اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ على حظر 90% من واردات النفط الروسي بحلول نهاية العام الجاري، في إطار حزمة سادسة من العقوبات الأوروبية ضد روسيا بسبب حربها في أوكرانيا.
ويتساءل الكثيرون عن الرد الروسي المحتمل على العقوبات الأوروبية الجديدة، والسؤال الأبرز الذي يدور في الأذهان، هل يوجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، "الضربة المؤلمة" التي يخشاها الغرب؟.
ويشير الخبراء والمراقبون إلي قطاع إنتاجي روسي آخر لا يقل أهمية وحيوية عن قطاع النفط والغاز، وهو اليورانيوم المخصب الذي تعتمد عليه الدول الغربية بشكل كبير لتشغيل محطاتها ومفاعلاتها النووية لتوليد الطاقة الكهربائية.. حيث تستحوذ روسيا على أكثر من ثلث الإنتاج العالمي من اليورانيوم المخصب.
ويحذر الخبراء من أن إغلاق حنفية اليورانيوم الروسية، عن دول الغرب سيهدد بتقويض إمدادات الطاقة الكهربائية في دول غربية عديدة ولا سيما في القارة الأوروبية وكذلك في أمريكا، وهو ما يفسر احجام واشنطن حتي الآن عن حظر واردات الطاقة النووية من روسيا، رغم دخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها الرابع، لا سيما وأن ثمة كما يقولون دعوات في روسيا وفي مجلس النواب "الدوما" كي يتم اشتراط بيع اليورانيوم بالروبل كما حدث مع الغاز الروسي.
وتفيد التقارير بأن الاتحاد الأوروبي يعتمد على اليورانيوم المخصب الروسي أكثر بكثير من اعتماده على الغاز الطبيعي، لأنه وفقا لبعض المعطيات يشتري حوالي 40% من اليورانيوم المخصب الضروري لتشغيل محطات الطاقة النووية من روسيا وكازاخستان ذات العلاقة الوطيدة مع الكرملين.
وخلال سنوات طويلة، استثمر الكرملين المليارات في تحسين العملية التكنولوجية لتخصيب اليورانيوم وتمكن من تحقيق النجاح، تعتبر المنشآت الروسية من بين الأفضل في العالم، بالإضافة إلي ذلك، هناك 18 دولة في الاتحاد الأوروبي توجد بها مفاعلات نووية روسية، بما في ذلك اثنان في بلغاريا، وستة في التشيك، و2 في فنلندا، و4 في المجر، ونفس العدد في سلوفاكيا.
وتؤكد الرابطة الأوروبية للطاقة الذرية، أن أوروبا في هذا المجال تعتمد بشدة على روسيا، لأنه يجب بشكل دوري استبدال مفاعلات الماء المضغوط، وهي تعمل فقط بقطع غيار روسية الصنع.
ويستمر التعاون في هذا المجال على الرغم من القتال في أوكرانيا، الذي تسبب برفع سعر اليورانيوم في السوق العالمية بنسبة 30% ووصل إلي أعلي قيمة في السنوات الـ 11 الماضية.
ويخشي العديد من مشغلي محطات الطاقة النووية الأوروبية، أن توقف روسيا توريد اليورانيوم لهم، لأن ذلك وفقا للخبراء، ستكون له عواقب وخيمة على الغرب.
وتعد "روس أتوم" أكبر شركة في العالم مختصة ببناء المفاعلات النووية وتخصيب اليورانيوم، وتنتج تقريبا 35 بالمئة من اليورانيوم المخصب بالعالم، ما يجعلها عملاق هذه الصناعة.. حيث تبلغ نسبة صادراتها إلي الولايات المتحدة نحو 20 بالمئة، وإلي أوروبا 40 بالمئة من حاجاتهما من اليورانيوم المخصب، هذا علاوة على أن الشركة تملك قرابة 18 مفاعلا نوويا في بلدان الاتحاد الأوروبي، وهي بصدد بناء مفاعلات أخري هناك.
وعلي مدي عقود، استثمرت موسكو المليارات في تحسين البنية التحتية والتكنولوجية لتخصيب اليورانيوم، وتمكنت من تبوؤ الصدارة في هذا المجال.. حيث تعد المنشآت والمفاعلات الروسية من بين الأكثر جودة وكفاءة في العالم، ووفق الرابطة الأوروبية للطاقة الذرية، فإن أوروبا في هذا المجال تعتمد بشدة على روسيا، لأنه يجب بشكل دوري استبدال مفاعلات الماء المضغوط، وهي تعمل فقط بقطع غيار روسية الصنع.
هذا ويزداد اعتماد العديد من الدول حول العالم وخاصة الصناعية منها في إنتاج الكهرباء على محطات الطاقة النووية لتوليدها، لجملة عوامل من أهمها أن هذه الطاقة تتميز بقلة الانبعاثات الكربونية الناجمة منها، وزهد التكلفة نسبيا، ولهذا فالتوقعات تشير لتزايد الطلب العالمي على اليورانيوم المخصب في الأعوام المقبلة، من 162 مليون رطل في العام الجاري، إلي 206 ملايين في العام 2030، وقد يصل حتي إلي 2929 مليون طن في العام 2040، وفق بيانات الاتحاد النووي العالمي، والسبب وراء ذلك تزايد الاعتماد بشكل كبير عليه لتوليد الطاقة حول العالم.
وتشكل صادرات روسيا من اليورانيوم المخصب نحو 35 بالمئة من الصادرات العالمية، بإنتاج يبلغ نحو 2846 طنا سنويا من اليورانيوم الطبيعي قبل التخصيب، وهو ما يجعلها تحتل المرتبة السابعة في العالم في استخراج اليورانيوم الطبيعي، لكنها الدولة الأولي عالميا في تخصيب اليورانيوم، وتحتل كذلك المرتبة الأولي في تصدير اليورانيوم المخصب المطلوب لتشغيل المفاعلات النووية السلمية، لأغراض توليد الطاقة وإنتاج الكهرباء ولا سيما في البلدان الأوروبية.
هذا وتستحوذ كازاخستان والتي ترتبط بعلاقات تحالف وثيقة مع روسيا، على حصة الأسد من إنتاج اليورانيوم الطبيعي في العالم، وبلغ إنتاجها في العام 2020 نحو 19.5 ألف طن، أي ما نسبته قرابة 41 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي، بحسب بيانات الرابطة النووية العالمية أواخر العام 2021.
وعلاوة على توظيفاته فى مجال الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر وفى تشغيل المفاعلات النووية، يستخدم اليورانيوم فى العديد من الأغراض والمجالات المختلفة كالصناعات والتقنيات العسكرية خاصة فى القاذفات الخارقة.. حيث يتم استخدام اليورانيوم المستنزف الذى يستطيع تدمير الأهداف المدرعة فى السرعات العالمية، كما يستعمل اليورانيوم المستنزف كدروع واقية من الإشعاع لبعض أنواع الحاويات المحتوية على مواد مشعة، وفى أجهزة حفظ التوازن فى الطائرات بمفعل ثقل وزنه.
اترك تعليق