هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

ميجالومينيا الفوقية وعظمة الذات

عندما تقع في فخ حب وتعظيم الذات، وتواجه صعوبة في التفريق بين الواقع والخيال، وتتوهم بأنك صاحب سلطة وسيطرة على الآخرين، بالإضافة إلى هلاوس عن قوى وقدرات خارقة، فأنت مصاب بالمرض النفسي الشهير ميجالومينيا megalomania باليونانية والتي تعني "أوهام العظمة"، وهي "وهم الاعتقاد" حيث يبالغ الإنسان بوصف نفسه بما يخالف الواقع فيدعي امتلاك قابليات استثنائية وقدرات جبارة أو مواهب مميزة أو أموال طائلة أو علاقات مهمة ليس لها وجود حقيقي، ويعد وسواس العظمة من أكثر الاضطرابات العقلية شيوعا، فالشعور بالقدرة الخارقة وتوهم القوة اللامحدودة واستطاعة فعل ما لا يستطيع الآخرون فعله ليس بغريب على المصابين بهذا الاضطراب العقلي.


يقول ألبرت أينشتاين:" غالبية البشر تتمسك بأهداف سخيفة : الثروة, السلطة, العظمة الراحة, الشهرة .. أنا أحتقر هذه الأشياء وأحترم الإنسان فقط لمعرفته وأعماله الايجابية".. الميجالومينيا أو"أوهام العظمة" ليس اضطرابا مستقلا بذاته لكنه من الاضطرابات المصاحبة لأمراض عقلية أخرى كالشيزوفرينيا واضطراب الهوية الإنفصالية أو اضطراب ثنائي القطب، ومرض الخرف في كبار السن، والاكتئاب الحاد المصاحب ببعض الأعراض الذهانية، وبعض الإضطرابات الاكتئابية الأخرى المسببة للهلاوس والأوهام، والذي يجعل صاحبه دائم الاعتقاد بأنه خارق للعادة وأن لديه من القدرات الخارقة ما تجعله فوق الجميع.

 وقد توجد أدلة قاطعة على خلاف ذلك، ولكن مع هذا هو لا يستطيع التفرقة بين الحقيقي والمزيف ولا يعتقد إلا في قدراته الخارقة للطبيعة، وتظهر على الشخص المصاب بجنون العظمة بعض التصرفات الغريبة التى تدل على التعالى والتكبر منها أنه يريد أن يحصل على كل شىء ولا يعطى مقابله أى شىء، كما أنه يرفض النقد أو النصح والإرشاد ويقتنع بآرائه فقط، ويعاتب المقربون له على عدم اهتمامهم وسؤالهم عليه وفى المقابل لا يسأل على أحد، ويستغل سلطته ونفوذه فى تحقيق كل شىء لم يحصل عليه فى الماضى.

 كما أنه مقتنع أن الجميع لا يفقه شىء وهو الشخص الوحيد الذى يتقن كل شىء، ويدّعي أنه صاحب اكتشافات علمية هامة، أو أنه طبيب له باعٌ طويل في تخصص مُعقد وقد يخدع بعضهم عامة الناس خاصةً في القرى والأرياف ولكن غالباً ما ينكشف أمره ويؤخذ إلى المكان الصحيح وهو مستشفى الأمراض النفسية.

يقول الإمام محمد الغزالي:" كل تشويه يعترض عظمة الفطرة وروعتها هو شذوذ ينبغي أن يُذاد ويُباد، لا أن يُعترف به ويُسكت عليه".. من منا لم يسمع يومًا ما عن مصطلح "جنون العظمة" بين الأشخاص خارج الإطار الطبي، حتى أنها أصبحت تطلق على أي سلوك يتسم بصفات تعظيم الذات، وعلى بعض الحالات النفسية الأخرى التي قد تصاحب فيها الاعتلال الذهني العقلي، فقد يطلق اسم جنون العظمة على أي رد فعل أو سلوك يتسم بالقوة وحب السيطرة، مثل الإصابة بعقدة النقص، وتقمص بعض الشخصيات المعاصرة التي تتمثل فيها مشاهد العظمة والسيطرة، وإعطاء ردود أفعال معاكسة في حال عدم تقدير الشخص وإعطائه صفة أقل من قدراته وأهميته، النبذ أو الغضب من الأشخاص الذين يرفضون قبول الاوهام والايمان بهم، وشعور الشخص بأنه مشهور، والإعجاب الشديد بالذات، صعوبة الإنسجام مع الآخرين، تغييرات متكررة في المزاج، اضطرابات النوم، والشعور بالنشاط المفرط، كثرة الكلام والثرثرة، عدم القدرة على التعايش الآمن مع الآخرين وسرعة الانفعال. يكون الشخص المُصاب بالهوس كثير الكلام، لا يتوقف عن الحديث وينتقل من موضوع إلى موضوع آخر دون أن يكون هناك رابط بين المواضيع التي يتحدث فيها، يقول لاروشفوكو:" لا بد للعظماء من عيوب تماثلهم في العظمة".. لا شك أن وجود أقارب من الدرجة الأولى مصابون بالميجالومينيا "جنون العظمة" يزيد من خطر إصابة الأبناء به، مثل اضطراب الجو الاسري والتسلط في الاسرة والتوترات الزائدة، وإذا كان الشخص لديه استعداد وراثي للإصابة وتعرض لبعض الظروف الاجتماعية خاصة في فترة طفولته فإن هذا سيحفز بالطبع ظهور أوهام العظمة، واضطراب نسبة النواقل العصبية في الدماغ وتغيرها عن الحد الطبيعي لها قد يؤدي إلى ظهور بعض الاضطرابات الذهنية التي تتسم بجنون العظم مثل الاضطراب الثنائي القطب وغيرها مثل الإصابة ببعض أنواع العدوى المؤثرة على الجهاز العصبي المركزي مثل الإصابة بـ مرض الزهري، وأحد الأسباب العضوية التي تؤدي إلى أعراض الإصابة بجنون العظمة هي العقاقير مثل الامفيتامين وبعض اقراص الهلوسة.

 ومن أهم الأسباب النفسية التي تؤدي إلى خطر الإصابة ب"الميجالومينيا" صدمة تعرض الفرد لاهتزاز عميق في قيمه ومبادئه، مثل الإحباط، مواقف الفشل، الصراع النفسي بين رغبات الفرد في إشباع رغباته وخوفه من الفشل في إشباعها.

في جميع الحالات التي يُعاني فيها الشخص من مرض الميجالومينيا "جنون العظمة"، يجب عرضه على طبيب نفسي لكي يتأكد من مدى خطورة المرض، وتشخيص السبب لهذا السلوك المرضي والذي قد يكون خطيراً على أشخاص أبرياء، وذلك عن طريق الجلسات والحديث مع المريض والتوعية بأن الشهرة والنفوذ ستزول ولكن ستبقى السمعه الجيدة والأسلوب والخلق، وفى الغالب قد يرجع المريض لصوابه فى حالة لتعرض لأزمة نفسية شديدة.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق