منذ سنوات ومصر تعاني الزيادة السكانية التي تلتهم كل عوائد وثمار التنمية خاصة في ظل التضاعف غير المنضبط لعدد السكن الذي تجاوز طبقاً لآخر اخصائية من الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء 102 مليون نسمة.
د.عمرو حسن مقرر المجلس القومي للسكان السابق والأستاذ بكلية طب قصر العيني أكد أن الزيادة المنفلتة أحد أمراضنا المزمنة والتي إذا استمرت بصورتها الحالية ستكون عبئاً كبيراً علي المجتمع بأكمله.
قال إن أمامنا فرصة ذهبية للتغلب علي المشكلة خاصة أن القيادة السياسية حذرت مراراً وطالبت بضرورة التصدي لهذه القضية لتحقيق الارتقاء المطلوب بتحسين حياة المواطنين.
أشار إلي ضرورة سن تشريعات وتغليظ العقوبات فيما يتعلق بعمالة الأطفال والتسرب من التعليم والزواج المبكر.
أوضح أن إعادة تشكيل وعي المواطنين بخطورة القضية أحد طرق العلاج المهمة.
طالب بعودة تبعية المجلس القومي للسكن لرئيس الجمهورية لتحقيق الاستقلالية والاستقرار في العمل.
بالفعل ومصر تواجه عدداً من التحديات التي ساهمت في تفاقم المشكلة السكانية أهمها عدم انتظام خدمات تنظيم الأسرة في أماكن كثيرة بالصعيد وكذلك وجود عدد كبير من المناطق المحرومة بسبب بعدها أو لعدم وجود أطباء ويبلغ عدد هذه المناطق "3183" منطقة وهناك أيضاً 1250 وحدة صحية لا يوجد بها طبيب علي الرغم من أن الأطباء يغطون من 2 إلي 3 وحدات صحية أسبوعياً لسد العجز في عدد المكلفين بالرعاية الأساسية وقطاع تنظيم الأسرة كذلك تراجع دور الكيانات السياسية والحزبية في دعم القضية السكانية وتراجع دور الإعلام في التوعية وأخيراً عدم فاعلية الاطار المؤسسي للمجلس القومي للسكان.
الرئيس عبدالفتاح السيسي يولي هذه القضية اهتماماً.. مشيراً إلي أنها تتعلق بمستقبل مصر والأجيال القادمة ولديه هدف واضح وهو انخفاض معدل الزيادة السنوية إلي 400 ألف سنوياً وبالطبع إذا تحقق ذلك سيساهم في حل الكثير من مشاكل مصر لذلك لا بد من قوة واستقلال واستقرار الاطار المؤسسي المعني بملف السكان وتوفير الموارد المالية اللازمة ووضع سياسة سكانية شاملة بأهداف كمية محددة خاصة أن لمصر تجربة ناجحة في منتصف التسعينيات وحصلنا علي جائزة الأمم المتحدة للسكان مرة أخري أؤكد أن ما يبشر بالأمل هو دعم القيادة السياسية وطموحها بالقضاء علي هذا الكابوس المخيف.
مصر الآن أمام فرصة ذهبية لمواجهة حاسمة خاصة مع اهتمام الرئيس وينبغي أن يعرف الجميع أن استمرار مستويات النمو السكاني علي مستوياتها الحالية سيؤدي إلي تراجع العائد من جهود التنمية وبشكل أكثر تحديداً فإن نصيب الفرد من الانفاق علي الصحة والتعليم والإسكان والنقل وكذلك نصيبه من الأرض الزراعية والمياه والطاقة سيتراجع أيضاًَ مع الزيادة الكبيرة ويصعب الحد من البطالة والأمية والاكتفاء الذاتي فمن المؤكد أن الارتقاء بنوعية حياة المواطن لا بد أن نعمل جميعاً علي خفض معدلات الزيادة السكانية لإحداث التوازن المفقود بين معدلات النمو الاقتصادي ومعدلات النمو السكاني. نحن الآن أمام خيارين اما تنظيم الانجاب أو زيادة الفقر والجوع والأمية.
ولدينا بعض الفرص التي تعزز جهود مواجهة المشكلة السكانية مثل الهبة الديموجرافية وهي تحدث عندما تبدأ معدلات الانجاب المرتفعة في الانخفاض مما يجعل نسبة السكن في الشريحة العمرية 15 ــ 64 سنة تتزايد ويؤدي ذلك إلي انخفاض معدل الاعالة الديموجغرافية حيث يزداد نصيب الفرد من الناتج المحلي إذا ما كانت هناك ظروف اقتصادية مواتية مما يساعد في تحقيق مستوي معيشي أفضل للسكان وتشير نتائج التعدادات المتعاقبة إلي أن مصر علي أعتاب الهبة الديموجغرافية لكن الاستفادة من هذه الفرصة يتطلب الحفاظ عليها وإحداث مزيد من الانخفاض في معدل الاعالة من خلال خفض معدلات الانجاب.
أهمية التشريعات
بالفعل ولابد من وضع تشريعات وتغليظ العقوبات لمحاربة عمالة الأطفال والتسرب من التعليم وزواج الصغار.. وأيضاً لا بد من حوافز ايجابية من جانب الدولة لكل أسرة تلتزم بانجاب طفلين.. لابد أن نغلق هذا الملف نهائياً حتي لا نظلم الأجيال القادمة إذا ما تركنا لهم المشكلة تتضاعف ضبط النمو السكاني يجب أن يكون هو كلمة المستقبل وأن يكون شعارنا الاجتماعي "الحياة الجيدة قبل الجديدة" وكل جنيه تنفقه الدولة علي تنظيم الأسرة سيوفر لها 151.7 جنيه وذلك طبقاً لدراسة أجراها المركز المصري للدراسات الاقتصادية.
في هذه القضية تحديداً نحن بحاجة إلي تضافر وتكامل جهود كل الجهات ولا يجب أن نلقي بالمسئولية علي جهة واحدة فبعد أن أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء عن وصول عدد السكان إلي 102 مليون و257 ألفاً و285 نسمة بزيادة قدرها أكثر من ربع مليون نسمة خلال 50 يوماً حيث سجل عدد السكان 102 مليون نسمة في 5 يوليو الماضي هذه المؤشرات والأرقام تتطلب سياسات شاملة علينا أن نبدأ في عدة محاور وبشكل متكامل أهمها اعادة تشكيل الوعي لدي المواطنين تجاه هذه القضية فلا بد أن يهتم صناع الدراما بالتركيز علي خطورة الزيادة السكانية كذلك لا بد من وضع مناهج دراسية لمرحلة التعليم الجامعي والتعليم العام.
ولا بد أيضاً أن تقوم منظمات المجتمع المدني بدورها في التوعية للسيدات والفتيات وخطورة الاثار السلبية نتيجة لكثرة الانجاب والتي إذا استمرت لن تتمتع الأجيال القادمة بمستوي معيشة جيد.. ونحن أيضاً في حاجة ماسة لمزيد من تمكين المرأة اقتصادياً والقضاء علي أمية السيدات التي تقترب نسبتها من 50% خاصة في بعض محافظات الصعيد من الضروري كذلك خطاب ديني يناقش أبعاد وتداعيات الاستمرار في النمو السكاني غير المنضبط.. وأخيراً لا بد من الاعتماد علي التحول الرقمي لمتابعة وتقييم ما يتم من سياسات وخطط.. آلية الرقابة ضرورة لضمان نجاح التجربة.
من الملاحظ أنه منذ عام 2002 بدأ تباطؤ الانجاز المتحقق في جميع المؤشرات السكانية بشكل ملحوظ ومع تراجع تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية عام 2010 لاحظنا ضعف التحسن في جميع المؤشرات ذات الصلة بالصحة الانجابية. وكما ذكرت منذ تولي الرئيس السيسي قيادة البلاد وعادت المشكلة السكانية إلي دائرة الضوء مرة أخري لذلك أتمني عودة تبعية المجلس القومي للسكان لرئيس الجمهورية ليصبح أكثر قوة واستقراراً ليتم توفير التمويل اللازم سواء من خلال المانحين أو الموازنة العامة للدولة حتي يستطيع أن يكون له تأثير ايجابي وقوي علي صعيد المؤشرات الانجابية والصحية.
قال إنه عندما تم وضع الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية "2015 ــ 2030" كان من المفترض أن يؤدي ذلك لوصول العدد إلي 94 مليون نسمة في 2020 لكن بالطبع لم يتم تنفيذ ذلك.
هذا ليس بالأمر الصعب بواسطة إعداد برامج ودورات تدريبية للعاملين في الوحدة الصحية من التمريض والارتقاء بمهاراتهم. كما يحدث في الخارج وإعدادهم للعمل في خدمات تنظيم الأسرة.
كذلك يمكن الاعتماد علي الصيادلة في كيفية استخدام الوسائل المختلفة لتنظيم الأسرة.. نحن الآن أمام خيارين إما تنظيم الانجاب أو زيادة الفقر والجوع والأمية ولن تنطلق مصر إلا إذا تحررت من عبء الزيادة السكانية لذلك نحن بحاجة إلي كل الحلول والإجراءات بعيداً عن التعقيدات وعدم مواجهة المشاكل بحلول أو خطط بديلة.
هذا المبدأ مشروط بألا تتعدي معدلات الزيادة قدرة الدولة علي توفير الخدمات الأساسية بالجودة وعلي ألا تؤثر معدلات الزيادة علي متوسط نصيب الفرد من الموارد الطبيعية. لذلك أؤكد أن استمرار مستويات الزيادة بنفس الاسلوب ليس صحيحاً علي الاطلاق بل يشكل تهديداً علي ما تقدمه الدولة من انجازات.
اترك تعليق