كلنا شركاء فيما حدث.. سواء في حادثة الاسماعيلية التي فيها قام الجاني بذبح المجني عليه وقطع رقبته والسير بها في الشارع متفاخراً.. وللأسف لم يعترصه أحد.. بل تفرغ معظم من كان في محيط الواقعة بتصويرها بالموبايلات.. وكأن المجني عليه مجرد "فرخة" وليس انساناً من دم ولحم بصرف النظر عن دوافع الجريمة التي لا يعلمها إلا جهات التحقيق.
كلنا شركاء بحالة الانفلات الأخلاقي والسلوكي التي نحياها يومياً في الشارع.. كلنا شركاء بصمتنا وتخلينا عن أدوارنا كأولياء أمور أو أسر.. كلنا شركاء لأننا كمعلمين تخلينا عن أدوارنا في المدارس وتفرغنا للدروس الخصوصية علي حساب القيم والأخلاق.
كلنا شركاء بمشاهدتنا أعمال السبكي ومحمد رمضان التي تدعو للبلطجة وفرض النفوذ وتحدي القانون.. كلنا شركاء بانتشار الأغاني الهابطة والخادشة للحياء.. كلنا شركاء بحالة السلبية واللامبالاة التي تسيطر علينا في الشارع وأيضا في المنزل مع أولادنا.
أكد د.فتحي قناوي أستاذ القانون الجنائي أن قانون العقوبات الحالي كاف ولا يحتاج لتشديد وأنه في حال أثبتت التحقيقات الجارية أن الجاني في حادث الاسماعيلية يتعاطي المخدرات كما يشاع سيحاكم بتهمتي القتل وتعاطي المخدرات لأن التعاطي الاختياري لا يخفف المسئولية الجنائية أو يعفي الجاني منها.
تطرق إلي أن المتهم يواجه جريمتي القتل عمد للضحية وأيضاً جريمة الشروع في القتل للطرفين الذين حاولا التدخل لفض الاشتباك بينهما.
نوه إلي أنه في حالة القتل دون اقتران سبق إصرار وترصد. تكون العقوبة هي السجن المؤبد أو المشدد. أما إذا اقترن بسبق الإصرار والترصد علي ارتكاب الجريمة تصل العقوبة في هذه الحالة الي الإعدام.
أضاف أن المشكلة الاساسية في جريمة الاسماعيلية وما يشبهها نشر التفاصيل.. مشيرا إلي أن البعض يقوم بتنفيذ جرائم تم نشرها أو مشاهدتها في وسائل اعلام أو السينما أو التليفزيون. محاولاً تلافي الأخطاء الذي وقع فيها سابقه وهو ما ظهر جلياً في جريمة الاسماعيلية بارتداء المتهم ملابس سوداء ونحر الضحية وفصل الرأس عن الجسد والترجل بها يؤكد أنه كان ينفذ مشهداً لاحدي الجماعات الارهابية.
أشار إلي أن العنف الموجود في الألعاب الإلكترونية التي بدأت من توم وجيري حتي الالعاب النارية المنتشرة هذه الايام تخلق طفلاً عدوانياً دموياً لا يتورع عن القتل وهو ما رأيناه في جرائم عديدة ارتكبها أطفال.
جريمة الاسماعيلية التي أفزعت الشارع المصري عندما قام شاب بنحر عامل وفصل رقبته عن جسده وعندما حاول شخصان التدخل أحدهما صديقه قام بإصابتهما. فطارده الاهالي وألقوا القبض عليه.. هذه الحادثة الغريبة علي مجتمعنا ليست الاولي من نوعها.. فقد سبقها العديد من الحوادث المشابهة ربما لم تصل لمستواها. ولكن حوادث كانت تنذر بما هو أصعب وأغرب.
* أقدم شاب علي إشعال النيران في شقيقته بعدما سكب البنزين عليها لخلاف علي الميراث. ما أدي إلي إصابتها بحروق مختلفة واشتعال النيران في منزلهما.
* ليلة الحنة. قام العريس باستدراج عروسته بمكالمة هاتفية إلي أرض فضاء بجوار منزلها. بعدما أوهمها بأنه أحضر لها مفاجأة. وعندما حضرت غافلها عريسها بعدة طعنات حتي فارقت الحياة لرغبته في الزواج بأخري.
* أقدم مسجل خطر علي قتل نجلته الرضيعة وحماته عبر تسديد عدة طعنات لحماته. وإلقاء نجلته وهي علي قيد الحياة داخل ترعة بمنطقة الرشاح في بولاق الدكرور التابعة لمحافظة الجيزة.
* أقدمت أم علي قتل ابنتها صعقا بالكهرباء. بمساعدة شقيق الأم ونجلها. مدعيين وفاتها بصعق كهربائي عند إمساكها بسلك الكهرباء لتشغيل الخلاط. لكن اشتبه مفتش الصحة بالواقعة. وأخبر الأجهزة الأمنية. فأقروا بقتل ابنتهم لسوء سلوكها.
* ألقي تاجر سيدة من الطابق الثامن بأحد العقارات. بسبب استدانة زوجها 50 ألف جنيه ولم يجب علي مطالبته له باستردادها. فتوجه لمنزله ولم يجده كالعادة. واحتد النقاش بينه وزوجة شريكه. فخنقها وألقاها من الطابق الثامن.
* قامت أم وزوجها ونجلهما بقتل زوج نجلتهم الذي جاء من محافظة الإسكندرية سعيا لحل مشكلته مع زوجته التي دامت قرابة الـ 6 أشهر. ودفعتها لترك منزلها والتوجه للجيزة. حيث منزل أهلها لكنهم طعنوه عدة طعنات. وألقوا جثته بمنطقة زراعية.
* قام جزار بذبح زوجته وشقها نصفين بعد رفضها العودة إلي منزل الزوجيه وطلبها الطلاق قام باللحاق بها إلي أحد الميادين وذبحها.
* ذبح عامل زوجته أثناء قيامها بإعداد السحور افتعل مشكلة معها. ثم استل سكيناً وذبحها. ثم دخل غرفة أبنائه الستة أحمد ومحمد وآلاء وبلال ومعتصم ويوسف خلال نومهم وبدأ في ذبحهم واحداً تلو الآخر. ثم توجه إلي الفرن الخاص به وحاول إحراق نفسه إلا أنّ الأهالي أطفأوا النيران. فسلم نفسه للشرطة. وتبين إصابته بمرض نفسي.
* أقدم تاجر مواد غذائية علي قتل زوجته وطفله في 5 دقائق فقط. وتوجه إلي مستشفي للعلاج النفسي.
* تخلص مريض نفسي بالوسواس القهري من زوجته ونجله "7 أعوام" لشكه في نسب أطفاله.
* تخلص مدمن بولاق من زوجته بـ 8 طعنات. سدد لها عدة طعنات في الرقبة والصدر والبطن لشكه في نسب ابنته. ومرضه بالوسواس القهري.
تعتبر الاعمال السينمائية والدرامية في السينما والتليفزيون السبب الاول لانتشار أعمال البلطجة والعنف بين الشباب في الشارع.. فالفن أداة سهلة لتغيير الجمهور والتأثير عليه استغله البعض لتحقيق الربح من أفلام مقاولات هابطة جعلت الجرائم أشد قسوة وعنفا. ما أدي إلي انتشار جرائم العنف والبلطجة في الشارع وانتهت بجريمة الاسماعيلية التي أفزعت المجتمع. لم يعد أمامنا مفر من الرقابة المشددة علي الأفلام والمسلسلات ومؤخراً الأغاني التي اقتحمت بيوتنا بأعمال تحرض علي البلطجة والادمان.
* حتي الاغاني الجديدة وبالتحديد أغاني المهرجانات ساهمت بشكل كبير وروجت للفتونة والبلطجة والعنف في آن واحد.. من بيكا إلي شاكوش إلي شطة أغاني هابطة. نشروا التلوث السمعي في المجتمع ودمروا جيلاً كاملاً من الشباب يقتدي بسلوكياتهم ويسير علي نهجهم الغريب والشاذ في بعض الاحيان.
* فيلم "إبراهيم الأبيض" الذي جسد فيه الفنان احمد السقا عام 2009 شخصية البلطجي الذي انضم لعصابة وشارك في العديد من الاعمال البلطجة والقتل وانتهي الفيلم بحرقه وتمزيق جسده في مشهد سال فيه كمية دماء كبيرة علي يد زعيم العصابة الفنان محمود عبدالعزيز بعدما اكتشف خيانته.
* محمد رمضان قدم العديد من أفلام البلطجة التي كان لها تأثير علي المجتمع. خاصة الشباب وارتكبت حوادث علي شكل بلطجة رمضان بالافلام. قدم "عبده موتة" الذي تدور أحداثه حول تاجر مخدرات يتخذ من قوته سلاحاً لفرض الإتاوات علي أهالي الحي والمنطقة التي يقطن بها وتتوالي بعدها أعمال العنف. و" الألماني" الذي بدأت أحداثه بقتل شاب من أجل سرقة موبايل علي يد البطل محمد رمضان.
حتي مسلسلات محمد رمضان كلها عنف وبلطجة ودماء بدءا من مسلسل "ابن حلال". مرورا بمسلسل "الاسطورة" و"نسر الصعيد" وانتهاء بمسلسل "البرنس" ومسلسل "زلزال". ومازال البقية تأتي.
* أحمد عز لم يتاخر هو الآخر وقدم فيلم "أولاد رزق" 2015 مع أحمد الفيشاوي. وعمرو يوسف. وتدور أحداثه حول مجموعة من الأشقاء اللصوص الذين يواجهون العديد من الصعاب والأزمات بسبب البلطجة.
* عمرو سعد أيضا تقدم بفيلم "ريجاتا" عام 2015. بشخصية بلطجي يعمل في أنشطة غير مشروعة مع رجل أعمال محمود حميدة.
* لن يغيب عنا دور المنتج محمد السبكي وإن غاب عن سوق الانتاج بعدما نشر أفلام البلطجة والعري والرذيلة في المجتمع وهاجمه النقاد ونبذه المجتمع.
توالت الأفلام التي تجسد أعمال البلطجة.. بعضها ادعي مناقشة القضية ووضع الحلول. وبعضها تبجح.. لكن في النهاية الجميع كان يهدف إلي تحقيق الربح.
تشير الأبحاث إلي أن الجمهور يقلد نجومه المفضلين ويتأثر الكثير من المشاهدين الشباب بالذات بالعنف في الأفلام ويحاولون أن يصبحوا مثل الشخصيات التي يرونها فيها دون وعيي منهم. حتي مع كونها شخصيات سيئة وغير سوية.
* برتقالة آلية "A Clockwork Orange" فيلم خيال علمي وجريمة بريطاني 1971 من إخراج وإنتاج وسيناريو ستانلي كوبريك. مبني علي الرواية التي تحمل نفس الاسم للكاتب أنتوني برجس يعرض مشاهد عنف جنسي وجسدي وجرائم المراهقين والعصابات صنفه معهد السينما الأمريكي في المرتبة 46 ضمن قائمة أعظم 100 فيلم أمريكي علي مر العصور. إلا أن عام عرض الفيلم زاد معدل الجريمة في الولايات المتحده الأمريكية.
وليس العنف فقط الذي يتأثر به المجتمع ويسعي الجمهور لتقليد أبطاله المفضلين في التدخين والمخدرات والجنس وأكثر الأفلام تأثيراً علي المجتمع هي طريق إعطاء الفرد فرصا للخيال والحصول علي ما يريد من خلال جمع المال من طرق غير مشروعة حتي وإن انتهي العمل بسقوط البطل. إلا أن الجمهور يبحث عن معالجة للأخطاء التي وقع بها.
أكدت د.عزة فتحي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أننا جميعا مشتركون في الجرم. فنحن من أوصلنا مجتمعنا الي هذه الحالة من العنف ذلك.. مشيرة إلي أن أفلام المقاولات عاملاً أساسياً في هدم قيم المجتمع.
طالبت وزارة التربية والتعليم بالاضطلاع بدورها ووضع معايير دقيقة لاختيار المعلم كما يحدث مع بعض الفئات. خاصة أن المعلم هو الذي يعد جميع الفئات للعمل.
أشارت إلي دور المدرسة والاسرة في الحفاظ علي قيم الشهامة والمروءة والأخلاق والربط بين العلوم والأخلاق التي يوجد برامج ومناهج مخصصة لهذا الربط تحث علي لغة الحوار ومساعدة الغير والإعلاء من قيم الشهامة والمروءة ونشرها بين الأفراد.
تطرقت إلي أن زيادة معدل الجريمة وارتفاع نسب الإدمان والبلطجة. خاصة بين فئة الشباب.. مؤكدة أن غياب دور الاسرة والتخلي عن دروها التقليدي في التربية جعل الشباب فريسة سهلة للقوي المعادية.
نوهت إلي وجوب توعية الانسان. وأن التنمية التي تتم في ربوع مصر مع مواطن عديم الوعي كفيل بأن يحطم ما تم انجازه لأنه لا يعرف قيمته. والدليل سلوكيات المرور أنشأنا طرقاً وكباري والحوادث تزيد.
أشارت إلي أن المجتمع المصري تغير بلا شك إلي الأسوء بشكل تدريجي بعد نصر اكتوبر 73 تم انتقال المجتمع من الجانب الاشتراكي الي انفتاح اقتصادي دون دراسات أو تدخلات ثقافية أو تعليمية تمهد لهذا التغيير وسيطرة رأس المال. فانتشرت الفهلوة وأفلام المقاولات والعري والعنف وأصبح الاستهلاك الترفي مسيطر علي الفئات العليا.
أضافت أن فترة التسعينيات التي انتشر فيها التطرف والارهاب ظهرت بين بعض فئات المجتمع الحصول علي الحق بالذراع. فانتشر العنف في المجتمع.
نوهت إلي أن الدراما المصرية أصبحث كارثية.. مشيرة إلي أن الاعمال الفنية الهابطة ترسخ لقيم العنف والبلطجة ودعت الاجهزة الرقابية الي الاضطلاع لمهامهما في مراقبة تلك الاعمال ومنعها من الوصول للجمهور.
أشارت إلي وجوب تناول المناهج الدراسية المشاكل التي تواجه المجتمع ومحاولة علاجها وايجاد حلول لها.. منوهة إلي أهمية التعليم والتربية السكانية والانجابية والموطنة الرقمية.
أشارت إلي أهمية الاستعداد لمواجهة "الميتا فيرس" من خلال المواد التعليمية لمواكبة العصر.. منوهة إلي امكانية تنفذ الجريمة عن بُعد.
عن حالة سلبية المجتمع قالت د.عزة إن انتشار مشاهد العنف والدم في المجتمع في الفترة الأخيرة في الشارع والسينما جعل المواطن يعتاد عليها ويقل تأثره بها ولم يعد يتحرك أحد لمنع الجريمة.
تطرقت إلي غياب النخوة والشهامة بدافع الخوف من الأضرار التي يمكن أن تلحق به إذا تدخل لإنقاذ الضحية بعد أن اختلف شكل الجريمة في الفترة الاخيرة وأصبح المجرم أكثر عنفاً ودموية.
أضافت أن أسباب غياب النخوة والشهامة ببعض المواطنين. هو استيراد الثقافات الغربية وأخذ السييء منها والتخلي عن الإيجابية في مجتمعنا. كما تخلي البعض عن ثقافتنا وهويتنا ما تسبب في ظهور مسخ ثقافي.
تطرقت الي أن غياب النخوة يبدأ من التربية وأن التفكك الأسري من أهم الاسباب التي تؤدي في النهاية إلي ظهور طفل منطو لا يتفاعل مع المجتمع أو عدواني يهاجم الجميع ليس لديه شهامة وطالبت بوضع خطة للارتقاء بالمستوي الفكري والأخلاقي.
أكد د.جمال فريز أستاذ الطب النفسي أن جريمة الاسماعيلية ليست الاولي ولن تكون الاخيرة إن لم نعالج اسبابها.. مشيراً الي احتمالية اصابة المتهم بفصام تشككي أو برانويا ويتسم المريض بالتشكيك المستمر في المحيطين به لهذا قد يقوم بتصرفات غير منطقية وغير مبررة علي الإطلاق.
أضاف أن عدم تدخل المارة لتخليص الضحية يعود الي انهيار ثقافي بعد دخول ثقافات غريبة علي ثقافتنا المصرية أدي الي غياب الشهامة والمروءة من الشارع المصري لأن مصر تعرضت لحملة ممنهجة في السبعينيات لطمس هويتها وادخال ثقافات جديدة نجحت للأسف الشديد من تجريف الشخصية المصرية عن عمد. وهو ما تسبب في هزة في العلاقات الاجتماعية وفي المجتمع. حيث اختفت الأخلاق وتدهورت الفضيلة وانهارت المنظومة الأخلاقية والعدل وصار الاسلوب البذيء والبلطجة وإثبات الوجود أسلوب حياة.
أشار إلي وجود ازدواجية دينية لدي المواطنين نقول ما لا نفعل. ونفعل ما لانقول.. حيث تجد الناس تتحدث عن دعاء الجمعة والنقاب والحجاب وتربية الذقن. بينما في أحاديثهم الخاصة سلوكيات ليس لها علاقة بالدين بالمرة بلطجة وسب وقذف وعلاقات محرمة.
لفت د.فريز إلي أن الجانب الاجتماعي له أثر كبير علي سلوكيات الاشخاص.. مؤكدا أن سوء العلاقة بين الاهل والزوجين يعد دافعاً قوياً لارتكاب الجرائم.
أضاف أن المخدرات من أهم الاسباب في انتشار الجريمة وانها أصبحت خطراً يهدد هذه المجتمعات. حيث تشل إرادة الإنسان وتغيب عقله وتدفعه الي ارتكاب الجرائم.. مشيرا إلي أن الأمر لم يعد مقتصراً علي حالات فردية. بل تحول إلي ظاهرة اجتماعية.
نوه د.فريز إلي أنه رغم سعي الدولة للقضاء علي العشوائيات. إلا أن عقول ساكني هذه المناطق مازالت تسيطر عليها العشوائية.. مشيرا إلي ضرورة توعيتهم ورفع ثقافتهم.
يؤكد د.مصطفي الدميري أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين جامعة الزقازيق أن حكم قاتل حادثة الإسماعيلية هو القصاص لأنه قتل عن عمد. وذلك كما قال الله عز وجل في كتابه: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون". أي كما قتل يقتل ولكن هناك بعض القضايا التي يستلزم فيها القاضي الرجوع إلي أكثر من مذهب رغم أننا نحتكم إلي "الاحناف" في إصدار الأحكام بمصر منذ أيام العثمانيين. موضحا أنه في تلك الواقعة إذا ثبت ما تردد أن الجاني كان تحت تأثير المخدر أثناء ارتكابه للجريمة ونوع المخدر ذاهباً للوعي. فهناك مذهبين قد ترجع إليهما المحكمة.. الأول: إذا كان الإنسان في غير وعيه ويقتل أو يسرق أو يزني أو يفطر ولا يصوم أو يشرب الخمر. تقع عليه العقوبة وهذا هو الأقوي لأن الفعل تم بإرادته.. والمذهب الآخر يقضي بإسقاط العقوبة عنه وهذا مذهب ضعيف كاشفاً عن أن القاضي قد يخفف العقوبة طبقا لهذه المذاهب. فربما التحقيقات توضح أموراً أخري الأيام المقبلة تغير مسار الحكم.
يشير الدميري إلي أن القتل ليس مبرراً حتي لو كانت الجريمة متعلقة بالشرف. فالإنسان العاقل هو الذي يتأكد أولاً من الفعل ثم يتخذ الإجراءات القانونية ضد المتهم. فالثأر محرم في الإسلام ولا يوجد أي نص قرآني يدعو الإنسان لأخذ حقه بيده وقتل من ارتكب خطأ ضده. فهذه مهمة الأمن والقضاء لأنه إذا ثبتت جريمة الزنا فمن المؤكد أن الإعدام هو مصير المتهم فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا باحدي ثلاث: زان محصن فيرجم ورجل يقتل مسلماً متعمداً فيقتل ورجل يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفي في الأرض".
يضيف أن الثأر هو قتل القاتل دون رفع قضية. أما القصاص هو قتل القاتل عن طريق القضاء. ولنتذكر واقعة مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه والإمساك بالقاتل في المسجد وهو أبولؤلؤة الماجوسي. وكان الأمر في يد عبدالله بن عمر للحكم عليه ورفع الاحتكام إلي مجلس الصحابة فقرروا قتله.. إذن فالمحكمة هي من تنفذ القتل.
يصف اللواء فاروق حمدان الخبير الأمني ومساعد وزير الداخلية الأسبق الحادث بالبشع والمؤلم.. مؤكدا أنه فردي ولم نشهده منذ 10 سنوات وغير مألوف علي الشارع المصري التباهي بقطع عضو من جسم الإنسان بهذا الشكل.
يقول إنه ليس من المعقول تعيين أمين شرطة أو رجل أمن لكل فرد بعينه. فجهاز الشرطة يبذل قصاري جهده لتوفير الأمان للشعب. بدليل اختفاء حوادث السرقة المتكررة للمنازل واختفاء أعمال البلطجة في كثير من الأحياء. بالإضافة إلي الكثير من الخدمات الشرفية التي تقوم بها الشرطة بشكل دوري ومستمر في الشوارع الرئيسية والفرعية يوميا من خلال الدوريات الصباحية والمسائية والمرورات ويشرف عليها لواءات وليسوا مجرد ضباط حديثي الخدمة. لكن جريمة الإسماعيلية وقعت في لحظة لأنها مخططة مسبقاً ومسألة إنقاذ المجني عليه سواء بالتدخل الأمني السريع أو من خلال المواطنين شبه مستحيلة. لأن الجاني كان مسلحاً وأي محاولة للاقتراب منه أو منعه قد يعرض المتدخل للخطر.
يرجع الخبير الأمني العنف في الشارع المصري إلي سوء التربية وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب والتهور الذي أصاب الكثيرين منهم وعدم وعيهم بعواقب أفعالهم.
يستنكر مساعد وزير الداخلية الاسبق ما فعله المتهم في حادثة الاسماعيلية من ذبح المجني عليه انتقامها لعرضه. متسائلا لماذا لم يتقدم ببلاغ للجهات الأمنية؟!. واذا كان يخشي الفضيحة فالأمر قد كشفه بنفسه لعامة الناس.
اترك تعليق