هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

ذكريات السراب

 

مشاري الوسمي

 

الأسرة هي النواة الداخلية لكل مجتمع، إذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، من منا لا يُعاني الآن من بُعد أبنائه عن بعضهم، الطفل يعرف عن مشاهير التواصل الاجتماعي أكثر مما يعرف عن أخيه النائم معه في غرفةٍ واحدة، حياتنا اليوم مختلفةٌ عن السابق ولا تشبهها.


 

البيت قديمًا كان يُمثل الجيش القوي المقدام، الذي يحمي أفراد العائلة من كل دخيل، فالأم وظيفتها تغطية الجبهة الداخلية، وذلك برعاية الأولاد والاهتمام بهم، والمحافظة على هذا البيت أثناء غياب الأب الذي كان معطاءً متفانيًا في عمله من أجل دوام هذا المنزل، والحفاظ على كيان هذه الأسرة.

الأولاد هنا يمثلون الحُراس الأوفياء، فالابنة الكبرى تحل محل الأم في غيابها، تسهم في تربية إخوتها الصغار، فلا توجد خادمة ولا دخيل في هذا الكيان، ويأتي دور الأبن الأكبر، يقوم مقام الأب، لدرجة أنهُ ودون أن يشعر يأخذ صفاته، نبرة صوته، ويتقمص شخصيته، نشأنا ونحنُ ننتمي لهذا البيت، نتذكر أدق تفاصيله، رائحته، أثاثه، أركانه، حتى عتبة بابه.

للأسف نحنُ نفس الجيل الذي أضاعَ أطفاله، جعلهم مُدمني جهازٍ “غبي” أخذَ منهم أكثر مما أعطاهم.
هذا الجيل وإن كان التعميم (لغة الجُهلاء) معظمه يرتدي نظارة طبية أو سماعة أذن، منهم من تقوسَ ظهره، أرتفعَ مُعدل التشنج في جسده، وكثيرٌ من أمراض التواصل الاجتماعي التي لا يُمكننا حصرها هنا.

ولكن هناك نقطةٌ هامة، بل إنها بالغة الأهمية، فنحنُ سوفَ ننشئ جيلًا بلا ذكرياتٍ ولا حنين ولا اشتياق، لتلك التفاصيل الجميلة التي نتذكرها الآن، بل سوفَ يتذكر تفاصيل مبهمةٍ وسخيفة، كإضاعته لشاحنه الخاص، نسيانه الرقم السري، لم يشترِ الجهاز الأحدث، أو أنه كانَ يُتابع هذا ويضحك لذاك.

ماذا ستتعلم الأجيال القادمة منا؟، ما هو الموروث الحقيقي لنا؟، أطفالنا اليوم ليس لهم حتى رسومًا متحركةً هادفة، تعلمهم قيمةً أو تزرع فيهم غرسًا طيبًا، والله إنهم أمانة، وإننا مسؤولين عنهم بكافة شرائح مجتمعنا المختلفة والمتفاوتة في التأثير .

الأسرة هي الأساس، فالأم مشغولة بمتابعة المشاهير، ومقدمي النصائح مدفوعة الثمن، والأب تملص من مكانته القديمة واكتفى بدور المشاهد السلبي لأحداث بيته اليومية، الأبناء أصبحَ قدوتهم من يتفق معهم في الرأي، فلا يُنكر عليهم مُنكر، ولا يُثنى على خيرٍ فعلوه.
الأبناء اليوم لا يتحدثون لهجتنا، ولا يستخدمون ألفاظنا، بل يُحاكون مشاهيرهم، يقلدونهم ويحذون حذوهم.

انقذوا الأسرة ليصلح المجتمع، وتنهض الأمة، وتبقى أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمةً أُخرجت للناس.
اللهم أصلح أبناءنا وأبناء كافة المسلمين .





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق