ميتافيرس Metaverse هو تقنية رقمية جديدة يتيحها موقع فيس بوك بعد 5 سنوات من الآن حسبما أعلن مالك الشركة مارك زوكربيرج.
هو أحد أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تمكنك من تجربة أي نشاط داخل حياة افتراضية ثلاثية الأبعاد موازية للحقيقة من خلال الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر ليمثل عالما ثالثا يجمع بين العالم الواقعي والآخر الرقمي.
فمن خلال نظارات الواقع الافتراضي ستعيش تجربة شبه حقيقية عبر الانترنت تسمح بالعمل والتعليم وتلاقي الأصدقاء والزملاء والسفر إلي أي مكان في العالم دون الاعتراف بأي حدود جغرافية.
سيصلك شعور بالإحساس المادي كشعور السقوط في المياه أو اللكمة في الوجه أو غيرها وكل ذلك وفقا لرغباتك وأمنياتك.
قالت المهندسة ميرنا عارف المدير العام لشركة "مايكروسوفت مصر" عن أن الشركة أصدرت برنامجين باستخدام تقنية الميتافيرس » الأول Dynamic 365 Connected Spaces وهو برنامج جديد يجري اختباره حاليا يهدف إلي خلق المساحات الافتراضية للتفاعل بين الأفراد ويوفر منظورا جديدا للطريقة التي يتحرك بها الأفراد ويتفاعلون مع أي مساحة تقريبا من متجر البيع بالتجزئة إلي أرض المصنع وكيف يديرون الصحة والسلامة في بيئة عمل مختلطة.
الثاني Mesh for Microsoft Teams وهو نسخة جديدة ايضا من برنامج الاجتماعات حيث يمكن لأي شخص في الاجتماع أن يكون حاضرا فعليا باستخدام الأفاتار والمساحات الغامرة التي يمكن الوصول إليها من أي جهاز دون الحاجة إلي معدات خاصة.
تضيف عارف أن تقنية الميتافيرس هي الوجه الجديد في عالم وسائل التواصل الاجتماعي وهي مستقبل صناعة الانترنت بصفة عامة وعبارة عن سلسلة من العوالم الافتراضية التي تضم تفاعلات لا حصر لها بين المستخدمين من خلال الصور الرمزية الأفاتار الخاص بكل مستخدم والتي ربما لن يقتصر علي ممارسة الألعاب والترفيه فقط بل تفاعلات آخري خاصة بالدراسة أو العمل خصوصا في ظل موجة "كوفيد- 19" ما يمكن الموظفين التواجد سويا وبالتالي المزيد من الإنتاجية في العمل وقد يكون هناك إمكانية للوصول إلي أماكن يصعب الذهاب إليها علي أرض الواقع.
تشير إلي أن الميتافيرس يتيح تبادل الخبرات عبر العالمين المادي والافتراضي بشكل يساهم في تسريع المؤسسات للتحول الرقمي وجعل الاجتماعات أكثر راحة مع استخدام الصور الرمزية وتعزيز الابتكار بين الأفراد من جميع أنحاء العالم.
تقول رضا الكرداوي مدرب الذكاء الاصطناعي والباحثة في تكنولوجيا الإعلام ورئيس المجلس العربي للإعلام والإنماء سابقا: إن الميتافيرس مكان يمكن الناس من التفاعل والعمل ومن المتوقع أن يخلق ملايين الوظائف للمبدعين فهو تقنية الواقع المعزز مدمجة مع الواقع الافتراضي التي تنقل الانسان من عالمه الحقيقي لتمكنه من مقابلة أي شخص والتحدث معه في أي مكان بالعالم »
موضحة أن ميزة الميتافيرس هي الدمج بين عدد كبير جدا بين التطبيقات الآخري بالعالم الافتراضي مثل تقنية ديب فيك التي تجعل الإنسان المتوفي يتحدث من خلال صنع فيديو لأشخاص افتراضية تتواجد في أماكن غير متواجدة بها في الحقيقة وتتحدث نفس الكلام الذي كانت تنطقه في الواقع ولكن كل هذا في عالم افتراضي.
