ساد هدوء نسبي في منطقة الطيونة وسط العاصمة اللبنانية بيروت بعد ساعات من التوترات وإطلاق النار، فيما واصل الجيش اللبناني انتشاره في المنطقة. واعتقل عددا من الأشخاص بعد الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات الأشخاص.

من جهته، أعلن رئيس مجلس الوزراء اللبنانى نجيب ميقاتي الإغلاق العام بأنحاء البلاد، حدادا على أرواح الشهداء الذين سقطوا نتيحة أحداث الطيونة، حيث أغلقت جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات والمدارس الرسمية والخاصة.
وكانت منطقة الطيونة قد شهدت أمس الأول الخميس وقوع اشتباكات على خلفية الدعوة للتظاهر ضد محقق جريمة مرفأ بيروت، وسقط  7 قتلى و40 مصابا خلال الاشتباكات المسلحة، ووجه الجيش اللبناني رسالة تحذيرية بإطلاق النار على أي مسلح في طرقات بيروت، وطلب الجيش اللبناني من المدنيين إخلاء الشوارع في منطقة الطيونة ببيروت، وقام بإغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الاشتباكات.
ووقعت اشتباكات الطيونة، أثناء مظاهرة لمناصري حزب الله وحركة أمل، ضد المحقق العدلى فى قضية تفجير مرفأ بيروت، القاضي طارق بيطار. وأطلق أنصار حزب الله وحركة أمل الشيعيتين، النار وسط بيروت. واتهموا تنظيم القوات اللبنانية بمهاجمتهم. وجرت المظاهرة بناء على دعوة من زعيم حزب الله، الشيخ حسن نصر الله. فهو يطالب باستقالة بيطار على الفور.
وهناك مخاوف من تجدد الاشتباكات فى بيروت، فى ظل تأكيد حزب الله أنه لن يتراجع عن كف يد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار. فقد شدد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله علي دعموش، على أن مسار تنحية القاضي بيطار سيتواصل ولن يتراجع. ومعلقا على الأحداث الدامية التي شهدتها العاصمة بيروت أمس الأول، اعتبر ما جرى عملا متعمدا ومخططا له ‏قام به حزب القوات اللبنانية بتحريض أمريكى.
في الأثناء، نفى حزب القوات اللبنانية تورطه فى إطلاق النار الكثيف الذى وقع في بيروت، ودعا رئيسه سمير جعجع إلى إجراء تحقيقات كاملة ودقيقة لتحديد المسئوليات في الأحداث التي شهدتها بيروت. وأشار جعجع إلى أن هذه الأحداث وخصوصا ما وقع في منطقة الطيونة حصلت بسبب المظاهرات التي دعا إليها حزب الله وفوضى السلاح المنفلت. 
وجاء نفي حزب القوات اللبنانية بعد أن حمل كل من حزب الله وحركة أمل مسئولية الاشتباكات للحزب، وقالا في بيان إن مجموعات من حزب القوات مارست عمليات القنص المباشر والقتل المتعمد.
وتتزايد التوترات السياسية فى لبنان بسبب التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذى تسبب في مقتل أكثر من 200 شخص ودمر أجزاء كبيرة من العاصمة. وحاول القاضي بيطار استجواب عدد من كبار السياسيين والمسئولين الأمنيين الذين يشتبه بأنهم أهملوا في أداء واجباتهم، ما تسبب في الانفجار الذى نتج عن كمية ضخمة من نيترات الأمونيوم، ونفوا جميعا ارتكاب أى أخطاء.
وترجع الأزمة التي تسبب فيها التحقيق إلى واحدة من مشكلات لبنان الأساسية، وهى السياسات الطائفية التي قسمت لبنان وتسببت في الصراع الأهلي فيه منذ الاستقلال. ويقف الشيعة والمسيحيون في جانبين متقابلين على خط المواجهة. بعض أبرز المشتبه بهم المطلوب استجوابهم حلفاء من الشيعة لجماعة حزب الله المدججة بالسلاح والمدعومة من إيران. وأصدر قاضى التحقيق طارق بيطار أمراً بتوقيف أحدهم هذا الأسبوع وهو على حسن خليل وزير المالية السابق واليد اليمنى للسياسي الشيعي رئيس مجلس النواب نبيه برى والحليف الوثيق لجماعة حزب الله.
وأراد بيطار أيضا استجواب مسئولين من غير الشيعة، ومن بين هؤلاء المسئولين رئيس الوزراء السابق حسان دياب وهو سنى، وضابط مسيحى كبير، وسياسي مسيحي بارز هو يوسف فينيانوس وهو حليف لحزب الله. في حين أن التحقيق يمثل ضربة قوية للشيعة، فقد قوبل بتأييد واسع من المسيحيين حتى من حليف حزب الله الرئيس ميشال عون. وتسبب ذلك في انقسام بين حزب عون وجماعة حزب الله.
ويرى المراقبون أن حزب الله افتعل المواجهات المسلحة فى الطيونة مع سكان أحياء مسيحية بهدف إثارة النعرات الطائفية، التي تعتبر بمثابة القنبلة الموقوتة في بلد تتعايش فيه طوائف عديدة، ويوزع فيه القانون المناصب العليا على أساس اتفاق الطائف الذى أنهى الحرب الأهلية.
وجاءت الأحداث الدامية الأخيرة في لبنان، على خلفية أحد أشد حالات الكساد الاقتصادى فى العالم، والتي نجمت عن انهيار نظامه المالي عام 2019. هذا الانهيار، الذى ألقى بنحو ثلاثة أرباع اللبنانيين إلى هاوية الفقر وأطاح بنحو 90 بالمئة من قيمة العملة. كما يدفع الانهيار في لبنان بمزيد من اللبنانيين إلى الهجرة في تجريف للعقول على مستوى كل الطوائف، الأمر الذى يقول اقتصاديون إنه سيؤخر لبنان لسنوات.