يقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، في كتابه "المعجزة الكبري في الإسراء والمعراج"، إن النبي صلي الله عليه وسلم، رأي في رحلته في السماء، رجالا يزرعون يوما ويحصدون يوما، وكلما حصدوا عاد الزرع كما كان، قال: "من هؤلاء يا جبريل؟، قال هؤلاء المجاهدون في سبيل الله يخلف الله عليهم ما أنفقوا"..
ورأي صلي الله عليه وسلم، رجلا جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها، فقال صلي الله عليه وسلم: "ما هذا يا جبريل؟ قال جبريل: هذا الرجل من أمتك، تكون عليه أمانات الناس لا يقدر علي أدائها، وهو يريد أن يحمل عليها"، كما رأي قبر ماشطة بنت فرعون، ووجد ريحاً طيبة فقال: "يا جبريل، ما هذه الرائحة؟ قال: هذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأولادها"، كما رأي النبي صلي الله عليه وسلم، رجالا وأقواما ترضخ رؤوسهم بالحجارة قال: "من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة"، والعقول والرؤوس التي كانت تحترم كل موعد بشري، يزيد من رصيدها ويزيد من مالها، تخرج مبكرة وتعود في آخر ساعات الليل، لكنها تنسي موعدها مع الله، في موقف بين يدي الله في 5 صلوات، مثل هذه الرؤوس، لا وزن لها ولا كرامة لها عند الله، وتستحق يوم القيامة الرمي بالحجارة.
رأي النبي أقواما يسرحون كما تسرح الأنعام، طعامهم الضريح (نبت ذو شوك) قال: "من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين لا يؤدون زكاة أموالهم، وأي درك حيواني يبلغه الغني المسلم، عندما يفتقد مشاعر الإخوة والرحمة والرأفة بالضعيف الفقير، ومثل هذا يستحق أن يحشر يوم القيامة على صورة الحيوان.
كما رأي النبي في رحلته، الهمّازَون اللمًّازون من أمتنا، وأقوام يُقطع من جنوبهم اللحم فيلقمون، فيقال لأحدهم: "كُل كمَا كنت تأكل لحم أخيك"، كما رأي الذين يغتابون قوم لهم أظافر من نحاس، يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقال صلي الله عليه وسلم: "من هؤلاء ياجبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم".
ورأي النبي رجالا يأكلون لحما نتنا خبيثا، وبين أيديهم اللحم الطيب النضج، قال: "من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء رجال من أمتك تكون عند أحدهم المرأة بالحلال، فيدعها ويبيت عند امرأة خبيثة حتي يصبح، المؤمن ينأي بمائه أن يضعه إلا في موضعه، فالنفس الهابطة العفنة فإنها لا تبالي أن يكون الفراش طاهرا".
كما رأي النبي صلي الله عليه وسلم، نساءً معلقات من أثدائهن قال: "من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء اللواتي يدخلن على أزواجهن من ليس من أولادهن"، وأجمل ما في الرجل غيرته، وأجمل ما في المرأة حياؤها، لكن من علامات قرب الساعة زوال ذلك كما جاء في الأثر: إذا كان آخر الزمان رفع الله 4 أشياء من الأرض، رفع البركة من الأرض، والعدل من الحكام، والحياء من النساء، والغيرة من رؤوس الرجال".
كما تحدث الشيخ محمد متولي الشعراوي عن معجزات الإسراء والمعراج مع الإعلامي أحمد فراج، في برنامج "نور علي نور"، عام 1971 قائلا:" كل فعل يؤخذ بقوة فاعله، وهو ما يصور القدرة على الفعل من عدم قدرته، ونسب الإسراء لنفسه لا برسوله، فقال سبحان الذي أسري بعبده، فالرسول كان محمولا على قوانين خالقه، ولا يصح الاعتراض على الفعل بحكم قانون البشر وإنما بقانون الله".
وضرب الشعراوي مثلا لتبسيط الفكرة قائلا "إذا قلت صعدت بابني الرضيع إلي قمة جبال هيمالايا، فليس ابني الذي صعد وإنما صعدت أنا به، بقوانيني أنا لا بقوانين ابني، وإذا ما كان الحدث بقوة الله فانسب الزمن لقوة الذي فعله".
وحول استغراق تلك الرحلة ليلة كاملة، وليس أقل من ذلك، قال إمام الدعاة "إذا ما تكلم الرسول مع أحد أو رأي أشياء، فإن هذا الذي يستغرق زمنا، ولذلك استغرق الأمر ليلة كاملة، وأمكن إقامة الدليل المادي على الإسراء لمعرفة أمور عاينها الرسول بنفسه، سواء في مشاهدات المسجد الأقصي، أو الرحلة من المسجد الأقصي لمكة".
مضيفا أن "الذي خرق القوانين لرحلة الإسراء قادر على خرقها لأجل المعراج، وطالما أقام النبي الدليل على الإسراء، فهذه إشارة لحدوث المعراج، بطريقة يعرف طبيعتها الله".
وتحدث الشعراوي عن الملأ الأعلي والتقاء النبي بالملائكة والأنبياء، ولذلك قال الله: "لقد رأي من آيات ربه الكبري" وهي مختلفة عن "لنريه" في رحلة الإسراء، فكأن البشرية طرحت في الأرض مع رحلة الإسراء، وأخذ شيئا من صفات الملكية في رحلة المعراج.
وحول قول الله تعالي "لقد رأي من آيات ربه الكبري" قال الشعراوي: "إن الكبري هنا ليست وصفا للآية، بقدر ما هي إيضاح لأنه رأي كبري آيات ربه، والآية تأتي بمعني المعجزة".
كما تحدث الشعراوي عن التكليف بالصلاة، ومسألة التخفيف من 50 إلى 5 قائلا: "التكليفات لاينتفع الله بها، وإنما ينتفع بها البشر، فحين ينقص من عددها، فإن الثواب يظل كما هو، وتقرير العطاء من الله بخمسين صلاة، يظل كما هو في ثوابه وإن كانت بخمس صلوات.
اترك تعليق