فاجئت القوات المسلحة الأوكرانية القوات الروسية المهاجمة لأراضيها بتكتيات حرب غير متوقعة، حيث كان من المفترض أن يتم هزيمتهم في غضون أيام من الهجوم الذي بدأ في 24 فبراير، كما يوحي إعلان النصر الروسي المنشور عن طريق الخطأ، وفق ما ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
في يوم الغزو، أخبر وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر السفير الأوكراني بأن الأمر سينتهي في غضون ساعات قليلة. وبدلاً من ذلك، دخلت الحرب شهرها الثاني، ويبدو أن الانتصار الروسي بعيد المنال.
وكانت روسيا، تطمح لأخذ أوكرانيا في أيام معدودة ووضع نظام موالي لها. لكن لم يستمع الأوكرانيون، لما ذكره الغربيون بأنهم سيسقطون سريعًا، و بدلاً من انتظار هزيمتهم، خططوا للصمود والمناورات الحربية. وكذلك خططوا لشن حرب عصابات منسقة في غضون الأسابيع القليلة المقبلة - بالتوازي مع الحرب النظامية.
أعلن رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، الجنرال كيريلو بودانوف ، في أواخر مارس أن "حرب العصابات الأوكرانية ستبدأ قريبًا. وإنه سيكون هناك سيناريو واحد فقط أمام الروس، هو كيفية بقائهم على قيد الحياة".
ووفق ما ذكرت تقارير مختلفة، فقد حدثت بالفعل مقاومة مدنية غير نظامية ، وبالتالي فإن حملة حرب العصابات التي أعلنها بودانوف بدأت بالفعل قبل أسابيع من الآن.
في الجزء الشمالي من مقاطعة بولتافا، وفقًا لتقرير صدر في 18 مارس، استولى صيادون على أكثر من 10 دبابات ومركبات أخرى وطاردوا القوات الروسية المنسحبة. وفي وقت سابق من شهر مارس، ورد أن مسلحين دمروا قافلة من الشاحنات بالقرب من خاركيف. وفي أماكن أخرى في 11 مارس، ورد أن القرويين ساعدوا الشرطة في اعتقال 29 جنديًا روسيًا.
ويرى ألكسندر ج. موتيل أستاذ العلوم السياسية بجامعة روتجرز، فقد توقف الغزو الروسي لأوكرانيا إلى حد كبير، حيث قلصت موسكو علنًا أهدافها، وشنت كييف هجمات مضادة ، وانخرطت الحكومتان في محادثات سلام مباشرة. وذكر موتيل، إن أفضل ما في الأمر هو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتخذ مكاسبه الإقليمية حتى الآن ذريعة لإعلان النصر ووقف إطلاق النار الذي يمنح جيشه المنهك مهلة.
لكن حتى هذا السيناريو الأقل سوءًا سيترك رقعة على شكل هلال من شرق أوكرانيا في أيدي الروس إلى أجل غير مسمى. وحتى إذا قبلت حكومة فولوديمير زيلينسكي بوقف إطلاق النار، فإن القوات غير النظامية الأوكرانية قد تستمر في محاربة الوجود الروسي، طالما استمر.
ومهما حدث في الأسابيع المقبلة، فإن الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بحاجة إلى الالتزام بتدريب وتسليح أوكرانيا على المدى الطويل. وذكرت "فوين بوليسى" إنه خلال الفترة السابقة، كانت المقاومة تعتمد على الدعم الشعبي من الأوكرانيين، وفي الأجواء الحالية، فإنه من المتوقع أن تتلقى هذه المقاومة دعم خارجي، ضد قوة عظمى.
ونوهت المجلة الأمريكية إن البلد غارق بشكل كبير في ترسانات من الأسلحة ، بما في ذلك الصواريخ المتطورة المضادة للدبابات والطائرات التي قدمها الغرب. وفي الوقت نفسه ، فإن قوة روسيا هي ظل لنفسها السوفياتي.
واعتبرت المجلة إن الظروف مواتية للتمرد في هذه المرحلة لدرجة أنه حتى لو أراد زيلينسكي منع الأوكرانيين في المناطق التي تحتلها روسيا من القتال - على سبيل المثال، كجزء من اتفاق سلام - فقد لا يستمعون إليه.
وحتى لو أراد بوتين سحب القوات الروسية من أوكرانيا ، فإنه لا يستطيع فعل ذلك دون أن يبدو أنه يعترف بالهزيمة، ومثل ذلك يعد ضربة كبيرة لصورة الرجل القوي الذي قد تؤدي إلى الإطاحة به أو قتله.
ولا يعني ذلك أن بوتين يفكر في تنازلات كبيرة، لكن على الصعيدين السياسي والشخصي، يجب أن يكون قادرًا على إدعاء أنه أحرز بعضًا من الانتصار، وهو الذي يأتى كلما احتل المزيد من أوكرانيا.
اترك تعليق