سنوات من العمل والتخطيط الجيد.. وبرؤية مستقبلية واعدة شيدت سواعد الدولة المصرية وسط تحديات غير مسبوقة تخللتها جائحة كورونا مشروعا فريدا هو هضبة أبو طرطور بالوادي الجديد لتوطين الصناعة المصرية للمعادن والاحماض الفسفورية.
كتائب العمل والإنشاءات مضت قدما نحو أهدافها المنشودة بخطوات ثابتة علي مرأي ومسمع العالم والأقطار المجاورة تخترق الجبال الراسية في قلب الصحراء الغربية لتحول التلال إلي معادن ومشتقات ذات قيمة اقتصادية عالية بفكر بناء وأياد مصرية خالصة تدفعها رياح التغيير من أجل تطوير أضخم المشروعات القومية علي مستوي الشرق الأوسط في مجال تصنيع المنتجات الفوسفاتية لتعظيم العائد وترشيد النفقات الإنتاجية صوب التنمية والرخاء لمستقبل الأجيال القادمة وفقا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بسرعة توطين تكنولوجيا الصناعات الأكثر جدوي اقتصادية والتي تنفرد بها هضبة "أبوطرطور" بما تمتلك من مخزون استراتيجي يقدر بـ 700 مليون طن علي مساحة 1200 كم لخام الفوسفات النفيس أحد أبرز المصنفات التعدينية المطلوبة في الأسواق الخارجية.
وعلي امتداد البصر بمسافة 60كم من مدينة الخارجة عاصمة الوادي الجديد تقع هضبة "أبوطرطور" مستقبل مصر وأحد مكتسبات الجمهورية الجديدة الرامية إلي توطين الصناعة الوطنية واستغلال الثروات الطبيعية الغنية بتلال الفوسفات الكامنة في بطن الأرض منذ ملايين السنين.
ترصد "الجمهورية أون لاين" نتاج جهد كبير وعمل شاق يرسخ مدي إهتمام الدولة بتطوير دعائم إنطلاقة أول منتج تصديري معالج بإحدي القلاع الصناعية الغنية بثروات معدنية ذات جودة عالمية لإنتاج أحماض الفسفوريك والكبريتيك خلال الفترة المقبلة وذلك بعد سنوات من اكتشاف الكنز "المدفون" منذ بداية الستينيات والذي سطع نجمه مطلع القرن الواحد والعشرين كغيره من المشروعات الإقتصادية العملاقة علي الأراضي المصرية الغالية.
يقول محمود عبد ربه باحث في التراث الواحاتي من أبناء مركز الخارجة أنه عاصر أولي مراحل تجارب تشغيل المشروع القومي وافتتاحه عام 1996م . بتكلفة تجاوزت 1.2 مليار جنيه كأول خط سكة حديد عرضي يربط الوادي بباقي محافظات مصر وأول طريق لنقل فوسفات أبو طرطور لميناء سفاجا حيث تم نقل التبعية من وزارة الصناعة إلي الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية التي تتبع وزارة البترول بالقرار الجمهوري رقم 336 نهاية عام 2004م وإسناد المنطقة للشركة الحالية . ليكون بمثابة نقطة انطلاق نحو التنمية الإنتاجية الكبري . والحافز الحقيقي لتوطين الصناعة المصرية ودعم التصدير للخارج.. مشيرا إلي أن المحطة الرئيسية لاتزال موجودة بالمحافظة يتبعها 8 محطات فرعية بالقري الواقعة علي طريق مركزي الخارجة وباريس بانتظار إعادة إحياء أطول خطوط السكك الحديدية لنقل الفوسفات والركاب بالوادي الجديد.
تؤكد هبة سامي "متابع الإدارة المركزية من أبناء قرية تنيدة ببلاط" أن المشروع منذ انطلاقه واجه العديد من التحديات أبرزها عدم الاستعانة بوسائل التكنولوجيا الحديثة المتقدمة في تطوير المنتج النهائي لتصنيع الأسمدة والكيماويات الوسيطةپبدلاً من تصديره بكميات كبيرة دون معالجة كميائية تحقق العائد الإقتصادي . وتمنح فرص عمل للشباب والخريجين لسد العجز في العمالة والخبرات التعدينية المطلوبة من أبناء المحافظة كأولوية تفرضها عوامل المكان وبعد المسافة مقارنة بالمحافظات الأخري المجاورة.. مشيدة بجهود الشركة المنفذة وحرص القيادة التنفيذية علي إعادة طرح المشروع بما يضمن إقامة منطقة لوجستية حرة باعتمادات مالية تقدر بحوالي 900 مليون دولار تقريبا بالتنسيق مع وزارة البترول وجهات علمية متخصصة.
