بدأ العمل بتعديلات قانون الشهر العقاري الجديد في 7 مايو الحالي بعد أن وافق عليه مجلس النواب بهدف إنهاء أزمة تسجيل الشقق والعقارات. وعزوف المواطنين عن تحقيق الحماية القانونية لملكياتهم العقارية.
وأكد وزير العدل المستشار عمر مروان أن القانون الجديد يسهل علي المواطنين إجراءات توثيق ممتلكاتهم تحت شعار "سجل وبلاش تأجل" لافتا إلي أن الرسوم المستحقة وفقا للتعديلات الجديدة تم تخفيضها عما كان في القانون القديم لتصل إلي 4000 جنيه . وتنتهي الاجراءات خلال مدة لا تزيد علي 37 يوما فقط بعد أن كانت إجراءات التوثيق تستمر سنوات وسنوات .
يؤكد الدكتور محمد حمودة .المحامي الدولي: القانون في حد ذاته يقدم تسهيلات للمواطنين .والرسوم معقولة وليست كبيرة .ولا ننكر أن الوزير بذل جهدا غير عادي لتطوير الشهر العقاري .المشكلة ليست في القانون وإنما في الموظف .فما زال يعمل بنفس الآلية "وبيطلع عين" المواطن. إذن متابعة تنفيذ القانون هي الإشكالية.
أضاف : ما زال المواطن حتي بعد التعديلات الجديدة مطلوبا منه أن يمر علي العديد من اللجان حتي ينهي الإجراءات "موضحا أن الوقت سواء كان عامين عما كان من قبل أو 37 يوماً كما في التعديلات الجديدة . فهي ترجع للموظف الذي لو أراد أن ينهي الإجراءات في يومين فقط لفعل . فكان لابد من تكملة الجملة في هذا البند من التعديلات"إنه إذا لم يتم التسجيل في خلال 37 يوماً يعد مسجلاً من تلقاء نفسه" وجهة الإدارة في هذه الحالة-وليس العميل- هي التي تطعن أمام المحكمة إذا رأت أن هذا لا يناسبها.
ومن ثم . يناشد د. حمودة بإعادة النظر في قانون العاملين المدنيين الذي رفض من قبل في مجلس النواب بحيث يكون هناك عقاب لفصل الموظف الذي يعطل المواطنين .فالدولة بها 8.5 مليون موظف .فالعدد كبير جدا.ومصر تدار بمليون فقط .ولا حاجة لنا لكل هذا العدد "فعدد موظفي الحكومة الأمريكية المركزية 750 ألف فرد فقط .فنحن نعيش معاناة وبحاجة إلي إعادة النظر في هذا الكم الهائل من العاملين بالدولة والذين لا يؤدون أعمالهم كما ينبغي .
والإبقاء علي الماهرين فقط ومضاعفة رواتبهم.
ويشير د. محمد حمودة إلي أن أغلب قضايانا وتخليص إجراءاتنا مع الموكلين في الشهر العقاري دائما ما تنتهي بنزاع أو مشاجرة بيننا وبين الموظفين وليست هناك أي سلاسة.
يقول محمد عبد العال . المحامي بالنقض . والمستشار القانوني السابق للمركز المصري لحقوق السكن : إن قانون الشهر العقاري الجديد مما لا شك فيه أتاح تسهيلات للمواطنين من حيث إجراءات التسجيل " موضحا أن الهدف من التسجيل عموماً ومنذ عصر مبارك هو توثيق الثروة العقارية في مصر حيث وجدوا أن 90% من العقارات غير مسجلة وهذا يعود إلي السياسات التنفيذية الإسكانية وبناء المساكن غير المخططة وبالتالي تحول المناطق من أراض زراعية أو فضاء إلي مناطق سكنية أحدث مشكلات عدة لأنها ليست موثقة . وعندما كان يتقدم المواطن لتسجيلها كان يجد صعوبة في الإجراءات لعدم وجود أصول لهذه الأراضي . وكان الأمر يحتاج إلي اختصام كل الملاك السابقين إذا كان "منزلا" وبالتالي لكي تسجل بيتاًً ستمر علي بحث هندسي وبحث قانوني مما كان يتسبب في وقف أي مشروع لعدم وجود إثبات للملكية وتسلسلها "فالمواطن كان يقف عاجزا أمام الوفاء بكل هذه الأوراق لأن الجهات متشعبة.
ويضيف عبد العال أن معظم التعاملات بين الملاك والمشتريين كانت تتم عبر العقود العرفية أو الإبتدائية وتوثيقها عبر مايسمي بصحة التوقيع وهي دعوي تحفظية ليس لها علاقة بإثبات الملكية .كما أن القانون القديم كان يشترط التقادم المكسب وهو 51 سنة بما يعني أن من حاز عقارا سواء بطريق شرعي أو غير شرعي . واستمر في حيازته مدة تزيد علي 15 عاما يعتبر هو المالك .لكن لاثبات ذلك يضطر المواطن لرفع دعوي قضائية لكي يتمكن من تسجيل البيت.
بالإضافة إلي المغالاة في الرسوم المستحقة في تقدير مساحة العقار فكانت تصل إلي آلاف الجنيهات وقد يتخطي عشرة آلاف جنيه.أما التعديلات الجديدة خفضت من هذه المبالغ "مطالبا في هذا السياق الجهات المختصة بتخفيض المبلغ أكثر من ذلك إذا كان الهدف بالفعل هو توثيق الثروة العقارية لحمايتها بحيث لا تصبح الرسوم هي العائق والقيد نحو الملكية .وتتحول إلي حافز لدفع الناس لتسجيل ممتلكاتهم.
ويؤكد المحامي محمد عبد العال أن عموم الثروة العقارية المصرية هي منازل في مناطق غير مخططة أي لأناس متوسطي الحال وأقل أيضا .فهذا المنزل الذي تريدون أن يوثق في الشهر العقاري قد يكون مدفوعا فيه "تحويشة العمر" فوصول الرسوم إلي 4 أو 5 آلاف جنيه .رقم مبالغ فيه بالنسبة لمحدود الدخل بالإضافة إلي اتعاب المحاماة إذا اصطحب محاميا معه.
في سياق متصل . يتساءل عبد العال عن المدة الموضوعة في التعديلات الجديدة وهي 37 يوماً لتخليص الإجراءات. هل هي مدة تنظيمية أم إلزامية؟
فهل لو مرت هذه الفترة خلال تخليص الإجراءات. سيبطل العقد؟ أتصور أن وضع المدة بهذا الشكل هدفه الحث علي الاستعجال وتحميل المواطن مسئولية المستندات التي يقدمها.
ويري أن التعديلات الجديدة لا بأس بها ويسرت علي المواطن عما سبق لكنها قد تفتح الباب لمسألة اغتصاب الملكية فلا نريد أن يطغي التيسير علي دقة التوثيق لأن 37 يوماً مدة قليلة للتحقق من ثبوت الأوراق المطلوبة حتي نسد الباب علي أي محاولات للتزوير.
فضلا عن أن النص القانوني في علم أصول القانون به مايسمي بـ "ابن مجتمعه" وهو ما يوجب مراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والا سيكون القانون غير مفعل. ولدينا قوانين كثيرة لم تراع هذه العناصر. وبالفعل أصبحت وكأنها تحت إيقاف التنفيذ.
يشكو علاء عبد التواب . محام بالنقض . ومدير مؤسسة تمكين للدعم القانوني: من الإجراءات المعقدة في توثيق العقارات والنظام الإداري لموظفي الشهر العقاري . والبيروقراطية الإدارية التي يتسم بها موظفو الدولة بصفة عامة " مضيفا أن رسوم التسجيل مبالغ فيها وغير منطقية في كثير من العقود . والقانون الجديد تأخر كثيرا لمعالجة كل أوجه القصور السابقة.
ويري أن التعديلات جيدة وتشجع الناس علي تسجيل تصرفاتها العقارية مما يزيد من حصيلة الإيرادات المالية التي ستكون قريبة من الأرقام التي حصلتها الدولة من قانون التصالح علي العقارات المخالفة.
ويضيف عبد التواب أن تقديرات الرسوم ليست المشكلة .فالدولة يعينها تحقيق أهدافها من تعديل القانون سواء علي المدي القريب أو البعيد.
كما أن مدة السبعة وثلاثين يوما ليس شرطا أن يتم الالتزام بها لأنه زمن تنظيمي لا يترتب علي مخالفته بطلان الإجراء.
اترك تعليق