أكد المراقبون صعوبة إجراء انتخابات رئاسية حرة فى ليبيا، في ظل تواجد عدد كبير من الميليشيات التابعة لتنظيم الإخوان، وذلك فى الوقت الذى يرى فيه المجتمع الدولى أن حل أزمة البلاد يكمن فى إجراء الاستحقاق الرئاسى.
وزادت المخاوف إزاء قدرة الجهاز الأمني الليبي في تأمين العملية الانتخابية خلال الأيام الماضية، إذ قال وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية، خالد مازن، إن اتساع رقعة الخروق الأمنية يهدد سلامة الانتخابات وإجراءها على النحو الآمن المشروط. وهنا يطرح السؤال نفسه، وهو: "هل الجهاز الأمني في ليبيا يستطيع تأمين العملية الانتخابية؟".
وأجاب الكاتب والباحث السياسي الليبي عز الدين عقيل، قائلا خلال حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الأمن هو التحدي الأكبر أمام ليبيا برمتها وليس فقط الاستحقاق الانتخابي، حيث تعاني البلاد من الفوضى الأمنية، بخلاف سيطرة الميليشيات المسلحة على الأرض منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي.
واشترك الباحث الليبي محمد الهلاوي في رأيه مع عقيل، حيث أكد أن جهاز الشرطة في ليبيا غير مؤهل لتأمين الاستحقاق الأول في تاريخ ليبيا، وبالأخص عقب 10 سنوات من النزاع المسلح الذي أنهك الجميع. وأضاف لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن جهاز الأمن الليبي يقع تحت سيطرة الميليشيات المسلحة المنتشرة غربي البلاد، وظهر ذلك جليا بعد رفض تلك الميليشيات المسلحة لبعض المرشحين، لا سيما سيف الإسلام القذافي والمشير خليفة حفتر.
واستطرد الهلاوى قائلا: "تلك التهديدات وغيرها تم الإفصاح عنها للجميع من خلال وزير الداخلية، الذي حذر من وجود انتهاكات وخروق أمنية تهدد العملية الانتخابية بالكامل، وتلك التحذيرات الرسمية تكشف مدى خطورة المأزق الذي يواجه مستقبل الاستقرار في البلاد وليس فقط إجراء الانتخابات".
وأضاف الباحث الليبي، أن القوى الدولية التي تنخرط في الصراع، تلعب دورا مهما في معادلة الترشح والفوز وفرض الأمن أيضا، من خلال تقليم أظافر الميليشيات وداعميها بفرض العقوبات القاسية.
ورغم التحديات الأمنية، تسعى الداخلية الليبية لإنجاح الانتخابات، باعتبارها الحل الحقيقي لليبيين في الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، حيث تم وضع "خطة أمنية شاملة" لتأمين الاستحقاق الانتخابي، بحسب مسئولين.
كما تم تفعيل غرفة عمليات رئيسية بمقر الوزارة، بالتنسيق المباشر مع المفوضية العليا للانتخابات. وفي السياق أعلنت الجهات الدولية، على رأسها الأمم المتحدة، تقديم الدعم اللوجيستي والتدريبي لدعم الاستحقاق الانتخابي الليبي.
وتعرض الجهاز الأمني الليبى عقب أحداث فبراير 2011، لعملية "تصفية مدروسة"، بحسب مراقبين، وفي هذا الصدد اعتبر عقيل، أن جهاز الأمن الليبي لا يتلقى أي دعم خارجي بل دعم معاكس. وأضاف أن جهاز الأمن تعرض لعملية تفكيك وسقوط حر عقب انهيار نظام القذافي، بخلاف سرقة الملفات الأمنية المهمة، مما سمح للميليشيات بالسيطرة على الأرض.
وتابع عقيل إن الجهاز الأمني الليبى مخترق، فالقرار الأمني ليس مرتبا وليس هيكليا، فهو جهاز متعدد الأولويات والانتماءات نتيجة سيطرة الميليشيات المنتسبة ظاهريا للدولة، لكنها تسرق ثروات ومقدرات الشعب لمصالحها الخاصة.
ومع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، يسعى تنظيم الإخوان لإفساد الانتخابات، وشهدت الفترة الماضية الكثير من المحاولات الإخوانية لعرقلة العملية الانتخابية، آخرها قيام مليشيات إخوانية في مدن غربي ليبيا بمحاصرة عددا من مراكز الانتخابات وأغلقتها وأجبرت العاملين بها على مغادرتها بقوة السلاح. وأغلقت عناصر من الميليشيات المسلحة، مقر مفوضية الانتخابات في مدينة غريان شمال غربي البلاد، بقوة السلاح، بخلاف دعوات التحريض والتهديد.
وأعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، عن شديد إدانتها واستنكارها حيال عمليات السطو المسلح على عدد من المراكز الانتخابية بطرابلس الواقعة تحت سيطرة المليشيات. وطالبت لجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا في مجلس الأمن الدولي، بالعمل على إدراج الأطراف والكيانات والأحزاب التي تسعى إلى إعاقة المسار السياسي والتلويح بإثارة العنف، على قوائم العقوبات.
وشهدت الأيام الماضية تحريضات صريحة لتعطيل الاستحقاق الانتخابي في الداخل الليبي، حيث دعا سهيل الصادق الغرياني نجل مفتي الجماعات الإرهابية في تغريدة على "تويتر"، لمهاجمة المقرات الانتخابية. كما طالب خالد المشري، رئيس ما يسمى بالمجلس الاستشاري، لرفض الانتخابات الرئاسية والنيابية وإقامة مظاهرات رافضة لإجراء الاستحقاق.
ورغم تلك التحديات، يعقد الليبيون آمالا كبيرة على هذه الانتخابات في إعادة الاستقرار إلى بلادهم، بعد عقد من الاضطرابات والصراع المسلح، لكن البعض يخشى من حدوث انتكاسة تعيد الأوضاع إلى نقطة الصفر. ومن المقرر أن تجرى الانتخابات في الـ24 من ديسمبر الجاري، حيث يختار الليبيون رئيسهم للمرة الأولى عبر الاقتراع المباشر.
اترك تعليق