تتوقع الكرداوي أن التقنية الجديدة ستكون أقرب لأفلام أفاتار أو ماتريكس التي كانت تظهر بها شخصية نائمة وعن طريق أجهزة متصلة بالدماغ تتمكن روح البطل من التعامل في عالم افتراضي آخر.
تكشف الكرداوي عن أن استخدام الفرد لتطبيق ميتافيرس سيكون من خلال "أفاتار" كل شخص علي حسابه علي موقع فيس بوك » والأفاتار هو شخصية كرتونية تشبهك بالضبط مماثلة للشخصيات التي تضعها علي "البروفايل" الخاص بك علي الموقع وسيكون مبرمجا علي التقاط نفس كلماتك والنطق بها »وهذا الأفاتار هو الذي يستطيع مقابلة أي شخص في عالم مواز للحقيقي فيساعدك تقابل أصدقائك وأستاذك في الدرس وزملائك في العمل ويمكنك أيضا من القيام بكل المعاملات التجارية.
تضيف أنه يستخدم في مجالات آخري مثل التسوق والسياحة وزيارة أي مكان بالعالم وأنت تجلس مكانك فتسافر إلي الجزر البعيدة التي لم تسمع عنها ويجعلك تعيش في عالم من المتعة والمرح وتستطيع ايضا ممارسة الرياضة في أي ناد تحبه وتتبادل الأنشطة التجارية مع الشركات حول العالم وتتكسب المال لكن بالعملات الافتراضية البتكوين وكل ذلك سيكون عن طريق كودخاص بك من خلال الهاتف أو الكمبيوتر.
توضح مدرب الذكاء الاصطناعي أن الإنسان اذا أراد التفاعل داخل هذه المشاهد بشخصه الحقيقي سيكون عن طريق نظارات VR وهي نظارات الواقع الافتراضي التي ستكون متاحة مع انتشار تقنيات الجيل الخامس للاتصالات اللاسلكية.
من ناحية آخري تري رضا الكرداوي أنه علي الرغم من المزايا الرائعة لكن هناك مخاطر مخيفة تتعلق بجلوس الأشخاص عليه لساعات طويلة لتميزه بالإثارة والمتعة مما قد يؤثر علي العين والموجات الدماغية للمخ.
يشرح دكتور محمد مدكور استشاري نظم المعلومات بجامعة السوربون بباريس ومدرس بمعهد جورجيا للتكنولوجيا مكون الميتافيرس ويعرفه بالتطور التكنولوجي الذي تعود بداياته إلي بداية التسعينات وكان يسمي Virtual Reality أو الواقع الافتراضي باستخدام نظارات مكبرة مختلفة عن النظارات العادية.
ومع تكنولوجيا الاتصال يحلم الناس بإمكانية نقل الفرد مثلا من القاهرة إلي طوكيو ولكننا ما زلنا لم نصل إلي هذا المستوي فنخترع تقنية تجعل الانسان يعيش في عصر معين مثلا كعصر الفراعنة أو يجلس في مطعم فاخر يحلم به لكن هل بالفعل سيأكل في المطعم ويشبع ؟ قطعا لا صحيح هو واقع مختلف لكنه افتراضي.
يوضح مدكور أن هذا من الممكن أن يفيد طلاب المدارس أثناء المذاكرة فيعيشون مثلا في ساحة معركة عين جالوت وكأنهم يشاركون فيها »وتطبيق نفس الفكرة في مجالات متعددة متعلقة بالتثقيف واكتساب المهارات »قائلا إن الميتافيرس سينقل قدرات اتخاذ القرار إلي أجهزة ووسائل نقل مثل اختراع السيارة الرقمية باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي حيث تسير السيارة بشكل الكتروني دون أن يتدخل السائق »موضحا إدخال الكثير من الشباب والمراهقين ملايين من المعلومات وتصوير المواقع فتبدأ هذه الوقائع الافتراضية المختلفة تتكاثر وتتباين وتغطي مجالات المعرفة المختلفة واذا استطاع الانسان أن يفعل كل ما يريده داخل هذا العالم سنحمي الواقع من شروره.
فيما يخص تقنية المخطط الكهربائي للدماغ (EEG ) التي تتعلق بالواقع الافتراضي والحديث حول التقاط الموجات الدماغية للإنسان اثناء استخدام الميتافيرس فيتم معرفة ما تقوم وتفكر فيه بالتالي يمكن اختراق الخصوصية والبيانات »فيري د.محمد أنه يمكن التأثير علي الإنسان بوسائل مادية أو بالإيحاء أو الإيهام أو بالنبضات الخارجية »علي أعصابه وأطرافه الحسية والشعور بأشياء معينة والتفكير فيها تكون معروفة مسبقا لدي هذه التقنية وبالتالي يمكن قرائتها ومعرفتها ولكن هذا الأمر سيأخذ عدة سنوات.
يقول: إن الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي تسير بسرعة كبيرة لا تتواكب مع إيجاد الطعام الكافي للبشر علي مستوي العالم واذا لم تتوائم مع نفس سرعة القدرة البشرية سنصل لحالة إلي : من لديهم ومن ليس لديهم.
يشير دكتور هشام البرجي مدرس تكنولوجيا الاتصال والإنترنت بكلية الإعلام بالجامعة الحديثة للتكنولوجيا والمعلومات إلي أن تغيير مارك زوكربيرج مالك شركة "فيس بوك" اسمها إلي "ميتا" يدل علي الحقبة الجديدة لشبكات الانترنت العالمية التي ستمكن كافة المستخدمين حول العالم من التفاعل مع كافة العناصر والمحتوي باستخدام تقنية الواقع الافتراضي VR Virtual reality بالاضافة لتقنية AR Augmented reality أو الواقع المعزز مما يزيد من جاذبية التواصل المبهر ولكن هناك مخاوف متزايدة في ظل الإعلان عن تلك التقنيات اللامحدودة الإمكانيات في مساهمتها في زيادة إدمان مختلف المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي بالإضافة إلي الانغماس الإلكتروني أي أن الفرد قد يجد نفسه متوحدا بشكل كبير مع تلك البيئات الإلكترونية المصطنعة بل وقد يرغب في الانفصال عن الواقع لأن هذا العالم يحقق له كل ما حلم به يوما ما بدءا من زيارة مختلف الأماكن السياحية حول العالم وصولا إلي بعض الاستخدامات غير الأخلاقية بشتي أنواعها فضلا عن الامتزاج الكامل لمختلف الثقافات والعادات والتقاليد سواء كانت تتشابه مع ثقافة المستخدم أم عكسية تماما.
يوضح البرجي أن الأمر أشبه بتحويل الانترنت إلي بيئة ثلاثية الأبعاد تجعل الفرد لا يقتصر دوره فقط علي مجرد النظر أمام شاشته بل الدخول إلي البيئة نفسها حتي يصبح أحد عناصرها فتنفصل حواسه عن عالمه الحقيقي خلال فترة بقائه في العالم الافتراضي.
في سياق متصل يكشف د.هشام البرجي عن أن هذا التطور التكنولوجي سيكون له تأثير قوي علي المجال الإعلامي فيمكن أن نشاهد قريبا الأحداث الإخبارية من قلب الحدث بل ونتحرك في أرجاء المكان نفسه مستكشفين كل التفاصيل التي قد لا تتمكن الكاميرات التليفزيونية آنذاك التقاطها بل ايضا من الممكن أن يتم استضافة أشخاص افتراضيا في برنامج ما وهم موجودين بالفعل في نصف الكرة الأرضية الآخر بالإضافة إلي مساعدة الصحفي لنقل الحدث بشكل أكثر تلقائية من أي مكان وفي أي وقت وبشكل ثلاثي الأبعاد »مضيفا أنه يمكن مشاهدة أي محتوي مباشر live مثل إطلاق صاروخ إلي الفضاء الخارجي أو تثبيت قمر صناعي في مداره ويعيش المستخدم التجربة كاملة بكل مؤثراتها البصرية والصوتية المذهلة.
