هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

خسائر انسحاب شركات الطاقة العالمية من روسيا

تعطل إمدادات النفط والغاز.. ارتفاع الأسعار.. تباطؤ الاقتصاد العالمى

موسكو تواصل نزيف رأس المال الأجنبى.. وتعد مرسوما للحد من سحب الاستثمارات الأجنبية 

أسفرت العملية العسكرية التى تنفذها القوات الروسية حاليا على الأراضى الأوكرانية، عن نزوح جماعي للشركات العالمية، على رأسها العاملة فى مجال الطاقة، من موسكو،  مما قلب مسار ثلاثة عقود من استثمار الشركات الغربية وغيرها من الشركات الأجنبية هناك، عقب انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991


وتنمو قائمة أولئك الذين قطعوا العلاقات، أو يراجعون عملياتهم في كل ساعة مع تصعيد الحكومات الأجنبية من العقوبات الموقعة على روسيا، وإغلاق المجال الجوي أمام طائراتها وقطع وصول بعض البنوك لنظام المراسلة المالية "سويفت".

وانتهت بعض الشركات إلى نتيجة مفادها أن المخاطر، سواء المتعلقة بأضرار السمعة أو المالية، أكبر من أن تتواصل،  وبات العمل في روسيا يمثل إشكالية بطريقة شديدة.

وانسحب عدد من شركات النفط والغاز  العالمية من مشروعاتها في روسيا، منها شركة النفط البريطانية "بي بي" و"إكسون موبيل" الأمريكية، و"شل الأنجلو" الهولندية، و"إكوينور" النرويجية، ردا على الحرب الروسية الأوكرانية. 

وبالنسبة لتلك الشركات، فإن قرار الخروج من روسيا هو ختام لعقود من الاستثمارات المربحة، وإن كانت متوترة في بعض الأحيان. فقد بدأت شركات الطاقة الأجنبية الكبرى في عمليات ضخ الأموال منذ فترة التسعينيات من القرن الماضي. 

وبدأت شركة "بريتش بترليوم"، وهي أكبر مستثمر أجنبي في روسيا، مسار الخروج مع إعلانها بطريقة مفاجئة يوم الأحد أنها ستتخلص من حصتها البالغة 20% في شركة "روسنفت" التي تديرها الحكومة، وهو تحرك ربما يسفر عن شطب 25 مليار دولار من قيمتها، ووقف ثلث إنتاجها من النفط والغاز العالمي.

ونتجت هذه الحصة من الملكية عن معركة ممتدة لفترة طويلة خلال سنة 2012 للاستحواذ على شركة "تي إن كيه- بي بي"، وهي عبارة عن مشروع مشترك بين شركة النفط العملاقة ومجموعة من المليارديرات. وهي في الوقت الحالي تدرس ما إذا كانت ستبيع حصتها مرة أخرى إلى "روسنفت"، بحسب مصادر على دراية بالموقف.

وأعلنت شركة "شل" يوم الإثنين محتجة بالعمل العسكري من قبل روسيا، أنها بصدد إنهاء شراكاتها مع شركة "غازبروم" التي تديرها الحكومة، بما في ذلك منشأة الغاز الطبيعي المسال "سخالين - 2" ومساهمتها في مشروع خط أنابيب "نورد ستريم 2"، الذي أوقفته ألمانيا الأسبوع الماضي.وتبلغ قيمة كلا المشروعين معاً نحو 3 مليارات دولار.

كما أعلنت شركة "أكوينور" وهي أكبر شركة للطاقة في النرويج تمتلك الحكومة فيها حصة الأغلبية، أنها ستشرع في الانسحاب من مشاريعها المشتركة في روسيا، والتي تصل قيمتها لنحو 1.2 مليار دولار.

وتشرف شركة "إكسون" على مشروع "سخالين -1" مع شركة "روسنفت" بجانب شركات من اليابان والهند، بينما لدى شركة "توتال إنرجيز" حصة ضخمة في شركة "نوفاتك" ، أكبر منتج مستقل للغاز في روسيا.

بدورها، أعلنت شركة "توتال إنرجي" الفرنسية أنَّها "لن تستثمر مستقبلاً في مشاريع جديدة في روسيا" من دون انسحابها من المشاريع التي تشارك فيها حالياً.