أعربت هدي سنوسي مدير الخدمات التربوية بإدارة الداخلة التعليمية عن سعادتها كسائر أهالي المراكز الإدارية الخمس لما تشهده المحافظة من دعم رئاسي كبير في تنفيذ المشروعات القومية العملاقة وتنمية البنية التحتية للطرق والخدمات والإستثمار في مختلف المجالات خلال السنوات الأخيرة . أبرزها نقل تبعية منطقة أبوطرطور الصناعية لوزارة البترول لتركيز خام الفوسفات وتشغيل مصنع يقتصر نشاطه علي إنتاج حامض "الفوسفوريك" بتكلفة تتخطي 842 مليون دولار ينتج مليون طن سنوياً . مشيرة إلي العائد الإقتصادي علي أبناء المحافظة والدولة المصرية علي حد سواء بعد موافقة مجلس الوزراء إنشاء منطقة حرة علي مساحة إجمالية قدرها 561000م2 وفقا للحدود والإحداثيات المحددة بالقرار . والذي من شأنه وضع المحافظة علي خارطة الصناعات الوطنية المستخلصة من الثروات الطبيعية التي تنفرد بها الواحات الغربية علي مستوي الجمهورية.
أوضح أحد أعضاء مجلس إدارة مشروع حامض الفوسفوريك بمنطقة أبوطرطور الصناعية أن الخطوات التنفيذية لإنشاء المصنع تمضي بخطي متقدمة وفقاً لخطة زمنية بالتعاون بين وزارة البترول ومحافظة الوادي الجديد. حيث يصل الإحتياطي الإستراتيجي من صخور خام الفوسفات إلي مليار طن وأن التكلفة لإنشاء مصنع حامض الفوسفوريك تصل إلي 1,1 مليار دولار يوفر مئات فرص العمل للشباب والمتخصصين في مجال التعدين.. مؤكدا أن خضوع المجمع لمظلة المناطق الحرة من شأنه توفير نحو 150 مليون دولار سنويا لخزينة الدولة فضلا عن تنفيذ أكبر مشروع صناعي في صحراء مصر الغربية والذي سيجلب الخير لأبناء الوادي الجديد ومصر كاملة خلال الفترة القادمة.
يقول المهندس محمد عبد العظيم رئيس الشركة المصرية للفوسفات بأبوطرطور إن المشروع يمثل أهمية إقتصادية كبري للصناعة المصرية المتطورة وأن حجم المبيعات من "الفوسفات" شهد نمواً مقارنة بالأعوام السابقة بلغ نحو 2.4 مليون طن وهو الأمر الذي يعكس أهمية المشروع كأكبر مورد رئيسي لمصانع الأسمدة علي مستوي الشرق الأوسط.. مشيراً إلي أن حجم صادرات شركة الفوسفات يمثل نحو 70% من الصادرات المصرية سنوياً وهو ما يدعم تواجدها في السوق العالمي من أجل تعظيم الناتج القومي للمنتج المحلي.. لافتاً إلي إقامة مشروع نزع الغبار من خام الفوسفات كمشروع تجريبي بطاقة استيعابية 30 ألف طن شهريا طبقا للمواصفات القياسية للسوق الأوروبية حيث يجري العمل علي زيادة معدلات الإنتاج من الخامات منزوعة الغبار لتصل إلي 700 ألف طن سنويًا.
يقول الجيولوجي حاتم أبو العلا إن هناك دراسة علمية تؤكد قيمة خام الفوسفات في استخلاص المعادن المضافة لأنواع خاصة من الصلب تتطلبها صناعات التسليح والمغناطيس الدائم . بجانب أهميتها في تصنيع أنابيب مولدات النيوترونات وكابلات الضغط العالي وبلورات الليزر والألياف البصرية والموصلات فائقة القدرة والخزف والصيني والطابعات الإلكترونية والتليفزيون الملون وشاشات الرادار وأشعة إكس والترمومترات الإلكترونية . مضيفا بأن سمك الخام بالمنطقة يبدأ من نصف متر ويصل حتي 13 مترا . فضلا عن وجود عنصر اليورانيوم بنسبة تصل إلي 75 جزء في المليون حيث تقدر الكميات بحوالي 21 ألف طن يمكن استخراجها من حامض الفوسفوريك الناتج من تصنيع 200 مليون طن من الفوسفات بنسبة متوسطة 60 جزء في المليون.
صرح المهندس عادل عمر وكيل وزارة الإسكان بالمحافظة المنطقة الصناعية بالهضبة الفوسفاتية عامرة بالوحدات السكنية بإجمالي 1396 وحدة معيشية تقع علي مسافة 15 كم جنوب الموقع الصناعي وتغطي 800 هكتار مجهزة لاستضافة جميع العاملين بالشركة والوافدين من أبناء المحافظات التي يجري التعاقد معها طبقا لتوجيهات اللواء محمد سالمان الزملّوط محافظ الوادي الجديد.. مشيرا إلي إنتهاء تطوير ورفع كفاءة 10 مبان خدمية بنسب تنفيذ بلغت 100% . تضم "مسجداً للصلاة . وسوقاً تجارياً ووحدة إطفاء وسنترال ووحدة صحية . وقسم شرطة" بتكلفة تقديرية بلغت 4 ملايين جنيه . ومن المقرر أن تشهد المنطقة المزيد من التوسعات الإنشائية علي مراحل مستقبلية طبقا لما يتطلبه العمل في سبيل دفع مسيرة التنمية الصناعية علي أرض المحافظة.
