مع احتدام المعارك في أوكرانيا. حذرت تقارير غربية من احتمال لجوء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلي استخدام السلاح النووي في العمليات العسكرية الجارية بأوكرانيا.
وتساءل موقع "ناشونال إنتريست" الأمريكي المتخصص في الشئون العسكرية والاستراتيجية. عما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن قد يلجأ إلي استخدام السلاح النووي في حربه بأوكرانيا.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير قد أمر بوضع قوات الردع في بلاده - التي تضم أسلحة نووية - في حالة تأهب قصوي. وذلك بعد ثلاثة أيام من بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير المنصرم. وقد أثار هذا التصريح مخاوف من أن موسكو يمكن أن تستخدم أسلحة نووية "تكتيكية". الأمر الذي اعتبرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في حال حدوثه تطورا دراماتيكيا. لكن ليس حربا نووية شاملة.
كما حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت سابق من أبريل الجاري من احتمال أن يستخدم بوتن أسلحة نووية تكتيكية في حربه علي أوكرانيا. لكن روسيا نفت علي لسان وزير خارجيتها. سيرجي لافروف. نيتها اللجوء إلي مثل هذا السلاح. قائلا: "في هذه المرحلة ندرس خيار الأسلحة التقليدية فحسب".
وبدوره. يري موقع "ناشونال إنتريست" أن لدي بوتين خيارات لاستعمال السلاح النووي. كما أنها تهديداته السابقة باستخدامه ليست مطمئنة. ويري المراقبون أنه من المحتمل أن يستخم بوتين السلاح النووي المصغر في حربه بأوكرانيا. نظرا لمخزون روسيا الكبير من الأسلحة النووية التكتيكية ذات القوة المنخفضة نسبيا. بحيث يستطيع علي سبيل المثال تدمير مدينة أو أجزاء منها. بخلاف الأسلحة النووية الاستراتيجية التي بوسعها تدمير دول بأكملها. واعتبر المراقبون أن حيازة روسيا لكمية كبيرة من الأسلحة النووية التكتيكية يزيد من احتمال استخدامها في أوكرانيا.
والأسلحة النووية "التكتيكية" هي تلك التي يمكن استخدامها علي مسافات قصيرة نسبياً. وهذا ما يميزها عن الأسلحة النووية "الاستراتيجية". في الحرب الباردة. كانت هذه القنابل التي يمكن للقوتين العظميين. الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. إطلاقها علي مسافات محددة في موطن الآخر.
ومصطلح "تكتيكي" يتضمن مع ذلك العديد من أنواع الأسلحة. بما في ذلك القنابل الصغيرة والصواريخ المستخدمة كأسلحة "ساحة المعركة". ويمكن وضعها علي أنواع مختلفة من الصواريخ التي تستخدم عادة لنقل المتفجرات التقليدية. ويمكن حتي إطلاقها كقذائف مدفعية في ساحة المعركة. تم تطويرها أيضا للطائرات والسفن - علي سبيل المثال- الطوربيدات والشحنات المصممة لاستهداف الغواصات.
ويعتقد أن هذه الرؤوس الحربية موجودة في منشآت التخزين وليست منتشرة وجاهزة للإطلاق. لكن أحد المخاوف هو أن روسيا قد تكون أكثر استعداداً لاستخدام أسلحة تكتيكية أصغر من الصواريخ الاستراتيجية الأكبر.
وتقول الدكتورة باتريشيا لويس. رئيسة برنامج الأمن الدولي في مركز أبحاث "تشاتام هاوس": "قد لا يرون أن الأمر يتجاوز العتبة النووية الكبيرة. يمكنهم رؤيتها كجزء من قواتهم التقليدية".
ويمكن أن يصل حجم أصغرها إلي كيلو طن واحد أو أقل "أي ما يعادل ألف طن من مادة تي إن تي المتفجرة" - وربما يصل حجمها إلي 100 كيلو طن. ستعتمد التأثيرات علي حجم الرأس الحربي. ومدي انفجاره فوق الأرض والبيئة المحلية.
ولكن علي سبيل المقارنة. كانت القنبلة التي قتلت حوالي 146 ألف شخص في هيروشيما باليابان. خلال الحرب العالمية الثانية. تزن 15 كيلوطنا. ويعتقد أن أكبر الأسلحة الاستراتيجية لروسيا تبلغ 800 كيلوطن علي الأقل.
وقد أشار بوتين في أكثر من مرة إلي الأسلحة النووية الروسية - علي ما يبدو لمحاولة خلق شعور بالخوف. ويري مراقبون في هذا إشارة للغرب لإقناعه بعدم التدخل أكثر في أوكرانيا. وليس كعلامة علي أنه يخطط لحرب نووية.
لكن مراقبين آخرين قلقون من أنه رغم أن الفرص منخفضة. فمن الممكن أن تميل روسيا في ظروف معينة. إلي استخدام سلاح تكتيكي أصغر في أوكرانيا. غردت الدكتورة ماريانا بودجيرين. الخبيرة النووية في مركز بيلفر للعلوم والشئون الدولية. في كلية كينيدي بجامعة هارفارد: "بوتين يشعر بالارتياح في عالم "الاستقرار والاضطراب". بينما يردع الغرب باستخدام صدمته النووية".
وتقول المخابرات الأمريكية إن لدي روسيا نظرية تسمي "التصعيد من أجل خفض التصعيد" إذا كانت في صراع مع حلف شمال الأطلسي "الناتو". يتضمن هذا القيام بشيء مثير - مثل استخدام سلاح تكتيكي في ساحة المعركة - أو التهديد بالقيام بذلك.
والقلق هو أنه إذا شعر بوتين بأنه محاصر وأن استراتيجيته في أوكرانيا تفشل. فيمكنه استخدام الأسلحة النووية التكتيكية لتغيير قواعد اللعبة. أي لكسر الجمود أو تجنب الهزيمة.
ويقول جيمس أكتون. الخبير النووي في مؤسسة "كارنيجي" للخطوات الدولية في واشنطن العاصمة: "إنني قلق بشكل مشروع من أنه في هذه الظروف قد يستخدم بوتين سلاحا نوويا تكتيكيا. علي الأرجح علي الأرض في أوكرانيا لإرهاب الجميع وشق طريقه. لم نصل إلي هذه المرحلة بعد".
ومع ذلك. فإن احتمال استخدام السلاح النووي في أوكرانيا يثير احتمال إمكانية اندلاع حرب نووية "مصغرة". وهي فكرة يرفضها محللو الأسلحة النووية. ففي الواقع يبدو صعبا تصور أي سيناريو يمكن أن يكون فيه منتصراً في حرب نووية "مصغرة". دون حدوث تصعيد من الطرف الآخر.
وعندما سئل وزير الدفاع الأمريكي. لويد أوستن. لدي سفره إلي ألمانيا للمشاركة في مؤتمر دعم أوكرانيا. الأسبوع الماضي. عن احتمال اندلاع حرب نووية. فأجاب: "لا أحد يريد أن يري حربا نووية تحدث". وتقول "ناشونال إنترست" إنه لحسن الحظ في الوقت الحالي. لا يزال كلا البلدين مهتمين بتجنب المواجهة المباشرة أو الحرب النووية. ولكن إلي متي يمكن لهذا الوضع الهش يمكن أن يستمر. فذاك سؤال آخر.
اترك تعليق