أثارت مداهمة منزل الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب فى فلوريدا، عاصفة سياسية فى واشنطن، إذ اتهم ترامب الديمقراطيين بتسليح نظام العدالة لاستهدافه.
وسرعان ما ردد حلفاء الجمهوريون هذا الخطاب، وتعهد زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن مكارثي بالتحقيق في تعامل المدعي العام ميريك جارلاند مع الأمر إذا استعاد الحزب الجمهوري السيطرة على مجلس النواب العام المقبل.
وذهب أحد المشرعين في ولاية فلوريدا، ممثل الولاية أنطوني ساباتيني، إلى حد دعوة الولاية إلى قطع جميع العلاقات مع وزارة العدل على الفور، واعتقال عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين يقومون بمهام إنفاذ القانون فور رؤيتهم.
بينما قال السيناتور الجمهوري البارز ليندسي جراهام إن "إطلاق تحقيق بحق رئيس سابق في توقيت قريب جدا من الانتخابات.. أمر يتجاوز الإشكالية".
وفي ذات السياق، قال السيناتور الجمهوري، ماركو روبيو إن استخدام سلطة الحكومة لاضطهاد المعارضين السياسيين هو شيء رأيناه عدة مرات من ديكتاتوريات العالم الثالث الماركسية. لكن لم يحدث من قبل في الولايات المتحدة.
ودعا نائب الرئيس الأمريكي السابق مايك بنس، المدعي العام ميريك جارلاند إلى تقديم "كشف كامل" عن سبب تنفيذ المداهمة. وفي سلسلة من التغريدات، قال بنس، الذي كان قد نأى بنفسه عن ترامب وسط تكهنات بأنه قد يترشح لانتخابات عام 2024 الرئاسية، إنه يشعر بـ"قلق عميق" بشأن عملية التفتيش التي وصفها بأنها "غير مسبوقة".
وأضاف: "لم يتعرض أي رئيس سابق للولايات المتحدة لمداهمة مكان إقامته الشخصي في التاريخ الأمريكي". وحذر بنس من أن هذه الخطوة "تقوض ثقة المواطنين في نظامنا القضائي". وتابع: "يجب على المدعي العام تقديم تقرير كامل للشعب الأمريكي عن سبب اتخاذ هذا الإجراء ويجب أن يفعل ذلك على الفور". واعتبر أن خطوة أف بي آي أعادت ترامب للمشهد بقوة، مشددا على أن الجمهوريين التفوا حوله في أزمته "غير المسبوقة في تاريخ أمريكا".
قال وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو، إن أمر قضائي ضد الرئيس الأمريكي السابق أمر خطير، مضيفا إن التسليح السياسي الواضح لوزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي أمر مخز.
وقال ميك مولفاني رئيس الموظفين السابق لدونالد ترامب، إن مداهمة منزل ترامب أكثر الخطوات السياسية فظاعة في التاريخ أو جزء من أكبر تحقيق جنائي في تاريخنا.
من جانبه، دعا ترامب أنصاره للتبرع لصالحه، للتصدي لما وصفه بـ"حملة مدبرة" ضده. فيما طالب فريق ترامب من كل أمريكي "يتمتع بصفات الرجولة ومحب للوطن أن يتقدم ويتبرع لمحاربة اضطهاد سياسي لا ينتهي".
وكان ترامب ألمح مرارا إلى ترشحه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024، ويصور نفسه ضحية لما يسميه بـ"اليسار الراديكالي" في إشارة إلى الديمقراطيين. وسعى ترامب إلى تصوير تفتيش منزله في مارالاجو باعتباره خطوة ذات دوافع سياسية من قبل إدارة الرئيس جو بايدن في وقت يلعب فيه الرئيس السابق دورا رئيسيا في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري قبل انتخابات التجديد النصفي المقررة في نوفمبر والتي ستحدد لمن ستكون السيطرة في الكونجرس.
في مقابل هذه الهجمة، حرص الديمقراطيون الذى يواجهون انتقادات داخلية كبيرة، بسبب قضايا التضخم والأسعار وإلغاء حق الإجهاض، وهي قضايا قد تكلفهم الأغلبية في مجلس النواب في نوفمبر القادم- على التزام الحذر.
فقالت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي لشبكة "إن بي سي": "لا أحد فوق القانون.. ولا حتى رئيس سابق للولايات المتحدة"، داعية في الوقت نفسه إلى أن تقدم "إف بي آي" تبريرا لما حدث.
فيما نفى البيت الأبيض علم بايدن بالأمر، وقال إنه لم يتلق إخطارا مسبقا بمداهمة منزل ترامب، مشددا على أن وزارة العدل تجري تحقيقاتها بهذا الشأن بشكل مستقل. وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير خلال مؤتمر صحفي لها، أن الرئيس بايدن لم يتم إطلاعه، ولم يكن على علم بذلك، ولم يتلق أحد في البيت الأبيض أي إخطار مسبق.
ودافع رئيس رابطة وكلاء مكتب التحقيقات الفيدرالي برايان أوهير، عن العملاء الذين أجروا عمليات تفتيش منزل ترامب، وأشار إلى أن أوامر التفتيش صادرة عن قضاة فيدراليين ويجب أن تستوفي إجراءات مفصلة وواضحة وهي نتاج التعاون والتشاور مع محامي وزارة العدل ذوي الصلة. ورفض المدعي العام الأمريكي ميريك جارلاند التعليق على تفتيش منزل ترامب وإمكانية توجيه تهم جنائية له، لكنه أكد أنه لا يوجد شخص فوق القانون.
وبعد يومين من مداهمة منزله فى فلوريدا، أدلي ترامب الأربعاء بشهادته في تحقيق جديد تجريه المدعية العامة لولاية نيويورك بشأن الممارسات التجارية لعائلته. ونفى ترامب ارتكاب أي مخالفات، فيما وصف تحقيق نيويورك، بأن له دوافع سياسية، سيما أن المدعية العامة ليتيتيا جيمس تنتمي للحزب الديمقراطي.
وتجري المدعية العامة لولاية نيويورك، تحقيقا مدنيا لمعرفة ما إذا كانت منظمة ترامب بالغت في تقدير قيم عقارات. وقالت جيمس إن تحقيقها كشف عن أدلة مهمة على أن منظمة ترامب، التي تدير فنادق وملاعب جولف وعقارات أخرى، بالغت في تقدير قيم الأصول للحصول على قروض مواتية وقللت من القيم للحصول على إعفاءات ضريبية.
وشهدت واشنطن لأسابيع جلسات استماع في الكونجرس حول اقتحام أنصار ترامب مبنى الكابيتول في السادس من يناير، ومحاولاته إلغاء نتائج الانتخابات التي فاز بها الديمقراطي جو بايدن.
ويخضع ترامب أيضا للتحقيق في محاولات لتغيير نتائج الانتخابات الرئاسية في ولاية جورجيا، في حين يتم التحقيق بممارساته التجارية في نيويورك في قضيتين منفصلتين، واحدة مدنية والأخرى جنائية.
ويواصل ترامب الادعاء بأن الانتخابات سُرقت من خلال تزوير التصويت على نطاق واسع، بينما لا يزال هو الصوت الأكثر نفوذا في الحزب الجمهوري، وسيعزز تفتيش مكتب التحقيقات الاتحادي لمنزله فى فلوريدا، موقفه لدى الناخبين الجمهوريين، وفق مراقبين.
اترك تعليق