استبعد مركز "ستراتفور" الأمريكي للدراسات الأمنية والاستخباراتية، نهاية قريبة للحرب الأهلية فى إثيوبيا. وذكر مركز الفكر المقرب من المخابرات الأمريكية فى تقرير له، إن المعطيات على الأرض تشير إلى أن الحرب الأهلية فى إثيوبيا ستطول، فى ظل تبادل الاستيلاء على الأراضى بين القوات الفيدرالية التابعة لرئيس الحكومة أبى أحمد من جهة، وفى المقابل مقاتلى جبهتى تحرير" التيجراى والأورومو"
فقد تمكن مقاتلو التيجراى من السيطرة مجددا على بلدة لاليبيلا التاريخية، المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمى، وذلك بعد نحو أسبوعين من استعادة الجيش الإثيوبى لها.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد عاد الأربعاء الماضى ٨ ديسمبر الجاري، إلى مكتبه فى أديس أبابا، معلنا انتهاء المرحلة الأولى من حربه ضد جبهة تحرير شعب تيجراي، حيث أكد السيطرة على مدينتى ديسى وكومبولتشا، على بعد نحو ٢٥٠ ميلًا شمال شرق العاصمة.
وأكد "جيتاتشو رضا" المتحدث باسم جبهة تحرير شعب تيجراي، إنهم لم يعودوا يسيطرون على ديسى وكومبولتشا، قائلًا إنهم غادروا كجزء من خطتهم، ووجهت تيجراى اتهاما لآبى أحمد بزيادة استخدامها للطائرات بدون طيار فى الأسابيع الأخيرة، قائلين إن ذلك أدى إلى مقتل مدنيين وتدمير أهداف غير عسكرية.
وكشفت تقارير أن تقهقر قوات تيجراى يأتى بسبب استخدام الجيش الإثيوبى للطائرات بدون طيار، بشكل مكثف ما أدى إلى انسحاب تيجراى وأورومو إلى التضاريس الجبلية التى تمكنهم من الاختفاء بعيدا عن الضربات الجوية، حيث اعتادوا على هذا النوع من التضاريس خلال القتال.
ودخلت إثيوبيا فى حرب أهلية، منذ بدء الجيش الإثيوبى فى حملته العسكرية ضد جبهة تحرير شعب تيجراي، فى نوفمبر من العام الماضى ٢٠٢٠، وأسفرت عن دخول الإقليم الواقع شمال البلاد فى أزمة إنسانية مروعة، ونزح عشرات الآلاف إلى ولاية القضارف السودانية المتخامة لإقليم تيجراى، هربا من القتل والدمار وجرائم الاغتصاب والانتهاك الجنسى، المنتشر فى شوارع تيجراى.

وتحالفت ميليشيات الأمهرة والجيش الإريترى، مع الجيش الإثيوبى فى الحملة العسكرية، التى ارتكبت انتهاكات ترقى لتكون جرائم ضد الإنسانية وفقا لتقرير منظمة العفو الدولية، وعلى الرغم من إعلان آبى أحمد تحقيق الانتصار على جبهة تيجراي، إلا أنه منذ يونيو الماضى بدأت الأمور تنقلب رأسا على عقب. وتمكنت جبهة تحرير تيجراى، من استعادة السيطرة على ميكيلى عاصمة الإقليم الشمالي، ما أسفر عنه هروب الجيش الإثيوبى بعد أسر ٨ آلاف جندى.
وتحدثت تقارير عن عمليات اعتقال واسعة نفذتها السلطات الإثيوبية للمنتمين لعرقية التيجراى، بعد إعلان حكومة أبى أحمد حالة الطوارئ فى بلاد الحبشة، ردا على إعلان مقاتلى جبهتى" التيجراى والأورومو" الزحف نحو العاصمة أديس أبابا.
وأكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن بعض أنصار الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى تعرضوا للتعذيب والاعتداء الجنسى والقتل على أيدى القوات الإثيوبية وحلفائها الإريتريين، وحذرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول غربية أخرى مواطنيها من مغادرة إثيوبيا مع تقدم مقاتلى المعارضة المسلحة جنوبا نحو أديس أبابا.
ولفتت "وول ستريت جورنال" إلى أن الآلاف من الرجال والنساء فى جميع أنحاء إثيوبيا، تركوا وظائفهم للالتحاق بالقوات الفيدرالية، حيث هددت جبهة تحرير شعب تيجراى بغزو أديس أبابا، مما أثار مخاوف من أن الصراع المحتدم سوف يتحول إلى حرب أهلية شاملة.

وأضافت الصحيفة الأمريكية إن تدفق المجندين الذين لا يملكون أى خبرة فى القتال، أدى إلى قلق العديد من الإثيوبيين من أن الصراع على وشك الدخول فى مرحلة خطيرة، وتقول جماعات حقوقية ومستشارون أمنيون إن من المرجح أن تكون السيطرة على الميليشيات غير المدربة أكثر صعوبة، مما قد يؤدى إلى تأجيج الصراع العرقي.
وقال رئيس بلدية المدينة "أدانش أبيبي" إن نحو ٢٠٠ ألف شاب انضموا إلى مجموعات الحراسة للدفاع عن العاصمة ويقوم آخرون، مسلحون بالعصي، بدوريات فى الشوارع كل مساء، ويفتشون المركبات بحثًا عن متمردين وأسلحة مشتبه بهم.
وقال إدوارد هوبى هامشر- محلل شئون أفريقيا- لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن عدم وضوح الخطوط الفاصلة بين المقاتلين والمدنيين يزيد من مخاطر انتهاكات حقوق الإنسان وصعوبة محاسبة الجناة.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن الحرب الأهلية فى إثيوبيا، أوقعت آلاف القتلى وتسببت بنزوح مليونى شخص، وأغرقت آلاف الأشخاص الآخرين في ظروف قريبة من المجاعة منذ اندلاع النزاع فى نوفمبر 2020.
كما تسبب الصراع العرقى المستمر منذ عام فى إثيوبيا، فى خسائر اقتصادية كبيرة للبلد الأفريقى، حيث أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، نقلا عن الخبراء تصاعد الديون، وارتفاع التضخم، وزيادة الحادة فى أسعار المواد الغذائية الأساسية.
وذكرت الصحيفة الأمريكية فى تقرير لها، أن قطاع الزراعة فى إثيوبيا، التى تعد العمود الفقرى للاقتصاد، تعانى بشدة مع نزوح المزارعين، ولا سيما فى منطقة تيجراى الشمالية مع فرارهم إلى السودان، ما تسبب فى إغلاق السلطات جميع المدارس الثانوية حتى يتمكن الطلاب من المساعدة فى حصاد المحاصيل لدعم أولئك الموجودين فى الخطوط الأمامية.
اترك تعليق