدة عام.
وأوضح د.الباز أن فوائد هذا المقترح تتبلور حول ضمان حصول الدولة المصرية علي التمويل المطلوب من العملة الصعبة بصورة مستمرة ودورية وبدون فوائد. مما يعني عدم اللجوء إلي الجهات التمويلية الدولية وعلي رأسهم صندوق النقد الدولي والذي غالباً يضع شروطاً مجحفة للتمويل. كما أنها ترفع من درجة الانتماء للمواطنين العاملين بالخارج عند شعورهم بوجود امتيازات تمنح لهم نظير مساعدتهم للدولة في سد الفجوة الحالية للتمويل.
د.علاء زلط.. الأستاذ بتجار المنوفية:
يقول الدكتور علاء زلط الأستاذ المساعد بتجارة المنوفية أن تحويلات المصريين بالخارج سجلت في عام 2022 حسب آخر احصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة الاحصاء ارتفاعاً قياسياً. حيث بلغت 31.9 مليار دولا للعام المالي 2021-2022. مقارنة بـ 31.4 مليار دولار للعام المالي 2021-2022. وقد أرجعت تقارير البنك المركزي المصري هذه الزيادة إلي إقبال المصريين بالخارج علي شراء شهادات البنوك المصرية ذات العائد 18%. بالإضافة إلي ارتفاع أسعار النفط نتيجة الحرب الروسية- الأوكرانية وما ترتب عليه من ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري.
أضاف أن تقرير للبنك الدولي كشف عن أكبر خمس دول تتلقي تحويلات من العاملين بالخارج هي الهند والمكسيك والصين والفلبين وتأتي مصر في المركز الخامس بين أكبر دول العالم في تحويلات العاملين بالخارج.
وعلي الرغم من أن هذه الزيادة غير المسبوقة في تحويلات العاملين تلقي بظلال اقتصادية إيجابية علي الاقتصاد المصري لكونها واحدة من سبعة مصادر للنقد الأجنبي في مصر وتأتي في المرتبة الثانية بعد الصادرات السلعية والبترولية التي وصلت عائداتها ما يقرب 45 مليار دولار إلا أن هذا الرقم ما زال قليلاً قياساً علي عدد المصريين المغتربين بالخارج والبالغ عددهم 14 مليون مصري.
يقول الدكتور محمد راشد مدرس الاقتصاد بجامعة بني سويف أن تحويلات العاملين في الخارج تلعب دوراً محورياً في دعم موارد النقد الأجنبي للدولة وكذلك استقرار سوق الصرف باعتبارها أهم مصدر للعملة الصعبة بعد الصادرات.
أضاف أن تحويلات العاملين في الخارج ارتفعت بنحو 1.6% خلال العام المالي المنقضي مقارنة بالعام المالي السابق عليه وذلك بسبب الارتفاع الملموس الذي شهدته أسواق النفط مما أنعكس علي دخل وموازنات الدول الخليجية والتي يتدفق منها النسبة الأكبر من تحويلات العاملين المصريين في الخارج علاوة علي التراجع الذي شهده سعر صرف الجنيه المصري والذي تراجعت قيمته بمقدار الثلث تقريباً منذ شهر مارس الماضي مما يعد عاملاً مشجعاً علي زيادة هذه التحويلات واستثمارها محلياً ولا سيما في الأنشطة العقارية والشهادات البنكية التي شهدت ارتفاعاً في أسعار الفائدة بعد ارتفاع معدلات التضخم.
أوضح أنه يمكن تشجيع العاملين في الخارج لمزيد من التحويلات من خلال طرح ودائع دولارية بأسعار فائدة تفضيلية علي أن يصرف قيمة العائد عليها بالجنية المصري علاوة علي تخصصيص أراض ووحدات عقارية مميزة للعاملين في الخارج علي أن يدفع ثمنها بالدولار بجانب أهمية قيام وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين في الخارج بالتعاون مع القنصليات وفروع البنوك المصرية هناك بالترويج للمشروعات الاستثمارية في مصر مع اعطاء مزايا وحوافز تفضيلية تحثهم علي الانخراط في مثل هذه الاستثمارات.
اترك تعليق