من ناحية آخري يقول د.هشام إن محاولات التطوير السريع لهذه التكنولوجيا تساعد علي تخفيض تكاليفها عموما مما يتبعه انخفاض أدوات الاستخدام كالنظارات الإلكترونية وأدوات التحكم Joy Stick نظرا لأن نظارات الواقع الافتراضي Oculus VR لم تحظ بالرضا الكامل من المستخدمين فضلا عن ارتفاع سعرها إلي 300 دولار أو أكثر مما يجعل معظم تجارب ميتافيرس المنظورة حاليا بعيدا عن متناول الكثيرين خاصة في الدول النامية.
يري دكتور عمرو بدوي الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أن تغيير اسم شركة "فيس بوك" ليس له علاقة مباشرة بالميتافيرس كما يتردد حيث إن "فيس بوك" بدأ يرتبط اسمها بأعمال مشينة والميتافيرس سيظهر للعلن بغض النظر عن ذلك وهو تقدم تكنولوجي مهم وطبيعي مثل أي تطور كمراحل ظهور الهاتف الذكي مثلا Smart phone والضجة التي حدثت عند ظهوره وما أحدثه من زيادة في انتاج الشركات وتحسين سبل الاتصالات ولو لم يكن موجودا أثناء ظهور "كوفيد-19" كان سيتعقد الأمر بشدة فالتكنولوجيا مفيدة وخصوصا أنظمة الذكاء الاصطناعي التي سوف تغير الواقع بأكمله فتجعل السيارات تتحرك بدون سائقين مما يسهل المرور ويقلل الحوادث فكل تطبيقات الواقع الافتراضي مفيدة وستحدث نقلة في التعاملات في مجالات مختلفة ولابد أن يتأقلم معها العالم وهي ستفرض نفسها سواء برضانا أوعدم رضانا.
يستنكر بدوي ما يتردد حول أن الميتافيرس سيصيب الإنسان بالسلبية وعدم الانتاجية» قائلاً: إن هذا الأمر غير صحيح فهذا يحدث لو استخدمنا روبوت أو انسان آلي بدلا من الإنسان الحقيقي فحتي الروبوت بحاجةايضا إلي الإنسان حتي يبرمجه فطريقة عمل الإنسان فقط هي التي سوف تتغير ويتغير معها وظائف واستخدامات الأجهزة المختلفة لكن الفرد سيظل يعمل مهما تقدمت التكنولوجيا وبالتالي تقل التكلفة في أي تصنيع.
يؤكد دكتور حسن الخولي أستاذ علم الاجتماع والانثروبولوجيا بجامعة عين شمس إن الميتافيرس تقنية في غاية الأهمية والخطورة فهو تقدم مذهل في مجال الانترنت والاتصال الإلكتروني حيث يتمكن الإنسان من العيش في عالم افتراضي به كل العجائب والغرائب وكأنه يعيش بالضبط في الواقع لكن سيتسبب في إصابة الانسان بالاغتراب الاجتماعي خصوصا بعد سطوة الموبايل والانترنت وامتلاك كل فرد من الأسرة تليفونا خاصا به »سيأتي الميتافيرس ويزيد أكثر من العزلة لدرجة فقدان الفرد لشبكة العلاقات الحية مع الآخرين وسينفصل عن واقعه الحر الاجتماعي وسيعيش في قوقعة من الخيال.
يضيف أنه سيكون هناك مجالا خصبا لانتشار الجريمة بأساليب جديدة ومبتكرة وإمكانية لأن يكون المجتمع في حالة تهديد دائم وخطير وسنشاهد الجريمة في عالم الفضاء وستكون حركة الإنسان في هذا العالم بصورة خيالية لا يمكن تصورها.
كلمة تتكون من شقين »الأول Meta بمعني ماوراء والثاني verse وتعني العالم أي العالم الماورائي وهو واقع افتراضي ثلاثي الأبعاد يتفاعل فيه الأشخاص كأفاتار "شخصية كرتونية افتراضية" في الوقت الفعلي.
وقد أعلن مارك زوكربيرج مالك شركة فيس بوك تغيير اسمها إلي ميتا Meta كمستقبل رقمي جديد لمواقع التواصل الاجتماعي والانترنت بصفة عامة.
اترك تعليق