أظهرت النتائج النهائية للانتخابات النيابية فى لبنان، خسارة حزب الله وحلفاؤه، الأكثرية فى البرلمان الجديد. وكان حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في لبنان والمدعوم من طهران، وحلفاؤه، من بينهم "التيار الوطني الحر" الماروني بزعامة الرئيس ميشال عون، وحركة "أمل" الشيعية بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري، قد فازوا في الانتخابات الأخيرة في عام 2018 بـ 71 مقعداً من مجموع 128 مقعداً
حزب الله وحلفاؤه يخسرون الأكثرية.. والمستقلون يشعلون صراع الأقطاب
.
وأظهرت النتائج النهائية للانتخابات الأخيرة، حصول حصول حزب الله وحركة أمل على 31 مقعدا فى البرلمان. ولم يتمكن التيار الوطني الحر من الاحتفاظ بأكثرية نيابية مسيحية، بعد خسارته عددا من المقاعد لصالح خصمه حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، خصم حزب الله اللدود، والذى فاز بأكثر من عشرين مقعداً، مما يجعله أكبر حزب مسيحي في البرلمان الجديد. وكانت القوات فازت وحدها بـ15 مقعداً في انتخابات 2018، مقابل 21 للتيار الوطني الحر مع حلفائه.
وأوضحت هيئة الانتخابات اللبنانية حصول الحزب التقدمى الاشتراكى على 9 مقاعد، وأضافت أن قوى 8 آذار فقدت الاغلبية فى البرلمان. كما أظهرت النتائج فوز لوائح المعارضة المنبثقة عن التظاهرات الاحتجاجية ضد السلطة السياسية التي شهدها لبنان قبل أكثر من عامين بـ13 مقعداً على الأقل في البرلمان الجديد.
و12 من الفائزين هم من الوجوه الجديدة، ولم يسبق لهم أن تولوا أي مناصب سياسية، في بلد يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية. ومن شأن هؤلاء أن يشكلوا مع نواب آخرين مستقلين عن الأحزاب التقليدية كتلة موحدة فى البرلمان.
وبلغت نسبة الإقبال على الانتخابات الأخيرة 41 في المئة، أقل بنسة 8 في المئة مقارنة بانتخابات عام 2018. ويُعزى ذلك جزئيا إلى قرار رئيس الوزراء السابق، سعد الحريري، بانسحاب حزبه "تيار المستقبل" السني الذي يتزعمه من الانتخابات احتجاجا على ما أسماه بـ "النفوذ الإيراني المتزايد" في لبنان، وكان تيار المستقبل قد حصل على 20 مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته.
وهكذا، تظهر نتائج الانتخابات الأخيرة أن البرلمان سيضمّ كتلا متنافسة لا تحظى أيّ منها منفردة بأكثرية مطلقة، ما سيجعله عرضة أكثر للانقسامات. ويرى المحللون أن فوز مرشحين مستقلين تعهدوا بإجراء إصلاحات، يعني أن وصولهم إلى البرلمان يمكن أن يؤدي إلى تقسيمه إلى عدة معسكرات واستقطاب أكثر حدة بين حزب الله وحلفائه من جهة، وخصومهم من جهة أخرى.
ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن مصادر سياسية متحالفة مع حزب الله، المدعوم من إيران، قولها في وقت سابق قبل إعلان النتائج النهائية، إنه من المرجح أن يخسر حزب الله وحلفاؤه الأغلبية في البرلمان اللبناني. وأضافت أن إحصاءاتهم الأولية تظهر أنه من غير المحتمل أن يحصل الحزب وحلفاؤه على أكثر من 64 مقعداً. وقال حزب القوات إنه لا يوجد تجمع واحد لديه أغلبية، بما في ذلك حزب الله.
صحيح أن الانقسامات من سمات المشهد السياسي في لبنان، لكن الانقسام الذي أفرزته الانتخابات هذه المرة قد يكون أعمق. فقد كبُرت أحجام وصغرت أخرى وحدثت بعض الاختراقات في المشهد السياسي التقليدي من قبل من يصفون أنفسهم بالقوى التغييرية، نتيجة الانتخابات.
لكن في المحصلة، وأبعد من الكلام عمن حصل على الأغلبية ومن لم يحصل عليها، فإن خط فصل واضحاً بات يحكم المنطق السياسي، الفريق الداعم لحزب الله مقابل الفريق المناهض لحزب الله.
إلا أن تراجع حجم الكتلة القريبة من حزب الله لا يعني انه سيُحيٌد عن السياسة والقرار. الحكم في لبنان أعقد بكثير من ذلك وبالتالي يمكن توقع أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة صراع أقطاب، نتيجتها الأساسية تعطيل عمل المؤسسات وتعطيل آلية اتخاذ قرارات من الأكثر مصيرية الى تلك المتعلقة بإدارة الحياة اليومية.
ضمن هذا الشأن، كتب الباحث والأستاذ الجامعي اللبنانى زياد ماجد: "مهام المجلس النيابي الجديد فيها انتخاب رئيس جمهورية، وفيها موافقة على خطط إنقاذ اقتصادي واتفاقات مع مؤسسات دولية، وهذه كلّها ستجري وسط انقسامات عميقة، ومستوى تمثيلي منخفض".
وفي النهاية، ومهما تكن الحسابات السياسية، في الحسابات الاقتصادية والمعيشية قد لا يلمس الناس أي انتصار قريب. ففي اليوم التالي للانتخابات الأخيرة، قفز سعر الدولار. وما أن انتهى ضجيج الخطابات حتى عاد الناس الى الحديث عن الأسعار وقيمة الليرة وتردي الأوضاع.
وكانت احتجاجات شعبية قد اندلعت فى لبنان تزامناً مع بداية واحدة من أسوأ فترات الكساد الاقتصادي الذي شهده العالم منذ أكثر من 150 عاماً، ويعيش حاليا نحو 80 في المئة من سكان لبنان في حالة فقر، وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين بالمئة، فضلاً عن النقص الحاد في الغذاء والوقود والأدوية.
كما تفاقمت أزمة البلاد مع تفشي جائحة فيروس كورونا، والانفجار المدمر الذي شهده ميناء بيروت عام 2020، الذي أودى بحياة ما يربو على 200 شخص، وإصابة أكثر من 6500 آخرين، وخلف دمارا واسعا فى العاصمة اللبنانية.
اترك تعليق