من ناحية أخري.. أعلن الدكتور عبد العزيز طنطاوي رئيس جامعة الوادي الجديد . عن متابعة إجراءات الإعداد لتوقيع برتوكول مشترك بين الجامعة وشركة فوسفات مصر بمنطقة أبو طرطور الصناعية . يستهدف إجراء أبحاث ودراسات علمية هدفها تطوير خام الفوسفات وتحقيق أقصي درجات الإستفادة منه . يتضمن رفع كفاءة الفوسفات قليل الجودة وكيفية إنتاج أسمدة يمكن استغلالها لتحسين خواص التربة بالوادي الجديد.. لافتاً إلي تنفيذ عدة لقاءات بين وفد الجامعة والشركة لمناقشة عدد من النقاط والخطط المستقبلية من بينها تبسيط إجراءات البحث العلمي لطلاب الدراسات العليا وتنظيم دورات تدريبية خلال الإجازة الصيفية ضمن جهود الجامعة في تنفيذ مشروعات تساهم في تنمية المجتمع.
فيما أكد اللواء محمد الزملوط محافظ الوادي الجديد أن مشروع فوسفات مصر بهضبة أبوطرطور يلقي دعما كبيرا من القيادة السياسية لدفع عجلة التنمية بالمحافظة وإتاحة العديد من فرص العمل لأبنائها.
أضاف أن العمل يسير في مختلف الإتجاهات نحو مشروع متكامل إنتاجيا يحقق أهداف التنمية الصناعية وتعظيم العائد الإقتصادي.. مشيرا إلي تقديم كافة التيسيرات والخدمات للأسر المستفيدة من المشروع بهدف استصلاح الأراضي الصحراوية وفتح آفاق استثمارية جديدة بالمناطق الغير مأهولة بالسكان . فضلا عن وضع دراسة شاملة وآمنة حول كيفية تحقيق معالجة ثلاثية لمياه الصرف الصحي وإعادة تدويرها في الاستخدامات الصناعية بهضبة أبوطرطور ومنها صناعة الأسمدة وحامض الفوسفوريك.
كان المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية.. قد أوضح خلال زيارة رئيس مجلس الوزراء لمنطقة أبوطرطور أن احتياطي هضبة أبو طرطور يعد من أكبر الاحتياطيات الجيولوجية لخام الفوسفات علي مستوي العالم حيث تبلغ مساحتها حوالي 1200 كيلومتر مربع . مشيرا إلي أن خام الفوسفات له أهمية كبيرة» حيث يستخدم في العديد من الصناعات الكيميائية بعد تحويله لأهم منتج وسيط وهو حامض الفوسفوريك التجاري الذي يستخدم في العديد من الصناعات. من أهمها الأسمدة الفوسفاتية. والمركبة والصناعات الغذائية والدوائية.. لافتاً إلي اختيار موقع مصنع إنتاج حامض الفوسفوريك ليكون داخل مناجم أبو طرطور بشركة فوسفات مصر التي تسهم في تغطية جانب من احتياجات السوق المحلي من الفوسفات والتصدير. وسيقام المصنع علي مساحة 560 ألف متر مربع مخصصة لإنشاء مصنع حامض الكبريتيك لإمداد مصنع حامض الفسفوريك. الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 920 ألف طن.
بالإضافة إلي المرافق والخدمات المصاحبة للمصنع. والذي تبلغ استثماراته 2ر1 مليار دولار . إضافة إلي إنشاء العديد من المراكز التدريبية المتخصصة» لتدريب العمالة المطلوبة. والتي ستسهم في التنمية الشاملة للمحافظة.
تجدر الإشارة إلي إعلان المحافظة متابعة التنسيق مع الجهات المختصة لتنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء بتحويل منطقة فوسفات مصر لمنطقة حرة والذي سيساهم بشكل كبير في توفير نفقات الإنشاء والتشغيل وكذا تصدير مايقرب من 500 ألف طن سنويا إلي مليون طن سائل . علي أن يتم تخصيص مساحات من الأراضي القابلة للاستصلاح بسعر رمزي للمنتفعين من محافظات المنوفية والغربية وكفر الشيخ. بنظام الإيجار مع إمكانية الشراء حال توافر الجدية في عملية الزراعة وفقاً للقواعد المعمول بها في هذا الشأن.
اترك تعليق