تواجه طالبان حاليا ضغوطا هائلة تهدد سيطرتها على مقاليد الأمور فى أفغانستان، بعد رحيل القوات الأمريكية. أول تلك الضغوط يتمثل فى الموقف الصارم الذى تتبناه دول الاتحاد الأوروبى وروسيا والولايات المتحدة من الحركة الأفغانية. هذا بالإضافة إلى إشارة معظم الدول، بما في ذلك باكستان والصين، إلى أنها ستراقب سلوك طالبان قبل الاعتراف بالحكومة الأفغانية المنتظرة.
فقد أكد الاتحاد الأوروبي للمرة الثانية، موقفه الصارم من الحركة التي سيطرت على معظم أفغانستان منذ منتصف أغسطس الماضي. وقال جوزيف بوريل، مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد خلال مؤتمر صحفي بعد اجتماع لوزراء الخارجية الأوروبيين، إن التكتل سيتحاور مع طالبان لكن بشروط صارمة، مضيفا أن هذا لا يعني الاعتراف بالحكومة الجديدة التي ستشكلها الحركة. وأوضح قائلا: " من أجل دعم الشعب الأفغاني سيكون علينا الحوار مع الحكومة الجديدة، وإنما سيكون حوارا عمليا".
كما أضاف أن هذا الحوار سيزيد وفقا لسلوك الحكومة، مع مراقبة عدم تحول أفغانستان إلى "قاعدة لتصدير الإرهاب لبقية البلدان"، واحترام حقوق الإنسان وحكم القانون وحرية الإعلام.
وشدد على أن الدول الأوروبية تتجه إلى استخلاص العبرة من ملف أفغانستان من أجل تشكيل قوة ردع عسكرية مشتركة، مضيفا أن الإعلان عن القدرات العسكرية الضرورية لتلك المهمة أو القوة سيكون في 16 نوفمبر المقبل.
أكد البيت الأبيض، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لن ترفع العقوبات عن حركة طالبان، مشيرا إلى أن الإدارة ستحكم على أفعال الحركة في المستقبل. لكن في الوقت الذي ترفض واشنطن رفع العقوبات عن طالبان، تحاول ضبط مستوى التعاون المطلوب مع الحركة التي تسيطر الآن على كامل أفغانستان، خاصة في ملف محاربة تنظيم داعش، فقد وصف الجنرال مارك أيه ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، طالبان بأنها "جماعة لا تعرف الرحمة"، لكنه أضاف أن "في الحرب عليك أن تفعل ما يجب عليك القيام به. وعندما سُئل عما إذا كانت الولايات المتحدة ستتعاون مع طالبان ضد تنظيم داعش في خراسان، قال الجنرال ميلي إن هذا احتمال.
من جهته، جدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التأكيد على موقف بلاده الحذر من عودة الإرهاب إلى أفغانستان. وقال في خطاب ألقاه في جلسة في إطار منتدى الشرق الاقتصادي المنعقد بمدينة فلاديفوستوك، إن العديد من المنظمات المتطرفة تنشط في البلاد، وتشكل تهديدا لحلفاء روسيا وجيرانها. كما اعتبر أنه يجب تنسيق الجهود من أجل اتخاذ قرار بشأن شرعنة السلطات السياسية الجديدة في البلاد، في إشارة إلى طالبان والحكومة التي يتوقع أن تنبثق عنها قريبا.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي، أوليغ سيرومولوتوف، قال أواخر شهر أغسطس المنصرم، إن روسيا لن تتعجل في رفع حركة "طالبان"، من قائمة الإرهاب، ولن تعترف بالسلطات الأفغانية الجديدة، إلا بعدما ترى خطواتها العملية.
ومع تسلم طالبان رسمياً السلطة في البلاد، والإعلان عن تشكيلتها الحكومية خلال الساعات المقبلة، تتجه الأنظار إلى الضغط الاقتصادي الذي ستواجهه الحركة في إدارتها لشئون البلاد.
ويرى المراقبون المعنيون بالشأن الأفغانى، أن قرار المجتمع الدولي بفرض عقوبات على طالبان، بما في ذلك تجميد ما يقرب من 9.5 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية، سيؤدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية.
وتزايدت الضغوط على طالبان فى السيطرة على كامل أفغانستان، بعد أن عرقلت "جبهة المقاومة الأفغانية" في إقليم بنجشير، شمالي أفغانستان، محاولة جديدة من طالبان للسيطرة على الإقليم، وسط الإعلان عن فشل المفاوضات بين الجانبين.
واستقبلت مستشفيات في كابول عشرات الجرحى من طالبان في معارك بنجشير، الذين تُركوا دون علاج لأن العاملين بالمستشفيات لم يعودوا إلى العمل تحت سلطة طالبان. وتصاعد الصراع المسلح في وادي بنجشير، يأتي مع إعلان رئيس لجنة الدعوة والتوجيه بطالبان، أمير خان متقي، فشل المفاوضات مع زعيم المقاومة أحمد مسعود.
اترك تعليق