عندما وقع انهيار الاتحاد السوفيتي، توقعت الشركات الأجنبية توافر فرص هائلة - سوق حديثة ضخمة تضم الملايين من المستهلكين علاوة على وفرة المعادن والنفط، وتدفقوا إلى صفقات الشراء والبيع وعقد شراكة مع الشركات الروسية.

ولا شك أن انسحاب الشركات النفطية العالمية من السوق الروسية يهدد قطاع النفط والغاز، ويضع الإمدادات الروسية محل تساؤل من إمكانية تعطلها، حيث ستدخل روسيا، وهي مورّد لنحو 10% من نفط العالم وأكثر من 15% من الغاز، في عزلة متعاظمة. 

وقد ارتفعت أسعار النفط من جديد أمس على وقع العقوبات الروسية والتوترات الجيوسياسية، إذ تجاوز خام برنت القياسي العالمي 110 دولارات للبرميل، مرتفعاً بأكثر من 5.8 في المئة إلى 111 دولاراً، وهو أعلى مستوى منذ أوائل يوليو 2014.

وقفز خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي قرابة 6 في المئة إلى 109 دولارات، وهو أعلى مستوى منذ سبتمبر 2013، وارتفعت أسعار السلع عموماً لمستويات لم تصلها منذ عام 2009. وجاء الارتفاع على الرغم من اتفاق عالمي للإفراج عن 60 مليون برميل من احتياطيات الخام، في محاولة لكبح زيادات الأسعار، وتزايد الضغوط التضخمية.

وأصابت "وول ستريت" انهيارات جديدة الثلاثاء، مع عودة أسعار النفط إلى الارتفاع لمستويات 110 دولارات، وتخوف المستثمرين من حدوث تباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي.

وهبط سعر صرف الروبل بما يبلغ 30%، عقب حظر الولايات المتحدة للمعاملات مع البنك المركزي الروسي، وهو ما أسفر عن عرقلة قدرته على استخدام احتياطياته من النقد الأجنبي التي تبلغ 630 مليار دولار للدفاع عن قيمة العملة.

وللحد من الخسائر المحتملة لخروج شركات النفط العالمية من روسيا،  قال رئيس وزراء روسيا ميخائيل ميشوستين ، إنَ بلاده تعد مرسوماً رئاسيا للحد من سحب الاستثمارات الأجنبية الذي بدأ منذ فرض العقوبات على موسكو. 

وقال : "نحن نعتبر الشركات الأجنبية شركاء محتملين. ونحن منفتحون على الحوار مع المستثمرين الذين يملكون نهوجاً بناءة. كما تعمل العديد من هذه الشركات بنجاح في سوقنا منذ وقت طويل".

وبدأ نزف كبير لرأس المال الأجنبي، في حين يتزايد الضغط خصوصاً على مجموعات النفط والغاز الغربية الرئيسية الموجودة في روسيا، بينما تستمد البلاد معظم دخلها من استغلال مواردها بقطاع الطاقة.

ورغم كل هذه الانسحابات، يرى عدد من خبراء الاقتصاد أن موسكو استعدت بشكل جيد على مدار السنوات الثمانية الماضية منذ أزمة شبه جزيرة القرم على كل الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية.

وأكدوا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لديه تحالفات قوية يكفي الشراكة الاستراتيجية مع الصين ولديه شراكة أوسع مع الهند ولديه منظمة شانجهاي ومجموعة بريكس والاتحاد الأوراسي وكلها فضاءات أمنية واقتصادية واستراتيجية يتحرك في إطارها وتتيح له الصمود.

وأشار الخبراء، إلى أن روسيا ليست بالدولة الصغيرة التي يمكن عزلها هي قوة دولية كبيرة لها شراكات ممتدة في أميركا اللاتينية وآسيا والشرق الأوسط. وأوضحوا أن روسيا دولة مكتفية ذاتيا في أشياء كثيرة أهمها الطاقة والحبوب وهي محور الأمن الغذائي والقومي لأي دولة وبالتالي هي لا تستشعر خطرا من التهديدات الأوروبية والأمريكية.

وقال المحلل الإيطالي، جورج روتيللي، إن الأزرار الحمراء الرئيسية تتعلق بالطاقة والغذاء، وتعد روسيا مصدرا رئيسيًا للغاز ومصدرًا كبيرًا للقمح والذرة، وقد ارتفعت أسعارهما بالفعل، والعديد من الدول الأوروبية ليس لديها طريقة لاستبدال الغاز الروسي في وقت قصير.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق