حصل الباحث عبد الرحمن محمد حفني عكاشة ، على درجة العالمية "الدكتوراه" بمرتبة الشرف الأولى من كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة ، في رسالة بعنوان " مشكلات الأعراض في الواقع المعاصر ومنهج الإسلام في علاجها
تكونت لجنة الإِشراف والمناقشة والحكم من الاستاذ الدكتور أحمد ربيع يوسف ، العميد الأسبق لكلية الدعوة الإسلامية ، والاستاذ المتفرغ بقسم الثقافة الإسلامية ، والأستاذ الدكتور محمد يوسف خضر، الأستاذ في قسم الثقافة الإسلامية ، والاستاذة الدكتورة عزة محمد أبو الهدي ، استاذ ورئيس قسم الاجتماع السابق بكلية الدراسات الإنسانية للبنات بالقاهرة ، والاستاذ الدكتور على عثمان شحاته ، الاستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة .
يتناول البحث قضية: تزايد المشكلات التي تنتهك حرمة الأعراض في واقعنا المعاصر، ودور التطور التكنولوجي وتقدم وسائل الاتصال في ذلك، كما يوضح أبرز صور وأسباب مشكلات الأعراض المعاصرة، لينتقل بعد ذلك إلى منهج الإسلام في علاج هذه المشكلات، ثم يرسم الأدوار المجتمعية والمؤسسية المقترحة لحماية الأعراض وصيانتها.
إنّما يَنْبُعُ البحث مِنْ تَعْقِيْدَاتِ الوَاقِعِ المُتَشَابِكَةِ، التّي أنتجَتْ العَدِيْدَ منَ الظَّواهِرِ الاجْتِمَاعِيّةِّ المُتَعَانِدَةِ مَعَ مَا أوْجَبَهُ الشّرْعُ الشّرِيفُ مِنْ حِمَايةٍ للأَعْرَاضِ وَصِيَانَتِهَا، وَمَا أَطْبَقَتْ عَلِيهِ الألبَابُ السّليمةُ مِنْ حفظِ الشّرفِ والكَرامَةِ، حتى أنْشَدَ في الدِّلالةِ على أولَوِيَّةِ حِفظِ العِرْضِ سيّدُنا حسّانُ بنُ ثابتٍ رضيَ اللهُ عنْهُ فقالَ:
أَصُوْنُ عِرْضِي بِمَالِي لَا أُدَنِّسُهُ ... لَا بَارَكَ اللَّهُ بَعْدَ العِرْضِ فِي المَالِ
أَحْتَالُ لِلَمَالِ إِنْ أَوْدَى فَأَجْمَعُهُ ... وَلَسْتُ لِلْعَرْضِ إِنْ أَوْدَى بِمُحْتَالِ .
وقد استقرَ منذُ الأزلِ في صحيحِ الأعْرافِ ومستقيمِ العَاداتِ، أنّ حفْظَ الأَعْرَاضِ ضرورَةٌ منْ ضَرُوْرَاتِ الْحياةِ، وأسَاسٌ منْ أسُسِ التّفاخُرِ فِي الأحْسابِ، وأصْلٌ من أصُولِ التّمايزِ في الأنسَابِ.
منْ أجْلِ هذَا وذَاكَ، عُنِيَتِ الشّريعةُ الإسلاميةُ عنايةً بالغِةً بحفْظِ الأَعْرَاضِ، وأَوْلتْهَا اهتمامًا كبيرًا، وقدّمتْ مَنْهَجا فَريدًا ومُتَمَيّزًا في وِقَايَتِهَا وصِيَانَتِهَا ابتداءً، ومُعَاقَبةِ منْ يَتَجَرَّأُ وَيَعْتدِي عليها انتهاءً، وتأسِيسًا عَلَيْهِ اعْتَبَرَ عُلَماءُ الشّريعةِ حفظَ العرضِ مَقْصِدًا منْ مَقَاصِدِها، وإحْدَى الكُلِّيّاتِ الخَمْسِ التّي يَنْبَغِي حِمايَتُهَا.
غيرَ أنَّ النّاظِرَ فِي وَاقِعِ المُجْتَمَعَاتِ الإسْلَامِيّةِ يشْهَدُ بوضُوحٍ تَرَاجُعَ الأفرَادِ عنْ الاهتمَامِ بتَعَاليمِ دِينِهِمِ الحَنِيْفِ - مَعْرفةً وسُلُوكًا-، والانْسياقَ وراءَ التّفسِيراتِ الغربِيّةِ للقِيمِ والأخْلَاقِ التّي تُوَاكِبُ التّقدمَ المادِّيَ الجَامِحَ الذي تَحَقّقَ في كَآفّةِ المَجَالَاتِ.
وقدْ أنتجَتْ مُشْكِلَاتُ الوَاقِعِ وتغيّراتُهُ المتلاحِقَةُ فِكْرًا نَفْعيًا ذَاتيًا, يَهْتَمُّ بتحقيقِ أقصَى قدرٍ مِنَ الفائِدةِ واللّذَةِ لِصَاحِبِهِ دُونَ كَبِيرِ التِفَاتٍ إلى طَرِيْقِ وُصُولِ تِلكَ الفَائدةِ والمَصْلحَةِ الخَاصّةِ إليهِ, وآثارِهَا على الآخَرِينَ الذينَ يعيشُ بينَهُم، ثمّ تلاقَى هذا الفكرُ مَعَ مَفَاهيمَ غَيرَ مُنْضَبِطةٍ , جَرَى التَّسْويقُ لَهَا فِي أَذْهَانِ الشّبَابِ عَنِ الحُرِّيّةِ والانْفِتَاحِ والتّحَضُّرِ والاستقْلالِ الشّخصِيّ والاعتدادِ بالذّاتِ، فالتَحَمَا مَعًا في انْحِرَافٍ واسِعٍ عمّا جَاءَتْ بِهِ الشّرائِعُ السّماوِيّةُ كلُّهَا بِمَا يَجِبُ للأَعْرَاضِ من حِفْظٍ وَصِيَانَةٍ.
وإذْ مَا كَانَتِ المُشْكِلَاتُ المتعلقَةُ بالأَعْرَاضِ في الوَاقِعِ المُعَاصِرِ مُتَنَوّعةً ومُتَعَدِّدةً، تأتيْ هذِهِ الدِرَاسةُ العلميةُ؛ للوُقُوفِ عَلى دوافِعِ وكَوَامِنِ تلكَ المُشْكِلَاتِ من جهَةٍ، وَتِبْيَانِ مظاهِرِهَا منْ جهةٍ ثانيةٍ، وللإسهامِ في طرْحِ العِلاجِ والحُلُولِ القابِلةِ للتّطبِيقِ منْ جهةٍ ثالثةٍ، مُتَّكِئَةً على ما قَدَّمَهُ الشّرعُ الحنيفُ منْ مَنْهَجٍ وقائِيٍ يُراعِي الاحتياجَاتِ الغَريزِيَّةَ للإنسانِ, وَيَصرِفُهَا في مَحِلِّهاِ، بما يحقّقُ عُبُودِيةُ الحَقِّ – سبحانَهُ - وعِمَارَةَ الأَرْضِ وتزكيةَ النفسِ، ومسترشدةً بما أقرّه من الحُدُودِ الرّادعَةِ التي تضمَنُ سلامةَ الأَعْرَاضِ وصَفَاءِهَا منْ أيِّ أذىً قَوْليٍّ أو فِعْليٍّ، ومِمّا سبقَ بَيَانُه فإنّ أهميةَ الموضوعِ تَبْرُزُ فيما يأتي:
صيانَةُ الأَعْرَاضِ والحفاظُ عليها ضرورةٌ من الضَرُوْرَاتِ الخَمْسِ التي أمرَ الإسلامُ بحفظِهَا، وإحدَى مقاصِدِ الشّريعةِ الإسلاميّةِ التي اتّفقَ عليها علمَاءُ الأمّةِ وشيوخُهَا.
الوقوفُ على حقيقةِ الأسبابِ الدافعَةِ لظهورِ ممارسَاتٍ شآذّةٍ ومُجَافِيَةٍ لقيمِ المجتمعِ المصـرِي في الآوِنَةِ الأخِيرةِ، بسبَبِ ما صوّرْتُه بعضُ الدّرامَا من صورةٍ سلبيةٍ عنِ المجتمَعِ المصرِي خاصةً.
تفشي مُشْكِلَاتِ الأَعْرَاضِ بمعدَلَاتٍ متزايدَةٍ زمَانيًّا، وعلى امتدادٍ واسِعٍ مكانيًّا، وبينَ طبقاتٍ اجتماعيةٍ متباينةٍ، بمَا يقتضي دِراسَةَ تلكَ المُشْكِلَاتِ, ومُعالَجَةَ أسبابِها وآثارِهَا، ووضعَ خطةٍ تجسّدُ رؤيةَ الثقافةِ الإسلاميةِ لعلاجِهَا.
انفتَاحُ المجتمعِ المصريِ أمامَ العاداتِ والتقالِيدِ والقِيمِ الوافدةِ إليهِ والغريبةِ عنْهُ، مما يتطلبُ الوقوفَ أمامَهَا، ومعالَجَةَ المُشْكِلَاتِ المنبثقةِ عنْ تِلكِ العاداتِ والقيمِ.
صِلَةُ الموضوعِ بالتّخصُصِ في قِسمِ الثقافَةِ الإسلاميةِ بكليةِ الدعوةِ المباركةِ؛ فإنّ عَمَلَ القسمِ قائمٌ في الأساسِ على تشخيصِ الوَاقِعِ الثقافِي والاجْتِمَاعِي, وَوَضْعِ الحُلُولِ المناسِبَةِ للظواهرِ الطارئَةِ عليهِ.
وقد تألفَتْ هذِه الرسالَةُ من مقدمةٍ، وتمهيدٍ، وثلاثةِ أبوابٍ، وخاتمةٍ:
أما المقدمَةُ ففيها بيانٌ لأهميةِ الموضوعِ، وأسبابِ اختيارِه، وأهدافِهِ، وتساؤلاتِ الدراسةِ ومَنْهَجهَا، وأهمِّ الدراساتِ السابقةِ عليْهَا.
ثمَّ التمهيدُ وفيهِ تحديدٌ لمصطلحَاتِ البحثِ، وبيانٌ لمكانَةِ العِرضِ فِي الإسْلَامِ.
واشتملَ البابُ الأولُ على أبرزِ الصّورِ المُعَاصِرةِ لمُشْكِلَاتِ الأَعْرَاضِ في ثلاثَةِ مستوياتٍ سلوكيةٍ: الأولى: تخصُّ الأفرادَ, والثانيةُ تعودُ إلى الأسرةِ, والثالثةُ ترجِعُ إلى الصّورِ واسعَةِ الانتشارِ في المجتمعِ.
وفي البابِ الثانِي عرْضٌ لأسبابِ المُشْكِلَاتِ المُعَاصِرةِ في الأَعْرَاضِ, والتي تنوعتْ بينَ مفاهيمَ خاطئةٍ جَرى الترويجُ لها خاصّةً عندَ الأجيالِ الناشئةِ، وبينَ أسبابٍ أخرى ترتبطُ بالإعلامِ والتكنولوجيا تارَةً، وبالظروفِ النفسيةِ أو الماديةِ للأفرادِ تارَةً، وبالسّلوكياتِ والعاداتِ المجتمعيةِ تارةً أخرَى.
وجاءَ البابُ الثالثُ بيانًا لمَنْهَجِ الإسلامِ في علاجِ مُشْكِلَاتِ الأَعْرَاضِ من خلالِ مَنْهَجهِ الوقائِيِ وتشريعاتِهِ التي تستهدِفُ صيانَةَ العرضِ استباقًا لوجودِ المُشْكِلَاتِ، ثم إيضَاحًا لمَنْهَج الإسلامِ الإجرائِي (العقابِي) إذا ما وقعَ الانتهاكُ لحرمةِ الأَعْرَاضِ, مُقَارَنًا بالقوانِينِ الوَضْعِيةِ المُعَاصِرةِ، ثمَّ طرحٌ للأدوارِ والواجباتِ المجتمعيةِ المَنُوطَةِ بالأفْرادِ والمُؤَسَسَاتِ لتحقيقِ حمايَةِ الأَعْرَاضِ.
وقد أسفرتِ الدراسةُ في خاتِمَتِهَا عن عددٍ منَ النتائِجِ من أهمِّهَا:
مُشْكِلَاتُ الأَعْرَاضِ تَنْتُجُ عَنْ مَجْموعَةٍ منَ العَوَامِلِ الشّخصِيّةِ، والاقتصاديّةِ، والاجتمَاعِيّةِ، والثقافِيّةِ.... التّي لا تُنَاسِبُ هُوِيَتَنَا الإسلاميّةَ مِنْ نَاحِيَةِ التَّكَافُلِ، والتَّضَامُن، والعَفَافِ، والخُصُوصِيّةِ الدِّيْنِيَّةِ والثقافيَّةِ.
يعدُّ إخفاءُ المعلوماتِ والإحصاءَاتِ عن حجمِ مُشْكِلَاتِ الأَعْرَاضِ في مِصْرَ-بدعوى أنها تشكِّلُ خَطَرًا على الأمنِ القومِي، وَتُكَدّرُ السّلمَ الاجتمَاعِي - طريقًا لزيادَتِهَا وتفاقُمِهَا، حيثُ إنّ الأضواءَ غيرُ مسلطةٍ على دراسةِ أسبَابِهَا بشكلٍ صحيحٍ، وعدمِ طرحِ الحُلُولِ الناجعَةِ لَهَا.
تواجِهُ بعضُ الأسرِ التي وقعَت فيها مُشْكِلَاتٌ تَمَسُّ العِرضَ عزلةً اجتماعيةً؛ تؤثرُ على واقعِ معيشتِهِم ومستقبلِهِم؛ يَصلُ إلى حَدّ القطيعَةِ الكاملةِ، وتشويْهِ السمعةِ لعدةِ أجيالٍ في تلكَ الأسرةِ.
التسويقُ الإعلانيُ والتجاريُ المعتَمِدُ على استغلالِ جَسَدِ المَرْأةِ وإبرازِ مفاتِنِهَا؛ يَتحمّلُ نصيبًا كبيرًا فيما وصلتْ إليهِ الأمورُ في مُشْكِلَاتِ الأَعْرَاضِ؛ حيث يُؤجِّجُ شَهَواتِ المُرَاهِقِينَ مِنْ ناحِيةٍ، ويتعارضُ معَ المَنْهَجِ الإسلاميِ منْ نَاحِيةٍ ثَانِيةٍ، ويخالفُ القوانينَ العامةَ منْ ناحيةٍ ثالثةٍ.
وسائلُ التواصلِ الاجتماعِيِّ بشكلٍ خاصٍ, والانترنتُ بشكلٍ عامٍ، هما الشّرارةُ المشتعِلَةُ والوقودُ الذي لا يَنْضَبُ في زِيادةِ وَهَجِ مُشْكِلَاتِ الأَعْرَاضِ.
الانسياقُ وراءَ الصّيحاتِ الغربيةِ في الاختلاطِ، وحريةِ الملبَسِ، وتقليدِ عادَاتِهِمُ السّلوكيةِ، فتحَ علينَا أبوابَ المصاحَبَةِ، والتواصلِ غيرِ المشروعِ بينَ الجنسينِ؛ المُوصِلِ للبِغَاءِ في النهايَةِ.
للإسلامِ مَنْهَجهُ الفريدُ في صيانةِ العرضِ، حيثَ يبدَأُ بالنظرةِ الكليةِ للإنسانِ التي تُحقِّقُ رغباتِ الروحِ والجسدِ، وتجعلُ العباداتِ أداةً لتهذيبِ الغرائِزِ، كما تجعلُ النكاحَ طريقًا للكثيرِ منَ العباداتِ والأَجْرِ.
اتسمت الحدودُ في الإسلامِ بسماتٍ فريدةٍ ومميزةٍ، حيث انفردَتْ عنِ القوانينِ الوضعيةِ بكونِهَا رادعةً ومساويةً لقدرِ الجُرمِ المُرتَكَبِ، وعدمِ تفرقَتِهَا بينَ الذكرِ والأنثى في الجرائِمِ كَما هو الحالُ في القانونِ الخاصِ بالزِّنَا، وامتازتْ بكونِهَا تَسْعى لتأسيسِ مجتمعِ الفضيلةِ، المحاربِ للرذيلةِ بشتَى صورِهَا وألوانِهَا.
التكاملُ والتعاونُ بينَ كافةِ المؤسساتِ - الرسميّةِ وغيرِ الرسميّةِ - الدينيّةِ والمجتمعيّةِ والقانونيّةِ والتربويّةِ والتعليميّةِ والإعلاميّةِ واجبُ الوقتِ؛ لتحقيقِ نهضةٍ أخلاقيةٍ داخلِ المجتمعِ من ناحيةٍ، وللوقوفِ على رؤيةٍ تكامليةٍ لأسبابِ مُشْكِلَاتِ الأَعْرَاضِ، ومواجهةِ الانحرافاتِ الخلقيةِ، وطرحِ الحُلُولِ والرؤىْ المستقبليّةِ الخاصةِ بالأَعْرَاضِ.
وجوبُ التصدّي لمروجِي الإباحيةِ عبرَ وسائلِ الإعلامِ المختلفةِ؛ والعملُ على الحدِّ منَ انتشارِ الأفلامِ والمسلسلاتِ التي تَدْعَمُ ذلكَ.
هذا ويوصِي الباحثُ بالآتي:
تدريسُ مادةِ الثقافةِ الإسلاميةِ في جميعِ الجامعاتِ المصريّةِ، بحيثُ يتمُ التركيزُ في محتواهَا على القيمِ الإسلاميةِ، وإسنادُ مَهَمَّةِ تدريسِ مادّةِ التربيةِ الدينيةِ لخريجِي الكلياتِ الشّرعيةِ.
تَبَنِّيْ استراتيجيةٍ (تكامليةٍ) واضحةٍ من كلِ مؤسساتِ الدولةِ والجمعياتِ الأهليةِ؛ لدعمِ الأسرةِ في جوانبِ الحياةِ المختلفةِ (الاقتصاديّةِ والاجتماعيّةِ والثقافيّةِ...) وحلُّ المُشْكِلَاتِ التي تهددُ استقرارَهَا بدايَةً، ثمَّ تَحْصِيْنُها من كلِّ ما يُمْكِنُهُ التأثيرُ والضغطُ عليهَا مستقبَلًا، باعتبارِهَا حائِطَ الصّدِ الأولِ المَنِيعَ في وجهِ مُشْكِلَاتِ الأَعْرَاضِ.
قيامُ المؤسساتِ الدينيةِ بإحياءِ دَوْرِ المساجِدِ، والعنايةِ بموضوعَاتِ الخُطَبِ، واختيارِ الدعاةِ النابهينَ، أمورٌ تسهِمُ في الحدِّ من انتشارِ مُشْكِلَاتِ الأَعْرَاضِ.
ينبغِي رفعُ الوَاقِعِ والإحصاءَاتِ لمُشْكِلَاتِ الأَعْرَاضِ بشكلٍ دقيقٍ؛ لأنَّ الإلمامَ بأبعادِ مشكلةٍ ما بكلِّ حذافيرِهَا أُوْلَىْ خُطُوَاتِ التّشخِيصِ السّليمِ الضّرورِي لكلِّ عِلاجٍ.
تخصيصُ خطٍ ساخنٍ للإبلاغِ عن مُشْكِلَاتِ الأَعْرَاضِ، وتشجيعُ المجتمعِ - من خلالِ المبادراتِ الأهليةِ والحكوميةِ – بالاتصالِ بِهِ عندَ حدوثِ مشكلةٍ؛ لحمايةِ الأفرادِ منَ الابتزازِ، ومعاقبةِ الجناةِ، وتفعِيْلِ القانونِ، ووقايةٍ لأخلاقِ المجتمعِ وللمحافظةِ على السّلمِ الاجتماعِيّ.
أوصِي الدولَةَ بالعملِ على حَجْبِ المواقِعِ الإباحِيةِ – ما أمكنَ-، وقيامِ الرقابةِ بعملِهَا ومنعِ الحوارَاتِ والمكالمَاتِ والمشاهِدِ الدَّاعِيَةِ للجنسِ في الإعلانَاتِ والبرامِجِ والأفلاَمِ والمسلسَلاتِ.
قيامُ المؤسَساتِ المعنيةِ بتقديمِ الإرشادِ الأُسَريِّ من خلالِ الوزاراتِ والهيئاتِ المختصَةِ، وتكثيفِ الدوراتِ التربويةِ منَ المتخصصينَ؛ لتعويدِ المجتمعِ عَلَى العاداتِ الصّحيحةِ في الموضوعاتِ الجنسيةِ.
وتضمن الهدف العام للرسالة بيان صور مشكلات الأعراض في الواقع المعاصر، والأسباب المؤدية إلى تزايدها المُطَّرد، والحلول العملية التي تنطلق من منهج الإسلام مستفيدة من تطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة وصولًا إلى صيانة الأعراض كما ينبغي؛ ولتحقيق هذا الهدف طوّفت الرسالة حول إجابة عدد من التساؤلات، منها:
ما المقصود بمشكلات الأعراض في الواقع المعاصر وما أبرز صورها وأسبابها؟
ما دور وسائل التواصل الاجتماعي في انتشار ظاهرة " الابتزاز الجنسي" وما الآثار السلبية لذلك على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع؟
كيف عالج الإسلام مشكلات الأعراض وما كيفية تفعيل منهجه الفريد من خلال التكاتف بين المؤسسات الأهلية والرسمية لحماية الأعراض؟
وقد توصل البحث إلى عدد من النتائج من أهمها:
الارتباط الوثيق بين مشكلات الأعراض في الواقع المعاصر وبين الانفتاح على التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة دون ضوابط قانونية أو وازع ديني.
أهمية التشخيص الدقيق للمشكلات الاجتماعية من خلال توفير الإحصاءات والبيانات الصحيحة للباحثين وتيسير اطلاعهم عليها، كخطوة ضرورية أولى في طريق توصُّلهم لنتائج علمية سليمة يمكن أن تؤدي لحلول عملية ناجزة في أرض الواقع.
أهمية التكامل المؤسسي لتحقيق النهوض بأخلاق المجتمعات الإسلامية وضرورة ذلك لاستعادة ريادتهم الحضارية المفقودة.
اترك تعليق