انطلقت بمحافظة قنا فاعليات الدورة السابعة لمنتدى دندرة الثقافى الذى نظمه مركز دندرة الثقافى تحت عنوان " العنف الأسرى يفتت التماسك العائلي " وذلك بحضور اللواء أشرف الداودى محافظ قنا وحازم عمر نائب المحافظ
والأمير هاشم الدندراوى رئيس مراكز دندرة الثقافية ، وفضيلة الشيخ وحيد عبد الجواد أمين الفتوة بدار الإفتاء المصرية، و الأنبا بيمن أسقف نقادة وقوص وعدد من القيادات التنفيذية والشعبية ورجال الدين الإسلامى والمسيحى و المثقفين والمفكرين والمبدعين والكتّاب والشعراء.
وخلال فاعليات المنتدى أكد الدكتور على الدين عبدالبديع القصبي أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة جنوب الوادي، انه لكى يقوى المجتمع ويرتفع البناء فلابد من تنشئة أطفال أقوياء أقوياء أصحاء ، في جو أسرى آمن مستقر ، يسوده المحبة والمودة والتفاهم والعطاء ، حيث أن الأسرة هي أساس هذا المجتمع ، وأعمدة هذا البناء. ولذا إذا صلحت الأسرة ، وتحملت مسئولياتها في تنشئة الأبناء صلح المجتمع كله وتحقق النماء ، وارتفع البناء ، وإذا فسدت فسد المجتمع كله، واضطرب البناء ، وأوشك على التصدع والإنهيار والفناء.
وقال إن الأسرة هى الخلية الأولى في المجتمع ، وهى أهم المؤسسات التربوية والاجتماعية، حيث تتكون من أفراد تربط بينهم صلة القرابة والرحم ، وهى كباقي المؤسسات يترتب على أفرادها مجموعة من الأدوار والمسؤوليات وذلك من أجل ضمان استقرارها واستمرارها وتماسكها ، فبتماسكها يتحقق لأفرادها الطمأنينة والراحة النفسية.
وأوضح "القصبى" أز العلاقات الأسرية تسمل ثلاث مستويات : العلاقة بين الزوجين ، والعلاقة بين الوالدين والأبناء ، والعلاقة بين الأبناء بعضهم مع بعض ، وهذا يعنى أن العلاقات الأسرية تقوم على توثيق روح المودة بين الزوج والزوجة والأولاد إلى المدى الذى يحقق تدعيم الروابط الأسرية وتماسكها
وتحدث عن مفهوم التماسك العائلى؛ مشيرا إلى أن التماسك هو حالة من الارتباط تسود العلاقات الزوجية والعائلية، وتشمل جميع جوانبها؛ ويسهم التماسك في تشكيل السلوك وبناء المجتمعات الإنسانية.
وأكد د. علي الدين القصبى أن التماســك العائلي عملية اجتماعية تؤدي إلى تدعيم البناء الاجتماعي للأسرة وترابط أجزائه؛ من خلال العلاقات والروابط الاجتماعية التي تربط الأفراد بعضهم ببعض، وهي تعتبر من مظاهر التماسك العائلي؛ كالمودة والسكينة والتوافق والتكافل والتآلف والتآزر والإحسان والمساندة.
وأشار إلى وجود عدو مواصفات للعائلة المتماسكة من بينها "التواصل الفعال مع الأبناء" ويقصد بالتواصل الأسري لغة التفاهم والتحاور بين أفراد الأسرة التي تنقل أفكار كل منهم ومشاعره ورغباته واهتماماته وهمومه إلى الآخرين في الأسرة، وتشمل هذه اللغة: الكلام والحركات والتعبيرات والإرشادات والإيماءات وغيرها من الرموز اللفظية وغير اللفظية التي يقوم عليها التفاعل والتوافق بين أفراد الأسرة، فالتواصل الأسري الجيد مفتاح سحري لسعادة الأسرة يجعل التفاعل بين أفرادها إيجابياً، يجلب لهم الفرح والسرور، ويؤدي إلى تماسك الآسرة وترابطها.
وأكد أن التواصل الفعال مع الأبناء هو الترمومتر لصحة العلاقة داخل الأسرة المترابطة حيث يقوم الوالدين بدور مهم في تنمية هذه العلاقات لدى أبنائهم من خلال القدوة ومن خلال التفاعل معهم. ويتعلم الأبناء من خلال التواصل الجيد كيف يتفاعل الأفراد مع بعضهم، وماذا يتوقع منهم الآخرون، وما يمكن أن يتوقعوا هم من الآخرين. وهم يتعلمون أمورا كثيرة حول أنفسهم ومشاعرهم. ويساعد التواصل البناء على بناء الثقة وتقدير الذات، ويتعلم من خلال خبرات التواصل كيف يتفاعل مع غيره ويكون علاقات إيجابية معهم، سواء أكان ذلك داخل العائلة أم خارجها. لذا فإن تنمية التواصل الإيجابي يعد أمرا ضروريا لتطوير علاقات صحيحة وهو من أهم مسئوليات الوالدين في الاسر المتماسكة.
أضاف أن هذه المواصفات تشمل "السعادة والاستقرار" وتمكن السعادة التي تحيا في سياقها العائلة المترابطة من العيش في وفاق وتماسك وترابط بين أعضائها، فالسعادة بحد ذاتها تؤثر إيجابيا على عطاء أفراد العائلة فالزوج إذا ما كان سعيدا ومستقرا سينتج أكثر، والزوجة ستربى أبنائها بصدق وتفان، والسعادة والاستقرار تعزز من تقدير الذات لدى العائلة، وبالتالي تعزز الإبداع وتدعم الثقة بالنفس لدى الأبناء.
وكذلك تشمل المواصفات " البشاشة والراحة النفسية في الملامح والتصرفات" وتتسم العائلة المتماسكة ببشاشة وجوه أفرادها وتظهر عليهم الراحة النفسية في ملامحهم وتصرفاتهم وكثيرًا ما تجدهم ضاحكين مستبشرين بالغد طامحين للمستقبل المشرق بالأمل.
أضاف أن مواصفات العائلة المتماسكة تشمل أيضا تبوءا المكانة المرموقة، مشيرا إلى أن أفراد العائلة المتماسكة يتبوؤون مراتب ومناصب مرموقة تعليما أو ماديا أو خلقيا أو دينيا فنجدهم على قدر عظيم من حسن السمعة والمكانة المرموقة، كما تشمل المواصفات "الصلابة" ويقصد بالصلابة بصورة مختصرة لمدى قدرة العائلة المتماسكة على التوافق والتكيف بدرجات متباينة مع المواقف الصعبة والازمات وما يصاحبهما من توترات وضغوط، وتتباين وتختلف درجات الصلابة كسلوك سائد بين العلاقات داخل العائلة المتماسكة ومرونة مواجهة ضغوط الحياة وتوتراتها.
وقال الدكتور على الدين القصبى إن الصمود النفسي وتجاوز العثرات واستعادة التوازن من أهم مواصفات العائلة المتماسكة حيث أن الصمود النفسي أحد البناءات التي تحمى وتقى من التعرض للخطر ويتميز مفهوم الصمود النفسي بالمباشرة والوضوح وذلك في ضوء فهم الطرق التي من خلالها يتحقق الازدهار الوجداني والسلوكي والتعليمي، وكذا الوسائل التي تحد من خطورة السلوك المعادي للمجتمع والأسرة المتماسكة بما تحققه من سكينة ورحمة ومودة، وما تقدمه من نصح ومراقبة وتوجيه وتقويم لأخطاء أبنائها وما تشبعه من تلبية لاحتياجاتهم الضرورية، فإنها في سبيل ذلك تسعى لتنمية الصمود لدى أبنائها ، وتنمية الصمود بمثابة منحة يقدمها جيل إلى جيل آخر يليه، والتماسك يحفظ للمجتمع هويته وقوته ووحدته ويدفعه لمزيد من النمو والتطور ، فالأسرة المتماسكة تسهم بشكل أساسي في تحقيق مقولة المجتمع الآمن المنسجم والمتكامل.
إضافة لما سبق فإن القدرة على حل المشكلات وتخطيها يعتبر أيضا من أهم مواصفات العائلة المتماسكة- كما يقول الدكتور على الدين عبدالبديع القصبي- مؤكدا انه رغم متطلبات الحياة الصعبة ومشكلاتها إلا أن أعضاء العائلة المترابطة يتمتعون بالقدرة على حل هذه المشكلات وتخطيها بسبب حسن ظنهم واتكاله على الله ، واكتسابهم مهارات :التعاون والمشاركة في اتخاذ القرار وغيرها من الأساليب الايجابية التى تعينهم على مقاربة المشكلات التي يمرون بها بشكل أفضل بعيدا عن التشنج أو الصراع الذى يؤدى إلى تفكك المجتمع.
وأكد أن التسامح والعفو أيضا من مواصفات العائلة المتماسكة، فالعَفْوُ من مكارم الأخلاق السامية، والعفو والتسامح خُلُقان كريمان تحتاجهما النفس البشرية لتتخلّص من كل الشوائب التي قد تعلق في القلب من أثر الأذى، وكذلك لينعم الأفراد بالخير والحب وانشراح الصدر، وهما إنّما يتحقّقان بطولِ صبر وكظمٍ للغيظ واحتساب الأجر، ولا ريب أنّ تغليب العفو والتسامح على العقاب ينجّي الأفراد من المنازعات الحادة التي قد تنشأ بينهم، إلّا إذا تمادى أصحاب الأذى مع كثرة العفو وتكرّر ظلمهم وإساءتهم؛ فيكون الإصلاح في هذه الحالة أولى من العفو والتسامح لدفع الضرر الحاصل.
وأضاف " القصبى" أن الإحساس بالمسئولية الاجتماعية من المبادئ التي لها دور كبير في صلاح الأفراد والمجتمعات على حد سواء ، فهي من القيم الاجتماعية التي حث علماء الدين والنفس والاجتماع على أهميتها ، وضرورة الاتصاف بها . والمسؤولية الاجتماعية حاجة اجتماعية ؛ لأن المجتمع بأسره وأجهزته ومؤسساته كافة في حاجة إلى الفرد المسؤول اجتماعياً، فارتفاع درجة إحساس والتزام أفراد المجتمع بالمسؤولية الاجتماعية تعد المعيار الذي نحكم بموجبه على تطور ذلك المجتمع ونموه . وتنمية الشعور بالمسؤولية في نفوس أبناء المجتمع ضرورة مؤكدة ، وهي مهمة تقع على عاتق الأسرة المتماسكة المسؤولة وتنشئة أبنائها على الالتزام بالعديد من الواجبات مثل: واجب دفع الضرائب وتأدية الخدمة العسكرية للوطن واحترام القانون واحترام حرية وخصوصية الآخرين
وقال "القصبى" : من الثابت أن العائلة المتماسكة يشع لدى أفرداها قيم عظيمة ومتزايدة للولاء والانتماء لأصل جذورها الطيب وهذا مؤشر إيجابي يشجع على دعم أواصر الانتماء وتحقيق الولاء إلى المجتمع الأكبر نطاقا من مجتمع العائلة المحدود، أقصد به على وجه الدقة والتحديد الارتباط بالوطن والشعور بالحمية تجاه الدفاع عن مقدراته وحماية حدوده من التهديدات الخارجية ودعم جبهته الداخلية بالتماسك المجتمعي.
واختتم بالتأكيد على أن الشعور بالأمن الاجتماعي يعد أيضا من مواصفات العائلة المتماسكة، ويقصد بالأمن الاجتماعي اطمئنان الفرد والأسرة والـمـجتمع على أن يحيوا حياة طيبة، بحيث لا يخشون على أنفسهم وعقولهم وأعراضهم وأموالهم وممتلكاتهم من الأخطار الداخلية والخارجية التي قد تهددها، وتأتي عليها بالإفساد والتخريب والتدمير. وتتسم العلاقة داخل العائلة المتماسكة المحبة والمودة والتعاون والشورى لتحقيق التماسك والاستقرار داخل الأسرة وخارجها وهو في حد ذاته كفيل في تحقيق الأمن الشامل والدائم للمجتمع لأن ثمة حاجات ضرورية:(اقتصادية، وثقافية واجتماعية, ونفسية ، وجسدية ، وغذائية ، وعقائدية روحية، وصحية) لأفراد العائلة تم إشباعها سوف تنعكس بالضرورة على الرغبة الأكيدة في بث الطمأنينة في كيان المجتمع كله، وهذا ما سيعود على الجميع بالفائدة والخير العميم والأمن المنشود.
اترك تعليق