هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

المسرحيون المرضي والنقاد الحمقي

كل من قدم عرضا لا يرضي سوي بالمديح والثناء والإشادة
العدوانية تواجه كل من يتجرأ ويبدي أي ملاحظة مهما كانت بسيطة

لاحظت، ولاحظ غيري من النقاد، تلك الحالة العدوانية التي تنتاب صناع المسرح إذا تجرأ ناقد وقال رأيه بصراحة في أحد عروضهم المسرحية، أغلب المسرحيين، للأسف الشديد، لايريدون سوي كلمات المديح والثناء، من عينة" عرض في حتة تانية، "أو" إبداع يفوق الوصف"، أوغيرها من العبارات التافهة التي لايمكن أن تفيد المبدع أو تطور عمله.


كل من قدم عملا مسرحيًا لايرضي بغير الثناء منقطع النظير، بديلًا، وحتي لو اجتهد الناقد في تحليل عناصر العرض بشكل موضوعي، وأبرز جمالياته، ثم أبدي بعض الملاحظات، مهما كانت طفيفة، فهو هنا، في نظر صناع العرض، حاقد أو مش فاهم حاجة.

هذا الأمر يجعل الناقد بين نارين، أحيانا يشاهد الواحد عملا مسرحيا لايعجبه، فيفضل السكوت حتي لايغضب صناع العمل، لكنهم، رغم ذلك، يغضبون لأن الناقد تجاهل عملهم، في حين أن تجاهله له هو أكبر خدمة قدمها لهم، أما إذا شاهد الناقد عملا وكان يستحق الكتابة وكتب عنه وأبدي بعض الملاحظات، فصناعه يغضبون أيضا.. للأسف الشديد فإن أغلب المسرحيين لاترضيهم سوي كلمات الثناء والمديح، وهذه تسبب فيها بعض النقاد العواطلية الذين يكتبون نفس الكلام على كل العروض.. التمثيل رائع والديكور مبهر والإخراج مافيش بعد كده.. هو مافيش بعد كده فعلا هطل ونطاعة.

لماذا يظن بعض المسرحيين أنهم امتلكوا الحقائق الكاملة واليقين المطلق، وتنتابهم الارتيكاريا، إذا تعرض أحد النقاد لأعمالهم بالنقد والتحليل، وسمح لنفسه بإبداء بعض الملاحظات، هل هم فوق النقد، لاأحد فوق النقد، هل أصبحوا كاملين مكملين، الكمال لله وحده، وهم، أيا كانت خبراتهم وتاريخهم، مجرد بشر، يصيبون ويخطئون، ولايوجد، ولن يوجد، عمل بشري كامل.

نعم هناك بعض النقاد عزفوا عن ممارسة هذه المهمة الجليلة، كما قال صديقي الناقد أحمد عبدالرازق أبو العلا، وقاية لأنفسهم من الشتائم التي يتعرضون لها، وأنت تلاحظ مثلًا، احتفاء المسرحيين بكلمات الثناء والمديح، والحرص على نشرها على صفحاتهم، في حين أنهم لايقربوا أي مقال أو دراسة جادة وجيدة تقول ماللعرض وماعليه، مطلوب فقط أن تمدح وتشيد، أما ملاحظاتك فلاتلزمنا، ماهذا المرض النفسي الذي أصبح عليه بعض صناع المسرح في بلادنا.

وإذا كان المسرحيون لايعجبهم العجب، ويشنون حملات ضارية على من يوجه لحضراتهم أي ملاحظة، فإن هناك أيضًا بعض المنتسبين إلي مهنة النقد الذين اصابهم العته، وتصوروا أنفسهم آلهة للنقد، وقد تحول بعضهم إلي "أمناء شرطة"، وهؤلاء لايدركون أن دورهم يقتصر على تحليل عناصر العرض، وليس على توجيه المبدع لما يجب أن يفعله أو لايفعله، كأن يقول سيادة الناقد مثلا: كان على المخرج أن يفعل كيت وكيت، طب ماتيجي تخرج حضرتك وتريحنا، المفترض أن يقوم كل طرف بدوره، لأن الناقد ليس وصيا على المخرج، والمفترض، كذلك، أن يتعامل الناقد مع ماقدم إليه، وليس مع ماكان يود هو تقديمه.

وبخلاف هذا الناقد أمين الشرطة هناك بعض النقاد الحمقي أيضا كأن يقول لك أحدهم إن أهم مسرحية شاهدتها هي مسرحية كذا..من أعطي للست الوالدة كل هذه الثقة العمياء.. ياعم المريض ممكن كلمة واحدة بس تعفيك من الاتهام بالتفاهة وهي من حرفين والله.. كأن تقول مثلا إن مسرحية كذا (من) أهم ماشاهدت.. أما أن تحذف(من) فاسمح لي انصبك ملكا للحمقي كما فعل العامة والدهماء مع كوازيمدو بطل فيكتور هوجو!.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق