بقلم : موسي صبري
خاض النجم أحمد السقا مباراة تمثيلية أشبه بالمعركة الدرامية تحمل في طياتها عوامل الإثارة والتشويق والبحث عن الاختلاف في مسلسل " نسل الاغراب" ؛ حيث تمكن من خلق روح التحدي لإثبات الذات وقدم لنا واحدة من أفضل الشخصيات التي قدمت في البيئة الصعيدية وهي شخصية " عساف الغريب " ؛ وأستطاع من خلال هذه الشخصية أن يتوحد مع الدور بدرجة كبيرة من العبقرية في الأداء ولا يقدمها الا نجم عالمي ؛ لاسيما أن السقا دائما لديه رغبة ملحة في تغير الجلد وتحقيق المعادلة الصعبة في التعامل مع أي دور يقدمه ؛ كما أجاد فن التشخيص للدور بعبقرية يحسد عليها.
قدم النجم أحمد السقا نفسه في الادوار الصعيدية من قبل في فيلم "الجزيرة " بشخصية "منصور الحفني " التي حققت نجاحا جماهيريا كبيرا في مصر والوطن العربي ونفس الصدي تحقق مع شخصية " عيسي الغانم " في مسلسل " ولد الغلابة" ولكن في شخصية " عساف الغريب " كان له تطلعاته أوسع وطموحات أكبر نحو تقديم دور من أصعب الأدوار التي قدمت في البيئة الصعيدية فتشابك النجم أحمد السقا مع الدور منذ الوهلة الأولي وقدم سيمفونية رائعة يعزفها " عساف الغريب " .
تمكن النجم أحمد السقا من خلق حالة استثنائية منفردة في التأهب لتتبع الشخصية في طور الاحداث حيث كان البناء الدرامي والتكوين الفكري لشخصية " عساف الغريب " هي من صنعت الفارق وحالة النجاح الذي تحقق مع الجمهور؛ فالخلفية التاريخية والتحضير الجيد للشخصية من تركيب الأسنان وطريقة التعامل مع الألفاظ ونبرة صوته والملامح الحادة للشخصية هي التي ساهمت بشكل غير مباشر في نجاح الدور وتربعه علي عرش الدراما المصرية والعربية في موسم دراما رمضان هذا العام .
وظف النجم أحمد السقا قدراته التمثيلية بشكل منهجي يدرس في كيفية التعامل مع الدور فمنذ خروجه من السجن في الحلقات الأولي قدم السقا كل المبررات الدرامية التي دفعته للعنف والغل والكره مع كل شخصيات المسلسل والدوافع الانتقامية خاصة أنه ظل بالسجن ٢٠ عاما كانت كافية ليقسو علي كل من حوله ودفعت الجمهور العربي يترقب مشهد مشهد وحلقة حلقة في تطور الأحداث والصراع الدائر بينه وبين " غفران" الذي يؤدي دوره ببراعة النجم أمير كرارة وكل أبطال العمل فكان أدائه متزن وإحساسه صادق في مظاهر الغل والحقد والعنف ووصل بهما الي مرحلة كبيرة من النضج الفني .
لعل الثقة في الأداء التي تمتع بها النجم أحمد السقا في شخصية" عساف الغريب" والتعمق في أحاسيس ومشاعر الشخصية التي كانت صادقة ظهرت جليا في احدي المشاهد مع الفنانة منة فضالي عندما عاتبها بجملة " اتوحشتك يا أخس أخت" كانت هذه جملة لها دلالة كبيرة برغم قسوته الا أنه عبر عن مشاعره المتناقضة " تجاه شقيقته بأنها وحشته ولكن أهانها لتركه في السجن طيلة ٢٠ عاما بدون زيارة ناهيك عن الوقفات التي ينهي بها كل مشهد أو موقف مع أبطال المسلسل لم يقدمها الا ممثل عالمي يتوغل في تفاصيل ومفهوم الشخصية .
غير ذلك ظل " عساف الغريب " متماسكا في الصراع الدائر بينها وبين " غفران" طوال أحداث المسلسل تارة يظهر جبروته وعنفه له وتارة أخري يستخدم ذكائه الفني للوقوع به؛ هذا الصراع ساهم بشكل كبير في خلق حالة الإثارة والتشويق وتصاعد الأحداث بشكل متواصل ويتأهب الجمهور لهذه المواجهة بينهم كما قدم السقا كل مشاهد الاكشن باحترافية شديدة وبشكل مختلف.
لم تكن شخصية " عساف " الغريب " شريرة جملا وتفصيلا فحسب بل كان لديه نقطة ضعف مع " جليلة " تلك الشخصية التي قدمتها الفنانة مي عمر بإتقان فكان يقدم لها مشاعره باخلاص علي النقيض من إظهار حالة التوحش التي ظهر للجميع في معظم المشاهد هذه الحالة خلقت تعاطف كبير من الجمهور مع شخصية "عساف الغريب " وخطفت قلوب الجمهور العربي في معرفة ما تخبئه الأحداث حتي النهاية لذلك أجاد السقا مع كل هذه التحولات والنقلات الدرامية بشكل محترف .
في الأخير أستطاع النجم أحمد السقا أن يقدم ببراعة واحد من أفضل وأهم الأدوار الصعيدية وبفضل مجهوده الجبار والتناغم الفني الذي حدث مع المخرج محمد سامي منذ نجاحمها في " ولد الغلابة " أن يحققوا المعادلة الصعبة نحو طموحاتهم وتقديم مشروع ناجح فنيا وجماهيريا.
اترك تعليق