أكد خبراء مصرفيون ان الاقتصاد المصري والسياسات النقدية والمالية قادرة علي الصمود في مواجهة الازمات الخارجية واخرها الازمة الروسية الاوكرانية والتي تركت بصماتها السلبية علي اقتصادات العالم ومن بينها الاقتصاد المصري فضلا عن جائحة كورونا التي ادت الي تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي العالمي.
يري الخبير المصرفي هاني ابو الفتوح انه علي الرغم من ارتفاع الدين الخارجي بقيمة 8.1 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي مسجلا 145.529 مليار دولار في ديسمبر الماضي مقابل 137.420 مليار دولار نهاية الربع الأول من ذات العام المالي. وعلي الرغم من ان مستوي الدين الخارجي في ظل الظروف الدولية والمحلية الحالية يمثل مصدر قلق. الا أن الجهود كانت ناجحة في تغيير هيكلة الديون الخارجية ليكون الجزء الأكبر منها طويل الأجل. وهو أمر مطمئن إلي حد ما .إذ تمثل الديون طويلة الأجل 132.7 مليار دولار بنهاية ديسمبر. بينما تبلغ الديون قصيرة الأجل 12.842 مليار دولار.
أشار إلي ان جهود هيكلة الدين الخارجي قد حمت الدولة من ارتفاعات كبيرة كانت ستحدث في تكلفه خدمه الدين في ظل الاضطرابات التي ضربت اقتصادات الدول والأسواق المالية وأبقت مستوي الدين الخارجي آمن عند أسعاره المحددة مسبقا علي الرغم من الارتفاع المتسارع والمتوقع لأسعار الفائدة العالمية. ونجحت سياسات البنك المركزي في الحفاظ علي موارد طويله الأجل من العملة الأجنبية تتمتع بالاستقرار.
قال أبوالفتوح ان نسبة رصيد الدين الخارجي إلي الناتج المحلي الإجمالي أقل من 35%. وهي في الحدود الآمنة وفقا للمعايير الدولية طالما أنها أقل من 60%. لكن هذا لا يقلل من التأثيرات السلبية الناتجة عن الحرب الروسية الأكرانية التي يمكن أن تغير الأوضاع اذا ما طالت الأزمة.
أكد ان مصر لم تتخلف عن سداد التزاماتها الخارجية ن اقساط القروض. والفوائد ما يعطي دلالة علي أن الأوضاع تسير بشكل لا يدعو الي القلق.
عن تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي بنهاية شهر مارس 2022. بقيمة 3.91 مليار دولار. علل ابو الفتوح ذلك باستخدام جانب من الاحتياطي في تغطية احتياجات السوق المصرية من النقد الأجنبي وتغطية تخارج استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية وتأمين مصادر تمويل استيراد سلع استراتيجية. و كذلك سداد أقساط قروض خارجية.
قال هاني أبوالفتوح إن رصيد الاحتياطي الأجنبي لا يشمل الوديعة السعودية بقيمة 5 مليارات دولار". لأن الوديعة أعلن عنها في 30 مارس الماضي. "لكن جري ربطها في شهر ابريل. كما ان الاستثمارات الخليجية المعلن عنها سوف تنعكس في رصيد الاحتياطي النقدي الاجنبي فور إتمام العمليات وتدرج في الاحتياطي النقدي في ذات الشهر الذي تتم فيه العمليات.
ومع ذلك. لا توجد مخاوف حقيقية بشأن وضع الاحتياطي النقدي الأجنبي. حيث أنه في ظل ذروة جائحة كورونا عام 2020 تقلص الاحتياطي إلي أقل من 36 مليار دولار ثم عاود الارتفاع مرة اخري. كما أن الاحتياطي النقدي مازال كافيا لتغطية أكثر من 5 أشهر من الواردات السلعية.
من جانبه اكد دكتور احمد شوقي الخبير المصرفي و عضو الهيئة الاستشارية لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية.
أن القطاع المصرفي المصري أحد أهم الركائز التي يعتمد عليها الاقتصاد المصري في العديد من الجوانب و أظهر قدرته علي مساندة الاقتصاد المصري للعبور من أزمة فيروس كورونا والتي أصابت اعتي الاقتصاديات فضلا عن المساهمة من خلال سلسلة الإجراءات الاحترازية التي تم تطبيقها من قبل المركزي المصري للحفاظ علي تحقيق معدل نمو 2,5% خلال عام 2020 والذي صنف ثاني اعلي معدل نمو عالمي.
أشار إلي ان قدرة القطاع المصرفي علي امتصاص الأزمة ياتي علي خلفية مؤشرات السلامة المالية وأبرزها تجاوز معيار كفاية رأس المال 19% والتي تجاوزت النسبة المقررة من الهيئات والجهات الرقابية. وباجمالي اصول 7 ترليون جنية مصري بنهاية 2020 مقارنة 5.8 ترليون جنية بنهاية 2019.
بحسب شوقي فانه مع تعدد موجات أزمة كورونا خلال 2021 أستمر القطاع المصرفي في الصمود مع زيادة في اصوله لتصل إلي 8.6 ترليون جنية مصري والاستمرار في مد آجال المبادرات المقدمة للقطاعات الاقتصادية بمعدلات عائد منخفضة لتساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي.
كما انه في ظل الأزمة الحالية نتيجة تصاعد الازمة بين الجانب الروسي والدول الداعمة لأوكرانيا والإصرار علي عدم إنهاء حالة التوترات الاقتصادية والتي نتج عنها زيادة في معدلات التضخم. أصبح أمام القطاع المصرفي اختبار اخر لمساندة الاقتصاد المصري مرة أخري بعد أزمة كورونا التي أدت لافلاس بعض الدول كاليونان والبرازيل.
حول مؤشرات السلامة المالية القطاع المصرفي المصري. قال الدكتور أحمد شوقي أن مؤشرات كفاية رأس المال شهدت ارتفاعا بما يزيد عن الحدود الرقابية علي الرغم من تعدد الأزمات وهو ما يبرز قدرة القطاع المصرفي في احتواء الأزمات العالمية.
بالنسبة لمتوسط نسبة السيولة المحلية نجد أنها شهدت استقرارا مصحوبا بانخفاض طفيف خلال العام حيث بلغت 45.4% بنهاية ديسمبر الماضي مقارنة 45.6% في سبتمبر.
كانت السيولة قد سجلت 45.5% في يونيو الماضي مقابل 47.2% في مارس 2021. أما بالنسبة للسيولة الاجنبية فقد ارتفعت لتصل إلي 67.9% بنهاية ديسمبر 2021 مقارنة 65.6% في سبتمبر الماضي و كانت نسبة السيولة بالعملة الأجنبية في يونيو الماضي اعلي مما هي علية الآن مسجلة 73.2% وبمقارنة نسبة السيولة الأجنبية في ديسمبر الماضي والبالغة 67.9% بنفس النسبة في اخر 2020والبالغة 71.5% نجد أن نسبة الانخفاض في ظل الأزمات وتعدد موجات كورونا حوالي 3.4% فقط وهي ليست بالنسبة العالية.
علي مستوي الودائع اشار شوقي الي ارتفاع الودائع لتصل إلي 6.5 ترليون جنيه مصري وتبلغ نسبة التمويل أو الاقراض نحو 48.3% بنهاية ديسمبر 2021 مقارنة 46.4% بنهاية ديسمبر 2020. وكل هذة المؤشرات تعكس قدرة القطاع المصرفي المصري علي الصمود أمام الأزمات في ظل استخدام أدوات السياسة النقدية المختلفة و مع استمرار دعم الاقتصاد المصري لتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي يتجاوز 5.5% وذلك علي الرغم من الأزمات الحالية.
بحسب الدكتور احد شوقي فان الاقتصاد المصري علي الرغم من الأزمات والعقبات التي تواجهه شأنه شأن الاقتصاديات الأخري لم يذكر أنه تأخر في سداد اي من استحقاقات الديون بمختلف أنواعها مؤكدا ان مصر لن تواجه حالة الإفلاس التي يتم الترويج فكلما كبر الاقتصاد المصري ونجح في تجاوز الأزمات كلما كثرت الاشاعات.
من ناحية أخري قال مركز معلومات مجلس الوزراء في احدث تقرير له ان مصر عززت من ثقة المؤسسات الدولية في أداء ومرونة الاقتصاد المصري وقدرته علي التكيف والصمود أمام التحديات الاقتصادية المختلفة التي فرضتها الأزمة الروسية الأوكرانية. حيث دعمت المنهجية الاستباقية للدولة. من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي وما شمله من دعم للسياسات المالية والنقدية. من قدرتها علي مواجهة تأثيرات تلك الأزمة علي القطاعات الحيوية في الاقتصاد. وامتصاص الصدمات وهو ما كان له - بحسب التقرير - انعكاسات ايجابية علي توقعات المؤسسات الدولية المتفائلة لمستقبل الاقتصاد المصري.
في هذا المجال ابرز التقرير رؤية البنك الدولي لتعامل مصر مع الأزمة. والذي أشار إلي أن العالم يواجه تداعيات وتحديات اقتصادية غير مسبوقة مع دخول جائحة كورونا عامها الثالث ونشوب الأزمة الروسية الأوكرانية. ارتفعت معها معدلات التضخم وأسعار الطاقة والغذاء إلي مستويات تاريخية مؤكدا ان مصراتخذت عدة إجراءات لمواجهة آثار الأزمة علي رأسها تقديم حزم تمويلية للتخفيف من ارتفاع الأسعار من خلال زيادة الأجور والمعاشات. مضيفاً أن بعض القطاعات آخذة في التعافي كقطاعات استخراج الغاز وقناة السويس كما يواصل قطاعا الاتصالات والبناء دورهما كمساهمين مهمين في تحقيق النمو.
شدد البنك في الوقت نفسه علي أن الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية أمر هام لخلق فرص عمل جديدة وتحسين مستويات المعيشة.
أكد البنك الدولي علي أن توقعات معدل نمو الاقتصاد المصري لا تزال إيجابية رغم تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية. مقارنة بتوقعات ما قبل الأزمة. حيث جاءت نتائج توقعات معدل النمو للعام المالي 2021/2022 في كل من تقريري إبريل ويناير 2022 مسجلة 5.5%. مقابل نتائج توقعات تقرير أكتوبر 2021 والتي سجلت 5%.
توقع أن ينخفض معدل نمو الاقتصاد المصري إلي 5% عام 2022/2023 ولكنه سيظل أعلي معدل نمو بين أكبر اقتصادات المنطقة.
كما أكد البنك الدولي أيضاً. أن الزيادة الأخيرة بالنشاط الاقتصادي وضعت مصر علي المسار الصحيح لتحقيق نمو يصل إلي 5.5% عام 2021/2022.
أشاد البنك بما نفذته مصر من إصلاحات عدة لتحقيق الاستقرار بالاقتصاد. فضلاً عن اتخاذ خطوات لتعزيز إدارة ملف الدين وتعزيز بيئة الأعمال وإصلاح قطاع الطاقة.
أما عن رؤية صندوق النقد الدولي لتعامل مصر مع الأزمة. فقد أشار إلي أن الأزمة في أوكرانيا مثلت تحديات كبيرة لجميع دول العالم بما فيها مصر. لما فرضته من تداعيات سريعة التغير مثلت حالة من عدم اليقين.
أكد الصندوق. وفقاً للتقرير. أن مجموعة التدابير والسياسات الاقتصادية التي اتخذتها مصر من شأنها الحفاظ علي آفاق النمو الاقتصادي علي المدي المتوسط. موضحاً أن الإجراءات المتخذة شملت توسيع نطاق الحماية الاجتماعية وضمان مرونة سعر الصرف. وهي خطوات مرحب بها لامتصاص الصدمات الخارجية خلال ذلك الوقت المضطرب.
وفقًا للصندوق فانه لا تزال هناك حاجة لاستمرار السياسات المالية والنقدية الحكيمة لمواصلة الحفاظ علي استقرار الاقتصاد وتنفيذ برنامج يدعم النمو المستدام والتشغيل المستمر.
كانت المدير العام لصندوق النقد الدولي "كريستالينا جورجيفا" قد رحبت باستجابة مصر السريعة لتفادي تأثيرات الأزمة السلبية علي ميزان المدفوعات وارتفاع أسعار أغلب المواد الغذائية.
أعربت المدير العام للصندوق عن أمنيتها بأن تري مصر تحمي ما حققته خلال السنوات الأخيرة من تكوين احتياطيات كافية من النقد الأجنبي ومنح الثقة للمستثمرين. مشيرة إلي أن مصر قد تأثرت سلباً رغم الإصلاحات بالأزمة الروسية الأوكرانية لاعتمادها علي الواردات من هاتين الدولتين. إلا أنها اتخذت إجراءات مناسبة للحد من تلك الضغوطات الخارجية.
بدورها. أشارت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني إلي أن الأزمة الروسية الأوكرانية من شأنها أن تؤدي لزيادة الضغوط التضخمية علي مستوي العالم والتأثير علي تدفقات التجارة العالمية. واكدت ان استجابة مصر السريعة لتلك التداعيات تبشر بالخير لمستقبل الاقتصاد المصري.
قالت فيتش أنه علي الرغم من التأثيرات السلبية للأزمة علي أسعار الطاقة والغذاء علي مستوي دول المنطقة. تعتبر مصر دولة متميزة وسط هذه الاقتصادات لما لديها من عجز ضئيل جداً بالميزان التجاري البترولي.
أما الإيكونوميست فقد رأت أن البعد الأول للأزمة الأوكرانية والأكثر تأثيرًا علي مصر هو أسعار القمح المرتفعة والتي تستدعي زيادة الإنفاق علي الواردات. مشيرة في ذات الوقت إلي بُعد آخر للأزمة والمتمثل في ارتفاع أسعار الطاقة بصورة كبيرة. مما سيؤدي لزيادة عائدات صادرات الغاز المصري والتي من المحتمل أن تفوق تكاليف استيراد القمح.
اترك تعليق